سري للغاية

محمد الأبيض : هذا هو مصدر معلوماتنا من قصر القذافي واللقاءات تمت في روما

حاوره: يونس جنوحي
كيف تطورت الأمور بعد استرجاع السيدة المغربية لطفلها من زوجها الضابط الليبي؟
+حصلت على تنويه، وأمر الملك الراحل الحسن الثاني لي بمكافأة. بالنسبة للسيدة فقد زرتها مرات كثيرة هي وابنها عندما كنت أحل في الرباط سواء لزيارة العائلة أو خلال بعض المهام، لكن الاتصال انقطع للأسف في نهاية السبعينيات تقريبا.

ألم يصدر عن الضابط الليبي أي رد فعل؟
+ كان يحب زوجته وأعتقد أنه لم يكن يريد حرمانها من ابنها. فقد تعرض لضغوط من القذافي لكي يشرد أسرته في محاولة من العقيد لاستفزاز الملك الراحل الحسن الثاني، لكن الحمد لله تمت المهمة بنجاح.
بعد المهمة جاء الجنرال الدليمي إلى روما في زيارة، وكان مهتما بالموضوع الليبي كثيرا، وكان لديه موعد مع شخصيات في المخابرات العسكرية الإيطالية لكي يزودوه بمعلومات عن شخصيات ليبية مهمة كانت تزور إيطاليا.

تقصد أن المخابرات الإيطالية كانت تتعاون مع المغرب؟
+نعم كان هناك تواصل مع الجنرال الدليمي منذ سنة 1973 تقريبا إلى يوم وفاته سنة 1983. كانت إيطاليا تقدم له معلومات في غاية الأهمية.

كيف كانت تتم هذه الاجتماعات؟
+كان هناك جنرال يضرب موعدا مع جنرال إيطالي ودعاه مرة إلى زيارة المغرب وفعلا حلّ ضيفا على الملك الحسن الثاني، وكان هذا الجنرال مديرا للمخابرات العسكرية وقدم لنا معلومات مهمة بتنسيق مع الحكومة الإيطالية بخصوص قضية الصحراء المغربية وتحركات بعض الشخصيات الليبية لتزويد البوليساريو بالسلاح. كان الموضوع وقتها طريا وفعلا كان العقيد القذافي سخيا مع الانفصاليين ويمدهم بالسلاح والأموال وبعض شبابهم كانوا يأتون من فرنسا إلى إيطاليا للحصول على المال الليبي. والمخابرات الإيطالية أعدت لنا لائحة بأسمائهم والمبالغ التي حصلوا عليها.

هل كنت تحضر هذه الاجتماعات؟
+كنت أترك الجنرال الدليمي مع المسؤولين العسكريين الكبار في إيطاليا إذ إن صفتي الدبلوماسية تسمح لي فقط بالتنسيق وترتيب لقاء الجنرال الدليمي معهم. لا أدعي أنني كنت أحضر الاجتماعات لكن الجنرال كان يعطيني تعليمات بمراقبة بعض الأسماء بعد خروجه من الاجتماع، أو يمنحني الأوراق السرية التي حصل عليها لكي أعد تقريرا عنها من الإيطالية إلى الفرنسية وأضعها في الحقيبة الدبلوماسية وأركب الطائرة إلى الرباط لكي أسلمها للإدارة ثم أعود أدراجي إلى إيطاليا.

كنت تنسق مع الجنرال الدليمي بشكل مباشر في الموضوع؟
+لا. كان يأمرني بالتواصل مع موظفيه. خصوصا بعد رحيل الجنرال أوفقير وتقوي دوره في الدولة. بخصوص موضوع المعارضين والشخصيات الليبية كنت أنسق مع الراحل عبد اللطيف العلوي المدغري رحمه الله. وكان هذا الأخير ينوه بي كثيرا للجنرال الدليمي.
عندما توفي رحمه الله بكى الجنرال الدليمي في جنازته وقال، بحضور شخصيات مهمة من جهاز «لادجيد» وقتها، إن أسرار الدولة دُفنت مع هذا الرجل، ويقصد سي عبد اللطيف.

وكيف كان وضعك الإداري وقتها؟
+إداريا كنت أعمل في السفارة المغربية في روما مسؤولا عن الشؤون الاجتماعية. وكان سفير المغرب وقتها في روما هو محمد الحلو.
بالإضافة إلى أنني كنت رئيس ودادية العمال المغاربة ما بين سنتي 1973 و1975. وهذا الموضوع جاء على خلفية تعاوني مع رجال الجنرال الدليمي لمراقبة تحركات الجزائريين والتجار المغاربة أيضا في الأراضي الإيطالية.
وهذا الأمر خلق لي مشاكل في السفارة. كان هناك تجاذب للمصالح، والجنرال الدليمي كان يأمر بأن أستمر في عملي لصالح «لادجيد» وقبلها لصالح مكتبه ويوجه تقاريري لصندوق الدفاع الذي كان يترأسه الملك الحسن الثاني شخصيا.
كانت هناك جالية مغربية مهمة في إيطاليا وقد كان يتعاون معي عدد من شبان الدار البيضاء، كمخبرين حيث يراقبون بدورهم هناك تحركات الجزائريين والليبيين ويزودونني بها، وأنقلها في التقارير.

ما هي أهم هذه المعلومات؟
+كان هناك طبيب ليبي كنا نلقبه في التقارير بأبي فؤاد. هذا الأخير كان يزودنا بمعلومات مهمة من قلب قصر العقيد القذافي. وكان الجنرال الدليمي يوصي دائما بمراقبة هذا الأخير وإكرامه بالمال لكي يستمر في التعاون معنا.

يعني أنه كان عميلا مزدوجا؟
+لا. كانت تحذوه رغبة شديدة للانتقام من العقيد القذافي لأنه يقيد تحركاته في ليبيا ولا يدعه يتحرك بحرية رغم أنه كان طبيبا. إذ كان يخبرني عندما ألتقيه أن القذافي يأمره بترك أبنائه وزوجته في ليبيا قبل أن يسافر وعين مراقبين لتحركاتهم. وعندما يعود إلى ليبيا يخبره بأن زوجته وأبناءه مسموح لهم بالسفر خارج ليبيا في العطل فقط إذا بقي هو في ليبيا. ولم يسمح له نهائيا بالسفر مع أسرته إلى الخارج.

بما أنه مراقب كيف كنت تلتقيه؟
+كان اللقاء يتم بشكل سري وبعيدا عن الأعين، وبتنسيق مسبق في أماكن يرتادها التجار المغاربة. كانت هناك مقاه بعيدة عن الأعين، وكنت ألتقيه فيها ويزودني بمعلومات عن تحركات القذافي ودعمه للانفصاليين في الصحراء وأيضا تحركات المعارضين المغاربة وعلاقتهم بالقذافي.

هل التقاه الجنرال الدليمي؟
+لا. كان هذا الرجل مصدري الخاص، غير أن الجنرال كان يسألني عنه كثيرا. لكن وقع أمر مؤسف أنهى تعاونه مع المغرب، فقد طلب مني مرة أن يحصل على الجنسية المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى