حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

حروب التصاميم

على الرغم من تسببها في عرقلة الاستثمارات وجمود الوثائق التعميرية، إلا أن تصاميم التهيئة لمدن كبرى ومناطق قروية ما زالت تعيش على وقع الجمود لسنوات طويلة، وسط حروب المصالح الشرسة وتقاذف المسؤوليات بين المجالس الجماعية والوكالات الحضرية وأقسام التعمير بالعمالات، في حين تبقى النتيجة واحدة وهي تعثر التنمية وجمود تراخيص البناء وفتح المجال أمام القرارات الاستثنائية التي تستفيد منها لوبيات متحكمة على حساب الصالح العام.

وفي ظل الحديث عن الإصلاحات الكبرى بالبلاد، لا يمكن القبول بتعثر وجمود تصاميم التهيئة لمدة تزيد عن عمر هذه التصاميم أحيانا، حيث يستمر العمل بالتصاميم المرجعية وإعادة التنطيق والتراخيص الاستثنائية، في حين إذا وجدت التصاميم وتمت المصادقة عليها من قبل المصالح الحكومية المختصة، يسهل اتخاذ القرار وتحديد المسؤوليات ويكون التخطيط واضحا بالنسبة لتراخيص البناء ومستقبل المدن أو الاستثمار أو تحديد المساحات الخضراء والمرافق العمومية.

وقد يظهر للبعض أن مسألة التعمير مرتبطة بما هو تقني محض، لكن الحقيقية أن حروب تصاميم التهيئة تخفي غابة من اللوبيات المتحكمة والاستغلال السياسي، وعمليات الابتزاز العقاري بطرق ملتوية، حيث يتحكم قطاع التعمير أحيانا في رسم الخريطة السياسية بالجهات والأقاليم والجماعات ويتم استغلاله في الحفاظ على التحالفات الهشة وتبادل الامتيازات المغرية التي تتماشى وثقل كل ملف وتعقيداته المسطرية والتسوية المطلوبة.

وطبعا فإن السفينة الجاهزة للنجاة من المحاسبة، هي الصالح العام الذي يركبه البعض للحصول على قرارات تعميرية استثنائية تسهل الاستفادة من ملايير تجهيز البنيات التحتية والطرق وشبكات الماء والكهرباء والتطهير السائل على حساب المال العام، حيث تقفز أسعار العقار لتحلق في السماء مباشرة بعد القرارات التعميرية، وبذلك تكون الاستفادة على أكثر من وجه ومن قبل العديد من الجهات الظاهرة منها والخفية.

ومن المعلوم أن قطاع التعمير يشكل رافعة أساسية للتنمية والتشغيل والاستثمارات، وذلك لارتباطه بقطاعات حيوية مثل التجارة والنقل والصناعة والعديد من المهن التي ترتبط بالبناء، ناهيك عن إنعاش خزينة الدولة وأداء الضرائب، والمساهمة في التنمية بشكل عام، لكن المؤسف هو استمرار الاستغلال السياسي للقطاع والصراعات الطاحنة التي تحول دون خروج تصاميم التهيئة، رغم الشكايات والاحتجاجات حيث في كل مرة يتم طرح مبررات بالجملة في غياب الحلول الناجعة وعدم تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وهناك العديد من مديري الوكالات الحضرية الذين فشلوا في إخراج تصاميم التهيئة، لكنهم استمروا بمناصبهم دون أدنى مشكل، كما أن العديد من ملفات التسويات التعميرية انفجرت في وجه منتخبين، دون أن يكون ذلك رادعا للغير من أجل احترام القوانين المعمول بها، ناهيك عن أن تفعيل المحاسبة في الموضوع أصبح مثل مطاردة الساحرات بحيث كل جهة تنفي مسؤوليتها في العرقلة أو الاستغلال، وكأن الأمر يتعلق بأشباح تعيق التنمية وتقطن أقسام التعمير حيث الدجاجة التي تبيض ذهبا.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى