الرئيسيةصحة

العمل عن بعد في زمن «كورونا»…تحديات ونصائح

بقلم كلارا ديليتراز

مقالات ذات صلة

 

 

 

كثير من الموظفين تحتم عليهم العمل عن بعد بين عشية وضحاها، في ظل غياب التجهيزات الضرورية وظروف لا تساعد دائما على القيام بهذا العمل على أكمل وجه… ومع فرض تدابير الحجر الصحي، بسبب تفشي وباء «كورونا» فإن العمل عن بعد في ظل هذه الظروف ليس بالأمر الهين!

هنا نقدم تحليلا ونصائح من أخصائيين لخوض تجربة العمل عن بعد دون إرهاق.

+++++

فرصة لإعطاء العمل مكانته المناسبة

أيا كان وضعنا الحالي (العمل المكثف، البطالة الجزئية أو الكلية، العمل عن بعد، رعاية الأطفال…)، فإن فترة الحجر الصحي غيرت بصفة جذرية طريقة العمل، وأعادت تشكيل علاقتنا بالعمل. إنها فرصة سانحة لوضع النقط على الحروف في هذا الصدد.

عندما لا تشعر بالراحة في وظيفتك، يكون أول رد فعل في الغالب هو التفكير في تحول جذري. أحيانا يكون ذلك صائبا، سيما في هذه الفترة التي تثير تساؤلاتنا حول قيمتنا المضافة ومواءمة قيمنا مع عملنا… ولكن قبل إعادة النظر في محتوى ما تقوم به كل يوم، ابدأ بالتفكير أولا في هذين الجانبين:

 

أولا: ما هي المكانة التي تعطيها للعمل في حياتك؟

ثانيا: تحت أي ظروف تشتغل؟

يمكننا أن نحصل على وظيفة تحقق الرضى من الناحية النظرية… ولكن إذا لم تكن تحترم ذلك التوازن بين الحياة الشخصية والعملية و/ أو لا تتم ممارستها في ظروف جيدة، فلا يمكن ضمان السعادة في نهاية المطاف…

لنأخذ معظم المهن التي تعتبر «مهمة» مثل الصحة أو التعليم: تعد أيضا من القطاعات التي تعاني بصفة أكبر (المعاناة التي يبدو أنها بدأت تسترعي اهتمام المسؤولين أخيرا…). وفقا لدراسة نشرت في يناير الماضي في فرنسا، يعاني 49 ٪ من العاملين في مجال الرعاية الصحية على الأقل من أحد الأعراض الثلاث المميزة للاحتراق النفسي. لنأخذ أيضا الوظائف الرائعة أو العصرية في الوقت الحالي (الشركات المبتدئة والحرف اليدوية والعمل المستقل… ): يجد الكثيرون أنفسهم يعيشون حياة يومية تحت الضغط أو أياما أو حتى ليالي مخصصة فقط لعملهم. غالبا ما يكون الواقع أكثر مرارة مما تكشفه وسائل الإعلام.

العمل جزء لا يتجزأ من هويتنا.. لكن بأي ثمن؟

من الواضح أن الرغبة في ترسيخ قيمك من خلال وظيفتك، والتوافق مع ما تقوم به، والرغبة في الشعور بالقيمة المضافة أمر جيد، سيما في هذا الوقت… ولكن احترس من بعض الأفكار السلبية من قبيل:

-إذا لم يكن لدي عمل، فأنا لا أساوي شيئا.

-إذا لم يكن لدي عمل «رائع»، فأنا فاشل

-إذا لم يكن لدي عمل بمرتب جيد، فذلك لأنني لا أستحق ما يكفي.

-إذا لم يكن لدي عمل مفيد، فأنا عديم الفائدة.

-إذا لم يكن لدي عمل مهم، فأنا تافه

-إذا لم يكن لدي عمل مرموق، فأنا لا أشغل المكان المناسب على السلم الاجتماعي

فن الاستثمار المفرط في وظيفتك

في»سويتش»، من خلال الدورات التدريبية التي ننظمها داخل الشركات لدعم تنمية الموظفين الداخليين، إننا نجد أنفسنا أمام مشاكل فك الارتباط ولكن أيضا – وفي كثير من الأحيان بل أكثر مما يمكن تصوره- أمام مشاكل الارتباط المفرط بالعمل. في الشركات ذات القيم الإنسانية القوية، على سبيل المثال، يشعر العديد من الموظفين بالاستثمار الشديد، فهم يريدون دائما بذل قصارى جهدهم مع احتمالية تحقيق ذلك فقط عن طريق العمل الشاق والتواصل المفرط.

في برنامجنا الخاص بالأفراد، نستقبل أيضا الأشخاص الذين قاموا بالتغيير الذي لطالما حلموا به ولكنهم تجاوزوا حدودهم. على سبيل المثال، هناك شابة، بعد أن حققت نجاحا باهرا في حياتها المهنية في مجال التأمين، انطلقت في صناعة الحلويات. وانتهى بها المطاف بالمعاناة من الاحتراق النفسي بعد عامين بسبب العمل الزائد. وقررت وضع الأمور في نصابها: «أدركت أنني لطالما أعطيت مكانة كبيرة للعمل في حياتي».

الدرس الذي يجب أن نستخلصه من هذه التجربة: إذا استثمرت كثيرا في وظيفتك السابقة، فهناك رهان كبير على أنك ستفعل الشيء نفسه مع الوظيفة التالية، سيما إذا كانت وظيفة أحلامك.

ماذا لو قمنا (بإعادة) وضع العمل في مكانه المناسب؟

لهذا، أشجعكم على…

أولا: إعادة النظر في معتقداتك العائلية

-ما هي مكانة العمل في عائلتك (مركزية / ثانوية، إيجابية / سلبية، جزء من الهوية / قيمة مضافة، وما إلى ذلك)؟

-ما الهوية التي اكتسبها آباؤك من خلال عملهما (المسؤولية؟ المنفعة؟ الالتزام؟ الفعالية؟)

-من الذي تبحث عن نيل إعجابه؟ من الذي تريد الحصول على ثنائه بفضل وظيفتك؟

 ثانيا: خذ المسافة بينك وبين أوامر مجتمعنا

يعطي المجتمع أهمية كبرى للعمل… في حين أن معظمنا يأمل كثيرا في أن يأخذ العمل مساحة أقل في حياته: ومع ذلك، كم منا يعود دائما منهكا بعد العمل، قلق بشأن مشاكل العمل خارج العمل، متعب جدا للاستمتاع بالأشياء التي يرغب في القيام بها في المنزل؟

في فرنسا، «كلما اشتغلت أكثر، كان ذلك أفضل» وهذا اعتقاد راسخ. إنه قدوة «الجمهورية» و»الاستحقاق» نعتقد أنه لا يمكننا النجاح إلا بالعمل الدؤوب. إذا كان الأمر بهذه البساطة… فإن مبدأ بيتر يؤكد عكس ما تقدم، أولئك الأكثر نجاحا هم الذين يمتلكون المهارات الاجتماعية «الضرورية»، وليس أولئك الأكثر كفاءة أو المجتهدون.

 

ثالثا: أعد النظر في «المكانة» التي تريد أن تحققها من خلال عملك

 

إلى أي حد تعد وظيفتك جزءا من هويتك؟ ما الهوية التي تريد نقلها عن وعي أو عن غير وعي بواسطة عملك؟ إذا كنت صادقا حقا، فما الأهمية التي توليها للصورة التي يقدمها عملك عنك؟

تجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن أكثر الوظائف المرموقة ليست بالضرورة أكثر فائدة للمجتمع… كما يمكننا أن نلاحظ في هذا الوقت مع هذه الأزمة: مقدمو الرعاية، المساعدون المنزليون، عمال النظافة، الصرافون (بما أن غالبيتهم من النساء) كلها مهن أساسية ولكن لا تحظى بتقدير كبير! فلنأمل أن تكون هذه الأزمة فرصة لمراجعة التسلسل الهرمي الاجتماعي للمهن في مجتمعنا.

رابعا: لا تجعل كل شيء قائما على عملك

وظيفتك، باعتبارها نشاطا مدفوع الأجر، ليست سوى طريقة للتعبير عن هويتك وما تريد المساهمة فيه. أفكر على سبيل المثال في أحمد، الذي انضم إلى جمعية «غيتوب» بالتوازي مع وظيفته كمحلل مالي. أو هيلين، التي انضمت، بالإضافة إلى وظيفتها كمحامية عقارية، إلى جمعية Solidarités Nouvelles pour le Logement، التي تعرفت عليها بفضل البرنامج. أو جولي، التي تعمل في وكالة اتصالات ولكنها كتبت أيضا رواية وأطلقت مجموعة Et Après. إلى جانب ذلك، عند التفكير في تغيير الوظيفة، فإن البدء بخطوة صغيرة نحو نشاط آخر بالتوازي مع عملك يمكن أن يكون أفضل طريقة للتحضير لتغيير دائم.

خامسا: الانتباه لظروف العمل بقدر الاهتمام بالعمل نفسه.

إذا لم تكن راضيا على وظيفتك، اسأل نفسك عما إذا كانت المشكلة تأتي من جوهر العمل أو تتعلق بالظروف التي يمارس فيها. ماذا تعلمت من فترة الحجر الصحي في ما يخص المكان المناسب الذي تريد أن تعطيه لعملك؟ ما الذي تريد أن تحتفظ به بعد ذلك؟

+++++

نافذة

أكثر الوظائف المرموقة ليست بالضرورة أكثر فائدة للمجتمع… كما يمكننا أن نلاحظ في هذا الوقت مع هذه الأزمة: مقدمو الرعاية، المساعدون المنزليون، عمال النظافة، الصرافون (بما أن غالبيتهم من النساء) كلها مهن أساسية ولكن لا تحظى بتقدير كبير! فلنأمل أن تكون هذه الأزمة فرصة لمراجعة التسلسل الهرمي الاجتماعي للمهن في مجتمعنا.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى