
تسابق على الاستنجاد بالداخلية في ظل إهمال مداخيل ومستحقات
ككرة ثلج لم يتم الالتفات إليها وهي تتدحرج لتشكل انهيارا ثلجيا ضخما يأتي على الأخضر واليابس، استمرت المجالس الجماعية بالشمال، بتوالي الأحزاب المشرفة على تسيير الشأن العام المحلي، في إهمال تراكم ديون بالملايير على ظهر الجماعات المعنية، وإهمال تحصيل مستحقات وضرائب والتهاون في الدفاع عن أملاك جماعية، فضلا عن غياب استراتيجية في التعامل مع الديون الاستهلاكية للماء والكهرباء، لدرجة السقوط في إنذار جماعات من قبل شركة التدبير المفوض، قصد الأداء وتفادي قطع تزويد مؤسسات عمومية.
تطوان: حسن الخضراوي
لم تنجح جل الأغلبيات التي أشرفت على تسيير جماعات ترابية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، في حل مشاكل الديون المتراكمة، حيث كان يجري التعامل مع الأمر بواسطة تدابير ترقيعية تؤجل الأزمة، في غياب حلول ناجعة، ما جعل المجالس الحالية تتسلم ميزانيات تعاني من غياب التوازنات المالية، وتأثير تبعات «كوفيد- 19» على الاقتصاد المحلي، حيث ظهر عجز كبير في مواصلة تدبير الأزمة، وتم التهافت والتسابق على دعم مصالح وزارة الداخلية، لضمان استمرار المرفق العام، وتفادي السقوط في مطب الإفلاس.
وحسب مصادر مطلعة، فإن مجالس تطوان والفنيدق وشفشاون ومرتيل تعاني من تبعات فشل تسيير حزب العدالة والتنمية وأغلبياته الهشة، حيث تراكمت الديون الخاصة بشركات التدبير المفوض، وملفات نزع الملكية، وفوضى قسم الأملاك الجماعية، فضلا عن ديون استهلاكية، إلى جانب تراكم مستحقات وضرائب لم تتم تأديتها من قبل مشاريع خاصة، ما زاد من تفاقم العجز وتضخم أرقام الباقي استخلاصه.
واستنادا إلى المصادر نفسها، فإن مصالح وزارة الداخلية تدخلت بالجماعة الحضرية لتطوان لتقديم دعم مالي، مكن من تنفيس الاحتقان داخل قطاع الموظفين، وتجاوز إهمال تراكم تعويضات ومستحقات مالية، طيلة تسيير حزب «البيجيدي» لولايتين متتاليتين، فضلا عن تخفيف تبعات تراكم ملفات تعويض المتضررين من نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وضرورة تنفيذ أحكام قضائية نهائية، إلى جانب سداد ديون شركات النظافة، لتجويد عمليات تتبع تنزيل دفاتر التحملات الموقعة مع شركات التدبير المفوض.
ديون التدبير المفوض
تعاني جل الجماعات الترابية بالشمال من تبعات ديون التدبير المفوض، حيث تراكمت ديون استهلاك الماء والكهرباء بالملايير، وديون شركات النظافة، ما يتسبب في كل مرة في عرقلة المرفق العام، واحتجاجات عمال النظافة على تأخر أداء أجورهم الشهرية، فضلا عن استحالة تحقيق الجودة في التتبع والمراقبة، وإلزام الشركات المعنية باحترام بنود دفاتر التحملات الموقعة بين الأطراف.
وقامت مصالح وزارة الداخلية بتقديم دعم استثنائي إلى الجماعة الحضرية لتطوان، من أجل تجاوز تبعات فشل حزب العدالة والتنمية في التسيير لولايتين متتاليتين، حيث تم إغراق الجماعة في ديون تراكم مستحقات وتعويضات الموظفين، وتراكم ملفات قضائية ضد الجماعة تتطلب التنفيذ والأداء، ناهيك عن ديون شركة التدبير المفوض «أمانديس»، والديون الخاصة بشركات النظافة، حيث ظلت قطاعات حساسة لا تستحمل التوقف، تعيش على إيقاع الاحتجاجات، ويصيبها الشلل في كل مرة، بسبب غياب الأجور الشهرية.
وتواجه جماعات ترابية بعمالة المضيق ديون التدبير المفوض، بواسطة تدابير ترقيعية، في ظل ظهور فشل ذريع لمجالس المضيق ومرتيل والفنيدق، التي تسلمت التسيير، قبل شهور، في تنويع المداخيل، وغياب مؤشرات واضحة للتفاعل الإيجابي مع دوريات وزارة الداخلية، التي تؤكد على التخفيف من الديون، والدفاع عن مستحقات الجماعة، والبحث في كل السبل الممكنة لتخفيض الباقي استخلاصه، لأنه يبقى من أهم أسباب فشل إعداد مشاريع الميزانية، برفعه لأرقام مالية غير متاح صرفها أو تخصيصها للتنمية، وتتكرر بارتفاعها كل سنة دون جدوى.
وذكر مستشار جماعي بالفنيدق، أن الأغلبيات الهشة التي تسلمت التسيير بجماعات ترابية بعمالة المضيق، ظهر فشلها بشكل واضح في مواجهة ملفات الديون المتراكمة، وذلك لغياب استراتيجية واضحة لتنويع المداخيل أو جلب استثمارات للمساهمة في التنمية، حيث ما زال التدبير الروتيني هو السائد على الجو العام، وسط تسجيل تعثر كبير في جمع مستحقات الجماعات الترابية، وغياب الإرادة السياسية لتفعيل تعليمات تنظيم ملفات الأملاك الجماعية والأكرية.
وأضاف المتحدث نفسه أن الأغلبيات المسيرة بجماعات ترابية بإقليم المضيق، تفتقر إلى الكفاءات والطاقات السياسية التي يمكنها الاهتمام بالرفع من المداخيل، حيث تم التهافت من قبل مستشارين ونواب على توزيع كعكة التسيير، والصراع على التفويضات، خارج أي تفكير في التنمية أو بحث التنسيق مع مؤسسات أخرى، لدعم قطاع التشغيل والاجتهاد في تحصيل الضرائب، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية والتسهيلات الضرورية.
مستحقات ضائعة
ارتفع حجم الباقي استخلاصه بالجماعات الترابية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، نتيجة التقاعس في الدفاع عن مستحقات الجماعات المعنية، مثل الفنيدق وتطوان والمضيق ومرتيل، حيث بلغ الباقي استخلاصه حوالي 19 مليون درهم بالجماعة الحضرية لشفشاون، في حين ارتفع بالجماعة الحضرية لتطوان ليصل إلى 415 مليون درهم، وذلك وسط تحركات مكثفة من قبل التجمعيين لتجاوز الأزمة، سيما في ظل دعم مصالح وزارة الداخلية لإنقاذ الجماعة من شبح الإفلاس.
وحسب مصادر، فإن مجلس تطوان واجه تركة حزب العدالة والتنمية المتعلقة بديون استهلاك الماء والكهرباء التي فاقت 40 مليون درهم، إلى جانب الديون الخاصة بشركات التدبير المفوض، وديون الأحكام القضائية الخاصة بتعويض المتضررين من نزع الملكية، هذا إلى جانب تراكم تعويضات ومستحقات الموظفين لسنوات طويلة.
واستنادا إلى المصادر نفسها، فقد استنفر المجلس الجديد كافة المصالح المختصة، بتنسيق مع السلطات الوصية، لإنجاز تقارير مفصلة حول حيثيات ضياع مداخيل خاصة بالجماعة، أثناء الولاية الانتخابية السابقة، والتدقيق في استغلال أملاك جماعية وتحصيل الأكرية، ومدى الدفاع عن مصالح الجماعة كطرف مالك لمحلات ومنازل يكتريها بعض الأشخاص ولا يقومون بدفع ما عليهم من واجبات، فضلا عن عدم تجديد عقود وجمود السومة الكرائية.
وذكر مصدر أن مجلس شفشاون تلقى وعدا بدوره لدعمه من قبل مصالح وزارة الداخلية، لتجاوز أزمة ديون شركة النظافة في إطار ما يسمى التدبير المفوض، التي بلغت أكثر من مليار ونصف المليار سنتيم. كما تم الكشف من قبل المجلس الجديد عن ملفات التراخي في جمع مستحقات الجماعة، وفوضى الأكرية وتدبير الأملاك الجماعية، فضلا عن إكراه تراكم الديون وصعوبة جمعها، في ظل تبعات جائحة «كوفيد – 19» وتأثيرها الكارثي على القطاعين السياحي والتجاري.
وكان العديد من النواب والمستشارين دقوا ناقوس خطر تراجع المداخيل بالمجالس الجماعية بالشمال، والغرق في الديون الخاصة بالتدبير المفوض، وضياع مستحقات الجماعات بسبب التهاون في الدفاع عن مصالحها، حيث سبق وتم إنجاز تقارير في الموضوع من قبل لجان التفتيش التابعة لمصالح وزارة الداخلية، في انتظار تفعيل المحاسبة.
مطالب بالتحقيق
قامت مجموعة من المجالس الجماعية باستدعاء لجان التفتيش التابعة لمصالح وزارة الداخلية، والمجلس الجهوي للحسابات، فضلا عن توجيه شكايات إلى النيابة العامة المختصة حول شبهات اختلالات صفقات عمومية، ناهيك عن غموض تراكم مستحقات جماعات على ظهر مشاريع يملكها أعيان ومقربون من مستشارين وأحزاب، كانت تتحمل التسيير خلال الولاية السابقة.
وذكر مصدر «الأخبار» أن عمالة المضيق سبق ورفضت مشاريع ميزانية جماعات ترابية بالشمال، منها مرتيل والفنيدق والمضيق، بسبب غياب التوازن المالي المطلوب بين المصاريف والمداخيل، وتراكم الديون المرتبطة بملفات التدبير المفوض، وفواتير استهلاك الماء والكهرباء، فضلا عن ديون تتعلق بالمتضررين من نزع الملكية الذين حصلوا على أحكام قضائية نهائية تتطلب التنفيذ.
وتدخلت مصالح وزارة الداخلية من أجل إنقاذ الجماعات الترابية المذكورة من الإفلاس، حيث تم تخصيص ميزانيات استثنائية، قصد تجاوز مشاكل الديون المتراكمة على الميزانية، وتفادي جمود خدمات حساسة مثل قطاع النظافة، وكذا ملفات تتعلق بديون استهلاك الماء والكهرباء وفواتير شركة «أمانديس»، الموكول لها تدبير القطاع وفق ما يسمى التدبير المفوض.
وتوصلت الجهات المعنية بوزارة الداخلية بتقارير حول تقديم الجماعة الحضرية لمرتيل مشروع ميزانيتها برسم سنة 2022، بعجز مالي يقدر بحوالي 27 مليون درهم، وتراكمت عليها العديد من الأحكام القضائية التي تجاوزت 100 مليون درهم، كما تراكمت عليها ديون أخرى لفائدة شركات التدبير المفوض للنظافة والإنارة العمومية والمناطق الخضراء، أو لفائدة مجموعات الجماعات التي هي عضو فيها، بالإضافة إلى مستحقات أخرى بأزيد من 60 مليون درهم.
وينتظر أن يزور قضاة المجلس الجهوي للحسابات العديد من الجماعات الترابية بالشمال، للتدقيق في ملفات مداخيل وتدبير أقسام الأملاك الجماعية، وحيثيات إبرام صفقات عمومية وطرق صرف المال العام، سيما مع التقارير المكثفة التي رافقت تسيير حزب «المصباح» لعدد كبير من الجماعات الترابية، على مستوى جهة طنجة – تطوان – الحسيمة.
مؤشرات سلبية
أعطت مجموعة من أغلبيات المجالس الجماعية التي تسلمت تسيير الشأن العام بمدن الشمال، مؤشرات سلبية تتعلق باستمرار المشاكل السابقة نفسها، والملفات العالقة المرتبطة بالديون وضياع مستحقات، وجمود ضرائب تتعلق بمشاريع مطاعم ومقاهي ومخابز وغيرها، حيث وقفت حسابات سياسية ضيقة في طريق تصفية ملفات، رغم تنبيه مصالح وزارة الداخلية والسلطات الوصية إلى ضرورة تنمية المداخيل.
وكشفت مصادر أن أغلبية الجماعة الحضرية للمضيق، برئاسة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ما زالت تتخبط في صراعات عدم توزيع التفويضات على النواب، ومحاولة التغطية على ذلك بإظهار تنسيق الأغلبية الهشة، علما أن الجماعة تغرق في الديون وتعاني مشاكل مستعصية، منها فوضى الأسواق الجماعية، وعشوائية احتلال الملك العام.
واستنادا إلى المصادر نفسها، فإن مجلس الفنيدق الذي يرأسه حزب الأصالة والمعاصرة، وفق أغلبية لها توجهات يصعب حصرها، ليس أفضل حالا من مجلس المضيق، حيث تراكم الديون الخاصة بشركات التدبير المفوض، وغياب استراتيجية واضحة لتنمية المداخيل، ما استدعى تدخل السلطات الوصية لتنبيه الرئاسة إلى ضياع مداخيل مهمة، بسبب التهاون وغياب الصرامة في الدفاع عن ممتلكات ومستحقات الجماعة.
وحسب المصادر ذاتها، فإن ميزانيات استهلاك بنزين سيارات الجماعات الترابية بإقليم المضيق، أنجزت حولها تقارير مفصلة من قبل السلطات المحلية المعنية، وسط مطالب بضرورة حلول لجان تفتيش للتدقيق في تسيير المجالس السابقة، وغياب تدابير التقشف من قبل المجالس التي تحملت المسؤولية، بعد انتخابات واقتراع 8 شتنبر.
وذكر مصدر أن أرقام الباقي استخلاصه ترتفع مع توالي المجالس المنتخبة بالشمال، ويتم احتسابها في مشاريع الميزانيات السنوية، خارج أي اجتهاد للتحصيل والبحث في أسباب جمود ملفات، والتهاون في التنسيق مع المؤسسات المعنية، لتفعيل قانون زجر المخالفين، وتصفية ديون متراكمة، لتسهيل تأدية الضرائب في وقتها، والقطع مع التراكمات التي تعقد الأمور وتصعب من استخلاص المستحقات المالية.
وتواجه العديد من الجماعات الترابية الحضرية والقروية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة تحديات متعددة، أهمها النجاح في التخفيف من ديون تراكمت لسنوات طويلة، بسبب الفشل المتعاقب في تسيير الشأن العام المحلي، والقدرة على رسم برامج قابلة للتنزيل لتحصيل مداخيل مالية مهمة، والقطع مع الصراعات السياسية الفارغة، مع استحضار الصرامة في الدفاع عن حقوق الجماعة، وتحصيل المستحقات الضرورية، وكذا معالجة اختلالات قسم الأملاك الجماعية والأكرية، وتنظيم احتلال الملك العام، مع مراعاة الظرفية الاقتصادية التي تمر منها البلاد، للتقشف والعمل على تسريع تعافي الاقتصاد، تنزيلا للتعليمات الملكية السامية.
نافذة:
ارتفع حجم الباقي استخلاصه بالجماعات الترابية بجهة طنجة تطوان الحسيمة نتيجة التقاعس في الدفاع عن مستحقات الجماعات المعنية





