حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

مستقبل السلطة الفلسطينية

 

 

مصطفى الفقي

 

يبدو أن جهود الدبلوماسية العربية في العقود الثلاثة الأخيرة قد بدأت تتراجع، ولم يعد هناك ذلك الاهتمام الذي كان يسعى نحو حل حاسم للصراع العربي الإسرائيلي، إذ انتقلنا طواعية إلى مرحلة مختلفة تقوم على إدارة الصراع وليس إيجاد مخرج منه، أو إحداث اختراق فيه، فجهود أبي عمار ورفاقه منذ يناير 1965 قد تبخر بعضها وغاب إشعاعها، بل وانتهى تأثيرها، فمهما قيل عن العقود الماضية، فإننا نزعم أن القضية الفلسطينية كانت تمضي على طريق مختلف يعتمد على الإرادة العربية المشتركة والدور الناجح للدبلوماسية التي كانت تسعى لتحقيق غاياتها وبلوغ أهدافها، وها نحن نشهد الآن محاولات تصفية القضية والانتكاسة التي منيت بها آمال الشعب الفلسطيني، وذلك بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023 الذي كان بدوره نتيجة تلقائية للاحتلال الإسرائيلي، واستمرار ممارساته العدوانية والمواقف الإجرامية والعنصرية والتصرفات الاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني المحارب في شجاعة، والمناضل في صبر، والمقاوم بكل بطولة.

إذ إن ما يجري حاليا هو عملية إجهاض ممنهجة لكل المكاسب والإنجازات التي تحققت لصالح منظمة التحرير الفلسطينية، والتي انبثقت عنها السلطة الفلسطينية، وكان من المفترض وفقا لأوسلو وأخواتها أن تتمكن من قيادة الشعب الفلسطيني نحو إنهاء الاحتلال، وتحقيق الاستقلال الكامل، لذلك بدا دور هذه السلطة ـ وأقول ذلك بكل أسف ـ شاحبا، أو قليل التأثير.

وكنت أتصور أن ما جرى في غزة سوف يكون مناسبة لقيادات فتح لكي تتحرك في حيوية وتضع برنامجا واضحا لأسلوب إدارة الصراع، شريطة ألا يؤثر تمسكها بالثوابت على مرونة الحركة، والقدرة على اختراق المواقف الصعبة والتحديات الجسيمة، فالفلسطينيون والعرب جميعا مستهدفون، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة، فإسرائيل كما أصبح واضحا تسعى لهدم المعبد وتحطيم الآلهة، ووضع شروط جديدة للوجود في المنطقة، فخريطة نتنياهو تشير بوضوح إلى حجم الأطماع والأوهام التي يعيشون فيها، خصوصا أن إسرائيل قد فقدت اليوم جزءا لا بأس به من صورتها الذهنية التي حاولت بناءها في العقود الأخيرة، عندما كانت تتحرك كأنها الحمل الوديع الذي تستهدفه ذئاب العرب من حوله، فإذا الصورة قد تغيرت تماما والآمال التي كانت معقودة عليها قد ضاعت، ولم يعد أمام إسرائيل في المقابل إلا المزيد من العنف والتوحش واستكمال السياسات الإجرامية والعقوبات الجماعية في محاولة حثيثة للقضاء على الوجود الفلسطيني، والإطاحة بطرح الدولة الفلسطينية المستقلة في إطار حل الدولتين الذي اكتسب أرضية جديدة في الآونة الأخيرة، ويكفي تصويت أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا السياق.

فليس من جدال في حقيقة مؤكدة وهي أن إسرائيل التي أضافت إلى سجلها الدامي القتل والعدوان هي ذاتها إسرائيل التي أصبحت منبوذة في جميع المحافل الدولية مرفوضة في التجمعات الإقليمية، لا تفكر في السلام، ولكن تسعى باستمرار إلى تشويه الحقائق في ظل أوهام تتزايد، وأكاذيب تتضاعف، وحروب لا تتوقف، وهنا لا بد أن نبحث بجدية عن الكيان الشرعي الذي يمكن أن يعبر عن الشعب الفلسطيني، ويحظى باعتراف دولي، نعم إننا نبحث بالتأكيد عن السلطة الفلسطينية بمؤسساتها الشرعية ووزرائها المعنيين، وسفاراتها القائمة في عدد كبير من الدول لكي نستمع لصوت يضيف لنا إحساسا بأمل جديد، وذلك حين تتمكن هذه السلطة من جمع الكلمة ورأب الصدع، وتوحيد الصف على كلمة سواء، ويكفيهم الثمن الفادح الذي دفعوه من أطفال غزة وأبنائها الذين عايشوا ظروفا صعبة لم نشهد لها مثيلا من قبل، ولندرك أن الأمل الحقيقي الذي نلتف حوله هو حلم وحدة الكلمة الفلسطينية حين يجتمع الجميع على كلمة، سواء يمكن أن يتحقق بها قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعد سنوات من النضال الطويل والجهاد الذي لم يتوقف، وهذه لحظات فارقة تلطخت فيها أيادي إسرائيل بدماء الشهداء الفلسطينيين وحان الوقت لكي ندرك جميعا أنه لا أمل في المستقبل، إلا بتحقيق الغاية العادلة في دولة فلسطينية مستقلة طال انتظارها وغلا ثمنها وارتفعت التضحيات في سبيلها، من هنا ندعو السلطة الفلسطينية إلى تجديد دمائها، واستعادة شبابها، والمضي في طريق يقربها من النصر مهما كان الثمن، ذلك أن عربدة إسرائيل وجرائم نتنياهو تؤكد الحكمة العربية القائلة (من أمن العقاب أساء الأدب)، لذلك فإننا نشهد تحولات خطيرة في المنطقة.

ولن يقف الأمر في الأيام القادمة عند حدود القضية الفلسطينية، بل يتجاوز ذلك إلى أطروحات جادة تستقدم موقفا عربيا يستمد قوته من تراث الأمة وصلابة الشعب، فالقضية الفلسطينية لن تنتهي، كما أن صوت الحق والعدل سوف يظل عاليا، مهما كانت التضحيات، ومهما بقيت جرائم إسرائيل فوق الأرض العربية.

 

 

نافذة:

ليس من جدال في أن إسرائيل التي أضافت إلى سجلها الدامي القتل والعدوان وهي ذاتها إسرائيل التي أصبحت منبوذة في المحافل الدولية لا تفكر في السلام

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى