شوف تشوف

الافتتاحية

معاول تخريب المصالحة

أطلقت الصحافة الجزائرية معاولها لتخريب دعوة اليد الممدودة وطي صفحة الماضي التي أعلن عنها الملك محمد السادس خلال خطاب العرش الأخير. في الحقيقة لم نكن نتوقع أن يتم التفاعل الإيجابي في حينه مع المبادرة الملكية، فالجرأة التي تحدث بها رئيس الدولة المغربية، بلا شك، فاجأت الدائرة الضيقة من الحاكمين في الجزائر، وفي الوقت نفسه ألقت في قلوبهم مخاوف، لأنها هدمت أحد الأسس التي تقوم عليها الدعاية السياسية للطغمة العسكرية المبنية على وجود عدو خارجي، لكن لم نكن نتوقع أن يكون الرد الجزائري مواربا وبذيئا وغارقا في الطيش تجاه مبادرة تتوخى إنهاء سنوات طويلة من “الدراما” بين جارين شقيقين، لم نكن نتوقع أن مؤسسات سيادية لدولة ستختفي وراء بلاغ لجمهورية الوهم لم يشر إليها الخطاب الملكي سوى بالجسم الدخيل، أو تتحدث بلسان صحافة مارقة بدل أن تساهم في التقارب بين الشعوب أطلقت العنان لوصف ملك المغرب بأوصاف ونعوت تمتح من قاموس الإساءة لرموز ومؤسسات المغرب دون احترام أي حد أدنى من أخلاقيات المهنة وما تفرضه قوانين الصحافة من حرمة ووقار لرؤساء الدول.
إن الحملات المغرضة التي يقودها إعلام العسكر بعد الخطاب الملكي القوي الذي لاقى ارتياحا في أوساط الرأي العام الجزائري، تعكس مزاج حكام الجزائر، وغياب الإرادة السياسية للوصول إلى مصالحة وتجاوز أخطاء الماضي. إن إصرار المنابر الجزائرية المقربة من قصر المرادية على التحريض ضد شخص ملك المغرب ومبادرته يؤكد أن الجارة الشرقية ليست في مزاج تصالحي ويشير كذلك إلى أنها مستمرة ومصرة في عنادها ونهجها العدائي، وغير مكترثة بالمخاطر الجيوستراتيجية التي تحدق بمنطقتنا.
واذا كان حكام الجزائر يعتقدون أنهم سيكونون الأكثر تضررا من طي صفحة الخلاف بين البلدين ويتعمدون وضع عراقيل كي لا يصل قطار عودة العلاقات إلى محطته النهائية، فهم واهمون بل ويرتكبون جريمة بشعة في حق شعبين لا يستحقان مصير التفرقة لخدمة جسم دخيل على حساب الحقوق التاريخية للجارين.
ومع ذلك، فدعوة جلالة الملك الأشقاء في الجزائر للحوار وعودة مياه العلاقات البينية إلى مجاريها، لن توقفها معاول الهدم الإعلامي المسخر، ولن تخضع للحملة الإعلامية الممنهجة المليئة بالافتراءات والإساءات، ببساطة لأن دعوة الملك محمد السادس نابعة من قناعة راسخة بل وعقيدة صلبة انطلقت مع الرئيس بوتفليقة ولن تنتهي مع مناورات الرئيس تبون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى