الرأيالرئيسية

عقيقة مؤجلة

نبني الملاعب ونشيد المرافق الرياضية ونصنفها في خانة «الجيل الجديد»، لكننا لا نطلق عليها اسما ولا نضع عليها لوحة تشوير. نترك البناية عرضة للاجتهاد كل يختار للملعب التسمية التي يبتغيها، دون أن تتدخل البلدية وتقيم حفل العقيقة للملعب وتطلق عليه اسما وزغرودة وتنحر على جوانبه أضحية الاسم.

أغلب ملاعب الكرة في بلدي تحمل اسم «الملعب البلدي» نسبة للبلدية طبعا، وكأن المنتخبين لا يعرفون أسماء رموز الكرة المغربية الذين يستحقون إطلاق أسمائهم على ملاعب، حتى لا تظل «بلدية». علما أن إكرام الميت في الكرة إطلاق اسمه على ملعب. لن تكلفنا عملية تسمية ملعب إلا مسطرة إدارية وشريطا ومقصا وخطاطا.

في غمرة مونديال الأندية سنشعر بالإحراج ونحن نحتضن العرس الكروي في ملعب بلا اسم، يسميه الإعلام الرسمي «ملعب طنجة الكبير»، بينما يصر أهالي طنجة على تسمية ملعبهم «ملعب ابن بطوطة»، لكن المستندات الرسمية لـ«سونارجيس» تعتبره بدون اسم أو لقب، ليس لأن ابن بطوطة لا علاقة له بالكرة، بل لأن التسمية تحتاج إلى رحالة.

يصر أهالي أكادير على تسمية ملعبهم «الكبير» بملعب «أدرار» وتعني بالأمازيغية الجبل، لكن الشركة «طلعت للجبل» وأصرت بدورها على تسمية الملاعب بأحجامها لا بتاريخها أو جغرافيتها. وفي مراكش لازال ملعب المدينة بدون اسم، فأطلقوا عليه اسم «ملعب مراكش الكبير» وكأن له إخوة صغار. والحال أن ملعب مراكش التاريخي «ملعب الحارثي» ارتبط بحدائق الحارثي أي بمجال جغرافي وليس برمز كروي.

حملت ثلاثة ملاعب اسم اللاعب الدولي العربي بن مبارك، في الدار البيضاء ومراكش وفي الصحراء، أغلبها تعيش العزلة، كما عاشها العربي في آخر أيامه. وفي سيدي قاسم حمل الملعب اسم العقيد العلام الذي مات شهيدا في سوريا، وظل الملعب مغلقا لسنوات بداعي الترميم.

لا يدخل أحفاد الأب جيكو ملعب «الأب جيكو» إلا إذا أدوا ثمن التذكرة، ولا يحتفى بهم إلا في أهازيج «الإلتراس». أما العربي باطما، فقد أطلق مجلس مقاطعة الحي المحمدي ذات يوم اسمه على ملعب الحفرة، تساءل أبناء كريان سنطرال عن العلاقة بين عازف وملعب، فقيل إنه كان يشغل قيد حياته مهمة كاتب عام للفريق، قالوا آمين.. لكن ذات صباح حضرت القوة العمومية واستبدلت الاسم وانتزعت اللوحة في ما يشبه غارة تحرير الملك العمومي.

أما العربي الزاولي الذي وضع اسمه على ملعب الطاس، فقد أريق على جوانبه دم الخلافات السياسية، بينما أصبح أفراد عائلة الزاولي ممنوعين من ملعب يحمل اسم والدهم تجنبا لإفراغ آت لا ريب فيه.

في برشيد يمكن لملعب لكرة القدم أن يحمل اسم طبيب «الرازي»، ربما لقربه من مستشفى الرازي للأمراض العقلية، وفي تطوان يصر المنتخبون على أن يبقى ملعب المدينة باسم المنطقة «سانية الرمل».

باستثناء ملعب الأمير مولاي عبد الله، فإن كل الملاعب التي تشرف عليها «سونارجيس» بلا اسم ولا لوحة تذكارية، وكأنها أطفال متخلى عنهم مجهولو الأصول لا يتوفرون على دفاتر الحالة المدنية. لهذا يجد كثير من الصحافيين حرجا في تسمية الملاعب وهم يكتبون تقاريرهم. فـ«يكبرون» بها.

جيراننا في الجزائر يخلطون السياسة بالكرة فيطلقون أسماء «الزعماء السياسيين» المحليين والمستوردين، على ملاعبهم، ويساهمون بقدر من مال الغاز لبناء ملاعب في فلسطين شريطة أن تحمل اسم زعيم سياسي. حتى أصبحت لأغلب الملاعب رتبة عسكرية.

أطلقت سلطات وهران اسم «العقيد المجاهد بن حدو بوحجر» على ملعب المدينة، قبل أن تلغى التسمية بقرار رئاسي، بعد أن اكتشف المخبرون أن العقيد كان صديقا للمغرب، وكانت له سوابق في الإشادة بدور المغرب في استقلال الجزائر. فسقطت لوحة المجاهد وعوضت بتسمية لاعب سابق.

حسن البصري 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى