حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةمجتمع

لا يمكن القضاء على العنف بمرسوم

دون أن ننتظر تقارير المنظمات الحقوقية والنسائية، أو الأرقام المقلقة التي تصدرها مؤسسات إنفاذ القانون، يكفي أن ننظر إلى تقرير الموارد البشرية الذي أحالته حكومة عزيز أخنوش على البرلمان، والذي يكشف أن نسبة 11 في المائة من النساء فقط تم تعيينهن في المناصب العليا، طيلة  السنوات العشر الأخيرة، لنتوقع أي ممارسة سيئة وحاطة من الكرامة تجاه المرأة.

لكن الخطير والمخيف للغاية هو ما تضمنه تقرير لـ«شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع»، الذي تحدث بناء على أرقام توصلت بها هذه المؤسسة لوحدها عن تسجيل 41135 حالة عنف، منها 19550 حالة عنف نفسي، و10505 حالات عنف اقتصادي واجتماعي، و6354 حالة عنف جسدي، 2212 حالة عنف قانوني، و2814 حالة عنف جنسي. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن معظم حالات العنف لا يتم التصريح بها لأسباب اجتماعية أو أمنية أو دينية أو ثقافية، فنحن إذن لسنا أمام حالات انتقائية للعنف، بل أمام مسار ممنهج يصر على الحط من كرامة المرأة.

في الحقيقة لا الدستور الذي التزم بتحقيق المناصفة، ولا قانون محاربة العنف ضد النساء، ولا قانون التعيين في المناصب العليا، ولا كوطة اللوائح الوطنية أو الجهوية، أو خطة «إكرام» ولا قانون مجلس المناصفة، نجحوا في التخفيف من منسوب العنف تجاه المرأة، فلا تزال النساء رغم ثخمة الخطاب والقانون الطرف الأضعف في المعادلة الإنسانية، سواء في الحقوق أو العدالة أو الحياة العامة، وهذا أمر طبيعي لأنه لا يمكن تغيير مجتمع بمرسوم، ولا يمكن مواجهة عقلية ذكورية وعادات وتقاليد تنظر نظرة دونية للمرأة بمجالس شكلية. الأمر يتطلب أكثر من ذلك، فمسألة العنف ضد النساء مسألة عويصة ومعقدة، والغريب أننا كدولة ومجتمع نتساهل منذ عقود في الإجابة عنها بكل حزم وشمولية.

وما لم يحدث التغيير الثقافي العميق داخل قانون الأسرة والبرامج التعليمية والقيم الاجتماعية الموروثة غير المحكومة بالضوابط الدينية التي تزدري كرامة النساء، فلن ننتهي من مظاهر العنف ضدهن، فمن العار أن نعيش كمغاربة في القرن الحادي والعشرين ونرفع شعارات براقة كـ«حرية المرأة» و«سيادة القانون» و«المناصفة» و«المساواة في الحقوق والواجبات»، وما زالت تعيش بيننا ظواهر بشعة تجسد الاعتداء على حقوق المرأة، دون حسيب أو رقيب.

الحل إذن يتجاوز الشكليات القانونية والمؤسساتية مهما كانت مهمة ومطلوبة، إلى استئصال قيم العنف ضد المرأة، والذي يتحول إلى عنف ضد المجتمع وإرهاب وهدر مدرسي وانتحار وأمراض نفسية وطلاق… لأن تعرض المرأة، سواء كانت زوجة أو أختا أو ابنة، للعنف الزوجي ليس ظاهرة معزولة عن باقي الظواهر التي يمكن أن تهدد الاستقرار .

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى