شوف تشوف

الرأي

قاري حسيفة

يونس جنوحي

مع انطلاق الموسم الجامعي الحالي، تعود من جديد معارك الأساتذة ومشاكل فتح وإغلاق الماستر. حتى أن مسألة ولوج بعض أقسام الماستر والإجازات المهنية، أصبحت هذه الأيام مثل الظفر بتأشيرة إلى كندا.
هذا العام، تم إلغاء عدد من التخصصات، خصوصا منها التي ارتبطت بفضيحة الجنس مقابل النقط، أو المال مقابل ولوج التخصصات.
والحقيقة أنه لا يمكن لوم الذين فتحوا تلك المسالك وحدهم، بل أيضا يجب أن يُجر الطلبة، الذين دفعوا المال مقابل الولوج، إلى القضاء. فهؤلاء الذين يدفعون ملايين السنتيمات، الله يعلم كيف استطاعوا تأمينها، لكي يلجوا تخصصات في الجامعات العمومية، يضربون في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص، الذي ينادون به كلما تعلق الأمر بتأخير مواعد الامتحانات أو التنديد بغياب الأساتذة.
ما سكت عنه المطالبون بإصلاح التعليم العالي بالمغرب، يتعلق أساسا بالنبش في لوائح الحاصلين على شهادات الماستر والدكتوراه في السنوات الأخيرة. إذ يسهل التحقق من استحقاق هؤلاء الطلبة للنقط التي منحت لهم، والتي حصلوا على شهاداتهم بناء عليها.
بل إن مسألة وضع الطلبة لشكايات ضد الأساتذة، أو الطعن في النتائج، لا تُقابل دائما بالجدية من بعض الإدارات. إذ رغم أن القضاء قد أنصف هذا الشهر عددا من الطلبة وحكم لصالحهم ضد أستاذ جامعي، وغُرم بتعويض مهم لصالح الطلبة عن كل ساعة تأخير في تسليم النقط الجديدة، بعد أن قُبل طعنهم حيث طالبوا بإعادة تصحيح الأوراق. إلا أن آلاف الطلبة لا يزالون يعانون من الاكتظاظ في بعض المراكز الجامعية، وتأخر النظر في أوراق الامتحانات، موضوع الطعن في المراكز الجامعية. بالإضافة إلى السطو على الملكية الفكرية.
ولعل من الطريف استحضار ما قام به بعض الطلبة المستهترين، الذين لا يستحقون بكل تأكيد أن يكونوا في الجامعة المغربية، إذ إن طالبا قام بسرقة محاور من بحث جامعي في الإنترنت، ونقلها حرفيا وقدمها إلى الأستاذ المشرف على أنها البحث النهائي للحصول على الإجازة الجامعية. لكن النكتة تتلخص في أن البحث الجامعي المسروق الذي يعود إلى سنة 1994، من إنجاز الدكتور المشرف على البحث الجامعي. أي أن الأستاذ اكتشف بنفسه السرقة التي قام بها طالبه، بل إن هذا الأخير لم يكلف نفسه عناء التحقق حتى من اسم الشخص الذي أنجز البحث. ولو أنه قام بالتحقق لوجد أنه بصدد سرقة بحث أستاذه شخصيا، لكنه لم يفعل.
كل هذا «كوم»، ومسألة الشراكات التي أصبحت تعقدها الجامعات المغربية مع بعض المدارس الخاصة «كوم» آخر. إذ أصبحت بعض المعاهد الخاصة، خلال السنوات الأخيرة، توفر لـ«زبنائها» خدمة تتلخص في الحصول على شهادات بشراكة مع جامعات مغربية. وهذا الأمر لوحده يحتاج إلى أن تدقق فيه وزارة التعليم العالي. إذ إن ولوج بعض التخصصات في الجامعات يمر عبر مباريات ودراسات للملفات، ويتم اختيار أقل من 30 طالبا من أصل الآلاف، لكي يستفيدوا من التكوين كل سنة. ولا يمكن أن تتساوى الشهادة التي يحصلون عليها مع شهادات المعاهد الخاصة، التي تبرم شراكات مع هذه الجامعات.
وإذا قلتم لنا إن المساواة هنا في الشهادات غير مطروحة، فيجب على الأقل متابعة المعاهد التي تنصب على «زبنائها»، وتوهمهم بأنها توفر لهم شهادات بشراكة مع هذه الجامعات. إذ إن بعض الأسر المغربية تبيع ممتلكاتها، بل وتحصل على قروض ثقيلة من الأبناك وتسدد الفوائد وتغرق في الاقتطاعات، لكي يتمكن أبناؤها من الحصول على شهادات، يكتشفون في الأخير أنها قد تصلح لتزيين الصالون، وليس لإدماج الأبناء في سوق الشغل.
وإذا بقيت الأمور على هذه الحال، فسوف ترون غدا معاهد تتخذ من شقق السكن الاقتصادي مقرا لها، تبرم هي الأخرى شراكات في التكوين مع «كامبريدج» و«أوكسفورد»، دون علم سيدنا عيسى. وربما حتى عناوينها سوف تصبح «كامبريدج مكرر»، والذين سوف يتخرجون منها مستقبلا سيتخصصون في علم «الحسيفة»، لأنه التخصص الوحيد الذي سيتخصص فيه كل من اكتشف أنه كان ضحية لهذا الفيلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى