شوف تشوف

شوف تشوف

لهذا لن يقدم الرميد استقالته

قبل واقعة الرميد وكاتبته رحمها الله كان هذا الأخير كلمة جوج يهدد بتقديم استقالته من الحكومة ويغضب ويقاطع اجتماعاتها إلى أن يرطبوا خاطره فيعود منفوخ الصدر إلى كرسيه من جديد.
اليوم عندما يطالبه الجميع بتقديم استقالته لدرء فضيحة عدم تسجيله لكاتبته المتوفاة في صندوق الضمان الاجتماعي رغم اشتغالها لفائدته لما يفوق 24 سنةً فجوابه كان هو الصمت المطبق، تاركا لمحامين متطوعين أن يرافعوا عنه على جدران صفحاتهم بالفيسبوك، فمنهم من يشكره ومنهم من يعدد مناقبه ومنهم من يطبطب على كتفيه ويقول له على الطريقة المصرية “شد حيلك يا ريس، شدة وتزول”.
حتى إن زوجة عبد العالي حامي الدين، بثينة قروري، التي كانت تشتغل في ديوان الرميد عندما كان وزيرًا للعدل، كتبت رسالة شكر لهذا الأخير قالت فيها إنهم تجسسوا على حياته الخاصة فلم يجدوا غير عشاء في مطعم برفقة زوجته وابنته. ولمعلومات السيدة بثينة فالأمر لا يتعلق بمطعم عادي بل بمطعم كباري راقص يقدم الخمور لزبائنه، فأية مرجعية دينية هاته التي تجعل الرميد يحاسب البرلمانية آمنة ماء العينين على نزعها لحجابها في باريس أمام الطاحونة الحمراء فيما يسمح لنفسه بدعوة زوجته وابنته القاصر إلى عشاء في مطعم راقص بالعاصمة يقدم الخمور لزبائنه؟
ثم يا سيدة بثينة فلا أحد تجسس على وزيركم، فالمطعم مفتوح للعموم والجميع رأى أخاكم يقتعد طاولة في مكان ظاهر بحيث لا حاجة للتجسس للتملي بطلعته.
مصطفى الرميد معروف عليه أنه كلما انتابته موجة الغضب وفقد التحكم في أعصابه، يهدد بتقديم استقالته من الحكومة، دون تنفيذ تهديداته، ليتبين أنها مجرد “فرقعات” إعلامية لممارسة الضغط فقط، وقد أحصينا عدد المرات التي هدد فيها بالاستقالة، منذ توليه منصب وزير في حكومة بنكيران الأولى سنة 2012، ووجدنا أنه لوح بها سبع مرات دون تنفيذها.
وكانت آخر مرة هدد فيها الرميد بتقديم استقالته من الحكومة، وكان ذلك في إحدى الجلسات البرلمانية بمجلس النواب، احتجاجا على عدم منحه الكلمة في جلسات البرلمان للرد على “نقط نظام” البرلمانيين، رغم أن النظام الداخلي للمجلس وهو بمثابة قانون تنظيمي، لا يخول له ذلك، والوزير الرميد باعتباره “رجل قانون” كان يريد خرق القانون، واستمر في مقاطعة الجلسات العمومية لمجلس النواب، قبل أن يتراجع عن تنفيذ تهديداته، لأنه كان يريد التمرد على مقتضيات النظام الداخلي الذي ينظم سير عمل الجلسات البرلمانية، ورغم أن المنطق يقتضي مراقبة البرلمان للحكومة، فإن الرميد يريد فرض منطقه “المقلوب”، وهو أن الحكومة تريد فرض هيمنتها على المؤسسة التشريعية دون احترام مبدأ فصل السلط واستقلالية كل مؤسسة عن الأخرى.
وقبل مقاطعة جلسات البرلمان، قاطع الرميد اجتماعات مجلس الحكومة، وهدد بتقديم استقالته منها، احتجاجا على رفض الأمين العام للحكومة، نشر الخطة الوطنية لحقوق الإنسان بالجريدة الرسمية، لكن الرميد عاد إلى منصبه دون تنفيذ تهديده.

ولوح الرميد بتقديم استقالته في حالة عدم تمرير تعديلات القانون الجنائي بمجلس النواب، وذلك في مداخلة ألقاها خلال انعقاد يوم دراسي نظمه فريق العدالة والتنمية بالمجلس حول “القانون الجنائي والسياسة الجنائية.. فلسفة المشروع وواقع التنفيذ”، وبرر ذلك باتهام جهات دون تسميتها، بأنها تعمل من أجل ألا يخرج القانون إلى حيز الوجود بسبب فصل الإثراء غير المشروع الذي يزعجها، وربط بين المصادقة على القانون أو تقديم استقالته من الحكومة.
وفي الشهور الأولى لتنصيب حكومة العثماني، لوح بتقديم استقالته في أحد اجتماعات الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وأبلغ العثماني شفويا بذلك، بعد تعرضه رفقة باقي الوزراء إلى حملة “التخوين” من طرف أتباع بنكيران، في إطار الصراع الذي عرفه الحزب قبل مؤتمره الأخير.
وقبلها، هدد بالاستقالة أثناء الجدل الذي صاحب مقترح تعديل القانون الجنائي خلال الولاية السابقة، ورفع شعار إما تعديل القانون أو الاستقالة من منصبه، قبل أن يتراجع عن هذا التهديد كما تراجع عن مسودة التعديل الشامل للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية، واكتفى بوضع تعديلات جزئية على بعض المواد في القانون الجنائي المعمول بها حاليا.
وسبق للرميد أن هدد بالاستقالة من وزارة العدل والحريات في عهد حكومة بنكيران السابقة، إذا لم ترفع أجور القضاة، كما أقسم بالله أن يقدم استقالته إذا تراجعت الحكومة عن قرار الاقتطاع من أجور المضربين، وتزامن ذلك مع موجة الإضرابات والاحتجاجات التي كان يخوضها آنذاك كتاب الضبط بمختلف المحاكم.
إذن يبقى تلويح الرميد بورقة الاستقالة من الحكومة مجرد مناورة سياسية للضغط فقط، وتدخل في إطار العبث السياسي الذي يعرفه المشهد الحزبي المغربي، لأنه إذا كانت فعلا هناك أسباب حقيقية للاستقالة، فلماذا لا يضعها وفق المسطرة المنصوص عليها دستوريا بدون ضجيج. الحقيقة هي أن الرميد ذاق حلاوة الكرسي الحكومي وما يوفره من امتيازات متعددة وهو ليس مستعدًا للانفصال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى