حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسياسيةشوف تشوف

أصدقاء مزيفون

الأوروبيون والغربيون عموما لديهم طريقة ثابتة لتهيئة الظروف المناسبة لتنفيذ ما أطلق عليه “فرانش دوكتر” “بيرنار كوشنير” مؤسس “أطباء بلا حدود” اسم “الحق في التدخل” أو Le Droit d’ingérence.

وهو الحق الذي يعطي لأطراف خارجية حق التدخل في دولة بدون رغبتها بسبب ما تعتبره هذه الأطراف مسا بحقوق الإنسان.

وقبل أن تقرر هذه الأطراف التدخل بالقوة في الدول التي تستهدفها فإن ماكنة متعددة الأذرع تشتغل طيلة سنوات على تلطيخ سمعة البلد المستهدف واستصدار التقارير السوداء حوله وجعل اسمه مرتبطا بالاعتداء على حقوق الإنسان، هكذا عندما يتم اللجوء لاستعمال القوة للتدخل فيه يكون ذلك بالنسبة للرأي العام الدولي تحصيل حاصل.

وقد رأينا هذا يحدث في دول كثيرة مثل العراق التي شنقوا رئيسها وقسموا البلد حسب العرقيات، وليبيا التي اغتالوا رئيسها وسلموه للمسلحين لكي يمثلوا بجثمانه وقسموا البلاد بحسب آبار النفط، وسوريا التي دمروها وهجروا شعبها وشردوه في المنافي، وأفغانستان ودول أمريكا اللاتينية ودول إفريقية اقتحمت القوات الأجنبية غرف نوم الرؤساء لاعتقالهم وهم في لباسهم الداخلي. كل هذا باسم الدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

لا أحد قال إن المغرب جنة ديمقراطية، لكن أن يتم الحكم على بلد بكامله بتهمة عدم احترام حقوق الإنسان بسبب ثلاثة ملفات فهذا أمر يبعث على الشك في النوايا الحقيقية للتصويت الذي حدث في البرلمان الأوروبي ضد المغرب.

ولذلك فمن حقنا أن نشك في أن البرلمان الأوروبي منشغل إلى هذا الحد بحقوق المغاربة ومستقبلهم.

والحقيقة أن كل من يصدق أن المنظمات التي تمولها حكومات الدول ذات الماضي الاستعماري الدموي تسعى من أجل أن تتحقق الديمقراطية في الدول النامية وبلدان العالم الثالث، خصوصًا بلدان العرب والمغرب الكبير وإفريقيا، يجب أن يفهم أن هذه الدول هي آخر من يفكر في مصلحتنا.

كل من يعتقد أن رخاءنا وتقدمنا ومستقبلنا يهم هذه الدول، وأنه من أجل هذا الهدف تعمل منظماتها ليل نهار على كشف عيوب أنظمتنا وتعداد أخطاء حكوماتنا، عليه أن يصحو من نومه الثقيل لكي يرى الحقيقة العارية والتي ليست شيئاً آخر غير أن هذه الدول يهمها شيء واحد فقط هو مصلحتها وليس شيئاً آخر غير مصلحتها.

أما كل تلك المنظمات التي تسلطها هذه القوى على الدول الضعيفة فليست سوى أذرع تلتف حول أعناق الأنظمة والحكومات لكي تخنقها وتجبرها على الخضوع لأطماعها ومنحها كل ما ترغب في نهبه من ثروات والفوز به من صفقات دون منافسة.

كل من يتصور أن الدول القوية وبرلماناتها هي جمعيات للبر والإحسان تسعى لإقامة العدل ونشر الديمقراطية في الدول الضعيفة والفقيرة، عليه أن يفهم أن منطق تلك الدول هو استعمال منظماتها وأذرعها الحقوقية لإخضاع الدول الضعيفة بلي أذرع أنظمتها وحكوماتها من أجل هدف واحد ووحيد هو إخضاعها وابتزازها.

إن دولة كفرنسا مازالت إلى حدود اليوم تعيد جماجم المواطنين الذين قتلتهم إلى بلدانهم، وترفض الاعتذار للشعوب الإفريقية التي استعمرتها ونهبت ثرواتها وذبحت مواطنيها، لا يمكنها أن تعطي الدروس في الديمقراطية وحقوق الإنسان لأي بلد.

إن الذين يتصورون أن هناك عالما مكونا من دول غنية وقوية تفكر في نماء ورخاء ومستقبل عالم مكون من دول فقيرة وضعيفة عليهم أن يتوقفوا عن مغالطة أنفسهم، فالعالم مكان خطير وغابة يأكل فيها القوي الضعيف بلا رحمة ولا مكان فيها للنوايا الحسنة.

متى سيفهم الناس أننا نعيش في عالم تسطو فيه دول على دول لاقتسام حقول نفطها وغازها ونهب مياهها وتشريد مواطنيها. يبدؤون بشيطنة أنظمة الدول المستهدفة بتقارير منظماتهم، يسودون سمعتها في المحافل الدولية، ثم يقربون شرارات النار من حطب الغضب الشعبي اليابس الذي ينمو على هوامش البلد المهملة، وغالبا ما يستعملون أعواد ثقاب محلية، منهم المغامر الباحث عن لعب أدوار البطولة، ومنهم المتهور الجاهل لأبعاد المعركة، ومنهم الحقير الذي تجري دماء الخيانة في عروقه أبا عن جد.

وعندما تستوي الطبخة وتنضج الخطة على نار هادئة تنصب المائدة وتوزع الصحون فوقها بعدد المدعوين للوليمة ويبدأ توزيع البلد إربا إربا، بينما أبناؤه يجلس بعضهم في الركن بانتظار الفتات فيما بعضهم يغادر نحو بلدان الآخرين بحثا عن لقمة مغموسة في الذل.

ومثلما لا نتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان ولا نملي على مواطنيها وحكامها ماذا يجب عليهم أن يصنعوا أو يتركوا فإننا نريد أن يتركنا هؤلاء الغرباء وشأننا وأن لا يفتوا علينا ماذا يجب علينا فعله أو تركه لكي نعجبهم ونروق لهم.

نحن أحرار في بلدنا، ومعركتنا مع الفساد والتخلف والظلم معركتنا نحن ولا أحد له الحق في أن يركب على أعطابنا ونقط ضعفنا لكي ينسف السقف الذي يؤوينا فوق رؤوسنا حتى يخلو له الجو لكي يدخل البيت ويحتله ويطردنا منه.

لقد رأينا ماذا صنعوا ببلدان وشعوب كانت إلى حدود الأمس القريب آمنة مطمئنة، أقنعوا العالم أنها تدار من طرف ديكتاتوريات دموية واستخرجوا حق التدخل فيها بجيوشهم بذريعة الرغبة الصادقة في منح شعوبها حياة أفضل، ثم دكوا مدنها فوق رؤوس مواطنيها وقسموها في ما بين شركاتهم الكبرى.

لا تنخدعوا بالدموع الحارقة التي يذرفونها في صفحات تقارير منظماتهم وبرلماناتهم حسرة على حقوقنا المهضومة، فتلك ليست سوى الدموع التي تذرفها التماسيح عادة لتسهل عملية الهضم عندما تلتهم فريسة دسمة.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى