
مع اقتراب المونديال والمشاريع المهيكلة المرتبطة به، أصبح من واجب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية العمل، أكثر من أي وقت مضى، على تجاوز أعطاب الصحة العمومية، وتوفير كافة الظروف المناسبة لنجاح مشروع تشكيل المجموعة الصحية الترابية لجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، وتعيين مدير لها من قبل الملك باقتراح من رئيس الحكومة في سياق تفعيل إرساء المجموعات الصحية الترابية، حيث تم اختيار جهة الشمال كجهة نموذجية، في أفق تعميم هذه المجموعات على باقي جهات المملكة.
هناك تحديات حقيقية تواجه مشروع المجموعة الصحية الترابية، بسبب أزمة الموارد البشرية وغياب عدد من الاختصاصات، والأعطاب التقنية التي تصيب التجهيزات، وضرورة وضع استراتيجية لصيانتها في أسرع الآجال الممكنة، فضلا عن الحاجة لتجاوز كافة المشاكل والمعيقات التي تتسبب في مشاكل توجيه المرضى والحوامل لمسافات بعيدة، ما يعمق من معاناة الفقراء وذوي الدخل المحدود.
ويجب على وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تدارك تعثر مشاريع مستشفيات عمومية وفتحها في وجه المرضى، فضلا عن تسريع تعميم تأهيل مراكز صحية بالمدارين الحضري والقروي لتجويد الخدمات الصحية، وتفادي الاكتظاظ الذي تشهده أقسام المستعجلات بالمؤسسات الاستشفائية العمومية، والاحتجاج شبه اليومي للمرتفقين وارتباك المواعد الطبية وطول مدتها.
ومن الملفات الحارقة، أمام مدير المجموعة الصحية الترابية بجهة الشمال، اختلالات أقسام الإنعاش والتخدير وغياب تفعيلها بالعديد من المستشفيات الإقليمية، ما يضطر الأطقم الطبية إلى عملية توجيه المرضى لمستشفى سانية الرمل بتطوان، ويتسبب في الاكتظاظ وغياب الجودة في الخدمات، ويستدعي توفير الأطباء المختصين في التخدير والإنعاش لتشغيل أقسام الإنعاش بالمستشفيات الإقليمية بشكل عادي وفق نظام الحراسة.
وتحتاج المرحلة الانتقالية أيضا، التدبير الأمثل للصراعات بين أصوات نقابية ومسؤولين بالمندوبيات الإقليمية، والعودة إلى الجدية في تدبير الملفات المطلبية، مع الصرامة في تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة في كل الاختلالات أو إهمال القيام بالمهام والتهرب من المسؤولية بطرق ملتوية، والاختباء خلف الصالح العام وحق المريض في العلاج لتحقيق أجندات خاصة.
وسيمكن النجاح في التنزيل الأمثل لمشروع المجموعة الصحية الترابية على مستوى الجهة، من منح مؤشرات قوية لتعميم المشروع على المستوى الوطني، لذلك فإن مسؤولية الإدارة تبقى ثقيلة في تحقيق الأهداف المطلوبة، وفق المرونة المطلوبة وتفعيل القانون، وضمان الجودة في الخدمات الصحية، وتدبير الموارد البشرية والسهر على تحقيق المردودية المطلوبة، والمتابعة الدقيقة لقضايا الإهمال الطبي والخطأ الطبي، والتقصير في تقديم العلاجات الضرورية.
إن قطاع الصحة العمومية من الأوراش بالغة الحساسية، لأن المواطن يقيس من خلاله مدى اهتمام مؤسسات الدولة بمعاناته والتخفيف منها، كما أنه ليس هناك أقسى من العجز عن تقديم العلاج والمساعدة لفرد من العائلة يتألم من المرض، وهذا ما يجب أن يأخذه كافة المسؤولين والجهات المعنية بعين الاعتبار، هذا بالإضافة إلى أن الحق في الصحة منصوص عليه في دستور المملكة وأكدت عليه العديد من الخطب الملكية السامية.





