شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

الملك محمد السادس يقود ثورة تنموية بإفريقيا

مبادرة الولوج إلى الأطلسي وأنبوب الغاز للربط بين أوروبا وإفريقيا

باتت المملكة المغربية تنهج سياسة إفريقية قوية وشاملة تهدف إلى النهوض بالتنمية داخل القارة السمراء، وذلك عن طريق إنشاء المبادرات وتخطيط المشاريع الضخمة في شتى المجالات، وتنبع هذه الرغبة من التزام المغرب بتحقيق أهداف التنمية بإفريقيا، وذلك تفعيلا للرؤية الاستراتيجية للملك محمد السادس، الذي أكد في خطاب العودة إلى الاتحاد الإفريقي، في 31 يناير 2017، على أهمية تحفيز “انبثاق إفريقيا جديدة” قادرة على تحويل تحدياتها إلى إمكانات حقيقية للتنمية والاستقرار، وبدأت تظهر نتائج ومعالم قوة الرؤية الملكية الاستراتيجية بخصوص تنمية البلدان الإفريقية، التي تزخر بثروات هائلة، من خلال العديد من المشاريع الاستراتيجية الضخمة، والتي يقف الملك وراء هندستها، من قبيل مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، وهو مشروع سيعود بالنفع على ملايين السكان بالبلدان الإفريقية، وكذلك مبادرة الولوج إلى المحيط الأطلسي، والتي ستحدث لا محالة تحولا هيكليا في اقتصادات دول الساحل.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

الملك يقود مشاريع استراتيجية لربط البلدان الأوروبية بالبلدان الإفريقية

 

 

باتت المملكة المغربية تنهج سياسة إفريقية قوية وشاملة تهدف إلى النهوض بالتنمية داخل القارة السمراء، وذلك عن طريق إنشاء المبادرات وتخطيط المشاريع الضخمة في شتى المجالات، وعبر المغرب عن رغبته في تقاسم تجربته من أجل تقويم روابط الشراكة بين الدول الإفريقية وباقي دول العالم.

وتنبع هذه الرغبة من التزام المغرب بتحقيق أهداف التنمية بإفريقيا، وذلك تفعيلا للرؤية الاستراتيجية للملك محمد السادس، الذي أكد في خطاب العودة إلى الاتحاد الإفريقي، في 31 يناير 2017، على أهمية تحفيز “انبثاق إفريقيا جديدة” قادرة على تحويل تحدياتها إلى إمكانات حقيقية للتنمية والاستقرار، مبرزا أن أجندة 2063 تعد أحد المشاريع الرائدة للاتحاد، التي من شأنها تعزيز بروز القارة واندماجها.

وبدأت تظهر نتائج ومعالم قوة الرؤية الملكية الاستراتيجية بخصوص تنمية البلدان الإفريقية، التي تزخر بثروات هائلة، من خلال العديد من المشاريع الاستراتيجية الضخمة، والتي يقف الملك وراء هندستها، من قبيل مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، وهو مشروع سيعود بالنفع على ملايين السكان بالبلدان الإفريقية، وكذلك مبادرة الولوج إلى المحيط الأطلسي، والتي ستحدث لا محالة تحولا هيكليا في اقتصادات دول الساحل.

وسيمتد المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز نيجيريا-المغرب على طول ساحل غرب إفريقيا، انطلاقا من نيجيريا مرورا عبر البنين والطوغو وغانا والكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسينغال وموريتانيا، وصولا إلى المغرب، وسيتم ربطه بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي وشبكة الغاز الأوروبية. كما سيتيح تزويد دول النيجر وبوركينا فاسو ومالي غير المطلة على البحر.

وسيساهم هذا المشروع الاستراتيجي في تحسين مستوى عيش السكان، وكذا تكامل اقتصادات المنطقة وتخفيف حدة التصحر، بفضل تزويد مستدام وناجع بالغاز، كما ستكون لهذا المشروع آثار اقتصادية كبيرة على المنطقة، من خلال استغلال طاقة نظيفة تحترم الالتزامات الجديدة للقارة ذات الصلة بحماية البيئة، وفضلا عن ذلك، سيعطي المشروع بعدا اقتصاديا وسياسيا واستراتيجيا جديدا للقارة الإفريقية.

ويعتبر أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، مشروعا استراتيجيا سيستفيد منه حوالي 500 مليون شخص في المنطقة، ويحسن الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لسكانها، كما سيمكن هذا المشروع من نقل أزيد من 5000 مليار متر مكعب من الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي؛ مما سيعطي دينامية لإنتاج الكهرباء ويحل مشاكل الولوج إلى الطاقة في معظم الدول التي سيعبر منها.

وأفادت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة أخيرا، بمجلس النواب، بأن الوزارة منكبة حاليا على إطلاق طلب إبداء الاهتمام المتعلق بالشبكة الغازية المغربية، من خلال تزويد ميناء الناظور بوحدة عائمة لتخزين الغاز الطبيعي، وإحداث شبكة لنقل الغاز إلى مدن القنيطرة والمحمدية والداخلة، مع ربط الشبكة بأنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي وأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي.

وأوضحت الوزيرة، في معرض ردها على سؤال شفهي حول “تطورات مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب”، تقدم به فريق التجمع الوطني للأحرار، خلال جلسة الأسئلة الشفوية، أن العمل جار حاليا على المرحلة الأولى من المشروع، التي تشمل محور السينغال-موريتانيا-المغرب، مؤكدة أن المشروع قطع أشواطا جد مهمة في مسار تطويره، حيث تم الانتهاء من دراسات الجدوى والدراسات التصميمية الهندسية، وكذا تحديد المسار الأمثل لخط الأنبوب الذي سيتم ربطه بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي (GME)، إلى جانب ذلك، يتم مواصلة الدراسات الميدانية ودراسة الأثر البيئي والاجتماعي، وفق البرمجة المحددة لها.

كما يتم العمل حاليا، تضيف الوزيرة، على إحداث شركة ذات غرض خاص (SPV) بين الجانبين المغرب ونيجيرياتتولى الإشراف على الدراسات التقنية، من أجل توفير الشروط التقنية والقانونية اللازمة لتنزيل هذا المشروع، ليتم لاحقا خلق شركات تدعى “شركات المشروع” التي سيعهد إليها المهام المتعلقة بالتصميم وإنجاز المشروع.

وكشفت بنعلي أن الوزارة منكبة حاليا على الانتهاء من المراحل الأخيرة، للشروع خلال الأسابيع المقبلة في إطلاق طلب إبداء الاهتمام من قبل المستثمرين، لتزويد ميناء الناظور بوحدة عائمة لتخزين الغاز الطبيعي المسال وإعادة التغويز (FSRU) إلى جانب تطوير أنبوب الغاز الذي سيربط ميناء الناظور بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، ليمتد إلى المنطقة الصناعية بالقنيطرة وصولا إلى المحمدية، وأكدت الوزيرة أن هذه المرحلة تعد محطة مفصلية لتطوير البنية التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال ونقله عبر شبكة أنبوب الغاز، تمتد تدريجيا لتصل إلى ميناء الداخلة، ليتم بذلك الربط مع أنبوب الغاز نيجيريا المغرب.

وسجلت الوزيرة أن مشروع “أنبوب الغاز الطبيعي نيجيريا-المغرب” الذي أصبح يحمل اسم “أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي”، يعد مشروعا استراتيجيا محفزا للتنمية الاقتصادية الإقليمية، ورافعة لتطوير قطاع الصناعة، وتسريع برامج الولوج إلى الشبكة الكهربائية، ودعامة لخلق فرص الشغل وتحقيق اندماج اقتصادي على مستوى دول غرب إفريقيا، وركيزة لتحويل المغرب للممر الطاقي الوحيد الذي يربط بين أوروبا وإفريقيا وحوض الأطلسي.

ولفتت بنعلي إلى أن هذا المشروع يندرج ضمن الرؤية الملكية السامية، التي تعبر عن الإرادة القوية للمغرب لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي وخلق اندماج اقتصادي متكامل. ويمتد أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي، بحسب الوزيرة، على مسافة تفوق 6800 كيلومتر، بسعة نقل تصل إلى 30 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي، فيما يقدر الغلاف الاستثماري الإجمالي للمشروع بـ25 مليار دولار أمريكي، وسيمكن من إعداد المنطقة لاقتصاد الهيدروجين الأخضر.

وأشارت المسؤولة الحكومية إلى أن الوزارة قامت على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة لسنة 2024 بالمشاركة الفعالة في مجموعة من الاجتماعات، التي نظمت من طرف المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، والتي عرفت مشاركة الخبراء الممثلين للدول التي سيمر عبرها خط الأنبوب، وتوجت بانعقاد الاجتماع الوزاري لدول أعضاء (سيدياو) والمغرب وموريتانيا، يوم فاتح نونبو 2024، والذي شهد المصادقة على الاتفاق الحكومي بين الدول الأعضاء، وكذا اتفاقية البلد المضيف، واعتبرت بنعلي هذا الحدث يشكل مرحلة جد مهمة لإنجاز هذا المشروع الاستراتيجي.

إشادة بالدور البارز والريادي للملك محمد السادس في تعزيز التعاون جنوب-جنوب

 

 

أشاد المشاركون في النسخة الثالثة من منتدى الحوار البرلماني جنوب – جنوب، يوم الثلاثاء الماضي بالرباط، بالدور البارز والريادي الذي يضطلع به الملك محمد السادس في تعزيز التعاون جنوب- جنوب.

جاء ذلك في “إعلان قمة الرباط لمنتدى الحوار البرلماني جنوب جنوب” الذي تلا نصه رئيس مجلس المستشارين، محمد ولد الرشيد، خلال الجلسة الختامية لهذا المحفل البرلماني المهم الذي نظم بمقر المجلس، على مدى يومين، تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس.

كما نوه المشاركون في المنتدى، الذين يمثلون مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة والاتحادات البرلمانية الجهوية والقارية في إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكرايب وآسيا، بإطلاق الملك ودعمه لكل المشاريع والمبادرات التنموية والتضامنية الهادفة إلى دعم الوحدة والتكامل والاندماج والتنمية المشتركة.

وثمنوا في هذا السياق، المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك، الرامية إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، وخلق إطار مؤسساتي متين يوحد إفريقيا الأطلسية، ويعزز التآزر بين دول الجنوب، من خلال تقوية الربط اللوجيستي، والانفتاح الاقتصادي، والتكامل الإقليمي، خاصة في الفضاء الجيو اقتصادي الإفريقي والعربي والأمركولاتيني والآسيوي.

كما أشادوا بكل المبادرات والمسارات الإقليمية الناجحة للاندماج والتعاون في كل من إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكرايب وآسيا، “بما يحقق الازدهار والتنمية المشتركة والمزيد من الفرص الاستثمارية والتجارية وإرساء دعائم قوية لمستقبل مشترك أكثر تطورا واستدامة”.

ومن جهة أخرى، أكد المشاركون على أهمية الحوارات البرلمانية الثنائية والبين إقليمية والقارية بدول الجنوب، في مجابهة التحديات الجديدة للتعاون الدولي، وفي توحيد جهودها من أجل كسب الرهانات المتعاظمة، مشددين على أن احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، “هو الأساس للسلم والأمن والاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة”.

ودعوا في هذا الصدد، إلى تعزيز عمل الاتحادات البرلمانية الإقليمية والقارية والبرلمانات الوطنية بكل من إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكرابيب وآسيا، وذلك من أجل تقوية التنسيق والتواصل والتشاور وتبادل الرؤى، بشأن القضايا الاستراتيجية الراهنة، بما يواكب التطورات التكنولوجية المتسارعة، وكذا صياغة إطارات تشريعية كفيلة بترسيخ دعائم التنمية المستدامة والتطوير الصناعي في بلدان الجنوب، ومواجهة التحديات المستقبلية، ودعم ريادة الأعمال.

وحثوا أيضا، على العمل على دعم البحوث والابتكارات في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي والممارسات المسؤولة التي تهدف إلى تشجيع استخدام هذه التقنيات في تعزيز التنمية بكافة جوانبها في دول الجنوب.

وسجل “إعلان قمة الرباط لمنتدى الحوار البرلماني جنوب- جنوب”، أهمية انعقاد هذا المنتدى، باعتباره فضاء لاستكشاف سبل وإمكانيات الاندماج الجهوي وتعزيز التعاون جنوب – جنوب، وفق منظور استراتيجي تشاركي وتضامني، كفيل بتحقيق التكامل وتقوية مسارات الاندماج وتعزيز القدرة على التكيف والتنسيق والتموقع الاستراتيجي ضمن الأنماط الجديدة من التفاعلات الدولية، وكذا آلية للترافع البرلماني عن القضايا المشتركة، ومجابهة التحديات المطروحة، وإسماع صوت شعوب الجنوب في مختلف المحافل الدولية.

وثمن الإعلان المستوى العالي للنقاش والحوار والتفاعل الذي طبع اشغال وفعاليات المنتدى وكذا العروض المقدمة في مختلف المحاور ، ولاسيما المرتبطة منها بتعزيز الحوارات البين إقليمية والقارية بدول الجنوب، وأهمية السياسات المرتبطة بتعزيز الشراكات الاستراتيجية على جميع الواجهات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، بما يحقق التنمية المشتركة والتكامل، ويرسي دعائم التعاون والتضامن والسلام والاستقرار والازدهار.

وخلال الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن المغرب يؤمن بقدرة دول الجنوب على تجديد نفسها والرفع من وتيرة تقدمها، وأبرز بوريطة، في كلمة تلاها باسمه فؤاد يازوغ السفير المدير العام للشؤون السياسة الدولية، أنه بات من الضروري أن تتجه هذه الدول نحو تعزيز التعاون البيني وإقامة مختلف أشكال الشراكات الاستراتيجية والتضامنية بين البلدان الشقيقة.

وأشار إلى أن منتدى الحوار البرلماني جنوب – جنوب يأتي في إطار انخراط المملكة المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس في دعم كل المبادرات الهادفة إلى تعزيز أواصر التعاون بين دول الجنوب، وأوضح أن المؤتمر يندرج في نطاق ترسيخ النسخة الأولى من هذا المؤتمر التي احتضنتها مدينة الرباط، قبل ثلاث سنوات، ذلك المسار الذي يجسد الإرادة السياسية الرفيعة لبلدان الجنوب بتوطيد دعاماته وتحقيق أهدافه عبر تعزيز هذا البعد المتميز من العمل الدبلوماسي البرلماني.

وتابع الوزير، أن لقاء اليوم محطة بالغة الأهمية في مسار تنزيل أهداف إعلان “الرباط عاصمة التعاون جنوب – جنوب”، وتجسيد لإرادة جماعية من أجل بناء وتقوية جسور التقارب والعمل المشترك في ظل سياقات إقليمية ودولية تتطلب مضاعفة التنسيق، وتعزيز التضامن والثقة كأدوات أساسية لبناء شراكات حقيقية متوازنة ومستدامة، وهو ما يبرز دور الدبلوماسية البرلمانية التي تشكل مجالا خصبا من أجل إنتاج الأفكار والتنسيق والتشاور وتبادل الخبرات بمنظور تعاون جنوب-جنوب تفرضه التحديات المشتركة.

كما نوه بوريطة في هذا الصدد بالاختيار الوجيه لموضوع “الحوارات البين إقليمية والقارية بدول الجنوب: رافعة أساسية لمجابهة التحديات الجديدة للتعاون الدولي وتحقيق السلم والأمن والاستقرار والتنمية المشتركة” وما سيتمخض عنه من توصيات ومخرجات عملية خدمة لقضايا التنمية المشتركة في إفريقيا وآسيا والمنطقتين الأمريكولاتينية والعربية.

وأشار إلى أن المؤتمر يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى حضور ممثلي 13 اتحادا وجمعية برلمانية، ومشاركة 25 دولة تغطي 3 قارات، وهي دول تزخر بإمكانات هائلة للنماء المشترك والتحول الاقتصادي والتكنولوجي والابتكار، وتوفر فرصا حقيقية لتحسين مستوى عيش شعوب هذا الفضاء.

وأضاف أن قناعة المملكة المغربية كانت ولاتزال أن التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه شعوب الجنوب تستدعي تبني مقاربة تقوم على مبدأ التنمية المشتركة، وتأخذ بعين الاعتبار حاجيات وخصوصيات كل بلد وتعمل على تثمين مجهوداته الوطنية في إطار مقاربة تشاركية على مستوى المنطقة أو الإقليم.

وتجسيدا لهذه الروح يقول الوزير، أطلقت المملكة، بقيادة الملك محمد السادس، مجموعة من المبادرات من الجنوب ولفائدة الجنوب، وفي طليعتها مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، وهي مبادرات تجسد بالملموس، التزام المغرب الدائم والثابت لصالح تعاون جنوب-جنوب تضامني وفعال، وتعكس في الآن ذاته رؤية المملكة في معالجة قضايا الجنوب من خلال مبادرات عملية وواقعية.

واستحضر الوزير في هذا السياق ، التوجه الذي أكده الملك محمد السادس بمناسبة الخطاب السامي الذي وجهه إلى القمة ال29 لقادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، حيث شدد على أنه من الأساسي أن تحدد الدول الإفريقية أهدافا واقعية وعملية تقوم على الأولويات الحقيقية للقارة، فإفريقيا لم تعد في حاجة إلى الشعارات الإيديولوجية وإنما تحتاج إلى العمل الملموس والحازم في ميدان السلم والتنمية البشرية.

وأشار بوريطة إلى أن المغرب أطلق تحت قيادة الملك محمد السادس مسلسلا من الإصلاحات والأوراش التنموية الكبرى ليدخل بذلك في مسار تنمية شاملة اقتصادية واجتماعية وقانونية ودستورية وضعته في مصاف الدول التي راكمت رصيدا مهما من الخبرات والممارسات الفضلى مما يؤهله للإسهام بفاعلية في المسار التنموي والبين إقليمي.

وأبرز أن التجارب التي راكمها المغرب في عدد من القطاعات والمجالات الاستراتيجية والحيوية كالطاقات المتجددة والاستغلال المستدام للموارد الطبيعية فضلا عن التكنولوجيات الجديدة ومكافحة الإرهاب تضع المملكة في مكانة خاصة على المستويين الإقليمي والقاري.

كما تفتح آفاقا واسعة لحوار وتعاون عمليين مع الدول والمجتمعات الصديقة والشقيقة خاصة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والعالم العربي، وذلك في إطار رؤية ملكية سامية تولي مكانة بارزة لتعاون جنوب-جنوب مبني على التضامن الفاعل والمتين والاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة والشراكة رابح-رابح.

ومن جهة أخرى، أكد بوريطة أن حالة عدم الاستقرار والغموض التي تطبع السياق الدولي الراهن تضع على عاتق ممثلي الشعوب مسؤولية سياسية وأخلاقية، تقتضي منهم الإنصات لمخاوف مواطنيهم وفهم انتظاراتهم، لاسيما في الدول التي اختارت المسار الديمقراطي كخيار يتم ن دور المؤسسات ويعترف بها كفاعل رئيسي في ترسيخ التعاون بين الشعوب وتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

وقال إن انعقاد النسخة الثالثة من هذا المؤتمر البرلماني يبعث على التفاؤل، ويجسد مسارا واعدا نحو ترسيخ التعاون بين دول الجنوب، بما يكفل استدامته، ويجعل منه إطارا رسميا للاجتهاد الجماعي وتنسيق الجهود والمبادرات المشتركة.

دول الساحل تثمن المبادرة الملكية لتسهيل ولوجها إلى المحيط الأطلسي

 

عبر وزراء خارجية دول تحالف الساحل، خلال استقبالهم الأسبوع الماضي بالقصر الملكي بالرباط من طرف الملك محمد السادس، عن تقديرهم العميق للمملكة المغربية وللملك، على الدعم المتواصل والتضامن الثابت مع بلدانهم، في ظرفية إقليمية دقيقة تمر بها كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

وفي تصريح للصحافة، أعرب عبد الله ديوب، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لجمهورية مالي، عن شكره الكبير لجلالة الملك على الاستقبال الأخوي، مؤكداً أن اللقاء كان مناسبة لنقل تحيات قادة الدول الثلاث، إلى جانب التعبير عن الامتنان للمغرب على مواقفه الداعمة، لا سيما تجاه بلدان تعيش مراحل انتقالية سياسية حساسة، موضحا أن المبادرة الملكية التي تروم تسهيل ولوج الدول الثلاث إلى المحيط الأطلسي تحظى باهتمام بالغ من قبل قادة تحالف دول الساحل، إذ تمثل فرصة استراتيجية لفك العزلة الجغرافية عن هذه الدول الحبيسة، وتعزيز أمنها الغذائي والتجاري، وربطها بفضاءات أوسع للتعاون.

من جهته، قال كاراموكو جون ماري تراوري، وزير الشؤون الخارجية لبوركينا فاسو، إن جلالة الملك لطالما كان مدافعاً قوياً عن مبدأ التعاون جنوب-جنوب، مشيداً بما لمسه من التزام شخصي لجلالة الملك إزاء مستقبل القارة الإفريقية ووحدة شعوبها، وصرّح تراوري بأن اللقاء شكل مناسبة للاستماع إلى «نصائح ملكية قيمة» تؤكد انخراط المغرب في رؤية شاملة لإعادة بناء العلاقات الإقليمية على أسس الاحترام والتكامل.

أما وزير الخارجية النيجري، باكاري ياوو سانغاري، فأشاد بالدور المغربي كأول الداعمين لتحالف دول الساحل، مؤكداً أن المغرب «تفهم منذ البداية خصوصية المرحلة الانتقالية التي تعيشها دولنا، وتعامل معنا بمنطق التضامن، لا التدخل»، وأشار إلى أن المبادرة الملكية لربط بلدان الساحل بالمحيط الأطلسي تمثل «نعمة جيوسياسية واقتصادية» لهذه الدول، منوهاً باستعداد المغرب لتقوية التعاون سواء على المستوى الثنائي أو الجماعي داخل إطار التحالف.

وكان وزير الخارجية والتعاون الإقليمي والبوركينابيين بالخارج، كاراموكو جان ماري تراوري، ثمن  في لقاء سابق مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، ناصر بوريطة، وجاهة المبادرة الملكية، معتبرًا أنها تستجيب لحاجيات ملموسة وواقعية. وقال إن هذه المبادرة تعكس الإدراك العميق لجلالة الملك لتحديات الساحل، وقربه الإنساني من ساكنتها، مشيرًا إلى أنها «تنسجم تمامًا مع الطموح الجماعي لدول المنطقة لتطوير فضاء أكثر تكاملًا وتنافسية».

وأضاف الوزير البوركينابي أن المبادرة تستحق الثناء، لأنها تعكس حرصًا على تمكين دول الساحل من تولي زمام مصيرها بنفسها، وتحويل عزلتها الجغرافية إلى مؤهل تنموي، لافتًا إلى أن البعد التجاري والجمركي جزء لا يتجزأ من هذه الرؤية، التي لا تقتصر على البنية التحتية فقط، بل تشمل أيضًا تسهيلات تعزز التنمية المستدامة.

ومن جهته، وصف وزير الخارجية والتعاون والنيجريين بالخارج، باكاري ياو سانغاري، المغرب بأنه «شريك موثوق يحترم كرامة وسيادة واستقلال دول المنطقة»، مؤكدًا أن المبادرة الملكية تشكل فرصة تاريخية لفك العزلة الداخلية والدولية عن دول الساحل، وربطها بالأسواق العالمية بأقل التكاليف، وهو ما اعتبره تحولًا استراتيجيًا يعزز إمكانات التنمية والبناء المشترك.

بدوره، أعرب سفير جمهورية تشاد لدى المغرب، حسن أدوم بخيت هجار، عن انبهاره بورش بناء ميناء الداخلة المستقبلي، واصفًا إياه بـ «المفخرة الإفريقية»، ومؤكدًا أن هذه البنية التحتية ستشكل ركيزة أساسية في تنزيل المبادرة الأطلسية، لما توفره من إمكانات لوجستيكية وتجارية هائلة لدول المنطقة.

أما وزير الخارجية والتعاون الدولي المالي، عبد الله ديوب، فقد أشاد بـ«المبادرة الهامة والإيجابية»، مؤكدًا أن مالي، كبلد غير ساحلي، «تعتبر هذه الخطوة حاسمة لتعزيز قدراتها الاقتصادية والاندماجية». وأوضح أن مالي «منخرطة بشكل كامل في كل المبادرات الرامية إلى توحيد الجهود الإفريقية، وتوفير الشروط الضرورية لازدهار شعوبها».

وشدد الدبلوماسي المالي على أن التنمية المشتركة، والشراكات الاستراتيجية، تشكلان ضرورة حتمية لمواجهة تحديات الأمن والهجرة والإرهاب، مبرزًا أن «المبادرة الملكية تمثل ردًا اقتصاديًا وجيوسياسيًا فاعلًا على مشاغل السلام والاستقرار في القارة».

 

 

أنبوب الغاز المغربي النيجيري.. مشروع استراتيجي لتكامل إفريقيا وربط الشمال بالجنوب

 

 

يشكل مشروع أنبوب الغاز المغربي–النيجيري أحد أكثر المشاريع الجيو–اقتصادية طموحًا في القارة الإفريقية خلال العقود الأخيرة، وهو ليس مجرد بنية تحتية لنقل الطاقة، بل رؤية استراتيجية متكاملة تعكس طموحًا جماعيًا نحو تحقيق السيادة الطاقية والاندماج الاقتصادي الإفريقي، في إطار مقاربة تنموية شمولية تقودها المملكة المغربية وجمهورية نيجيريا الفيدرالية.

وتم الإعلان عن المشروع لأول مرة سنة 2016 خلال زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى أبوجا، وجرى التوقيع على اتفاق بين المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن بالمغرب وشركة البترول الوطنية النيجيرية (NNPC)  لإطلاق الدراسات التقنية والمالية لإنجاز أنبوب ضخم يربط حقول الغاز النيجيرية بالسواحل الأطلسية المغربية مرورًا بأكثر من عشر دول إفريقية على امتداد الساحل الغربي للقارة.

ويُتوقع أن يمتد هذا الأنبوب على طول يزيد على6,000  كيلومتر، ليكون بذلك من أطول أنابيب الغاز في العالم. وسيمكن من نقل الغاز الطبيعي من نيجيريا، صاحبة أكبر احتياطي في إفريقيا، إلى المغرب، ثم إلى أوروبا، عبر الربط مع أنبوب الغاز المغاربي–الأوروبي، مما يمنح المشروع بعدًا ثلاثيًا: (إفريقي، إقليمي وأوروبي).

ولا تقتصر أهمية المشروع على البعد الطاقي، بل تتجاوزه إلى كونه رافعة تنموية حقيقية لدول غرب إفريقيا. فهو سيوفر مصدرًا مستقرًا ونظيفًا للطاقة لأكثر من 400 مليون نسمة، ويساهم في تقليص اعتماد بعض الدول على مصادر الطاقة المستوردة أو الملوثة، ويدعم بروز صناعات محلية وتحسين القدرة التنافسية الاقتصادية، سيما في الدول ذات الموارد المحدودة.

وسيُسهم المشروع، أيضا، في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتعزيز البنيات التحتية العابرة للحدود وتشجيع التكامل الإقليمي، وهو ما يتماشى مع رؤية المغرب لبناء إفريقيا قوية، متضامنة وذات سيادة على مواردها.

وفي ظل التحولات الجيوسياسية الدولية، سيما التوترات المتعلقة بأمن الطاقة في أوروبا بعد الأزمة الأوكرانية، يكتسب المشروع أهمية إضافية. فهو يوفر بديلًا استراتيجيًا للغاز الروسي، ويعزز موقع المغرب كـ«منصة عبور طاقية» بين إفريقيا وأوروبا ويعزز الدور الإفريقي في إعادة تشكيل خريطة الطاقة العالمية.

ويعكس المشروع، كذلك، قدرة الدول الإفريقية على بلورة شراكات جنوب–جنوب متكافئة ومستقلة، بعيدة عن منطق التبعية. ولقي دعمًا واسعًا من عدد من الدول والمنظمات القارية والدولية، بما في ذلك البنك الإسلامي للتنمية والبنك الإفريقي للتنمية.

ويواصل المغرب ونيجيريا التنسيق الوثيق لتأمين التمويل ومواصلة الدراسات التفصيلية، وأُعلن سنة 2022 عن توقيع عدد من الاتفاقيات مع دول عبور رئيسية (مثل السنغال، موريتانيا، الكوت ديفوار…)، مما يدل على التزام جماعي بدفع المشروع نحو التنفيذ.

وأكد الملك محمد السادس، في أكثر من خطاب، أن المشروع ليس ضد أحد، بل لفائدة شعوب المنطقة، من أجل إفريقيا متضامنة ومزدهرة، فيما اعتبر الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري المشروع رمزًا للتعاون الإفريقي العابر للحدود وللأجيال.

ويتجاوز أنبوب الغاز المغربي–النيجيري كونه مجرد مشروع طاقي، ليشكل رؤية استراتيجية متعددة الأبعاد، تهدف إلى بناء نموذج للتكامل الإفريقي الفعلي، انطلاقًا من منطق التعاون، والاستثمار في الموارد المشتركة والبحث عن حلول إفريقية للتحديات الإفريقية. وفي ظل ما يتيحه من فرص اقتصادية، سياسية وبيئية، فإن هذا المشروع مرشح لأن يصبح حجر الزاوية في مستقبل أمن الطاقة والتنمية المستدامة في القارة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى