المغرب وإسرائيل.. تفاصيل أول اتفاق عسكري وأمني
اقتناء نظام دفاع جوي متطور وتطوير الصناعة العسكرية ومواجهة الهجمات الإلكترونية
قبل سنة، وقع المغرب وإسرائيل وأمريكا اتفاقا ثلاثيا يعد خارطة طريق بالنسبة للدول الثلاث مستقبلا، بعد عودة العلاقات بين الرباط وتل أبيب واعتراف واشنطن بمغربية الصحراء. وفي إطار تنزيل مضامين الاتفاق، تم، خلال الأسبوع الماضي، توقيع أول مذكرة تفاهم في مجال الدفاع، تشمل تبادل التجارب والخبرات العسكرية، ونقل التكنولوجيا، والتكوين، وكذا التعاون في مجال الصناعة الدفاعية. وتضع المذكرة خططًا لإنشاء لجنة مشتركة من أجل تعميق التعاون عبر مجالات، مثل تبادل المعلومات الاستخبارية والبحوث والتداريب العسكرية المشتركة. وستتيح هذه المذكرة للمغرب اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملياتي والبحث والتطوير.
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
المغرب يقتحم مجال الصناعة العسكرية
خلال السنة الماضية، صادق البرلمان على القانون المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، الذي أعطى الملك محمد السادس موافقته على خطوطه العريضة وأهدافه الرئيسية، في اجتماع للمجلس الوزاري، ويهدف هذا القانون إلى خلق وتطوير صناعة عسكرية مغربية.
وأوضح عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، في عرض قدمه أمام البرلمان، أن القانون يشكل اللبنة الأساس لوضع إطار قانوني حديث ومتكامل لتطوير الأنشطة الصناعية المخصصة للدفاع و الانفتاح عليها وتطويرها داخل التراب الوطني، مشيرا إلى أن التشريعات التي تنظم حاليا العدد والتجهيزات الدفاعية والأسلحة والذخيرة، والتي تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي لم تعد تستجيب لحاجيات وتطلعات المملكة، ولا تشمل مجال التصنيع الذي ظل يعرف فراغا تشريعيا حتى الآن. وأكد أن هذا القانون أعد ليكون أرضية قانونية هدفها فسح المجال أمام بناء أسس صناعة عسكرية على المستوى الوطني.
وكما هو متعارف عليه على الصعيد العالمي، يضيف الوزير المنتدب، فإن تأثير الصناعات العسكرية المحلية لا يقتصر فقط على تلبية الاحتياجات الدفاعية للدول، بل إنها إضافة إلى ذلك تلعب دورا مهما في التنمية والنشاط الاقتصاديين، ولذلك نجد أن العديد من الدول الناشئة، دون ذكر الرائدة في صناعة الدفاع، سلکت نفس النهج وسعت إلى خلق وحدات صناعة الدفاع على أراضيها. وفي هذا الصدد، اعتبر لوديي أن خلق صناعة دفاعية وطنية سيمكن لامحالة من الإسهام في تنويع الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية من خلال استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية و دعم الاستثمار وخلق فرص الشغل، و تعزيز الصادرات و اكتساب المعرفة و التكنولوجيا، كما أن توطين صناعة دفاعية سيساهم بشكل فعال في تلبية الحاجيات الوطنية والتقليص التدريجي من التبعية للاستيراد، بالإضافة إلى تعزيز استقلالية وسيادة بلادنا تدريجيا في هذا المجال.
وأضاف الوزير المنتدب، أنه نظرا لأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه صناعة الدفاع في المنظومة الاقتصادية بشكل عام، فإن القانون يتوخى الاهتمام بالصناعة العسكرية كتكملة للصناعات القطاعية الوطنية الأخرى كصناعة الحديد والصلب وصناعة وصيانة الطائرات والسيارات والشاحنات والصناعات الإلكترونية على جعلها جزءا لا يتجزأ من النسيج الصناعي الوطني، مؤكدا أن المغرب يسهر على المقومات التي يمكنها أن تعينه على المضي قدما في هذا المبتغى وتمكينه من أن يؤسس قاعدة صناعية هامة، مستفيدا من استقراره السياسي و الأمني والماكرواقتصادي وموقعه الجيوستراتيجي وجودة موارده البشرية وتجربته المتراكمة في القطاع الصناعي، بالإضافة إلى التطور الحاصل في مناخ الأعمال خلال العقدين الأخيرين.
وحسب الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، فإن مصير هذا الورش المهم يبقى رهينا باتخاذ التدابير والإجراءات الكفيلة بإنجاحه، و لهذا اقترح أن يستفيد مصنعو عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، في إطار مشروع هذا القانون، من تدابير دعم الاستثمار و من الأنظمة الاقتصادية الجمركية إسوة بالقطاعات الأخرى، وذلك طبقا للقوانين الجاري بها العمل، كما سيتم الحرص في إطار تنزيل مقتضيات هذا القانون على استشراف كل الفرص الممكنة والدعم ومواكبة هذا القطاع عن طريق تشجيع البحث العلمي والتقني والبحث عن شراكات مع الشركات الدفاعية الكبرى ومع الدول الصديقة التي تربطنا بها علاقات تعاون في هذا المجال، وسيتم التركيز كذلك في السنوات القادمة على استعمال آلية الموازنة الصناعية، وإبرام اتفاقيات وبرامج تساهم في بناء و دعم القاعدة الصناعية المحلية عن طريق خلق مشاريع مشتركة، ونقل و تبادل التكنولوجيا وتنمية الخبرات وتوفير فرص العمل. وفي نفس السياق ستقوم القوات المسلحة الملكية بكل مكوناتها، بدور أساسي لتعزيز الجهود الرامية إلى دعم هذا المشروع الطموح والانخراط في أهدافه والاستفادة من التجارب الناجحة التي ترجمت على أرض الواقع وللمكتسبات والخبرات التي راكمتها بلادنا في السنوات الأخيرة في هذا المجال.
وأوضح الوزير، أنه تمت صياغة مضامين القانون وفق مرتكزات تأخذ بعين الاعتبار ، أهمية الانفتاح على الأنشطة الدفاعية ببلادنا و حساسية مجال عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة نظرا لارتباطه الوثيق بالسيادة والأمن الوطنيين. ولهذا الغرض كان لزاما الموازنة عند صياغة النص بين ضرورة تهيئة مناخ مناسب ومشجع لاستقطاب أنشطة صناعة الدفاع ببلادنا من جهة، والتنصيص على إجراءات احترازية ووضع نظام تتبع ومراقبة فعال لضمان احترام مقتضيات القانون و حماية مصالح المملكة من جهة أخرى، ولهذا يكرس مشروع هذا القانون مبدأ منع جميع الأنشطة المتعلقة بمجال العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة، مع استثناء أجهزة الدفاع و الأمن من هذا المنع، على غرار ما هو معمول به حاليا، وينص في نفس الوقت على إمكانية منح تراخيص لإنشاء وحدات صناعية بهدف تشجيع صناعة وطنية للدفاع، كما ينظم القانون، إضافة إلى التصنيع، كل ما يتعلق بالإتجار وعمليات الاستيراد والتصدير والنقل التي يقوم بها المعنيون و المرتبطة بالعتاد والتجهيزات المتعلقة بالدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة .
وتتجلى أبرز مضامين هذا النص، في كيفيات و شروط منح تراخيص التصنيع وكذا التزامات الفاعلين في هذا المجال، كما يحدد القانون أيضا نظام منح تراخيص الاستيراد والتصدير و النقل لفائدة الحاصلين على تراخيص التصنيع، وحصر مبيعات حاملي تراخيص التصنيع للتصدير أو داخل التراب الوطني للقوات المسلحة الملكية والأجهزة الأمنية والحفاظ على النظام العام لا غير. وينص القانون على ضرورة أن يكون أغلبية رأس المال مملوكا لمغاربة كشرط للحصول على ترخيص التصنيع. وأكد الوزير المنتدب أن الأمر يتعلق بإجراء جاري به العمل على الصعيد الدولي لضمان تأطير جيد ومراقبة فعالة لهذا القطاع الحساس وجعله تحت وصاية الدولة نظرا لعلاقته الوطيدة بالسيادة الوطنية.
المغرب وإسرائيل.. تعاون في مجالات متعددة
في غشت الماضي، وقع المغرب وإسرائيل عددا من اتفاقيات تعاون في عدد من القطاعات، وأعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، ناصر بوريطة، توقيع عدد من اتفاقيات التعاون مع نظيره الإسرائيلي، يائير لابيد، الذي أجرى أول زيارة إلى المغرب رفقة وفد رسمي. وذكر بوريطة أن ثلاث اتفاقيات جديدة جرى توقيعها مع إسرائيل، مشيرا إلى أن المباحثات تطرقت إلى السلام في الشرق الأوسط، قائلا إن مفاوضات السلام هي السبيل الوحيد للتوصل إلى حل نهائي وشامل للأزمة، مؤكدا أن الرافد العبري مكرس في دستور المغرب كرافد يثري الهوية المغربية.
ودشنت الرباط وتل أبيب مباحثاتهما لدراسة آفاق التعاون الصناعي والشراكة في خمسة قطاعات صناعية أجراها مولاي الحفيظ العلمي، وزير الصناعة المغربي، مع نظيره الإسرائيلي عمير بيرتس، عبر تقنية الاتصال المرئي. وشملت المباحثات قطاعات النسيج، والصناعات الغذائية، والبحث التطبيقي في الصناعة، والتكنولوجيات الخضراء وصناعة الطاقات المتجددة. وفي 26 يناير حل السفير ديفيد غوفرين بالرباط، لتولي منصب رئيس البعثة الإسرائيلية بالمغرب، وذلك للعمل من أجل «التقدم المستمر للعلاقات الثنائية بجميع المجالات، بما في ذلك كل ما يتعلق بالحوار السياسي والسياحة والاقتصاد والعلاقات الثقافية».
ومنتصف فبراير اتفق وزيرا التعليم سعيد أمزازي، والإسرائيلي يوآف غالانت، على إطلاق برامج لتبادل الطلاب و«توأمة مدارس ثانوية»، وهو الأمر الذي دفع هيئات مدنية إلى رفض الخطوة والتحذير من اختراق إسرائيل للمنظومة التربوية والتعليمية بالمغرب. وتوالت اللقاءات والمشاورات بين المسؤولين المغاربة ونظرائهم الإسرائيليين، حيث همت مجالات عمل مختلفة وأفضت إلى توقيع اتفاقات همت حتى المجال الرياضي. وفي العاشر من يناير الماضي، أعلنت الجامعة المغربية للكاراتي انطلاق التنسيق مع نظيرها في إسرائيل لوضع الترتيبات والآليات اللازمة لتطوير رياضة الكاراتي في كلا البلدين، واعتبر الخطوة بداية لـ«علاقة شراكة وصداقة».
في 23 مارس وقع المغرب وإسرائيل اتفاقية شراكة استراتيجية بين رجال الأعمال المغاربة والإسرائيليين العاملين بالقطاع الخاص، لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية. ووقع الاتفاقية عن الجانب المغربي، شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام للمقاولات، وعن الجانب الإسرائيلي كل من رئيس هيئة المشغلين وأرباب الأعمال، رون تومر، ورئيس اتحاد غرف التجارة، يوريل لين. وتهدف الشراكة بين البلدين إلى إقامة حوار مفتوح ودائم بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب والهيئة الإسرائيلية للمشغلين وأرباب الأعمال، لخلق نوع من الانسجام بين مجتمعات الأعمال المعنية الفاعلة في القطاعات الرئيسية.
وفي 17 يونيو وقع البلدان أول اتفاقية تعاون في مجال الحرب الإلكترونية، حيث أوضح رئيس بعثة تل أبيب الدبلوماسية لدى الرباط غوفرين، أن الاتفاقية تقضي بإقامة تعاون في «البحث والتطوير ومجالات عملياتية في السايبر»، ووقع الاتفاقية رئيس هيئة «السايبر» الإسرائيلي يجآل أونا، ونظيره المغربي الجنرال مصطفى الربيعي.
وفي الـ26 من الشهر ذاته، وقعت الرباط وتل أبيب اتفاقية للشروع في الترويج للسياحة بالمغرب، والتسويق المشترك من كلا الطرفين لتعزيز حركة السياحة الوافدة، وذلك بعد ساعات من هبوط طائرتين سياحيتين قادمتين من إسرائيل بمدينة مراكش السياحية بالمغرب. وتهدف الاتفاقية إلى ترويج مكاتب السياحة والسفر في إسرائيل والمغرب، للمرافق السياحية في البلد الإفريقي، بهدف تنشيط الرحلات إلى أبرز مناطقه. وتعتزم شركة «إل عال» للطيران الإسرائيلية طرح ثلاث رحلات أسبوعية بين تل أبيب ومراكش، على متن طائرات بوينغ «737-900ER » التي تسع لـ 16 راكبا بدرجة الأعمال و159 آخرين بالدرجة الاقتصادية.
إسرائيل توقع أول اتفاق عسكري وأمني مع المغرب
قام بيني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، خلال الأسبوع الماضي، بزيارة رسمية إلى المغرب، حيث تم التوقيع على أول اتفاق في المجال العسكري بين المغرب وإسرائيل، منذ توقيع الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، قبل سنة.
وبتعليمات ملكية، استقبل عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، والجنرال دوكور دارمي الفاروق بلخير، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، بيني غانتس، نائب رئيس الوزراء ووزير دفاع دولة إسرائيل.
وذكر بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، أنه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، استقبل عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، الأربعاء الماضي بمقر الإدارة، وفدا إسرائيليا هاما برئاسة بيني غانتس، نائب رئيس الوزراء ووزير دفاع دولة إسرائيل، الذي قام بزيارة رسمية إلى المغرب من 23 إلى 25 نونبر الجاري.
وتندرج هذه الزيارة في إطار علاقات التعاون بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل، التي سجلت تقدما ملموسا منذ التوقيع، تحت رئاسة الملك محمد السادس، على الإعلان الثلاثي (المغرب – إسرائيل- الولايات المتحدة الأمريكية) في دجنبر 2020، والذي توج باستئناف علاقاتهما الدبلوماسية. وبهذه المناسبة، أشاد الوزيران بالتقدم المحرز في مجال الدفاع بإبرام اتفاق يتعلق بحماية المعلومات في مجال الدفاع، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الأمن السيبراني.
وفي أعقاب ذلك، بحث لوديي وغانتس سبل ووسائل توطيد التعاون العسكري الثنائي في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وجددا إرادتهما المشتركة في تعزيز هذه العلاقات. كما تباحث الوزيران حول قضايا ذات طابع ثنائي وإقليمي،
وفي هذا الإطار، أبرز الجانبان الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين، والتعلق المتين لأفراد الطائفة اليهودية بالمغرب واليهود المغاربة في إسرائيل وفي شتى بقاع العالم بالملك محمد السادس، والتي تمكنهما من العمل على النهوض بالسلم وتعزيز الاستقرار بالشرق الأوسط. وعقب هذا اللقاء، وقع الوزيران على مذكرة تفاهم في مجال الدفاع تشمل تبادل التجارب والخبرات، ونقل التكنولوجيا، والتكوين، وكذا التعاون في مجال الصناعة الدفاعية.
وفي اليوم نفسه، وبتعليمات من الملك القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، استقبل الجنرال دوكور دارمي الفاروق بلخير، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية بالرباط، غانتس على رأس وفد إسرائيلي هام، بحضور مسؤولين عسكريين سامين من القوات المسلحة الملكية.
وخلص البلاغ إلى أنه خلال جلسة العمل هذه نوه المسؤولان بدينامية التعاون بين البلدين، الذي يعود بالنفع على الجانبين ويبشر بتعاون واعد على مستوى تبادل الخبرات، سيما في مجالات التكوين وتعزيز قدرات الدفاع ونقل التكنولوجيا.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية إن المغرب وإسرائيل وقعا مذكرة دفاعية، ما يفتح الطريق أمام مبيعات عسكرية محتملة وتعاون عسكري، بعد أن رفعت الدولتان مستوى العلاقات الدبلوماسية بينهما في العام الماضي، حيث اتفق الجانبان على إضفاء الطابع الرسمي على التعاون الأمني، في مذكرة تفاهم، تضع خططا لإنشاء لجنة مشتركة من أجل تعميق التعاون عبر مجالات، مثل تبادل المعلومات الاستخبارية والبحوث والتداريب العسكرية المشتركة. وستتيح هذه المذكرة للمغرب اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملياتي والبحث والتطوير.
ووصف غانتس المذكرة بأنها «أمر مهم جدا، سيمكننا من تبادل الآراء وإطلاق مشاريع مشتركة وتحفيز الصادرات الإسرائيلية» إلى المغرب.
المغرب يقتني نظام دفاع جويا إسرائيليا متطورا
تزامنا مع الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي إلى المغرب، خلال الأسبوع الماضي، تم الإعلان عن إبرام صفقة لاقتناء نظام دفاع جوي من إسرائيل، وذلك في سياق التعاون العسكري بين البلدين، والذي تعزز بعد الإعلان الرسمي عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وأوردت مصادر صحافية، أن المغرب اشترى من إسرائيل نظام «SKYLOCK» المضاد للطائرات المُسيرة، والذي تصنعه مجموعة Avnon الإسرائيلية (IGG)؛ خلال المشاركة في فعاليات معرض دبي للطيران الذي استمر في الفترة ما بين 14 و 18 نونبر الجاري، وتم عقد الصفقة بين الجانبين الإسرائيلي والمغربي، والتي كانت قد كشفت عنها صحيفة «غلوبس» الاقتصادية الإسرائيلية، في تقرير صدر في الـ18 من الشهر الجاري، باللغتين العبرية والإنجليزية.
وذكرت «غلوبس» أن المغرب اقتنى هذا النظام الدفاعي المضاد للطائرات المسيرة الهجومية، إلى جانب 26 دولة أخرى، من بينها عُمان ودول من شرق آسيا، مشيرة إلى أن النظام الجديد قادر على إصدار إنذار عند اقتحام المجال الجوي بواسطة طائرة مُسيرة، وتحديد موقع مُشغل الطائرة، وإصدار بروتوكولات معلومات في هذا الشأن.
وأضافت الصحيفة أن «النظام يعمل على تعطيل الاتصال بين المشغل والطائرة المسيرة المعادية، ويوفر إمكانية الاستيلاء أو السيطرة عليها إذا لزم الأمر»، وأشارت إلى أن النظام يستخدم في حماية المنشآت الأمنية الحساسة والمباني الحكومية ومرافق البنية التحتية، ولكن أيضا لحماية الأحداث الرياضية الكبرى والأحداث الحساسة التي تشهد مشاركة حاشدة.
وبحسب الصحيفة فإن النظام تم بيعه كذلك لإثيوبيا لحماية البرلمان والمرافق الحكومية الأخرى في ظل الحرب الأهلية المندلعة بين القوات النظامية وجبهة تيغراي، فيما ألمحت إلى أنه بعد الهجوم الذي استهدف منزل رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في محاولة لاغتياله نفذت في السابع من الشهر الجاري، ازداد الاهتمام الدولي بهذا النظام.
يذكر أن المغرب كان قد توصل إلى اتفاق مع إسرائيل لتصنيع وتطوير مسيرات «كاميكاز» الإسرائيلية من دون طيار، على أراضيها، وذلك بعد أشهر من المفاوضات مع مجموعة الصناعات الجوية الإسرائيلية «IAI» المصنعة لهذه الطائرات.
وكشفت مجلة «أفريكا إنتليجنس» الفرنسية، المتخصصة في المعلومات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية عن الدول الإفريقية، في شتنبر الماضي، أن إسرائيل والمغرب يعملان حاليا على تطوير مشروع لتصنيع طائرات «الكاميكاز» بدون طيار الإسرائيلية في المغرب.
وفي شهر يوليوز الماضي، أعلنت الهيئة الإسرائيلية للفضاء الإلكتروني أن رئيسها التنفيذي، ييغال أونا، «وقع اتفاقية تعاون مع السلطات المغربية» من شأنها مساعدة الشركات الإسرائيلية في إنتاج طائرات بدون طيار في المغرب بكميات كبيرة وبأسعار أقل بكثير، والتموقع في أسواق التصدير الإفريقية.
خبير إسرائيلي: مواجهة تفاقم ظاهرة الهجمات السيبرانية «ضرورة ملحة»
أكد الخبير الإسرائيلي في مجال الأمن السيبراني، دان براهمي، يوم الخميس الماضي بالدار البيضاء، أن مواجهة تفاقم ظاهرة الهجمات السيبرانية أصبحت «ضرورة ملحة» سواء تعلق الأمر بالمؤسسات أو الأفراد، وذلك في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة التي يعيشها عالم القرن الواحد والعشرين.
وأوضح براهمي، الرئيس المدير العام ومؤسسة شركة (cyabra) المختصة في مجال الأمن السيبراني، بمناسبة انطلاق دورة محاضرات منتدى «المغرب 21» التي تندرج ضمن سلسلة محاضرات ومنتدى تنظمه مؤسسة نيوز كوم أفريكا هولدينغ (NCA Holding)، أن الحلول التي من شأنها الحد من هذه الهجمات والأخبار الزائفة ومجهولة المصدر تتمثل أساسا في «بلورة حلول تكنولوجية تقوم على الذكاء البشري»، مشيرا إلى أنها تظل، في نظره، السبيل الأمثل والسليم لمواجهة هذه المخاطر.
وأضاف براهمي، خلال هذه المحاضرة المنظمة تحت شعار «الرقمنة بأمان تام.. كيف نحمي الهيئات من الهجمات الإلكترونية والأخبار الكاذبة؟»، أن هذه الحلول القادرة على تحديد هذه الهجمات الرقمية ومصدرها، خاصة المرتبطة بما يصطلح عليه بظاهرة (كرة الثلج)، والتي أصبحت تكبد العديد من المؤسسات العالمية خسائر كبيرة تقدر بمليارات الدولارات، تتمثل في تحليل البصمات الرقمية للفاعلين النشطين على الشبكة العنكبوتية لتحديد مصادر هذه الهجمات.
وأفاد بأن هناك مقاربات أخرى تتجلى، أيضا، في محاولة إيجاد حلول مؤقتة لهذه المخاطر من خلال بلورة وسيلة ناجعة، ليست بالضرورة تكنولوجية، بل تعتمد على الإنسان، إلا أن نطاق استعمالها محدود بالإضافة إلى كونها غير مستدامة.
وتابع المتحدث أن الاقتصار على تجاهل هذه المخاطر والاتكال على عامل الزمن حتى تعود الأمور إلى نصابها، لم يعد مجديا، لأن وجود ثغرة أمنية في نظام ما يشكل بداية لهجمات قادمة.
وأوضح براهمي أن المخاطر المرتبطة بالأمن السيبراني التي تشمل المقاولات والمؤسسات والحكومات ومستعملي الشبكة العنكبوتية بشكل عام، تقوم على نشر معلومات كاذبة من أجل التأثير على آراء الناس والتحكم فيها، وتهم مختلف المجالات والمواضيع سواء تعلق الأمر بالمقاولات المدرجة في البورصة أو التأثير على التوجهات السياسية عبر العالم.
ومن جهته، أوضح طارق منعم، عن مؤسسة نيوز كوم أفريكا هولدينغ (NCA Holding)، الفاعل الإفريقي في مجال تطوير وسائل الإعلام والاتصالات، أن هذه المؤسسة تفتتح سلسلة محاضرات «المغرب 21» باستضافة أحد خبراء الأمن السيبراني (Cyber security) دان براهمي من إسرائيل، مضيفا أن هذا البلد يعد من الرواد في هذا المجال.
وأشار إلى أن براهمي عمل على تسليط الضوء على حقيقة الأمن السيبراني، خاصة في ما يتعلق بالأخبار الكاذبة ومحاولة التأثير على رواد وسائل التواصل الاجتماعي، وتابع أن هذا الموعد الجديد، الذي يتمحور حول النموذج التنموي الجديد، سيمكن من إثراء النقاش مع إحدى الكفاءات الدولية رفيعة المستوى، بهدف تنفيذ التوصيات المقترحة في تقرير اللجنة الخاصة المعنية بالنموذج التنموي الجديد.
وقال منعم إن المؤسسة تعتزم استضافة خبير دولي كل شهر ليتقاسم خبرته في أحد الأوراش الأساسية التي أثارتها اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، مشيرا إلى أن حوالي خمسين مدعوا من الخبراء وصناع القرار ورواد أعمال والفاعلين في المجتمع المدني سيثرون هذه المناقشات.
وسيقدم منتدى «المغرب 21» تلخيصا لأشغال ومناقشات كل محاضرة، وكذا الكتاب الأبيض (عبارة عن ملخص للأشغال والتوصيات الخاصة بدورة المحاضرات، ومشاطرته مع جميع الفاعلين الرئيسيين)، بمشاركة خبراء دوليين وممثلين مغاربة عن مؤسسات خاصة وعمومية.
ومن المقرر أن ينعقد منتدى «المغرب 21» في يوليوز 2022، وستسبقه سلسلة من المحاضرات تشمل تسعة محاور استراتيجية وموضوعات قطاعية، انطلاقا من نونبر الحالي إلى غاية مطلع يوليوز 2022، وتتمثل أساسا في «الداخلة، مركز إفريقي جديد للاستثمارات الأجنبية» و«ما هي الرافعات من أجل اقتصاد المعرفة؟»، و«ما هي المهارات من أجل وظائف المستقبل؟»، و«تسريع الطاقات النظيفة.. ما هي الاستراتيجيات؟»، و«المدن المستدامة.. البيئة كموجه لتكوين الثروة؟».
محمد شقير*
* خبير الشؤون العسكرية والأمنية
«المغرب يطمح ليكون قوة إقليمية في مجال صناعة الأسلحة ولديه جميع المؤهلات لذلك»
هل دخل المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مرحلة تنزيل الاتفاق الثلاثي؟
من الأكيد أن التزامن بين زيارة ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إلى واشنطن، وزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي إلى المغرب، يعكس البدء في تنفيذ مقتضيات الاتفاق الثلاثي، وهو ما تجسد بشكل كبير من خلال مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين المغرب وإسرائيل، وهي المذكرة التي سبقتها من قبل اتفاقيات ثنائية همت مجالات مختلفة، كإلغاء التأشيرة بين البلدين، والتعاون في مجال النقل الجوي والصناعة وغيرها. وبالتالي فإن الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي إلى المغرب، تأخذ بعدا آخر، يهم التعاون العسكري بين البلدين، وهو التعاون الذي يؤطر بشكل أساسي التعاون بين كلا الدولتين. ومن هذا المنطلق، فإن هذا تجسيد لهذا الاتفاق الذي يأخذ عدة أبعاد بين البلدين، وبشكل متدرج يمكن أن يتواصل في المستقبل.
ويمكن القول إن هذه الاتفاقات العسكرية ستدعم الاستراتيجية العسكرية المتبعة من طرف المغرب، والتي تهم اقتناء بعض التكنولوجيات العسكرية، وعلى رأسها بطبيعة الحال الطائرات المسيرة، والطائرات الكاميكازية، والمعروف أن المغرب في الوقت الراهن يعمل على التوفر عليها، وقد كان اتفاق مع الجانب التركي للحصول على 24 طائرة بدون طيار، يدخل في هذا الإطار. والمغرب حاليا يفكر في التصنيع العسكري، والاستثمار في مجال الصناعة العسكرية، وربما المراسيم التي تمت المصادقة عليها أخيرا تمهد الأرضية لهذا النوع من الصناعة، والتركيز حاليا على صناعة الدرونات أو الطائرات الكاميكازية. ومن الأكيد أن المغرب سيستفيد بشكل كبير من الخبرة الإسرائيلية في هذا المجال، وأيضا من بعض الاستثمارات التي سيتم خلقها في هذا النطاق، زد على ذلك أن المغرب في حاجة إلى نوعية خاصة من الأنظمة الدفاعية، على غرار نظام القبة الحديدية، الذي أثبت فعاليته في المدى الإسرائيلي، في مواجهة أي قصف بالصواريخ، والمغرب حاليا ربما يوجد في هذه الوضعية، بحكم الاستعداء المتواصل من طرف قوات البوليساريو على طول الجدار، حيث أثبتت الطائرات بدون طيار فعاليتها في شل أي تحرك على هذا المستوى، وكذلك تحسبا لأي منزلق عسكري يمكن أن يسلكه النظام الجزائري في ظل هذا التوتر والتصعيد الذي يقوم به، وفي إطار أزمته الداخلية والديبلوماسية التي يعيشها، والتي وصلت به حد وضعية مرضية يمكن أن تسفر عن أي مغامرة في هذا الباب. والمغرب يتحسب لهذا الوضع، ويعمل على التحضير له من خلال الحصول على هذا النوع من الأنظمة الدفاعية.
إلى أي مدى يمكن أن يصل التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل؟
المعروف أن طموح أي قوة إقليمية يقوم على خلق صناعة عسكرية بالبلاد، وتطوير هذه الصناعة، والمغرب بحكم موقعه الجيوستراتيجي، وبحكم علاقاته، وأيضا طموحه بأن يكون قوة إقليمية، نظرا لتوفره على عدة عناصر ومؤهلات تسمح له بهذا، فلا شك أن هناك رغبة لديه في الحصول وخلق نواة للصناعة العسكرية، والتي في الجانب الأول تقلص من التكلفة المالية التي تتطلبها عمليات اقتناء نوعية خاصة من الأسلحة، والعمل على صناعة بعض النوعيات من الأسلحة، حتى لا يبقى المغرب في تبعية للمزودين بهذه الأنواع. ومن هذا المنطلق، فأعتقد أن الطموح الذي لدى المغرب في هذا النوع من التصنيع، يتعزز بالأرضية الداخلية التي تساعده، في كون أن هناك أرضية بخصوص مجال صناعة الطائرات المدنية، وبالتالي يمكن تحول هذه الخبرة في الصناعة المدنية إلى صناعة عسكرية. كما قد يساعد هذا أيضا في تصدير المغرب لهذه النوعية من الأسلحة إلى الفضاء الإفريقي. وبالتالي فالمسألة مرتبطة، ليس فقط بالبعد الاقتصادي والمالي، بل أيضا حتى بالبعد المتعلق بالطموح إلى التحول إلى قوة إقليمية، وهذا هو الطموح الحالي للمغرب، والدليل على هذا هو الترسانة القانونية التي تم المصادقة عليها، بالإضافة إلى البحث واستجلاب استثمارات أجنبية في هذا المجال. وهناك شركة صينية حاليا بصدد البحث عن استثمارات في هذا الجانب، دون إغفال الاستثمارات الإسرائيلية، وأيضا الاستثمارات الأمريكية، وأكيد أن هذا كله سيساهم في خلق هذا النوع من التصنيع، وسيمثل الأرضية للصناعة العسكرية بالمغرب.
ألن يؤثر هذا الأمر على علاقة المغرب بشركائه التقليديين؟
تجب الإشارة إلى أن سوق السلاح عالميا تعرف نوعا من تقسيم العمل، وهناك أسلحة متطورة تكنولوجيا لا يمكن لدول كبرى، ليس فقط فرنسا، بل حتى الولايات المتحدة الأمريكية، أن تسمح بتصنيعها من طرف دول إقليمية، وهذا الأمر مفروغ منه، وبالإضافة إلى هذا النوع، يمكن للدول الكبرى السماح للدول الأخرى بتصنيع بعض النوعيات من الأسلحة، بالإضافة إلى عنصر مهم، وليس هو أن تسمح تلك الدول أولا، ولكن هل الدولة التي ترغب في دخول غمار صناعة الأسلحة تتوفر لديها الشروط والإمكانات لذلك، بالإضافة إلى الرغبة أم لا، والمغرب أعتقد أنه يتوفر على هذا الجانب من أجل خلق نواة صناعية للأسلحة، سيما أن هدف المغرب حاليا هو الحصول على هذا النوع من التصنيع. وما أعتقد أنه سيسهل العملية، كون المغرب قد فتح باب الاستثمار في هذا المجال، وبالتالي فاجتلاب الاستثمار في هذا النطاق، وتعديد الشركاء، سواء كانوا أمريكيين أو أوروبيين أو آسيويين أو إسرائيليين، سيساهمان في خلق هذه النواة الصناعية، وفق مبدأ رابح- رابح.