
حسن البصري :
يعتقد الكثيرون أن الخلاف بين المغرب والجزائر ناتج عن موقف الجزائر المعادي لقضية الصحراء المغربية، وإصرار حكامها على تجنيد البوليساريو لعرقلة استرجاع المغرب لصحرائه.
لكن التاريخ يكشف عن بؤر نزاع قديمة بين البلدين، منذ أن نالت الجزائر استقلالها، حيث ارتفع مؤشر التوتر ليصل إلى حد المواجهة العسكرية، سيما في حرب الرمال سنة 1963، قبل أن تمتد إلى الدعم العسكري المباشر للبوليساريو.
ويعود النزاع حول الصحراء المغربية إلى عام 1975، بعد انسحاب الاستعمار الإسباني، حيث سيطر المغرب على معظم الأراضي فيما أعلنت البوليساريو حرب العصابات بدعم من الجزائر والجماهيرية الليبية.
حين دخلت القضية نفق الأزمات، أبان المغرب عن رغبة كبيرة في نزع فتيل الحرب، ليعلن الحسن الثاني قبول الاستفتاء في الصحراء، قبل أن يتحول الاستفتاء إلى مقترح عملي يتمثل في الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب. ورغم هذا المقترح ظلت العلاقات بين الرباط والجزائر متوترة، على مدى نصف قرن، أدت إلى إغلاق الحدود منذ عام 1994 وقطع العلاقات الدبلوماسية في 2021.
وقد أظهر المغرب مرونة كبيرة، وأكد على حكم ذاتي لا يخرج الصحراء عن سيادته، مستفيدا من دعم واشنطن لموقفه منذ 2020، حين أعلن ترامب اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء وإقامة الرباط علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، في ظل سعي المملكة إلى تعزيز مكانتها الإقليمية.
على امتداد نصف قرن، من النزاع السياسي بين الجارين، فشلت العديد من محاولات إعادة بناء جسور الثقة بين الشعبين، رغم بوادر النجاح التي ظهرت في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد أو غيره من الرؤساء، قبل أن يظهر عبد المجيد تبون ويضع الخرسانة المسلحة على الجهود الدبلوماسية، ويغلق نوافذه ومجاله الجوي والبحري في وجه كل ما يمت للمغرب بصلة.
“الأخبار” تعيد ترتيب مفاوضات دبلوماسية ولقاءات على أعلى المستويات بين المغرب والجزائر، لم تفض إلى وئام.
عواد.. أول سفير مغربي يفاتح الجزائر في قضية الحدود
ارتبط محمد عواد بالقصر الملكي، وظل من أقرب المستشارين إلى الملك الحسن الثاني. فقد شق طريقه مبكرا ليصبح مقربا من الملك، منذ الأربعينيات، عندما اختاره الراحل محمد الخامس لكي يشغل منصب سكرتير لولي عهده. بعد أن أنهى عواد دراسته الجامعية في فرنسا، عاد إلى المغرب ليمارس التدريس أولا، ومنه سيمر إلى محيط القصر، ليبدأ سكرتيرا ثم سفيرا ويستقر في مكتب المستشار على عهد الحسن الثاني، وهو المنصب الذي بقي فيه إلى آخر أيام حياته.
بعد حصول المغرب على الاستقلال، نزع محمد عواد جلباب المربي وارتدى بذلة السياسي، حيث أصبح سنة 1959 مديرا للديوان الملكي، وهي سنة حرجة في تاريخ المغرب الحديث.
بعد حصول الجزائر على الاستقلال، دعاه الملك على عجل وأخبره بقرار تعيينه أول سفير للمغرب لدى الجزائر، فغادر عواد بلاده عام 1962 كدبلوماسي، وعاش أصعب لحظات الاحتقان، حيث مكث في الجزائر إلى غاية 1965، السنة التي أطيح فيها بأحمد بن بلة، حيث انتقل إلى تونس ليشغل المنصب الدبلوماسي نفسه.
من موقعه كوزير دفاع سابق، أبرق السفير المغربي في الجزائر محمد عواد إلى العاصمة الرباط، ينبه إلى الفوضى والاضطرابات التي كانت تعيشها الجارة الشرقية. ولأنه كان يحظى بتقدير القصر، فقد صارح الملك والتمس منه إرجاء زيارته الأولى للجزائر. لكن الحسن الثاني قرر زيارة الجزائر، باعتباره أول رئيس دولة تطأ قدماه بلاد المليون شهيد مباشرة بعد نيلها الاستقلال، رغم نصائح عواد الذي حل بالرباط وجدد طلب تأجيل الرحلة، ولأنه كان أجرأ مستشار للملك فإن منصبه الدبلوماسي زكى هذا الطرح.
قال الحسن الثاني إن زيارته الرسمية للجزائر جاءت تلبية للدعوة التي وجهها إليه الرئيس بن بلة، ونقلها له وزير خارجية الجزائر آنذاك الخميستي. وكان الملك قد أجل زيارة إلى الولايات المتحدة تلبية لدعوة الرئيس الأمريكي، وأعطى الأسبقية لزيارة الجزائر.
توجه الملك الراحل الحسن الثاني، ما بين 13 و15 مارس من سنة 1963، إلى الجزائر في إطار زيارة رسمية استغرقت ثلاثة أيام، والتقى خلالها برئيس الوزراء الجزائري أحمد بن بلة، وتباحثا بالخصوص في مشكلة الحدود، وفي مساء كل يوم كان عواد يجالس الملك ويقدم له ردود الفعل الجزائرية وما تقوله الصحف عن الزيارة، سيما بعد أن طفا مشكل ترسيم الحدود بين البلدين، على سطح جلسات الحوار بين زعيمي البلدين. وبعد ستة أشهر من هذه الزيارة، كان البلدان على موعد مع أول مواجهة مسلحة بينهما.
الرسالة الأخيرة من بومدين للحسن الثاني
في شهر دجنبر 1978، دخل الرئيس الجزائري بومدين مرحلة حرجة، على المستوى الصحي، حيث توقفت قدرته على التركيز، وفي نهاية الشهر ذاته، وافته المنية.
ورجح محيي الدين عميمور، مستشار الرئيس الجزائري، أن المذكرات التي كتبها الرئيس، وهو على فراش المرض في روسيا، لا تزال محفوظة إلى اليوم، ضمن ملفات الرئيس الشاذلي بن جديد، مشيرا إلى أنه قرأ فيها أسماء مسؤولين كان ينوي إحالتهم على التقاعد، وأن الراحل علق آمالا على مؤتمر الحزب لتحميل كل طرف مسؤوليته.
قبل وفاته، كلف الرئيس الجزائري مستشاره بإيصال رسالة إلى الملك الحسن الثاني، وهي آخر رسالة بعث بها ردا على رسالة الملك، كما ورد في مجلة “الصياد” اللبنانية، التي نشرتها بتاريخ 15/12/1978، علما بأنها أرسلت ـ حسب المجلة ـ بتاريخ 21 أكتوبر 1978، وهي رسالة مثيرة للدهشة لجهة ما جاء فيها، وسبق أن نشرت في كتاب “اغتيال بومدين: الوهم والحقيقة” لخالد عمر بن قاقه، وجاء فيها:
“صاحب الجلالة..
تسمحون لي يقينا بأن أرثي هنا للدبلوماسية العلنية، التي تبدو وكأنها اليوم قد طغت على الدبلوماسية التقليدية، وها أنا ذا أجد نفسي مضطرا للجوء إليها بدوري. ولقد كنت أود كذلك تماما كما تمنيتموه أن أستأنف الاتصال بكم، وما من شك في أن الحوار المباشر كان من الممكن أن يكون أفضل، ولكن هل يمكن تصور مثل هذا الحوار، بعد المواقف التي اتخذها كل منا مؤخرا، بشأن القضية الفلسطينية وامتداداتها على الشرق الأوسط والأمة العربية؟
ومع ذلك، فباستطاعتي أن أؤكد لكم منذ الآن أن الجزائر لن تتأخر أمام أي مجهود لتقديم مساهمتها المتواضعة، في البحث عن سلام عادل بين المتحاربين في النزاع الدائر حاليا بالصحراء.
ومرة أخرى ألاحظ، للأسف، من خلال رسالتكم أن التأكيدات تتسم بالقطيعة وأن الاتهامات الموجهة للجزائر أخطر منها، وكنت أشعر بوقع المفاجأة لولا أثر التعود ولولا الحصانة التي يوفرها هذا التعود، على أني أود أن لا أسمح لنفسي بالاعتقاد في كون الانتهاكات المتكررة المزعومة للحدود المغربية من قبل الجيش الوطني الشعبي ليس لها من غاية سوى تبرير عدوان مبيت على بلدي.
ومع ذلك فقد استطاع جلالتكم وأنا بالذات أن نرتفع بسياسة بلدينا طيلة سنوات عشر إلى مستوى التطلعات الطبيعية لشعبينا، اللذين تربطهما ـ كما تعلمون ـ روابط أقوى من التطلبات الحتمية، التي يقتضيها مجرى الحوار، وفي تلك الفترة عرفت منطقتنا عهدا من الازدهار، كما استطعنا رغم المحن والشدائد المحلية والعربية أن نعمل معا يدا في يد وأن نسهم مساهمة حقيقة في تحرير شعوب قارتنا والعالم العربي وفي ترقية العالم الثالث على المسرح الدولي”.
بوطالب.. المستشار الملكي الأكثر سفرا إلى الجزائر
يعد المستشار الملكي الراحل عبد الهادي بوطالب من أكثر موفدي الملك ترددا على الجزائر، بأكثر من صفة وزارية. ففي أول زيارة للملك الحسن الثاني إلى الجزائر، عقب حصولها على الاستقلال، وتحديدا في مارس 1963، تم تأويل مساعدة المغرب للبلد حديث الاستقلال، على نحو آخر. روى عبد الهادي بوطالب، في حوارات “نصف قرن تحت مجهر السياسة”، خص بها صحيفة “الشرق الأوسط” قبل رحيله، تفاصيل الاجتماع والأجواء الباردة التي ميزته وانقباض الرئيس بن بلة.
يقول بوطالب: “رافقته بوصفي وزير الإعلام والشباب والرياضة. وأتاحت لي هذه المرافقة أن أتعرف على الجزائر لأول مرة. أعد الملك الحسن الثاني كل ما يلزم لتعكس زيارته مشاعر المودة والأخوة والتعاطف المتأصلة بين شعبي المغرب والجزائر، وحرص على أن يحس القادة الجزائريون بدفء حرارة العواطف المخلصة التي يكنها لهم ملك المغرب، ففجر منها شحنات دافقة بالعطف، وأطلق للإعراب عنها يده سخية مِعطاءة حيث حمل معه متنوع الهدايا، وكان من بينها 23 سيارة مرسيدس من النوع الكبير جاءت من مصانعها بألمانيا إلى المغرب ليلة الزيارة، فوضعها في خدمة الوزراء الجزائريين الثلاثة والعشرين الذين كانوا يشكلون حكومة بن بلة.
تقبل الرئيس الجزائري الهدية على مضض، “لم يضحك بنبلة قط ولا ابتسم، إلا مرة واحدة خلال لقاء لم يحضره الملك الحسن الثاني تحلَق فيه حوله الوفد المغربي والوفد الجزائري في جلسة استراحة واسترخاء، حين بادر عبد الكريم الخطيب وزير الدولة في الشؤون الإفريقية، الذي رافق الملك، إلى ارتجال نكتة حين قال: “ألا تفكرون فخامة الرئيس في إدخال تعديل على حكومتكم أعتبره منطقيا، إذ به تضعون الرجل الصالح في المكان الصالح، فتسندون وزارة تربية المواشي إلى الوزير بومعزة، ووزارة التموين إلى الوزير بوخبزة، وتضعون الوزير بومنجل في وزارة الفلاحة، والوزير بوتفليقة على رأس الأمن. وكانوا جميعهم على رأس وزارات أخرى. فتوزعت مشاعر الرئيس، بين كبح الغضب وفهم بلاغة النكتة، فاحمر وجهه، وتزحزحت شفتاه في مشروع ابتسامة لم تقو على شق طريقها”.
السنوسي: بومدين تلقى خبر المسيرة بانزعاج
راهنت مديرية الشؤون العامة بوزارة الداخلية المغربية على إنجاح المسيرة الخضراء واستنفرت لهذه الغاية كل إمكانياتها البشرية واللوجستيكية، كما اخترقت المنظومة الدبلوماسية التي عملت على تنفيذ تعليمات الملك بحذر وتكتم شديدين، بعد أداء القسم أمام الملك على عدم إفشاء سر الزحف السلمي، “خاصة في مواجهة الجزائر بوزير خارجيتها الداهية عبد العزيز بوتفليقة”، على حد قول لحسن بروكسي. وعاش أحمد السنوسي سفير المغرب في الجزائر حالة استنفار قصوى، بل إن الوزير أحمد باحنيني زار الجزائر والتقى رفقة السفير بالرئيس الجزائري الهواري بومدين وأشعراه بعزم المغرب على الزحف السلمي نحو الصحراء. “رافقت الحاج باحنيني ولاحظت أن الجزائريين استقبلوا قرار المسيرة الخضراء بـ”الزعف”، إذ غضب منا الرئيس بومدين، كان عنيفا وتساءل كيف ستواجهون 350 ألف نسمة نحو الصحراء؟ وبأي طريقة؟ وما معنى ذلك؟ فقلنا له إن كل الترتيبات تم اتخاذها والاستراتيجية مدروسة ونحن متيقنون بأن المسيرة ستمر في أحسن الظروف”. لكن الجزائريين لم يكونوا متحمسين لقرار المسيرة الخضراء.
وتحدث الصحافي الفرنسي، جون دانييل، مدير مجلة “لونوفيل أو بسرفاتور”، عن قلق الجزائر من موفدي الملك الحسن الثاني، وعن الفترة الحرجة في العلاقات المغربية الجزائرية، وهو الذي كان بصدد إجراء حوار مع بومدين، في نفس اللحظة التي كان فيها الحسن الثاني يعطي إشارة انطلاق المسيرة الخضراء، “لم يكن بومدين يخفي غضبه دون أن يظهره بشكل حاد. كان متحكما في نفسه إلى أن ظهر الحسن الثاني على الشاشة وهو يلقي الخطاب، تغيرت ملامح بومدين وامتزجت على وجهه ابتسامة عصبية بتوتر شديد”.
البصري يستقبل استقبال الزعماء في الجزائر
لم يتردد المغرب، على لسان وزيره الأول عبد اللطيف الفيلالي، في طلب تجميد اتحاد المغرب العربي. وهو القرار الذي انتقده الكاتب الأوّل لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عبد الرحمان اليوسفي، في افتتاحية له بجريدة الحزب. وكان يبدو أن عبد العزيز بوتفليقة هو المرشح الأوفر حظا في انتخابات 1999 الرئاسية بالنسبة للرباط.
في 15 أبريل 1999، انتخب بوتفليقة رئيسا للجزائر، وفي المساء ذاته سيعرض التلفزيون الجزائري مسرحية فيها إساءة للمغرب، وفي اليوم الموالي، سيعبر المغرب من خلال سفيره عبد الرزاق الدغمي عن احتجاجه الشديد، وعلى الفور سيبعث الرئيس الجزائري برقية كلها مدح في الملك الحسن الثاني. بعدها تم استقبال إدريس البصري، وزير الداخلية آنذاك، استقبالا كبيرا في الجزائر، إذ تحرك في موكب نادرا ما يخصص للوزراء. وفي جلسات الحوار، تم الاتفاق على تذويب جليد الخلاف وإعادة الروح إلى الهيئات المجمدة. غير أن القدر قال كلمته، وتوفي الحسن الثاني ملك المغرب، فحضر بوتفليقة مراسيم تشييع جنازته، وأعلنت الجزائر الحداد على من كانت تعتبره عدوا لها. وقال بوتفليقة، في حوار له مع صحيفة “الشرق الأوسط، خلال حضوره جنازة الحسن الثاني، كلاما مؤثرا في حق الراحل وأشاد بقدرات محمد السادس، معربا عن استعداده لطي صفحة الخلاف، لكن بوتفليقة سيموت تاركا ملف النزاع فوق “مشواة” النظام العسكري.
الراضي وبوتفليقة.. بين كلام المؤتمر وكلام الفندق
يروي صحافي مغربي سافر رفقة وفد برلماني من الغرفتين، برئاسة عبد الواحد الراضي رئيس مجلس النواب، خلال انعقاد الدورة 35 لمجلس الاتحاد البرلماني العربي، والمؤتمر التاسع للاتحاد ما بين 19 و22 فبراير 2000 بالجزائر.
خلال انعقاد المؤتمر التاسع لاتحاد البرلماني العربي، الذي ترأسه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، خصص جزء من خطابه للتهجم على المغرب وإهانته. “ما أقلقني كثيرا أن كلامه كان في حضور الوفد المغربي، فكنت متوترا وفقدت السيطرة على أعصابي وتساءلت في قرارة نفسي، لماذا لم يحتج أو ينسحب الوفد المغربي؟”.
وفي مساء ذلك اليوم، تم استقبال عبد الواحد الراضي من طرف رئيس الجمهورية بنفس الفندق، الذي تقيم فيه البعثات البرلمانية. كان هناك استقبال حار بحيث سبق الرئيس الراضي لمكان الاجتماع وحصل عناق حار، ورفع الرئيس يد الراضي وهو يشير بعلامة النصر.
“التفت إلى المرافق العسكري وقلت له: هل تعرف ماذا نسمي هذا التصرف عندنا في المغرب، قال لي ماذا: قلت له: “كيخاصمني فالحومة، ويصالحني فالظلمة”، لأن مثل هذا التصرف كان يجب أن يكون صباحا خلال انعقاد المؤتمر.
وفي نفس سنة 2000 اجتمع رئيس مجلس الأمة الجزائري الغرفة الثانية في البرلمان، البشير بومعزة، مع السفير المغربي عبد الرزاق الدغمي. وقالت الصحافة الجزائرية إن الجانبين عرضا العلاقات الثنائية “وسبل تعزيز التعاون النيابي بين مؤسسات البلدين”. وكان هذا الاجتماع هو الثاني الذي يعقده السفير المغربي مع مسؤولين جزائريين في ظرف وجيز، سلم الدبلوماسي المغربي رسالة من وزير الداخلية المغربي أحمد الميداوي إلى نظيره الجزائري يزيد الزرهوني، ركزت على تأكيد مشاركة المغرب في اجتماع وزراء الداخلية العرب الذي كانت الجزائر تستعد لاستضافته.
وقالت مصادر جزائرية إن هناك اتجاها لمعاودة تفعيل الحوار بين البلدين، في الإطار المغاربي، على رغم تفويت فرصة انعقاد القمة المغاربية. وقالت مصادر مغاربية في الرباط إن الجماهيرية الليبية عينت مسؤولين جددا في الاتحاد المغاربي، في مقدمهم الدبلوماسي نور الحميدي مندوبها السابق لدى الاتحاد، واعتبر ذلك إشارة إلى الحرص على تنشيط مؤسسات الاتحاد التي يعتريها الجمود منذ فترة طويلة.
بوعلام.. دبلوماسي جزائري فتح نوافذه على المغرب
كانت علاقة بوعلام، سفير الجزائر في الرباط، بالمحيط السياسي المغربي جيدة، خلافا لما كان متوقعا. وحسب كتاب “بوعلام بسايح.. عشر سنوات الدبلوماسي والسياسي والمثقف”، يروي الدبلوماسي إبراهيم رماني، بعض تفاصيلها، ويؤكد أنه غير الكثير من مواقفه ومن الصور التي كان يحملها عن كثير من السياسيين المغاربة، وبعض الأحداث التي كانت تسكن مفكرته بشكل خاطئ، كقضية اختطاف الطائرة التي كان على متنها بعض القادة الجزائريين، إذ تبين له زيف ما كتب سابقا. كما نقل مواقف السفير من “البصريين” إدريس والفقيه، حيث أكد أن لكل منهما دوره في الدفاع عن المغرب، خلافا للصورة التي حملها الجزائريون عن إدريس، الذي لم يكن عدوا للمغرب.
وأشار إبراهيم رماني إلى أن بوعلام بسايح كان واعيا بأهمية كتابة مذكراته، وشرح علاقاته مع رجالات المغرب، “لكنه مات دون أن يسجل شهادته في الكثير من الأمور التي كان شاهدا عليها”.
أما السفير الجزائري عبد الحميد مهري فكانت له لقاءات عديدة مع وزير الداخلية، ففي سنة 1990 تقرر الاستعانة بالخبرات المغربية التي أنجزت مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، فتشكلت لجنة رسمية توجهت إلى سفير الجزائر بالمغرب الذي ربط الاتصال بالقصر طالبا المساعدة.
بادر عبد الحميد مهري، سفير الجزائر في المغرب، إلى عرض المشكلة على إدريس البصري، وزير الداخلية، في فترة كانت فيها الجزائر تعيش تطورات سياسية واجتماعية مثيرة فتحت باب التعددية الحزبية والاعلامية. عرض البصري المقترح على الملك الحسن الثاني، الذي وافق على الطلب وتعهد للرئيس الشاذلي بن جديد بوضع الخبرات المغربية المكتسبة من مسجد الحسن الثاني رهن إشارة الأشقاء الجزائريين، وقبل إتمام المفاوضات حول المسجد دعي السفير من طرف المسؤولين ليتقلد مهاما سياسية أخرى ويعوضه محمد سحنون أحد رجالات الثورة الجزائرية، الذي أكمل الملف.
عبد الخالق يرفض حضور اجتماع مع وزير خارجية الجزائر
كشف حسن عبد الخالق، السفير المغربي السابق في الجزائر، والذي عايش تاريخ 24 غشت 2021 يوم إعلان الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، في حوار صحفي على “ميد راديو” عن تفاصيل هذا اليوم المؤثر في تاريخ العلاقات بين البلدين: “في هذا اليوم تم الاتصال بي في الساعة الـ11 على أساس أن لي موعدا مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة على الساعة الرابعة، ثم في الساعة الثانية تم الاتصال بي مجددا على أساس موعد الرابعة أصبح السادسة تأجل الموعد لساعتين”.
وتابع السفير: “لكن في نفس اليوم علمت أن وزير الخارجية الجزائري سيعقد ندوة حول العلاقات المغربية الجزائري، في ندوته الصحفية ادعى ما ادعى وسرد من مزاعم النظام ما سرد ليختمها بالقرار الجزائري بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب فورا”.
وأكد الدبلوماسي المغربي أنه أمام هذه الندوة لم تعد للاجتماع بالوزير أهمية تذكر، “لم أذهب إلى هذا الموعد، وأعلنت رفضي حضور اجتماع حسم موضوعه سلفا”، أخذنا الاستعدادات من جانبنا للعودة إلى المغرب وكذلك كان ولم يطلب مني أي شخص المغادرة أو أعطاني مهلة.
وسبق للرئيس الجزائري عبد القادر بن صالح أن التقى سفير المملكة المغربية بالجزائر حسن عبد الخالق، بمقر رئاسة الجمهورية بالجزائر العاصمة، وأفادت وكالة الأنباء الجزائرية، بأن السفير حسن عبد الخالق، قد نقل لعبد القادر بن صالح “تحيات وتقدير الملك محمد السادس وحرصه على توطيد العلاقات بين البلدين الشقيقين في ظل الثقة والتضامن وحسن الجوار في جميع المجالات وكذا تعزيز سنة التنسيق والتشاور بين البلدين الشقيقين لرفع التحديات الإقليمية والدولية”.
في درس افتتاحي بمقر حزب الاستقلال، تناول موضوع “الإعلام وقضية المقاطعة”، أوضح عبد الخالق أن “الإعلام الجزائري يروج للأطروحة الرسمية التي تحرف قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الصحراء”. واتهم السفير المغربي السابق في الجزائر النظام الجزائري بـ”شن حرب إعلامية” على المغرب، مستعينا بوسائل متعددة جعلت من قضية الصحراء قضية وطنية جزائرية.
وأشار عبد الخالق إلى أن الآلة الإعلامية الجزائرية “تروج لأكاذيب حول استغلال الثروات الطبيعية في الصحراء”، موضحا أن “الواقع هو أن الملك يقود ثورة تنموية كبيرة في الأقاليم الجنوبية”. كما شدد السفير السابق على أن “النظام الجزائري يوزع بسخاء ميزانية ضخمة على الصحف الرقمية في بلاده فقط لتصريف العداء ضد المغرب”.
بنسليمان يفتح ملف المطرودين من الجزائر مع الجزائريين
دخل عبد القادر بنسليمان عالم الدبلوماسية حين عينه الحسن الثاني سفيرا لدى المجموعة الأوربية ببروكسيل البلجيكية، وسفيرا ببون الألمانية، ثم سفيرا بالجزائر في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وأخيرا بتونس.
وحسب بعض الكتابات، التي رصدت سيرة ابن “الرماني”، فإن تعيين عبد القادر بنسليمان كسفير في بعض البلدان، يأتي لحل الأزمات، لهذا اختاره الراحل الملك الحسن الثاني سفيرا بالجزائر، على خلفية التوتر الذي ساد العلاقات المغربية الجزائرية آنذاك. وتميزت تجربته في الجزائر بالانفتاح على كل مكونات الدولة والمجتمع الجزائريين، ولم تكن إقامته تخلو من منتديات مستمرة. وقد كان في وسعه أن يتوج مساره هناك بحدوث انفراج كبير في علاقات البلدين الجارين، لولا أن الفرق بين الرغبة والقدرة كان كبيرا. فقد كانت الأمور قد وصلت إلى مرحلة تكاد لا تقبل العودة إلى الوراء. ويسجل له أنه اهتم كثيرا برصد مخلفات عملية طرد عشرات الآلاف من المواطنين المغاربة، الذين كانوا يقيمون بالجزائر، وسخر جهده من أجل الإلمام بكل جوانب هذا الملف.
عين بنسليمان رئيسا مديرا عاما للبنك الوطني للإنماء الاقتصادي سنة 1978. كما تولى رئاسة اللجنة المكلفة بشؤون المغرب العربي بتونس. وعينه الملك الراحل الحسن الثاني، بتاريخ 20 نونبر سنة 1974، وزير التجارة والصناعة والمناجم والملاحة التجارية في الحكومة الرابعة عشرة التي ترأسها أحمد عصمان، واستمر وزيرا إلى حدود يوم 25 أبريل سنة 1974. ثم عين وزيرا للمالية إثر التعديل الحكومي لسنة 1974، واستمر في هذا المنصب إلى سنة 1977. وفي سنة 1991، تقلد منصب وزير للسياحة. وقد ترك هذا المنصب ليحضر الانتخابات التشريعية لسنة 1993.
ولد السفير والوزير المتخصص في الاقتصاد والتدبير عبد القادر بنسليمان بمدينة الرماني في يوم 22 فبراير سنة 1932. وبعد أن أنهى تعليمه الأولي بمسقط رأسه، ثم دراسته الثانوية بالرباط، التحق بمدينة تولوز الفرنسية، حيث حصل هناك سنة 1957 على شهادة الإجازة في الحقوق.
العثماني: اجتمعت مع وزير خارجية الجزائر ولم نتحدث في موضوع الصحراء
في شهر يوليوز 2015، استقبل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بإقامة جنان المفتي بالجزائر العاصمة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي سعد الدين العثماني. وكان العثماني مرفوقا خلال هذا الاستقبال بسفير المغرب لدى الجزائر، عبد الله بلقزيز، فيما حضر الموعد أيضا وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي.
وسيعود العثماني إلى الجزائر، حيث تم استقباله من طرف وزير الخارجية لعمامرة، الذي نظم للوفد المغربي حفل غذاء بأمر من الوزير الأول عبد المالك سلال، “تكلمنا في كل المواضيع باستثناء المواضيع المحرجة كالصحراء وفتح الحدود بين المغرب والجزائر”. هكذا تحدث سعد الدين العثماني، وزير الخارجية السابق عن رحلته إلى الجزائر، في لقاء يوم الجمعة 12 فبراير 2016، لدى استضافته من طرف الإذاعة الوطنية في برنامج “نقطة إلى السطر”، الذي تعده الزميلة صباح بنداوود.
العثماني كان يتحدث عقب عودته من الجزائر، بعد أن شارك في أربعينية الزعيم الجزائري الحسين آيت أحمد، وهي الزيارة التي كان فيها المقاوم الحسين ايت أحمد والقائد الاتحادي محمد اليازغي.





