الرئيسيةخاص

دعاية «كاذبة» تضع «فضاءات السعادة» أمام المساءلة

حسن أنفلوس
لا يجد الزبون، الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، كيف يواجه عمالقة يمتصون آخر قطرة من دمه. يقيدونه بعقود معدة سلفا وبشروط مسبقة لا يجد بدا من التوقيع عليها وعلى بياض. مثقلا بأقساط بنكية يؤديها حتى قبل أن يضع رجله في الشقة الموعودة. يستمر انتظار المواطن أكثر فأكثر، حتى حين حلول موعد التسليم، يمتد الموعد لأزيد من عام ونصف العام أو يزيد، فلا يملك إلا أن يزيد من صبره بعد عامين من الانتظار، ليضيف عاما آخر أو عامين. يقع هذا دون أدنى جزاء على البائع المتمثل في الشركة، بالرغم من أن العقد الذي يربط الطرفين يحدد الجزاءات في كل الحالات، ولا تقع هذه الأخيرة إلا على المواطن إن هو أخل ببند من البنود، ودون رحمة يؤدي من عرقه ومن جيبه وحريته أحيانا.
العديد من المشاريع التي أنشأتها شركة فضاءات «السعادة» في المغرب تعرف تعثرات، ومشاكل على مستوى الإنجاز، بالإضافة إلى التسليم وآجاله، حيث يعيش المواطن رحلة معاناة حقيقية. هذا دون الحديث عن الجودة.
الشركة تؤكد في جوابها عن أسئلة «الأخبار»، أن مشاريعها تم تسويقها مائة بالمائة، باستثناء المشروع السكني بأيت ملول الذي لا يزال جزء منه لم يسوق بعد، مشيرة في نفس الجواب أن النسبة غير المسوقة ضعيفة نسبيا، في الوقت الذي تشارف الأشغال على النهاية ووضع اللمسات النهائية وفقا لما سبق أن أعلنت عنه الشركة. كما تؤكد في نفس جوابها، التزامها بتعهداتها للزبناء.

ch1

حكاية مع شقة «السعادة»
حكاية مواطنين اقتنوا سكنا اعتقدوا أنهم سيرتاحون معه، ويتفرغون لأعمالهم، غير أنهم وجدوا أنفسهم في مواجهة مشاكل أكثر تعقيدا من تلك التي يحاولون البحث عن حلول لها في حياتهم اليومية.
لم يكن خالد الموظف بإحدى المؤسسات التعليمية بالجنوب المغربي، يظن أن اقتناءه لشقة لدى شركة فضاءات «السعادة»، سيجر معه، ملفات تلو الأخرى سيضطر معها للجوء إلى مفوض قضائي، وفاعلين في المجتمع المدني، عساه ينهي هذا المسار الذي جره على نفسه يوم قرر أن يقتني شقة من شقق السكن الاقتصادي.
يحكي خالد عن المعاناة التي مر منها قبل الاقتناء وفي غمرة إجراءاته، وبعد ذلك، إجراءات التسليم التعسفية.
جرب خالد كل الطرق الحبية لتحقيق الوعود التي تم الإعلان عنها من طرف فضاءات «السعادة»، غير أنه يقابل بتجاهل تام، يؤكد خالد في تصريحات لـ«الأخبار». «عمدت الشركة إلى إجباري، بطريقة غير مباشرة، على توقيع محضر معاينة الشقة التي اقتنيتها بمشروع «ديار أدرار» السكني بمدينة أكادير، وهو ما رفضته بدعوى أنني لا يمكن أن أوقع على أي محضر حتى أعاين فعليا وضع الشقة»، يسترسل خالد حديثه، حيث يوضح أن الأمر تطور إلى خصام مع ممثلي شركة فضاءات «السعادة»، ما استدعى حضور الشرطة وتوثيق الحادثة في محضر، لتصل القضية إلى ردهات المحكمة، توالت بعدها فصول القضية لتفضي إلى حل ترقيعي. حكاية من جملة ما يعيشه مواطنون من مشاكل ونزاعات مع شركة فضاءات «السعادة».

d1

دعاية كاذبة
قبل تسويق مشاريع سكنية اقتصادية لفضاءات «السعادة» في غمرة سنة 2013، دشنت الشركة حملة ترويجية لمشاريعها السكنية وأعلنت حينها عن تخصيص هدية للمشترين الأوائل، عبارة عن مطبخ مجهز. ويؤكد مواطنون اقتنوا شققا سكنيا لدى الشركة، أنهم تلقوا وعودا بالحصول على مطبخ مجهز ما دام أنهم دخلوا ضمن اللوائح الأولى للمشترين. غير أن هذه الوعود تبخرت، مع التسليم المتأخر للعديد من المشاريع السكنية، ومن بينها مشروع «جنان أدرار» بأكادير، ويؤكد «جمال» الذي يعمل في سلك التربية والتكوين، أن وعد «المطبخ المجهز»، تبخر مع حصوله على مفاتيح الشقة، ولم يتحقق منه شيء. الأمر نفسه يؤكده «خالد».
وحسب المعطيات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن ما يزيد عن 720 شقة بالمشروع السابق لم تستفد ولو شقة واحد من الالتزام الذي أعلنت عنه الشركة والمتمثل في «مطبخ مجهز» للمشترين الأوائل. ومع هذا الإخلال بالوعد، توجه بعض الزبناء إلى الشركة بمراسلات قصد مطالبتها بالوفاء بالتزامها، غير أنها لم تستجب لمراسلاتهم، ما دفع بهم إلى التوجه نحو جمعيات حماية المستهلك، بدعوى «الدعاية الكاذبة».
في ردها على التساؤل حول التزامها بتوفير «مطبخ مجهز» للزبناء المشترين الأوائل، أوضحت الشركة أن العدد المستهدف من الزبناء محدود، واستفاد المعنيون كلهم.

موثق وحيد
جانب آخر أكثر غموضا تلجأ إليه شركة فضاءات «السعادة» في تعاملاتها مع الزبناء، وهي أنها تعمد إلى «فرض» موثق واحد على الزبناء، لإنجاز عمليات الحجز والبيع وغيرها من العمليات المرتبطة باقتناء الشقة السكنية، ولا تترك فرصة الاختيار للزبون، يؤكد أكثر من متضرر من هذه المسألة. وهو ما يجعل الموثق أو الموثقة في وضعية شبيهة بوضعية أجير لدى الشركة، وهو ما قد تتنافى معه مراعاة مصلحة الطرفين، بالنظر إلى التحيز الذي قد يتولد لديه لطرف دون الآخر.
زيادة على ذلك، يوضح زبناء لـ«الأخبار» في تصريحات متفرقة أن الموثقين يؤخرون إنجاز العمليات المتعلقة بالاقتناء والتسليم، ويتم احتساب مبالغ مالية إضافية تثقل كاهل الزبون، تتراوح ما بين 800 و1500 درهم.

تغيير قسري
في الكثير من الحالات، تضطر الشركة إلى تغيير قسري للزبناء، إذ بعد أن تتم إجراءات البيع تعمد الشركة إلى عرض شقق أخرى وفي مواقع أخرى غير تلك التي وقع عليها اختيار الزبون وأبرم عقد البيع على أساسها، ولا يملك الزبون في هذه الحالة إلا الرضوخ للأمر الواقع، حيث يجد نفسه أمام أمرين كلاهما مر، فإما أن يقبل بتغيير الشقة والتحول قسرا، وإما اقتطاع حوالي 10 في المائة من مبلغ الدفع في حالة رغبته في التراجع عن إتمام عملية الشراء.
هذه الحالة عاشها زبناء بمدينة أكادير، إذ وجدوا أنفسهم أمام خيارين إما اقتطاع 10 في المائة من المبالغ التي قاموا بدفعها كتسبيق في عملية الاقتناء، بمشروع «ديار أدرار»، أو التحول إلى المشروع السكني بأيت ملول، بالرغم من أنهم التزموا بكافة بنود العقود المبرمة على الرغم من شروطها المجحفة.

مرافق على الورق
لم تلتزم فضاءات «السعادة» بإنجاز المرافق التي تم الوعد بها في التصاميم قبل البناء، والعديد من الوعود التي تم قطعها لم تجد طرقها إلى الإنجاز، وفي هذا الجانب يقول مخلوفي، أحد الزبناء الذين اقتنوا شقة بـ«ديار أدرار» إن الشركة لم تف بإنجاز المواصفات التي قدمتها لهم في التصاميم في اليوم الأول، ومن ضمن هذه المرافق «الحمام» والفضاءات الخضراء، وفضاءات ألعاب الأطفال، بالإضافة إلى «المدرسة». وبالرغم من وجود بنايات مشيدة وغير مستغلة بالمشروع، استفسر الزبناء عن وظيفتها، لم يجدوا جوابا شافيا لدى الشركة.

«OMABATI» تحل مكان السانديك
عمدت فضاءات «السعادة» إلى اعتماد شركة اسمها «OMABATI» لتدبير وتولي مهام السانديك، بحيث تتولى الشركة استخلاص مستحقات السانديك قبل الاستغلال الفعلي للشقة من قبل الزبون، وحدد هذا الواجب في مبلغ 1750 درهما. وتتولى نفس الشركة مهاما مماثلة في مجموعة من مشاريع فضاءات «السعادة» في المغرب. غير أن مهام الشركة المشار إليها لا تنتهي بانتهاء عمليات البيع والاستغلال الفعلي للسكان للشقق السكنية، بل تستمر إلى ما بعد ذلك، حتى تنجز مهام إخلاء الذمة لفائدة فضاءات «السعادة»، تفاديا لمحاسبتها من طرف الزبناء ومتابعتها على الاختلالات التي يرصدونها. هذا المشكل ظهر جليا لساكنة «ديار أدرار»، الذين بادروا إلى تأسيس «اتحاد ملاك الملكية المشتركة» بالإقامة المذكورة، غير أنهم ومنذ 10 ماي الماضي إلى حدود اليوم لم يتمكنوا من التأسيس، بالرغم من قيامهم بجميع الإجراءات الإدارية والقانونية، وفق ما تبينه الوثائق التي تتوفر عليها «الأخبار»، ضمنها محضر مفوض قضائي أثبت رفض تسليم السلطات المحلية للملف القانوني للتأسيس، ما دفع الساكنة إلى مراسلة وزارة الداخلية وولاية أكادير، قصد التدخل لرفع حالة الرفض التي تواجهها الساكنة لتأسيس اتحاد الملاك المشتركين. ويطرح سكان «ديار أدرار» أسباب رفض السلطات المحلية تسلم ملف تأسيس اتحاد الملاك المشتركين، مشككين في وجود تدخل أطراف ليست لها المصلحة في تأسيس الاتحاد. ويقول محمد كندي، رئيس فيدرالية اتحادات الملاك المشتركين، إن شركة «OMABATI» التي اعتمدتها فضاءات «السعادة»، ليست لديها الصفة القانونية لتولي مهام السانديك، بعد إتمام كافة إجراءات البيع والشروع في الاستغلال الفعلي للشقق. وأكد كندي في الإطار نفسه أن الساكنة هي التي لها الحق في تدبير شؤونها في إطار القوانين المعمول بها في هذا الجانب، خاصة القانون رقم 18.00 والمادة 16 منه بالتحديد، مشيرا إلى أن الإصرار على تولي شركة «OMABATI» يعتبر عرقلة للسير العادي لمصالح الساكنة. ولم يتم تأسيس سانديك الإقامة إلا، أخيرا، بعد أخذ ورد طويلين بين الساكنة والشركة المشرفة على المشروع السكني. ويشير الزبناء إلى أنه مع تأسيس السانديك قبل أسابيع من قبل الساكنة، ظهر إشكال آخر يرتبط بالمبالغ التي أداها السكان كواجب السانديك لشركة «OMABATI»، حيث إن سكان الإقامة المذكورة أدوا واجب عام كامل. غير أن الشركة التي تعاقدت معها فضاءات «السعادة»، ومع استعدادها لفسخ العقد تصبح ملزمة برد المبالغ المالية الخاصة بالسانديك المتبقية في الحسابات. وبالرغم من مطالبة السكان برد الشركة للمبالغ المالية المتبقية عن حوالي 5 أشهر، لحساب مكتب السانديك المؤسس حديثا، فإنهم وجدوا أنفسهم في متاهة الشركة المكلفة بالسانديك، وفضاءات «السعادة».

chr

محمد كيماوي رئيس فيدرالية الجنوب لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب : ««نعد لقافلة احتجاجية وطنية ضد لوبيات العقار ستجوب العديد من المدن»
يؤكد محمد كيماوي، رئيس فيدرالية الجنوب لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب، والذي تابع هذا الموضوع منذ بداياته، أن فضاءات «السعادة» شأنها شأن العديد من شركات العقار، خرقت القانون في مستويات عدة، أولها عدم التزامها بموعد التسليم، وعدم الالتزام بالمساحة الحقيقية للشقق المحددة في 50 مترا مربعا، إذ إن المساحة النهائية للشقق المبيعة لا تتجاوز 47 مترا مربعا، وأحيانا أقل. ودعا كيماوي إلى تشديد المراقبة، وفرض عقوبات زجرية على شركات العقار حتى تحترم وعودها، وأشار إلى أن الفوضى و«السيبة» التي يعيشها هذا القطاع، تستدعي تدخلا عاجلا لإنصاف المواطنين. وفي هذا الصدد، أكد كيماوي أن فيدرالية الجنوب لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب تنسق مع جمعيات الدفاع عن حقوق المستهلكين في المغرب للإعداد لقافلة احتجاجية وطنية، ستجوب العديد من المدن المغربية وفق برنامج محدد، وذلك من أجل دق ناقوس الخطر، ورد الاعتبار والحق للمواطن أمام الهجوم الذي يتعرض له من قبل لوبيات العقار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى