شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

تراجع مقلق في كل مؤشرات إدراك الفساد

تفاقم الفساد السياسي والرشوة يهدد الاستثمارات ومناخ الأعمال

محمد اليوبي

مقالات ذات صلة

 

أفاد التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، برسم سنة 2023، بأن المغرب سجل تراجعا في مختلف مؤشرات إدراك الفساد. وجددت الهيئة، من خلال تقريرها، الدعوة إلى ضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة في الوقاية من الفساد ومكافحته، من خلال اعتماد مقاربة تتجاوز نقاط الضعف والمحدودية التي تم الوقوف عليها.

وبخصوص تطور الفساد على المستوى الوطني، أكدت الهيئة أنه بحصوله على درجة 100/38 في مؤشر مدركات الفساد برسم 2023، يكون المغرب قد تراجع بخمس 5 نقط خلال السنوات الخمس الأخيرة، مكرسا مسلسل التراجع في هذا المؤشر، والذي انطلق منذ سنة 2018 حين حصل على نقطة 100/43، وهي أعلى نقطة منذ أزيد من عشرين سنة. وأبرزت الهيئة أن هذا التراجع انعكس أيضا على ترتيب المغرب ضمن لائحة الدول التي شملها هذا المؤشر؛ حيث انتقل من الرتبة 73 ضمن 180 دولة سنة 2018 ليصل إلى الرتبة 97 ضمن 180 دولة سنة 2023، متراجعا بـ24 رتبة خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وحسب التقرير، فقد أبرز التشخيص الذي قامت به الهيئة أن المغرب احتل، على المستوى العربي، الرتبة التاسعة مسبوقا بكل من الإمارات وقطر والسعودية والأردن والكويت وسلطنة عمان والبحرين وتونس، ومتبوعا باثنتي عشرة دولة، كما تراجع ترتيب المغرب بدرجتين على المستوى الإفريقي، محتلا مرتبة وسطى ومسبوقا بست عشرة دولة.

وأضاف التقرير أنه في تقاطع مع ما أكده مؤشر مدركات الفساد من ارتباط تراجع معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جهود مكافحة الفساد، بارتفاع مستويات الفساد السياسي، سجل المغرب سنة 2023 تراجعا على مستوى مؤشر الفساد السياسي، الذي يصدره مشروع أنماط الديمقراطية

(V-DEM ) ، ليواصل هذا المؤشر منحاه التراجعي منذ سنة 2020، كما سجل تراجعا على مستوى المؤشرين المتعلقين بتطبيق القانون والحكومة المنفتحة المتفرعين عن مؤشر سيادة القانون الذي يصدره مشروع العدالة العالمي.

وتأكيدا لتراجع المغرب في المؤشرات المشار إليها سابقا، جاءت نتائج مؤشر النزاهة العمومية الذي يصدره مركز الأبحاث الأوروبي لمكافحة الفساد وبناء الدولة (ERCAS) برسم 2023 متقاربة مع التراجعات المسجلة، حيث رصد هذا المؤشر تراجع المغرب في المؤشر الفرعي المتعلق باستقلال القضاء (10/4.8) وحرية الصحافة (10/3.44)، وبالخدمات عبر الإنترنت (10/3.8)، ليحصل بذلك على تنقيط عام لا يتجاوز 10/5.34 محتلا بذلك الرتبة 79 ضمن 116 دولة، علما أن أعلى تنقيط عام دوليا حصلت عليه الدانمارك بـ 10/9.30 وإفريقيا حصلت عليه جنوب إفريقيا بـ10/7.51، وعربيا حصلت عليه الأردن بـ10/6.53.

وفي ارتباط وثيق بالنتائج المتقاربة لجميع هذه المؤشرات وكذا نتائج البحث الوطني حول الفساد، أبرز التقرير أن استطلاعات الرأي المنجزة في إطار البارومتر الإفريقي الصادر في شهر ماي 2023 حول المغرب، أكدت على تفاقم وضع الفساد، حيث احتل الرتبة السابعة ضمن المشاكل التي يواجهها المغرب والتي يجب على الحكومة أن تعالجها.

وفي الاتجاه نفسه، يضيف التقرير، رصد البارومتر الإفريقي الفجوة الملحوظة بخصوص مدركات المواطنين حول فعالية جهود الحكومة للتصدي للفساد في الإدارة العمومية؛ حيث يرى 79% من المستجوبين أن الطريقة التي تواجه بها الحكومة الفساد داخل الإدارة العمومية سيئة أو سيئة جدا، فيما 18% يرون أنها جيدة و1% فقط يرون أنها جيدة جدا.

وتختلف هاته النسب بين المجالين القروي والحضري، فقد خلصت النتائج إلى أن المستجوبين من العالم القروي أكثر تشاؤما حيث إن 35% منهم يرون أنها سيئة جدا مقابل 29.3% في المجال الحضري، كما سجلت النتائج أن الذكور أكثر تشاؤما من الإناث حيث إن 33.1% من الذكور يرون أنها سيئة جدا مقابل 29.5% من الإناث، أما بخصوص التبليغ عن الفساد فإن 46.7% من المستجوبين لا يستطيعون التبليغ عن حالات الفساد مخافة العواقب والنتائج السلبية لهذا التبليغ عليهم.

ويؤكد هذا التقرير على ارتباط الفساد بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية، حيث يتزايد الإدراك بتفاقم الفساد، خاصة لدى الطبقات الفقيرة والمهمشة والمناطق النائية، مما يدل على أن تكاليف الفساد المرتفعة تتحملها الفئات الضعيفة، وتظهر آثاره في الحقوق التي يُحرم منها الفقراء في مجموعة من المجالات مثل التعليم الجيد والسكن اللائق والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية. وأكد التقرير أن هذا الحرمان يجسد انتشار الفساد وانخفاضا في معدلات الشفافية، حيث تعزز الاقتناع لدى المنظمات المهتمة بأن هناك ارتباطا وثيقا بين تدني مستوى الحكامة وتقليل فرص الوصول إلى الحقوق الأساسية.

وسجل التقرير أنه، من خلال استقراء نتائج البحث الميداني الذي تم إنجازه من طرف البنك الدولي المتعلق بالمقاولات لسنة 2023، والذي يخصص أحد مواضيعه للفساد وعلاقته بالمقاولات، احتل الفساد المرتبة الثانية من بين العوائق الرئيسية أمام المقاولات في المغرب، حيث أعلنت 15.7% من المقاولات أن الفساد هو العائق الرئيسي الأول أمامها. إضافة إلى ذلك، أفادت 29.6% من المقاولات التي تم استجوابها بأنها تلقت طلبا لدفع رشاو في إطار معاملاتها المتعلقة بالحصول على خدمات عمومية تهم الضرائب، والحصول على تراخيص البناء، والربط بشبكتي الماء والكهرباء، وتراخيص التصدير ورخص الاستغلال.

أما في ما يتعلق بتقييم مخاطر الفساد في مجال مناخ الأعمال والمقاولات، فإن المخاطر المتعلقة بالفساد عرفت ارتفاعا سنة 2023، وهكذا فعلى مستوى مؤشر مصفوفة مخاطر الرشوة ( Trace Bribery Matrix)  الذي تصدره جمعية « Trace International»  تراجع المغرب بأربع مراتب مقارنة مع سنة 2022 رغم احتفاظه بنفس التنقيط 61/ 100 حيث احتل الرتبة 140 من أصل 194 دولة يشملها التقييم، أما في ما يخص المؤشرات الفرعية فقد تراجع تنقيط المغرب في المؤشرين الفرعيين المتعلقين بالزجر وتطبيق قوانين مكافحة الفساد رغم حصوله على تنقيط 100/70، وفي قدرة المجتمع المدني بما فيه الصحافة على المراقبة رغم حصوله على تنقيط 100/53.

وباستقراء مؤشرات الدليل الدولي لمخاطر الدول، حسب التقرير، تَبين أن الرشوة تبقى هي شكل الفساد الأكثر شيوعا الذي تواجهه المقاولات في ما يتعلق بحصولها على تراخيص الاستيراد والتصدير ومراقبة المبادلات والتقييم الجبائي والحصول على قروض بنكية وغيرها، وأكد التقرير أن هذا النوع من الفساد من شأنه أن يعيق التطور الإيجابي لمناخ الأعمال بما يؤدي إلى تراجع الاستثمارات أو سحبها.

وبخصوص نتائج المغرب، فإن تنقيط مخاطر الفساد عرف استقرارا متواصلا في الفترة الممتدة ما بين 2017 و2022 حيث كان المغرب يحصل على تنقيط 6/3، فيما عرف هذا التنقيط تراجعا سنة 2023، فمنذ شهر يونيو 2023 نزل من 6/3 إلى 6/2.5 ليحصل المغرب نهاية السنة على تنقيط سنوي بمستوى 6/2.75 وهو ما يعني أن مخاطر الفساد بالنسبة للمقاولات ارتفعت مقارنة مع سنة 2022.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى