
النعمان اليعلاوي
أسدلت المحكمة الابتدائية بسلا الستار على واحد من أكثر الملفات التي أثارت جدلاً محليًا خلال الأشهر الماضية، والمتعلق بتفكيك “شبكة لتزوير الشهادات الإدارية” كانت تنشط داخل النفوذ الترابي للمدينة، وتستغل وثائق رسمية صادرة عن مؤسسات عمومية لأغراض غير قانونية. وجاء الحكم بعد جلسات متواصلة استمعت خلالها المحكمة إلى المتهمين والشهود، واطّلعت على محاضر الضابطة القضائية وتقارير الخبرة المنجزة في القضية.
وقضت هيئة الحكم بإدانة المتورطين الرئيسيين في الشبكة بعقوبات حبسية نافذة وأخرى موقوفة التنفيذ، إلى جانب غرامات مالية متفاوتة، وذلك بعد متابعتهم بتهم تتعلق بـ”تزوير وثائق إدارية واستعمالها”، و”الارتشاء”، و”المشاركة في تزوير محررات رسمية”، و”استغلال النفوذ لأغراض شخصية”. كما شملت المتابعة موظفين جماعيين ووسطاء يشتبه في تورطهم في تسهيل الحصول على شهادات السكنى، وشهادات المطابقة، ووثائق إدارية أخرى بطريقة غير قانونية.
وحسب معطيات الملف، فإن الشبكة كانت تعتمد أساليب دقيقة لتزوير الشهادات، من بينها استعمال نسخ مطابقة لأختام مؤسسات رسمية، وتدوين معطيات غير صحيحة حول محلات سكنية أو تجارية، بغرض تمكين أشخاص من الاستفادة من وثائق إدارية تتيح لهم استخراج رخص أو ملفات إدارية لاحقة. كما كشفت التحريات أن بعض المتهمين كانوا يتقاضون مبالغ مالية متفاوتة مقابل تسليم هذه الوثائق، في خرق صريح للقانون واستغلال غير مشروع للنفوذ الإداري.
وقد أدت التحقيقات التي باشرتها المصالح الأمنية، بتنسيق مع النيابة العامة، إلى توقيف أفراد الشبكة بعد تتبع دقيق لتحركاتهم والعمليات المشبوهة التي تورطوا فيها. كما تم حجز وثائق وأختام مزورة، إلى جانب هواتف نقالة تتضمن رسائل وتسجيلات صوتية استُعملت كأدلة في المحاكمة.
وخلال جلسات الاستماع، نفى بعض المتهمين علاقتهم المباشرة بعمليات التزوير، مؤكدين أن توقيعاتهم تمت دون علمهم باستعمال الوثائق خارج السياق القانوني. فيما اعترف آخرون بوساطة مالية بين المرتفقين وأفراد من الشبكة. وقدّمت هيئة الدفاع دفوعات شكلية وموضوعية، أبرزها غياب الخبرة التقنية على بعض الوثائق، لكن المحكمة اعتبرت أن الأدلة المتوفرة كافية لترتيب المسؤولية الجنائية.





