شوف تشوف

الرأي

متى تعودين يا إيفانكا؟

يونس جنوحي
جل الذين تابعوا حول العالم رحلة إيفانكا ترامب إلى المغرب للقاء النساء المغربيات في إطار برنامجها العالمي للنهوض بأوضاع أزيد من 50 مليون امرأة حول العالم، تعرفوا على المغرب بعيون «إيفانكا». ملايين المتابعين لأنشطتها اليومية بشكل مباشر، وملايين أخرى من الذين يتابعون الإعلام الأمريكي ومنابر أخرى تتابع قضايا المرأة، كلهم رأوا الاستقبال الدافئ الذي خصصته نساء المناطق النائية اللواتي يُعلن أسرهن في القرى والبوادي التي لا توجد بها مصانع ولا معامل ولا برامج حكومية، ولولا تحركات نساء المنطقة لمات الرجال جوعا.
إيفانكا، ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومباشرة بعد عودتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حضرت برنامجا تحدثت فيه عن المحطات المقبلة من برنامجها العالمي الذي تموله هيئات حقوقية دولية، ونوهت بكتاب أصدرته موظفة حكومية سابقة اسمها «نيكي هالي» عنونته بـ«مع كل الاحترام..». وهو العنوان الذي يحظى بدلالات أخرى بطبيعة الحال. صاحبة الكتاب كانت سفيرة للولايات المتحدة الأمريكية لدى هيئة الأمم المتحدة، وحاكمة لولاية كارولينا الجنوبية.
ابنة الرئيس الأمريكي علقت على خبر صدور الكتاب بالقول: «أنا متحمسة جدا لقراءة الكتاب». علما أن الكتاب سوف يصدر الأسبوع المقبل، ولم يكن لابنة الرئيس أي تحفظ عنه.
لم يحدث أن رأينا يوما في المغرب مسؤولا حكوميا واحدا أبدى اهتمامه بمذكرات ما، أو بصدور كتاب متخصص. وحتى لو سافر مسؤول حكومي إلى دولة أخرى لغرض حكومي أو دبلوماسي، فإننا لا نعرف عن خبر زيارته سوى ما تكتبه وكالة الأنباء الرسمية أو نشرة الثامنة التي لا تعرف أنها انتهت إلا بالمرور إلى أحوال الطقس.
حكام العالم الجديد يعرفون أن «تويتر» أصبح اليوم أقوى وكالة للأنباء، ويغني عن الدواوين وإصدار البلاغات. رئيس أقوى دولة في العالم يُدير شؤونه بواسطة هاتفه ويعيده إلى جيبه كلما اتخذ قرارا أعلم به الأمريكيين بعيدا عن الطريقة التقليدية في إصدار البلاغات الرئاسية. أقال مسؤولين ووزراء، وهؤلاء قرؤوا خبر إعفائهم عن طريق تويتر.
وبواسطة هذه الثورة الجديدة في الاتصال الرسمي، تعرفت ملايين الأمريكيات على المغرب، وعلى المغربيات الحقيقيات اللواتي أصبحن اليوم، بفضل المنظمة التي تديرها إيفانكا ترامب، يمتلكن أراضيهن الخاصة. ويعرف بعض الذين يعتقدون أن المغرب ليس إلا بلدا للزرابي والزعفران «الحر» بالإضافة إلى البسطيلة وكعب الغزال، وأن المغاربة يقضون أعمارهم في دفن «الطنجية» أسفل الرماد، على المغرب الحقيقي الذي لا تروج له وكالات الأسفار.
كتب البعض لابنة الرئيس الأمريكي تعليقا على رحلتها إلى المغرب أنهم صُدموا عندما شاهدوا مغربيات بدون لباس أفغاني مثل اللباس الذي تظهر به، أو تختفي به على الأصح، نساء المشرق. هذه الصورة النمطية عن الدول الإسلامية لا تزال سائدة عن بعض مواطني العالم الجديد رغم ثورة الاتصال. فالذين يستقون معلوماتهم من قنوات الأخبار، تغيب عنهم الكثير من الحقائق.
كانت إيفانكا ترامب عندنا، وحتى بعد مغادرتها للمغرب، لا تزال السيدة تحتفظ بحسابها الذي يحظى بملايين المتابعات وآلاف الإحالات يوميا، على صور جميلة مع نساء مناضلات ومكافحات وبسيطات، يصارعن الحياة، واستطعن الوصول إلى العالم، بعد أن كان ربما أقصى آمالهن أن تتمكن إحداهن من الفوز بموعد قصير مع رئيس الجماعة المحلية لتحاول إقناعه بضرورة استبدال مصباح الإنارة العمومية حتى تستطيع هي وغيرها التوجه إلى الحقول قبل الفجر. فإذا بهن يتناولن العشاء، ويرقصن مع ابنة الرئيس الأمريكي ويتسلمن ملكية أراض لإقامة مشاريعهن الخاصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى