شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

انتصار وكفى

انتقلت الديبلوماسية المغربية، في السنوات القليلة الماضية، من النكسات إلى الانتصارات، من مواقع الدفاع إلى الهجوم، ومن الديبلوماسية قريبة المدى إلى الديبلوماسية ذات الطابع الاستراتيجي، ومن برودة النتائج إلى الحصاد الديبلوماسي، من ديبلوماسية المساهم إلى ديبلوماسية الشريك. لذلك فرسالة الود من الرئيس الألماني إلى ملك المغرب بعد مراجعة سلطات برلين لمواقفها من قضية وحدتنا الترابية ودورنا الإقليمي، ليست مجرد رسالة فرضتها الطقوس البروتوكولية، بل هي نتيجة طبيعية ومنتظرة في خضم هذا المسار الذي سطره رئيس الدولة ويشرف عليه شخصيا.

مقالات ذات صلة

ويكفي أن نتدبر فحوى الرسائل التي وجهتها أعلى سلطة في ألمانيا إلى ملك المغرب، ليشعر المرء بأنه أمام انتصار ديبلوماسي للمنحى الذي نهجه المغرب خلال أزمته الأخيرة مع أقوى دولة أوربية، فمن قلب هاته الأزمة خرجت رسائل تشيد بقيام المغرب بإصلاحات واسعة، وتعلن دعم ألمانيا المستمر والقوي للتطور الديناميكي والرائع في المغرب، وتمدح الموقع المهم للاستثمار بالنسبة للمقاولات الألمانية بإفريقيا، وتعلن دعمها اللامشروط للمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها أساسا جيدا للتوصل إلى اتفاق سياسي، وتنوه بالمساهمة الكبيرة لبلدنا من أجل الاستقرار والتنمية في المنطقة والانخراط الفعال من أجل مسلسل السلام بليبيا، وتتغزل بالالتزام المتفرد للسلطات المغربية في مكافحة الإرهاب والنموذج المغربي لتكوين الأئمة باعتباره عنصرا واعدا من شأنه القضاء على التطرف، وهو ما عده الرئيس الألماني أمرا ضروريا لبلده ولأمنه.

في الحقيقة ليس هناك من مدح ديبلوماسي ومن إطراء دولة لدولة أكثر من هذا الذي حملته رسالة الرئيس الألماني، والمغرب استوعب جيدا الرسائل المتضمنة، وبدون شك سيرد على التحية بأحسن منها، لأن الدولة التي تؤمن بسياسة مد اليد مع الأعداء والخصوم لا يمكنها إلا أن تكون أكثر سخاء وسماحة مع الأصدقاء والشركاء.

ومع ذلك فالرسالة التي وجهها الرئيس الألماني لجلالة الملك اليوم يدعوه فيها لزيارة ألمانيا ويشيد بالدولة المغربية ينبغي أن تكون درسا بليغا للقوم الذين يفرحون لألم الوطن، ولأولئك الذين ينتشون بكبوة ديبلوماسية، ولأولئك اليوتوبرات البؤساء وراء هواتفهم الذين يتمنون أن يدخل البلد نفقا مظلما لا يخرج منه حتى تعم الفوضى وحرب الكل ضد الكل، واللواتي تقودهن ساديتهن إلى أن يحولن الانتصار إلى هزيمة، وأولئك الذين يشعرون بالحنق والغضب حينما تحقق دولتنا إنجازا ديبلوماسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا مهما كان أو صغيرا.

باختصار هي رسالة ألمانية مفادها أن الدولة المغربية قوية بمؤسساتها وأن أولئك الذين يشيدون شرعية وجودهم على فشل الدولة في إحدى المنازلات سينتظرون طويلا دون أن تتحقق أوهامهم. طبعا الكثير من هؤلاء القوم سيبتلعون ألسنتهم اليوم في انتظار تصيد كبوة قد تأتي وقد لا تأتي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى