الرئيسيةبانوراما

كل ما تجب معرفته عن كيم يو جونغ وريثة حكم كوريا الشمالية

شكوك حول وفاة زعيم البلاد وتخوفات من نهاية الأسرة الحاكمة لـ72 عاما

سهيلة التاور
بعد الإعلان عن خضوعه لعملية جراحية على القلب، أدى الغياب المفاجئ لكيم جونغ أون إلى انتشار عدد من التكهنات والشائعات، خاصة في الساحة السياسية، حول الحالة الصحية لزعيم كوريا الشمالية. وتذهب كل الآراء إلى أن المرشح الأول لتولي الزعامة بعد كيم جونغ أون هو الأخت الصغرى، التي تم تجهيزها أخيرا لذلك، رغم أنه معروف بأن السياسة الكورية الشمالية ذكورية بامتياز، ومهما كانت المرأة قوية فلن تكون زعيمة بسهولة.

ولدت كيم يو جونغ بين عامي 1987 و1989، وهي أصغر حفيدة لكيم إيل سونغ. ويقال إنها كانت البنت المفضلة لوالدها كيم جونغ إيل الذي حكم ما بين 1994 و2011، والذي كان له موقف متنور من المرأة مقارنة مع النخبة الكورية، وهذا هو رأي المسؤول الروسي كونستانتين بوليكوفسكي. وقد سافر هذا المسؤول مع كيم جونغ إيل بالقطار وكتب كتابا عن التجربة، وأخبر صحافيين بأن كيم أثنى على ذكاء ابنته وسخر من أبنائه، واصفا إياهم بـ«الحواجز الخاملة».
وأنجب كيم جونغ إيل سبعة أولاد من أربع زوجات، ولكن يو جونغ وجونغ أون من أم واحدة، زوجته الثالثة كو يونغ هوي، الراقصة التي أصبحت أيقونة لدى الكوريين الشماليين، وقضيا جزءا من حياتهما مع أخ آخر في مدينة بيرن السويسرية، حيث درسا في المدرسة الإعدادية تحت غطاء أنهما ابنا دبلوماسي كوري شمالي. كما مرت كيم يو جونغ بالعديد من المؤسسات باسم مستعار، قبل أن تعود إلى كوريا الشمالية نهائيا في العقد الأول من القرن الجاري. وفي كوريا الشمالية تخرجت في جامعة عسكرية تحمل اسم جدها، هي Kim Il-sung Military University ، وتبعد بـ14 كيلومترا إلى الشمال عن العاصمة، بيونغ يانغ. ودرست أيضا علوم الكومبيوتر في جامعة ثانية بالعاصمة، تحمل أيضا اسم جدها. وهي تتحدث اللغتين الإنجليزية والفرنسية بطلاقة.
ولم تظهر يو جونغ للعلن إلا في جنازة والدها في بيونغ يانغ، في 28 دجنبر 2011. وكانت شاحبة ونحيفة وشخصية غير معروفة، حيث ظن المراقبون أنها زوجة كيم جونغ أون.
تزوجت في 2015 من أحدهم اسمه كلوي سونغ، معروف بأنه الابن الثاني لنائب مارشال في الجيش ورئيس هيئة رئاسة المجلس الشعبي الأعلى، إلا أن مصادر حكومية في كوريا الجنوبية، نفت ذلك في تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، وتلته شائعات بأنها كانت حاملا وتنتظر ولادة طفلها في ماي من العام الماضي، وأن والد الطفل غير معروف، أو أنه طالب تعرفت إليه في الجامعة التي درست فيها علوم الكومبيوتر.

صعود إلى السلطة
منذ سن المراهقة، والشقيقة الوحيدة للديكتاتور الكوري ترتقي سلم السلطة درجة درجة في البلاد، لتتحول في السنوات الأخيرة إلى الشخص الثاني فيها، بحسب تقرير مفصل نشرته في فبراير الماضي مجلة «The
« National Interest الأمريكية، حيث تمت ترقية كيم يو جونغ إلى منصب مهم يعادل نائب الرئيس في دجنبر الماضي، وأعلنت صحيفة «يوميوري» اليابانية، قبل أيام، أن «كيم يو جونغ تم تعيينها وريثا رسميا في دجنبر 2019 من قبل اللجنة المركزية لحزب العمال، خاصة أن ابني الزعيم الحالي أصغر بكثير من أن يحكما، وأن شقيقه كيم جونغ تشول غير مهتم بالحكم كما يقال».
كما أن كيم يو جونغ هي التي تنظم خطط التواصل لأخيها منذ سنوات عدة، بعد أن تم تعيينها عام 2011 في وزارة الاتصالات الحكومية، وقد سعت إلى بناء صورة كيم جونغ أون، دون أن يكون لها ظهور في وسائل الإعلام الحكومية قبل 2014، حين عينت نائبة مدير الدعاية، كعلامة على الثقة المطلقة. وفي إشارة إلى قوتها المتنامية في كوريا الشمالية، عُينت كيم يو عضوا مناوبا في المكتب السياسي لحزب العمال الكوري الحاكم في البلد في وقت سابق من هذا الشهر.
أما على مستوى العلاقات الدولية، فمن المعروف عن كيم يو جونغ، عملت مبعوثا لشقيقها إلى كوريا الجنوبية أثناء الألعاب الأولمبية الشتوية في 2018 ببيونغ تشانغ، ما أدى إلى تقارب دبلوماسي في شبه الجزيرة المقسمة. وظهرت أيضا في صور إلى جانب شقيقها في مؤتمرات القمة مع ترامب أو رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي إن. لكنها بدأت فقط بإصدار بيانات ذات أهمية سياسية مباشرة باسمها الشهر الماضي، لذلك اعتبر محللون أنها تسلط الضوء على دورها المركزي في الترتيب السياسي بكوريا الشمالية. وكانت قد لعبت دورا بارزا في التقارب بين أخيها والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد التصعيد الدبلوماسي المتعلق بالأسلحة النووية، وقد أشادت علنا برسالة ترامب التي يأمل فيها الحفاظ على علاقات ثنائية جيدة مع بيونغ يانغ، ويعرض المساعدة في التعامل مع جائحة كورونا.

المرشح الأول
حكمت عائلة كيم الدولة الشيوعية على مدى العقود السبعة الماضية، وتولى كيم الحالي زمام الأمور من والده كيم جونغ إيل، بعد وفاته في عام 2011.
ومرت السلطة تقليديا من خلال وراثة الذكور، لكن اليوم ليس لدى كيم جونغ أون البالغ من العمر 36 عاما أي أطفال بالغين، مما يجعل شقيقته، كيم يو جونغ، أكثر الخيارات وضوحا لاستبداله كحاكمة. كما تعتبر كيم يو جونغ عضوا بارزا في حزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية، وأقوى امرأة في البلاد، وفقا لتقرير المصلحة الوطنية لعام 2019.
واتخذ كيم جونغ أون خطوات لتعزيز سلطته منذ توليه الحكم قبل 9 سنوات، وأمر بإعدام عمه القوي، جانغ سونغ تايك، وعائلته بأكملها في عام 2013 بتهمة الغدر والخيانة.
وبحسب ما ورد في تقارير، أمر كيم بقتل أخيه غير الشقيق، كيم جونغ نام، عام 2017، الذي توفي بعد هجوم بغاز مشل للأعصاب من قبل فتاتين قاتلتين في مطار كوالالمبور.
وهذا يترك شقيق كيم الأكبر، كيم جونغ تشول، خيارا واردا للخلافة، رغم أن تقريرا نشرته «UK Independent» أفاد بأن كيم جونغ تشول فضل البقاء بعيدا عن الأضواء، وليس له اهتمام بالقيادة، حتى أن موظفا سابقا ادعى ذات مرة أن تشول «بناتي» لا يمكنه القيادة. وقال التقرير إنه شوهد آخر مرة في حفل إريك كلابتون في لندن عام 2015، وهو يحب العزف على الغيتار.

اختفاء الزعيم
زعمت التكهنات التي نشرتها صحيفة «ديلي إن كيه dailynk» (صحيفة كورية)، والتي أعدَها منشقون كوريون شماليون في سيول، أن سبب عدم تمكن كيم من حضور الاحتفالات في 15 أبريل الجاري، عيد ميلاد جده، ومؤسس سلالة كيم إيل سونغ، هو أنه خضع لجراحة القلب والأوعية الدموية، قبل ذلك بثلاثة أيام في مستشفى شمال مقاطعة بيونغ يانغ.
وزاد الغموض بعد أن تم تأكيد أن أجهزة المخابرات الأمريكية تراقب الأوضاع. وقد تكون حياة كيم «في خطر شديد» بعد العملية. وهناك العديد من العوامل التي تثير الشك. الأول هو أن صحيفة «الديلي إن كيه» تشير إلى أن كيم يونغ أون «يواصل التعافي من الوعكة الصحية في قرية على مشارف بيونغ يانغ»، وأن «معظم الأطباء عادوا إلى بيونغ يانغ بعد اعتبار حالة كيم مستقرة»، لذلك لن يكون هناك خطر وشيك بالموت.
ثانيا، جيران كوريا الشمالية هادئون. فقد قال المتحدث باسم مكتب الرئاسة في كوريا الجنوبية كانغ مين سوك: «حتى الآن، لم يتم الكشف عن أي علامات غير عادية داخل كوريا الشمالية». وقال مصدر من إدارة الاتصال الدولية، وهي الهيئة التابعة للحزب الشيوعي الصيني المسؤول عن شؤون كوريا الشمالية، إنه لا يعتقد أن كيم في حالة حرجة.
وأخيرا، فإن الشائعات التي لا أساس لها حول أمراض قادة كوريا الشمالية كانت ثابتة، منذ إنشاء جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية في عام 1948. وخلال سنوات، قيل إن كيم إيل سونغ كان يعاني من ورم في المخ بسبب كتلة غريبة في رأسه، والذي كان في الواقع بسبب سوء التغذية أثناء طفولته.
في عام 2014، أخفى كيم يونغ أون نفسه لمدة شهر ونصف الشهر ليعاود الظهور، مع عدم تقديم أي توضيح على الإطلاق عن الحالة التي عانى منها (يعتقد بعض الخبراء أنه ربما عانى من هجمات النقرس المكثفة، على الرغم من أن المخابرات الكورية الجنوبية نسبت هذا إلى كيس دهني في قدم).
ومع ذلك، يبدو أن مشاكل القلب تحدث في الأسرة، فقد توفي والده، كيم يونغ إيل، بنوبة قلبية في عام 2011. وقد يكون لكل من الصين وكوريا الجنوبية مصلحة في الحفاظ على الهدوء في سيناريو لا أحد مستعد له، والآن أقل من أي وقت مضى.

كيم جونغ أون حي يرزق
على عكس التكهنات المتزايدة بخصوص الحالة الصحية لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون والجدل حول من سيخلفه، قال مسؤول كبير في كوريا الجنوبية إن حكومته تؤمن بأن كيم «على قيد الحياة وبصحة جيدة». وقال مون شونغ- إن، كبير مستشاري السياسة الخارجية للرئيس الكوري الجنوبي، في تصريحاته إن «كيم جونغ أون على قيد الحياة وبصحة جيدة»، مضيفا أنه «يمكث في منطقة وونسان منذ 13 أبريل الجاري، ولم يتم رصد تحركات مريبة».
وتأتي تصريحات المسؤول الكوري الجنوبي، بعد يوم من نقل صحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية خبرا عن مديرة في تلفزيون تدعمه الصين، يقول إن زعيم كوريا الشمالية قد «توفي». وصاحبة الخبر التي لم تسمها الصحيفة الأمريكية، هي نائبة رئيس شبكة «HKSTV» التلفزيونية في هونغ كونغ والمدعومة من الصين.
وذكر مركز «38 نورث» للأبحاث المختص بشؤون كوريا الشمالية ومقره واشنطن، أن صور أقمار صناعية راجعها أظهرت قطارا خاصا يرجح أنه خاص بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عند منتجع داخل البلد في الأسبوع الحالي، وسط تقارير متضاربة بشأن صحة كيم ومكانه.
وأوضح المركز في تقريره أن القطار الذي يبلغ طوله 250 مترا تقريبا، كان متوقفا في محطة القيادة في ونسون يومي 21 و23 أبريل الجاري، مضيفا أن المحطة مخصصة لعائلة كيم.
وقال المركز إن القطار ربما يخص كيم، لكن لم يتسن تأكيد ذلك بشكل مستقل، وما إذا كان كيم في ونسون. وأضاف المركز أن وجود القطار لا يثبت مكان وجود الزعيم الكوري الشمالي، ولا يشير إلى أي شيء بشأن صحته، لكنه يعزز التقارير التي أفادت بأن كيم يقيم في منطقة للنخبة على الساحل الشرقي للبلاد.
وقال مسؤول أمريكي في تصريحاته إن «المخاوف بشأن صحة كيم موثوقة، لكن من الصعب تقييم شدتها».

رأي المحللين
إذا مات كيم جونغ أون بشكل غير متوقع بسبب مضاعفات طبية، فقد يؤدي ذلك إلى نهاية حكم الأسرة البالغ 72 عاما، وفقا للأكاديميين. حيث حذر الدكتور بروس بينيت، كبير محللي الدفاع في مؤسسة «راند كوربوريشن» غير الحزبية، من أن انهيار كوريا الشمالية قد يكون في الأفق. وقال بينيت عام 2013: «هناك احتمال معقول بأن تنتهي الشمولية الكورية الشمالية في المستقبل المنظور، مع احتمال قوي للغاية أن يصاحب هذه النهاية عنف كبير واضطراب».
ومن المحتمل أن يحاول القادة العسكريون في البلاد تنظيم انتزاع للسلطة دون خليفة مسمى، مما يؤدي إلى مخاوف من أزمة إنسانية. حيث قال بينيت: «إن انهيار الحكومة يمكن أن يسبب كارثة للصين وكوريا الجنوبية في ما يتعلق باللاجئين، والمطالب الاقتصادية، وصعوبات الاستقرار، والانتقام من كوريا الشمالية». وحذر من أن «الصين وجمهورية كوريا (الجنوبية) قد تفضلان النظام الكوري الشمالي الحالي على مواجهة هذه المشاكل الهائلة».
وبحسب التقارير، فإن الولايات المتحدة لديها خطط طوارئ قائمة، في حال حدوث أزمة إنسانية واسعة النطاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى