
النعمان اليعلاوي
تمكنت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتنسيق مع النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بسلا، من إلقاء القبض على شخص بمدينة مكناس كان ينتحل صفة وكيل الملك بسلا، وذلك بعد سلسلة من التحريات الدقيقة التي كشفت عن شبكة منظمة متورطة في النصب والاحتيال على المتقاضين عبر وعود زائفة بالتدخل في ملفات قضائية مقابل مبالغ مالية مهمة.
وحسب مصادر مطلعة، فإن المشتبه فيه الرئيسي كان يتخذ من محيط محكمة سلا فضاءً لممارسة أنشطته الإجرامية، حيث كان يستغل حالة الارتباك والقلق لدى بعض المتقاضين ليعرض عليهم خدماته المزعومة في «تسوية الملفات» أو «تسريع الإجراءات القضائية»، مقدماً نفسه على أنه وكيل الملك أو قريب منه. وكان يعمد إلى إقناع ضحاياه من خلال استخدام لغة قانونية وإظهار معرفة دقيقة ببعض القضايا الجارية، ما أكسبه مصداقية مؤقتة لدى بعض الأشخاص الذين وقعوا في فخه.
وكشفت التحقيقات، التي تشرف عليها النيابة العامة، أن المشتبه به لم يكن يعمل بمفرده، بل كان يقود شبكة متكاملة الأدوار تضم ثلاثة مساعدين جرى إيقافهم الأسبوع الماضي، كانوا يتولون مهام التواصل مع الضحايا وتنسيق المواعد وجمع المبالغ المالية. وتشير المعطيات إلى أن الشبكة كانت تعتمد على أساليب مدروسة في الإقناع والتمويه بهدف إضفاء الشرعية على أنشطتها الاحتيالية.
ويأتي هذا الإيقاف في سياق حملة وطنية موسعة تشنها الأجهزة الأمنية لملاحقة جرائم المس بالثقة العامة والاحتيال باستعمال صفات رسمية، حيث تشدد السلطات القضائية على أن أي وعد بالتدخل في ملفات العدالة أو تسريعها مقابل المال يُعد جريمة يعاقب عليها القانون، وأن مؤسسة القضاء لا تقبل الوساطة أو المساومة في تطبيق القانون.
ويُبرز هذا الملف تحولاً نوعياً في أساليب النصب والاحتيال، إذ انتقل المحتالون من استغلال المنصات الرقمية إلى اللقاءات المباشرة في أماكن رسمية مثل المحاكم والإدارات، ما يعكس تطوراً في طرق استهداف الضحايا ومحاولة كسب ثقتهم بوسائل أكثر إقناعاً. ويعكس، في المقابل، فعالية العمل الاستخباراتي والأمني للفرقة الوطنية في تتبع خيوط مثل هذه القضايا المعقدة.
وأكدت مصادر قضائية أن النيابة العامة أمرت بوضع المشتبه فيهم تحت تدبير الحراسة النظرية رهن البحث التمهيدي الذي تشرف عليه الفرقة الوطنية، من أجل الكشف عن جميع الامتدادات المحتملة لهذه الشبكة، وتحديد هوية باقي المتورطين أو الوسطاء الذين قد يكون لهم ارتباط بالقضية، في انتظار استكمال مجريات البحث وتقديم المتورطين أمام العدالة.
ويُنتظر أن تُسهم هذه القضية في رفع منسوب الوعي العام بخطورة التعامل مع أي جهة تدّعي القدرة على التأثير في مسار الملفات القضائية، وتأكيد مبدأ أن العدالة لا تُشترى ولا تُباع.





