
محمد اليوبي
أفاد التقرير السنوي للوكالة القضائية للمملكة، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، بأن الوكالة تمكنت، خلال سنة 2024، من استرجاع مبالغ تفوق 54 مليار سنتيم من الأموال المختلسة وصوائر الدولة، مقابل ذلك سجلت الوكالة ارتفاعا كبيرا في الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة والتي كبدت الخزينة ما يناهز 384 مليار سنتيم.
استرداد الأموال العمومية
أفاد التقرير بأنه، في إطار مهامها في مجال حماية المال العام وصون الحقوق المالية للدولة، تعمل الوكالة القضائية للمملكة على استرداد الأموال العمومية، سواء عن طريق تقديم المطالب المدنية في قضايا الجرائم المالية أو عن طريق تقديم دعاوى لاسترداد الأموال المستحقة قانونا لفائدة الدولة، تمكنت الوكالة القضائية للمملكة برسم سنة 2024، من استصدار أحكام قضائية تهم قضايا الأموال المختلسة وصوائر الدولة، بمبلغ إجمالي يناهز 540,34 مليون
درهم.
وأوضح التقرير أن الوكالة القضائية للمملكة تُمارس حقها في تقديم المطالب المدنية نيابة عن الدولة المغربية أمام المحاكم الزجرية في قضايا الجرائم المالية، بهدف استرجاع المبالغ المختلسة أو المبددة، ونتج عن مباشرة هذه الإجراءات خلال سنة 2024 استصدار أحكام لفائدة الدولة قضت باسترجاع مبالغ مالية قدرت بحوالي 533 مليون درهم مقابل 73,7 مليون درهم سنة 2023.
وتتولى الوكالة مهمة استرجاع الصوائر التي صرفتها الدولة لموظفيها في إطار الفصلين 28 و32 من قانوني المعاشات المدنية والعسكرية، من خلال ممارسة حق الحلول محل هؤلاء الموظفين المتضررين، سيما في قضايا حوادث السير، بغرض استرجاع المبالغ المؤداة من المسؤول عن الضرر أو من شركات التأمين.
وتوصلت الوكالة، خلال سنة 2024، بما يناهز 870 قضية جديدة، تهم استرجاع الصوائر في حدود مسؤولية الغير عن الفعل المسبب للضرر، وبالخصوص الأجور المصروفة لموظفي الدولة خلال مدة عجزهم الكلي أو المؤقت طبقا للنظام الأساسي للوظيفة العمومية، ورواتب الزمانة أو رأسمال الوفاة المرصود لذويهم في حالة وفاتهم بسبب الحادثة حسب ما هو منصوص عليه بقانون المعاشات سواء المدنية أو العسكرية.
وعملت الوكالة القضائية للمملكة، خلال السنة نفسها، على استصدار أحكام قضائية لفائدة الدولة قضت بأحقيتها في استرجاع مبلغ مالي يناهز 2,31 مليون درهم وتحويل مبلغ 3,6 ملايين درهم في إطار المساطر القانونية الودية والقضائية التي دأبت المؤسسة على تتبعها مع شركات التأمين بصفتها مؤمنة للغير.
وأشار التقرير إلى أن مجموع الأموال المسترجعة برسم سنة 2024 والتي تم تحويلها لخزينة الدولة في إطار مختلف المساطر التي باشرتها الوكالة القضائية للمملكة في قضايا الجرائم المالية، وصوائر الدولة والتعويض عن احتلال المساكن الإدارية والوظيفية، بلغت ما يناهز 8,94 مليون درهم. ومن جهة أخرى، بلغت الأحكام القضائية التي توصلت بها الوكالة القضائية للمملكة خلال سنة 2024 ما مجموعه 8.963 حكما صادرا عن مختلف محاكم المملكة، في قضايا كانت طرفا أساسيا فيها أو نائبا، بارتفاع طفيف مقارنة بسنة 2023 التي عرفت صدور 8716 حكما قضائيا، وتم تبليغ هذه الأحكام إما مباشرة عبر المحاكم في إطار مساطر تبليغ الأحكام والقرارات القضائية، أو عن طريق شركاء الوكالة القضائية ومصالح رئاسة الحكومة.
وصدرت مجموعة من هذه الأحكام في قضايا يطالب أصحابها الدولة المغربية بتعويضات مالية مهمة تقدر بحوالي 10,04 مليارات درهم، في حين وصلت المبالغ المحكوم بها حوالي 3,84 مليارات درهم، أي بفارق قدره حوالي 6,19 مليارات درهم وفرتها الوكالة لفائدة خزينة الدولة، وهو ما يعني تفادي الدولة لأداء ما يقارب 62 بالمئة من المطالب المالية المقدمة ضدها.
قضايا المسؤولية الإدارية.. نتائج إيجابية
كشف التقرير أن الوكالة القضائية حققت نتائج إيجابية في عدد كبير من القضايا ذات الطابع المالي المرتفع، حيث أن عدد المبالغ المطالب بها في قضايا المسؤولية الإدارية، أي في قضايا المسؤولية العقدية وقضايا المسؤولية التقصيرية مجتمعة لسنة 2024، وصل إلى حوالي 8,51 مليارات درهم وعدد المبالغ المحكوم بها 2,87 مليار درهم، أي بفارق يقدر بحوالي 5,64 مليارات درهم. وبذلك، تكون المبالغ المحكوم بها لا تمثل سوى 33,7 بالمئة من مجموع المبالغ المطالب بها، وتعكس هذه المعطيات قدرة الوكالة القضائية على التحكم في الكلفة المالية للمنازعات والحد من تبعاتها المحتملة على مالية الدولة.
وأبرز التقرير أنه، بالرجوع إلى الفترة الممتدة ما بين 2020 و2024، يتضح أن الوكالة القضائية للمملكة وشركاءها تمكنوا من توفير مبالغ مهمة لخزينة الدولة بلغت 21,62 مليار درهم.
وأفاد التقرير بأن عدد القضايا الجديدة التي توصلت بها الوكالة القضائية للمملكة خلال سنة 2024، سواء من طرف المحاكم، أو مصالح رئاسة الحكومة أو مختلف الشركاء من الإدارات العمومية، بلغ بما مجموعه 21.218 قضية جديدة، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 15 بالمئة مقارنة بسنة 2023، التي عرفت تسجيل 18.395 قضية.
وحسب التقرير، فإن هذه المؤشرات تظهر أن المنازعات الإدارية برسم سنة 2024 لا زالت تمثل النسبة الأكبر ضمن القضايا التي تتكفل بها الوكالة القضائية، بما مجموعه 12.308 قضية (حوالي 58 بالمئة من الإجمالي). وأبرز التقرير أن هناك نوعا من الاستقرار في حجم هذا النوع من القضايا خلال السنوات الأخيرة، بحيث استقر الرقم خلال الثلاث سنوات الأخيرة حول إجمالي يقدر بـ12000 قضية، رغم ما تعرفه البلاد في الفترة الراهنة من دينامية اقتصادية وتنفيذ الدولة لمجموعة من المشاريع الكبرى، وهو ما يمكن تفسيره بالانعكاسات الإيجابية لجهود الوقاية من المنازعات ووعي الإدارات العمومية بضرورة التقيد بالمشروعية.
أما المنازعات المعروضة أمام القضاء العادي فتمثل حوالي 38 بالمئة بـ 8.040 قضية من مجموع القضايا الجديدة، وتشمل المنازعات المدنية والجنائية والتجارية، التي تعرف بدورها نوعا من الاستقرار خلال السنوات الخمس الأخيرة، بينما تم تسجيل 870 ملفا في ما يتعلق بالمساطر الحبية بنسبة 4 بالمئة.
وبخصوص توزيع القضايا الجديدة على القطاعات العمومية، تمثل القطاعات الوزارية المصدر الرئيسي للمنازعات، وأشار التقرير إلى أن خمسة قطاعات تستأثر بما يقارب نصف القضايا الجديدة، بنسبة 47 بالمئة أي بما مجموعه 10.099 قضية من أصل 21.218 قضية، وهو ما يؤكد العلاقة بين اتساع نشاط الإدارة وأدوارها وحجم المنازعات المرتبطة بهذا النشاط، حيث أن الأدوار المنوطة بهذه القطاعات وارتباطها بتنفيذ السياسات العمومية وتدبير المرافق والخدمات الأساسية، وتنفيذ المشاريع ذات الصلة بالبنيات التحتية وتقديم الخدمات العمومية تجعلها أكثر عرضة لنشوء المنازعات مقارنة بباقي الشركاء.





