إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
مع اقتراب يوم 20 ماي الجاري، تاريخ انتهاء المرحلة الثانية من حالة الطوارئ الصحية، يتساءل المغاربة عن إمكانية رفع الحجر الصحي في ظل تسجيل حالات الإصابة بفيروس كورونا، فيما تشتغل القطاعات الوزارية المعنية على عدة سيناريوهات للخروج من هذه الأزمة بشكل تدريجي، خاصة في المرحلة الأولى لإعادة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني الذي تكبد خسائر جسيمة بسبب تداعيات الجائحة، فيما حسم وزير الداخلية الأمر بخصوص التنقل بين المدن، واعتبره آخر إجراء سيكون في مراحل رفع الحجر الصحي، لمحاصرة الوباء وتفادي انتقاله بين الأقاليم.
كشف وزير الداخلية، خلال الأسبوع الماضي، أمام مجلس النواب، أن الحكومة تشتغل على عدة سيناريوهات لرفع الحجر الصحي بشكل تدريجي، فيما وضع وزير الصحة، خالد آيت الطالب، ثلاثة شروط لرفع الحجر الصحي، من أهمها السيطرة على الوباء ومحاصرة انتشاره. ومن جانبها تشتغل لجنة اليقظة الاقتصادية بدورها على سيناريوهات ما بعد رفع الحجر الصحي لإنعاش الاقتصاد الوطني الذي تكبد خسائر جسيمة، بسبب تداعيات انتشار جائحة فيروس كورونا.
خسائر جسيمة للاقتصاد الوطني
بدأت الاستعدادات بكل القطاعات الحكومية لرفع الحجر الصحي بشكل تدريجي، وستكون البداية بالعودة للعمل ببعض القطاعات الاقتصادية الأساسية والمهمة، بعد توقف لمدة شهرين، منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية. وفي مذكرة إحصائية، أشار المركز المغربي للظرفية إلى أن الناتج الداخلي الخام سيُحقق نمواً سالباً بـ3.2 في المائة خلال السنة الجارية، بعدما كانت توقعات المركز الأولية تشير إلى 0.8 في المائة، فيما حدد قانون مالية 2020 توقعات الحكومة حول نمو الاقتصاد الوطني بـ3.7 في المائة.
وأشار المركز المغربي للظرفية إلى أن الفرضية الرئيسية تفيد بانتهاء الأزمة الصحية منتصف العام الجاري على أن يتحقق الانتعاش في ما بعد بشكل تدريجي، كما تأخذ النسبة المتوقعة بعين الاعتبار أيضاً الموسم الفلاحي المتسم بالجفاف، وما سينتج عنه من انخفاض ملحوظ في إنتاج الحبوب الذي لن يتجاوز 40 مليون قنطار.
ويعتبر خُبراء المركز المغربي للظرفية أن إحداث صندوق خاص لتدبير جائحة كورونا يمكن أن يُجنب العديد من المقاولات خطر الإفلاس، وبالتالي الحفاظ على مناصب الشغل، وينبني توقع المركز أيضاً على فرضيات تقليدية أخرى، من بينها انتعاش أسعار النفط منتصف العام الجاري لتستقر عند مستوى 50 دولاراً تقريباً، وأشار تحليل أصدره المركز إلى أن أغلب القطاعات الإنتاجية في المملكة ستعاني من التداعيات السلبية للأزمة الحالية.
ومن جانبها، أكدت المندوبية السامية للتخطيط أن حوالي 142 ألف مقاولة صرحت بتوقف نشاطها بشكل مؤقت أو دائم في بداية الشهر الجاري، وهذا الرقم يمثل أكثر من نصف المقاولات المغربية (57 في المائة)، مشيرة إلى أن الأزمة الناتجة عن تفشي فيروس كورونا المستجد دفعت 135 ألف مقاولة إلى تعليق أنشطتها مؤقتاً، بينما أقفلت 6300 مقاولة بصفة نهائية، وكانت حصة الأسد من الضرر في المقاولات الصغيرة جداً بنسبة تصل إلى 72 في المائة، و26 في المائة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، و2 في المائة فقط من المقاولات الكبرى.
وتتوقع المندوبية أن يواصل الاقتصاد العالمي انكماشه بوتيرة أشد حدة من الفصل السابق، متأثرا بانتشار الوباء وتمديد فترات الحجر الصحي. في ظل ذلك، سيشهد الطلب الخارجي الموجه للمغرب تراجعا بنسبة 12,6 في المائة، خلال الفصل الثاني من 2020، عوض ناقص 6 في المائة المتوقعة في 7 أبريل، متأثرا بانخفاض الواردات وخاصة الأوروبية، ما سيساهم في تراجع الصناعات المحلية الموجهة للتصدير. في ظل ذلك، يتوقع أن تنخفض الصادرات الوطنية بـ 6,1 في المائة، حسب التغير السنوي، كما ستشهد الواردات تراجعا يقدر بـ 8,4 في المائة، موازاة مع تقلص المقتنيات من المواد الخام ومواد الاستهلاك والتجهيز.
وبالإضافة إلى تراجع الطلب الخارجي، وباعتبار تمديد فترة الحجر الصحي على أكثر من نصف الفصل الثاني، يتوقع أن ينخفض استهلاك الأسر بنسبة 2,1 في المائة، خلال الفصل الثاني من 2020، وذلك بسبب تراجع النفقات المتعلقة بالنقل وبالمواد المصنعة وبخدمات الفندقة والترفيه، في المقابل، سيواصل الاستثمار تقلصه بوتيرة تناهز 26,5 في المائة، متأثرا بتراجع مخزونات المقاولات، حيث ستساهم الأزمة الصحية في الحد من احتياجات المقاولات من التمويلات في الوقت الذي ستظل احتمالات انتعاش سريع للطلب غير مؤكدة، وفي العموم، يتوقع أن يشهد الاقتصاد الوطني انخفاضا يقدر بـ 6,8 في المائة خلال الفصل الثاني من 2020.
ومن منظور قطاعي، تتوقع المندوبية انخفاض القيمة المضافة الفلاحية بـ 4,2 في المائة، في الفصل الثاني من 2020، فيما ستتراجع الأنشطة غير الفلاحية بـ 6,9 في المائة، حيث ستشهد القيمة المضافة للقطاع الثالثي انخفاضا ملموسا، متأثرة بتراجع أنشطة التجارة والنقل وتوقف المطاعم والفنادق. وإضافة إلى ذلك، يرجح أن تنخفض القيمة المضافة للقطاع الثانوي بـ 8,9 في المائة، حسب التغير السنوي.
وحسب مذكرة المندوبية، ينتظر أن يواكب هذا الانخفاض فقدان ما يقرب من 8,9 نقط من النمو خلال الفصل الثاني من 2020 مقارنة مع توقعات تطور الناتج الداخلي الخام قبل تفشي وباء كوفيد 19، عوض ناقص 3,8 نقط المتوقعة في بداية شهر أبريل، وهو ما يرفع الخسائر المتوقعة على مستوى القطاعات الإنتاجية الى 29,7 مليار درهم، خلال النصف الأول من سنة 2020، عوض 15 مليار درهم المتوقعة في 7 أبريل. وأشارت المندوبية إلى أن هذه التوقعات تظل قابلة للتغيير موازاة مع ظهور معطيات جديدة في ظرفية تتسم بتزايد الشكوك حول مدة الأزمة الصحية وحدة آثارها على النشاط الاقتصادي وكذلك تأثير مختلف التدابير والبرامج المتخذة لدعم الاقتصاد الوطني.
خطة إنعاش الاقتصاد
أعلنت لجنة اليقظة الاقتصادية، خلال انعقاد اجتماعها السادس يوم الأربعاء الماضي، بتوظيف تقنية الفيديو عن بعد، أنها شرعت في الانكباب على بلورة خطة إنعاش شمولية ومتناسقة للاقتصاد الوطني. وأوضح بلاغ لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن خطة الإنعاش هذه ستعتمد على بلورة خطط إنعاش على المستوى القطاعي، تأخذ بعين الاعتبار الفترة الخاصة لإعادة استئناف كل قطاع من هذه القطاعات لنشاطه حسب خصوصياته. وجاء في البلاغ أن أعضاء لجنة اليقظة الاقتصادية قاموا بترسيم المبادئ الرئيسية للخطة الشمولية وآليات الدعم الأفقية الكفيلة بتحقيق الانتعاش المرتبط بها.
وأكد البلاغ ذاته أنه خلال اجتماعها المقبل، ستتدارس اللجنة، على وجه الخصوص، آليات التمويل طويلة الأجل، الملائمة لكل قطاع بغية دعم إنعاش المقاولات الكبرى، مشروطة بالاستفادة من تقليص آجال الأداء، وكذلك مواكبة استئناف أنشطة المقاولات الصغيرة والمتوسطة والمقاولات الصغرى العاملة في مختلف القطاعات الإنتاجية. وأضاف البلاغ أنه سيتم أيضا التداول بشأن آليات تحفيز الطلب خلال الاجتماعات القادمة للجنة، مع إيلاء اهتمام خاص لتعزيز المنتوج/المحتوى المحلي، وتابع أنه وقع اتفاق أعضاء اللجنة على محتوى وأهداف الخطط القطاعية التي يجب تكييفها حسب الخصائص المحددة لكل قطاع، وأن خطط الإنعاش القطاعية هذه ستخضع بمجرد بلورتها في صيغتها النهائية، لتقييم اللجنة في أفق توحيدها وضمان تناسقها في إطار خطة الإنعاش الشمولية التي سيتم الإعلان عنها قبل نهاية حالة الطوارئ الصحية.
وتميزت أشغال هذا الاجتماع بعرض الوضعية الاقتصادية والمالية الشاملة للمغرب بناء على أحدث المؤشرات المحينة للظرفية الاقتصادية، ومكن تحليل هذه المؤشرات من الوقوف على تطور الوضعية الماكرواقتصادية في بلادنا وكذا تطورات الظرفية المسجلة على مستوى القطاعات الإنتاجية الرئيسية.
وأضافت وزارة الاقتصاد أن لجنة اليقظة الاقتصادية أخذت علما بدليل (KIT) تقدم به الاتحاد العام لمقاولات المغرب لاستئناف الأنشطة، وأشادت به، مشيرة إلى أنه هو الذي يجب أن يوجه الإجراءات الوقائية والصحية للمقاولات لضمان أقصى قدر من السلامة لأجرائها وزبنائها. وخلص البلاغ إلى أن أعضاء اللجنة شددوا، في ختام هذا الاجتماع، على التزامهم بالعمل من أجل خلق الظروف الملائمة لاستئناف الأنشطة الاقتصادية، مع ضمان أن يتم ذلك في ظل الامتثال الكامل للمتطلبات اللازمة من حيث الأمن الصحي وما يرتبط بذلك من الحفاظ الكامل على صحة المواطنين التي تظل في صلب أولويات المغرب.
تعديل قانون المالية
أكدت مصادر من وزارة الاقتصاد والمالية أن مصالح الوزارة وكذلك الأقسام المكلفة بالمالية والميزانية بالقطاعات الحكومية، شرعت في إعداد قانون مالية معدل، في أفق استكمال المعطيات الرقمية للتوقعات، لعرضه أمام مجلس الحكومة ومجلسي البرلمان في غضون الأسابيع المقبلة. وأوضح مصدر من مديرية الميزانية بالوزارة، أن قانون المالية المعدل أصبح يفرض نفسه بحكم الواقع، على غرار جل بلدان العالم، التي وضعت قوانين مالية معدلة، بسبب التداعيات الاقتصادية للأزمة التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا. وأكد المصدر أن الوزارة تشتغل على عدة سيناريوهات في انتظار أن تتوضح الرؤية أكثر، لتقييم حجم الخسائر على الاقتصاد الوطني، لأن «قانون مالية ليس نصا إنشائيا، وإنما هو أرقام وتوقعات يجب أن تكون مضبوطة وواقعية ولها صدقيتها»، مشيرا إلى أن تعديل قانون المالية يتطلب بالضرورة إجراء تقييم وتوقعات حول مداخيل الميزانية، وكذلك توقعات مضبوطة حول الاعتمادات المخصصة للنفقات الضرورية بعد تحديد الأولويات، ثم معدل النمو المتوقع في ظل هذه الجائحة.
وحسب المادة الرابعة من القانون التنظيمي لقانون المالية، لا يمكن أن تغير خلال السنة أحكام قانون المالية للسنة إلا بقوانين المالية المعدلة، وتنص المادة 51 من نفس القانون على أن البرلمان يصوت على مشروع قانون المالية المعدل في أجل لا يتعدى خمسة عشر (15) يوما الموالية لإيداعه من طرف الحكومة لدى مكتب مجلس النواب، ويبت مجلس النواب في مشروع قانون المالية المعدل داخل أجل ثمانية (8) أيام الموالية لتاريخ إيداعه، وبمجرد التصويت على هذا المشروع أو نهاية الأجل المحدد في الفقرة السابقة، تعرض الحكومة على مجلس المستشارين النص الذي تم إقراره أو النص الذي قدمته في أول الأمر مدخلة عليه إن اقتضى الحال التعديلات المصوت عليها من طرف مجلس النواب والمقبولة من طرف الحكومة، ثم يبت مجلس المستشارين في المشروع داخل أجل أربعة (4) أيام الموالية لعرضه عليه، ويقوم مجلس النواب بدراسة التعديلات المصوت عليها من طرف مجلس المستشارين ويعود له البت النهائي في مشروع قانون المالية المعدل في أجل لا يتعدى ثلاثة (3) أيام.
سيناريوهات وزارة المالية
كشف وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، أمام مجلس النواب، عن إمكانية تعديل قانون المالية، وأكد أن أي محاولة لتقييم أو تقدير الآثار الناتجة عن هذه الأزمة تبقى مجرد عملية تقريبية فقط، إذ يعتمد تقييم الآثار على عدة عوامل، منها مدة الأزمة وحجمها، وفعالية التدابير المتخذة لمواجهتها، وكذا قُدرة الدول على تدبير الفترة التي تلي هذه الأزمة. وأبرز الوزير أن المغرب لا يُوجد بمنأى عن الاضطرابات التي يعرفها الاقتصاد العالمي، فالاضطرابات في سلاسل الإمداد والإنتاج وإغلاق الحدود أدت إلى توقف مجموعة من القطاعات، وأربكت أخرى، وخلص بنشعبون إلى أن هناك تطورات قطاعية توجد طور التبلور، لكن حجمها وعُمقها ومداها يتغير بوتيرة متسارعة، ما يزيد من صُعوبة وتعقيد وضع سيناريوهات للنمو ربما ستصبح أكثر وضوحاً ارتباطاً بتطورات الأزمة خلال الأيام المقبلة.
وأوضح الوزير أن النشاط الاقتصادي للمغرب لم يعرف توقفاً تاماً، بل مازالت بعض الفروع تزاول أنشطتها كالصناعات الاستخراجية والصناعات الغذائية وقطاع المواصلات والخدمات المالية، حيث تمثل هذه القطاعات ما يناهز 41 في المائة من الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي، وإذا ما أضفنا إليها الإدارات العمومية فإن هذه النسبة تصل إلى 53 في المائة. وتوقع الوزير أن تتوضح الرؤية بتطور الأزمة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، للوقوف على إمكانيات التدارك المتاحة لبعض القطاعات بعد انتهاء فترة الحجر الصحي، مشيرا إلى توجيه الدعم اللازم لكل الأطراف المعنية مما سيمكن من التعافي السريع للاقتصاد المغربي بكل قطاعاته، وفي نفس الوقت تعمل وزارة الاقتصاد والمالية على التتبع الدقيق للوضعية الاقتصادية الوطنية والدولية بما في ذلك تطور مختلف المؤشرات الماكرو اقتصادية، وسنتخذ ما يلزم من إجراءات فور اتضاح الرؤية بخصوص تطورات الأزمة داخليا وخارجيا، مما لا يستثني اللجوء إلى قانون مالي مُعدِّل.
وتطرق الوزير إلى التوافق في إطار لجنة اليقظة الاقتصادية على منهجية للتفكير الاستباقي تنبني على وضع السيناريوهات الممكن تنفيذها بالنسبة للمرحلتين القادمتين، وتتعلق المرحلة الأولى بالعودة التدريجية لمختلف القطاعات إلى ممارسة أنشطتها في إطار التنسيق مع استراتيجية رفع حالة الطوارئ الصحية، في حين تتعلق المرحلة الثانية بتنزيل الآليات الملائمة والمتجددة التي ستمكن من وضع الاقتصاد الوطني في منحى للنمو القوي والمستدام، في مرحلة ما بعد أزمة كوفيد-19، ويبقى الهدف الأساسي لهذه السناريوهات، حسب بنشعبون، هو إعادة النشاط الاقتصادي في أقرب وقت في احترام تام لما سيتم اتخاذه من تدابير لرفع حالة الطوارئ الصحية، وتحقيق شروط الإقلاع الاقتصادي من خلال استغلال كل الهوامش على مستوى تعبئة الموارد بما في ذلك الهوامش المتاحة على مستوى الدين العمومي، وينبغي في نفس الوقت، يضيف الوزير، توجيه الإنفاق العمومي نحو الأولويات التي تفرضها هذه المرحلة على مستوى دعم الطلب الداخلي، ولكن كذلك دعم العرض والإنتاج وتطوير القيمة المضافة المنتجة محليا.
وزارة الصحة تدرس شروط وسيناريوهات رفع الحجر الصحي
أكد خالد آيت الطالب، وزير الصحة، أن قرار رفع حالة الطوارئ الصحية بالمملكة رهين بنزول مؤشر انتشار الفيروس لمدة زمنية ممتدة لأسبوعين. وقال آيت الطالب إنه يجب توفر ثلاثة شروط للتحدث عن قرار رفع الطوارئ الصحية الجارية بالمملكة، منذ 20 مارس الماضي وحتى 20 ماي الجاري، أولها نزول مؤشر انتشار الفيروس كما هو محدد في ضابط علمي يسمى (R0) الذي يرصد نسبة انتشار الفيروس، موضحا أن هذا المؤشر يجب أن ينخفض إلى أقل من واحد لمدة زمنية تمتد لأسبوعين (تراجع عدد الأفراد الذي يمكن أن يعاديهم كل شخص مصاب).
وتابع أن الشرطين الآخرين يتمثلان في انخفاض عدد المصابين الجدد، وتراجع نسبة الحالات الإيجابية عند تعميم الاختبارات على الأشخاص المخالطين. وأكد وزير الصحة على نجاعة الاختيارات الاحترازية والوقائية التي اعتمدها المغرب للتصدي لهذه الجائحة، منها الحجر الصحي واستعمال عقار الكلوروكين ووضع الكمامات الواقية، فضلا عن الوعي الذي أبداه المواطنون من خلال الامتثال لقرار حالة الطوارئ، مشيرا إلى أن ذلك جعل أمر التصدي للجائحة «متحكما فيه»، لكن هذا لا يعني القضاء على الفيروس. وشدد وزير الصحة على ضرورة التمسك بالحذر واليقظة حتى «لا نعود إلى الوراء» في الحرب ضد الوباء، متوقفا، بالمناسبة، عند الدور الفعال لمادة الكلوروكين في «الحد من الحالات الحرجة وعلاج الحالات الحميدة في بداية إصابتها»، مؤكدا على نجاعة البروتوكول العلاجي المعتمد على دواء الكلوروكين، مشيرا بالمناسبة إلى توفر مخزون كبير لدى الوزارة من هذا الدواء يكفي لعلاج كل المغاربة.
جهود السيطرة والتحكم
بعد تمديد فترة حالة الطوارئ إلى غاية يوم 20 ماي الجاري، تسابق مصالح وزارة الصحة الزمن لمحاصرة تفشي الفيروس والسيطرة عليه، إلى جانب اشتغال لجنة علمية على تدارس سيناريوهات الخروج من الأزمة الصحية، والعودة التدريجية إلى الحياة العادية، بالرفع التدريجي للحجر الصحي. وستعتمد الوزارة على تقنية تحليلات الأمصال، لقياس قوة مناعة المغاربة لمقاومة الفيروس، وذلك على غرار العديد من البلدان التي اعتمدت «شهادة المناعة» لتحديد المواطنين الذين سيغادرون منازلهم، وتشتغل لجنة علمية بوزارة الصحة على إعداد سيناريو الخروج من الأزمة الصحية التي يعرفها المغرب على غرار باقي دول العالم بسبب تفشي فيروس كورونا، ويهدف هذا السيناريو إلى رفع الحجر الصحي تدريجيا، ما بعد رفع حالة الطوارئ الصحية، وتعميم إجراء التحاليل الطبية على فئات واسعة من المواطنين، وخاصة الذين يشتغلون في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الحيوية، مع التركيز على إجراء اختبار المناعة، وهي الطريقة التي بدأت في استعمالها العديد من الدول تمهيدا لرفع القيود على حركية المواطنين.
وأكدت مصادر من وزارة الصحة أن جميع المصالح التابعة لها تشتغل ليل نهار من أجل التحكم في انتشار الفيروس، قبل انتهاء الفترة الثانية من حالة الطوارئ الصحية، التي ستنتهي يوم 20 ماي الجاري، ووضع خطة ما بعد رفع حالة الطوارئ، تتجلى في الرفع التدريجي للحجر الصحي، وتحديد الأشخاص الذين لديهم مناعة لمقاومة الفيروس. وكشفت المصادر أن المغرب اقتنى كميات كبيرة من المعدات المستعملة في هذا النوع من التحليلات الطبية، التي تسمى الاختبارات المصلية، بالإضافة إلى تحليلات الحمض النووي المستعملة للكشف عن الفيروس، وحسب المصادر نفسها، فقد تم استبعاد تقنية الاختبارات السريعة، بعدما أثبتت التجربة عدم نجاعتها في الكشف عن الفيروس.
وأوضحت المصادر أنه رغم رفع الحجر الصحي، سيكون ذلك تدريجيا، مع تحديد الأشخاص الذين سيسمح لهم بالخروج للعمل، وذلك بعد تحديد القطاعات ذات الأولوية التي ستعود لمزاولة عملها، بتنسيق مع لجنة القيادة والتنسيق، والقطاعات الوزارية المعنية، مع التشديد على ضرورة التقيد بالتدابير والإجراءات الوقائية المعمول بها، من قبيل وضع الكمامات، والالتزام بالتباعد الاجتماعي، ومنع التجمع في الأماكن العمومية. وأكدت المصادر أن قرار رفع الحجر يتطلب إجراءات صارمة لتفادي عودة انتشار الفيروس بشكل خطير.
طرق الكشف عن الفيروس
بدأت الوزارة في إجراء التحليلات المصلية، وهي تحليلات مخبرية يتم إجراؤها باستخدام عينة من مصل الدم للكشف عن وجود الأجسام المضادة أو المواد شبيهة الأجسام المضادة، والتي تظهر بشكل خاص بالتزامن مع بعض الأمراض، وتكشف هذه التحليلات ما إذا كان مصل الدم يحتوي على أجسام مضادة أم لا، حيث إن الأجسام المضادة يتم إنتاجها بشكل ذاتي في جسم الإنسان، عندما يتعرض جسم الإنسان إلى هجوم البكتيريا والفيروسات وغيرها مما يؤدي إلى حدوث عدوى تستجيب لها الخلايا المناعية في الجسم وعلى إثرها يتم إنتاج الأجسام المضادة لتقوم بعملية الدفاع ضد مسببات العدوى، كما أن مصل الدم أو ما يعرف بـ«بلازما الدم»، وهي محتويات الدم بدون كريات الدم الحمراء، يعتبر الوسيلة الأنسب لمعرفة نوع الأمراض المختلفة التي يصاب بها الفرد، عن طريق تحديد نوع وكمية الأجسام المضادة الموجودة في الجسم.
ويعتمد المغرب حاليا ثلاث طرق للكشف عن الفيروس وتحديد الحالات المؤكدة، وتكون إما بالتحليلات المخبرية (RT-PCR)، وذلك عبر اختبار قياس الحمولة الفيروسية للتأكد من تشخيص الإصابة بفيروس (كوفيد-19)، ويقوم هذا التشخيص على الكشف النوعي لـ«حمض الريبونوكليك» لفيروس «كورونا» المستجد، من خلال تقنية مخبرية تمكن من كشف حضور الفيروس داخل الجسم باللجوء إلى تقنيات التضخيم الجزيئي، والطريقة الثانية للتأكد من الحالات المصابة باستعمال عدة اختبار الكشف السريع، ثم الطريقة الثالثة من خلال الفحص بالأشعة، مع ظهور أعراض مرضية للفيروس، بالإضافة إلى التحاليل المخبرية. وأكدت مصادر من الوزارة أنه تقرر استبعاد اختبار الكشف السريع، لأنه لا يعطي نتيجة موثوق بها بنسبة كبيرة.
3 أسئلة ل : عبد الخالق التهامي أستاذ باحث بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي «الحكومة مطالبة بتقديم تصورات لإنعاش الاقتصاد والتركيز على العنصر البشري»
- ما هي الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الحكومة لإنعاش الاقتصاد بعد انتهاء أزمة كورونا؟
يجب الحسم أولا في جانب مهم، وهو المرتبط بالإجراءات المستقبلية بعد أزمة كورونا ورفع الحجر الصحي، حيث اعتقد أن الحكومة هي المطالبة باتخاذ وإقرار أي إجراءات خلال تلك المرحلة، وليس لجنة اليقظة الاقتصادية، على اعتبار أن عمل لجنة اليقظة الاقتصادية مرتبط بالفترة الحالية المتعلقة بانتشار الوباء والحجر الصحي، واعتقد أنه من الخطأ الحديث عن دور لجنة اليقظة الاقتصادية خلال فترة ما بعد الحجر الصحي، لأن التفكير لتلك المرحلة ومحاولة إيجاد الحلول هي مسؤولية الحكومة، على اعتبار أن الحكومة مطالبة بتلقي اقتراحات جميع المتدخلين وممثلي القطاعات من أجل بلورة حلول لكل مرحلة وحسب كل قطاع على حدة، وهذه المقترحات والحلول تتلقاها من المؤسسات التي من شأنها القيام بهذا الدور، كالمندوبية السامية للتخطيط، وبنك المغرب، واتحاد مقاولات المغرب، وغيرها من المؤسسات التي تتوفر على مؤشرات تمكنها من بناء تصور لما بعد الأزمة. وعلى الحكومة تجميع المقترحات والتصورات من أجل الوصول إلى تصور شامل، وأعتقد أن مجموعة من الاقتراحات الخاصة بكل قطاع من القطاعات تأتي من المسؤولين ومؤسسات هذا القطاع، كما أعتقد أن الاقتراحات يجب أن تكون قطاعية، ولا أرى من جدوى للاقتراح الشامل، فالقطاع السياحي على سبيل المثال نلاحظ أنه تأثر بشكل كبير جدا خلال هذه الأزمة، وإن لم نقل قد اندثر، وحصيلته في 2020 تكاد تكون الصفر، بالإضافة إلى القطاع الخدماتي، وقطاعات أخرى، لذلك فإنه من منظوري، يجب أن تكون الاقتراحات واضحة قطاعيا ولا يمكن أن تكون إجمالية لكل القطاعات، لأن هناك قطاعات لم تتضرر بنفس النسبة. - ما هي القطاعات التي تبدو محورية للاقتصاد الوطني وعلى الحكومة التحرك بشكل عاجل لإنعاشها بعد انتهاء الأزمة؟
أعتقد أن هناك العديد من القطاعات التي تضررت بشكل كبير، على رأسها قطاع النقل والقطاع السياحي، وقطاع النقل الجوي، حيث بات لزاما على الدولة التحرك بعد الحجر الصحي من أجل إنقاذ هذه القطاعات التي تغرق بسبب الأزمة، ويجب على الحكومة التفكير بقوة في كيفية النهوض بهذه القطاعات، خصوصا التي تضررت منها بشكل كبير، وهذا لا يعني أن باقي القطاعات لم تتضرر، بل هي أيضا متضررة لكن بحدة أقل، كقطاع البناء الذي وإن كان قد تضرر هو الآخر، إلا أن إنعاشه يرتبط بضرورة تحريك الطلب حوله، من خلال تأجيل أداء القروض للمنعشين العقاريين في مقابل دعم الأسر من أجل اقتناء العقارات، وهذا الأمر قد يأخذ بعض الوقت بخلاف القطاعات التي تستوجب تدخلا مباشرا أو قرارات مباشرة وتوجهات آنية بعد نهاية الأزمة، وبالتالي، فكما أشرت، فالأمر مرتبط بكل قطاع وأساسياته، بالإضافة إلى سرعة تأثره بالأزمة، وهذا الأمر يستوجب توفر الحكومة على تصورات لكل مرحلة من أجل المعالجة التدريجية. - هل يمكن أن تلجأ الحكومة إلى تعديل القانون المالي؟
إن تعديل القانون المالي لسنة 2020 بات أمرا محتما وضروريا، على اعتبار أن القانون المالي لهذه السنة قد تم تجاوزه منذ شهرين، أي في بدايات الأزمة وصدور قرار الحجر الصحي، حيث إن هذا القانون لم يعد صالحا لأي شيء، لسبب واضح، وهو أن مرتكزاته قد فقدت، وهذه المرتكزات هي نسبة النمو، والتي تقهقرت بشكل كبير، بالإضافة إلى ثمن البترول الذي لم يعد له من مسوغ، بالإضافة إلى ما كانت الحكومة قد سطرته بتقليص العجز، غير أنه لا يمكن الحديث حاليا عن قانون مالية تعديلي والصورة بخصوص الأزمة المتعلقة بانتشار وباء كوفيد 19 مازالت غير واضحة، غير أن الحكومة كما أشرت يجب أن تكون قد أعدت مجموعة من السيناريوهات المرحلية، على سبيل المثال إذا ما تحسنت الأوضاع في حدود شهر يونيو أو يوليوز القادمين، وأتوقع أن وزارة المالية قد بدأت فعلا الاشتغال في هذا الجانب، حول الشكل الجديد لقانون المالية التعديلي، ولا يمكن الجزم بأن هناك قطاع ما مزال محافظا على قوته في ظل هذه الأزمة، غير أن ما اتضح في هذه الأزمة وبجلاء هو أن المغرب يتوفر على لحمة وطنية مهمة وروح تضامنية، وقوة ابتكارية، بالإضافة إلى عنصر بشري هام، خلاق ومبدع، وهذا في نظري هو المركز الذي يجب أن ترتكز عليه الحكومة، فيما بعد كورونا، واعتقد أن مغرب ما بعد كورونا يجب أن يكون أكثر اهتماما بعنصره البشري لأنه هو طوق النجاة بالنسبة لاقتصادنا والمغرب ككل.
لا تنقل بين المدن بعد رفع الطوارئ الصحية
كشف وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب، أن هناك عملا يجري لدراسة السيناريوهات الممكنة وكذا كافة التدابير المواكبة لهذه العملية، مجددا دعوته للمواطنين للالتزام بالإجراءات المتخذة من قبل السلطات العمومية من أجل الحد من تفشي جائحة فيروس «كوفيد-19»، وتوقع وزير الداخلية، أن تكون الأيام المقبلة صعبة بسبب جائحة فيروس كورونا، مشيرا إلى أنه «لا يتضح أنه سيكون هناك حل قريب، وهو ما يتطلب التعايش مع هذه الجائحة»، وقال «إن الدولة تقوم بوضع جميع الاحتمالات، ولا يمكن الكشف عنها حاليا لأنه ليس وقتها»، مضيفا «نشتغل بقوة على هذه السيناريوهات، حسب وضعية انتشار الوباء بالمغرب في الأيام المقبلة»، وأكد وزير الداخلية أن «البؤر الوبائية، مثل التي سجلت في ورزازات، هي التي ستحدد الإجراءات التي سيتم اتخاذها»، مبرزا أن «التعامل مع الجائحة سيتم عبر الجوانب الصحية أولا ثم الاقتصادية، عبر فتح المعامل، بالإضافة إلى الجوانب الاجتماعية والمرتبطة بحركة سير المواطنين».
وأعلن وزير الداخلية، أنه سيتم الاشتغال على الشروط المواكبة، ومنها التطبيق المعلوماتي الخاص بتتبع ومراقبة تحركات المواطنين خلال فترة الطوارئ الصحية، مشيرا إلى أن «الهدف هو مراقبة مدى التزام المغاربة بالحجر الصحي، وليس تخزين معطياتهم الشخصية»، وشدد وزير الداخلية، على أن التطبيق المحمول الذي أطلقته المديرية العامة للأمن الوطني ، مؤخرا ، والذي يمكن رجال الأمن في مختلف نقاط المراقبة، من ضبط وتتبع حركة تنقلات المواطنين، هو «تطبيق مرحلي فقط»، مؤكدا أن هذا التطبيق «مغربي مائة في المائة وأشرفت عليه أطر مغربية»، وسجل على أن استعمال هذا التطبيق تم بموافقة من قبل اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وأن احترامه لشروط حماية المعطيات الشخصية «أمر مفروغ منه».
ومن جهة أخرى، حذر الوزير من التسرع في السماح بالتنقل بين المدن بعد رفع الحجر الصحي، وقال «إن التنقل بين المدن لا يجب أن يكون من الإجراءات الأولى التي سيتم رفعها»، مضيفا أنه يستحيل التحكم في تنقل العدوى إلى مناطق أخرى لو لم يتم اتخاذ هذا الإجراء، وأوضح أن «هناك أقاليم لم تصلها العدوى لأننا استطعنا الحد من تنقل الأشخاص، وسمحنا فقط لشاحنات البضائع وفق ضوابط»، وشدد وزير الداخلية على أن هذا الإجراء أعطى دفعة قوية لمحاربة الجائحة، مشيرا إلى أن منع التنقل بين المدن للسيطرة على وباء كوفيد كانت له نتائج جد إيجابية ومهمة، وأضاف «لا يمكن أن نسمح بالتنقل بين المدن لأنه يستحيل أن نتحكم في تنقل العدوى، وإذا كانت هناك أقاليم لم تصلها العدوى فهو لأننا استطعنا أولا الحد من تنقل الأشخاص وثانيا لأن السلطات العمومية تقوم بعملها».
وأكد وزير الداخلية أن منع النقل العمومي بين المدن أعطى نتائج جد مهمة، وأضاف قائلا «لذلك ماخاصوش يكون من المسائل الأولى لي غادي تكون بعد رفع حالة الطوارئ، لأن الناس غادي يبقاو غادييين جايين، وبالتالي لا يمكن بين ليلة وضحاها نسمحو بالتنقل بين المدن، لأن أي خطوة غير محسوبة ممكن أن تضر بالجميع»، ودعا الوزير جميع المواطنين إلى «الصبر حتى لا يتم نقل العدوى بين المدن، لأن الوزارة قررت أن تكون هذه معركتها»، حيث أعلنت وزارة الداخلية منذ بداية حالة الطوارئ الصحية عن منع استعمال وسائل التنقل الخاصة والعمومية بين المدن إلى أجل غير مسمى، وأوضحت أن المنع لا يشمل حركة نقل البضائع والمواد الأساسية التي تتم في ظروف عادية وانسيابية، بما يضمن تزويد المواطنين بجميع حاجياتهم اليومية.
الشامي يعرض سيناريوهات المجلس الاقتصادي والاجتماعي للخروج من الحجر
عرض أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، رؤيته لسيناريوهات إنهاء الحجر الصحي، وفي مقطع مصور بث على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، قدم الشامي أحد السيناريوهات المقترحة من طرفه، وهو «أن نبقى في المنازل إلى ما بعد رمضان، ويكون رفع الحَجر بعده على الجميع بشروط»، عددها المتحدث، وأوضح أن «أي سيناريو يرتكز على المعطيات العلمية أولا حول طبيعة الفيروس، لا على قدرة المستشفيات في استقبال المرضى ومداواتهم، وقدرة الحكومات للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين والاقتصاد».
وأوضح الشامي أن المشكل المطروح اليوم هو كون هذه المعطيات العلمية ما زالت غير مكتملة، حيث لا يزال العلماء يطرحون عدة أسئلة على رأسها: لماذا يقتل هذا الفيروس الرجال أكثر من النساء؟ ولماذا سجلت بعض الحالات لمرضى تعافوا من الفيروس، ثم أصيبوا به مرة ثانية، كما وقع في كوريا الجنوبية مثلا، بمعنى أنهم لم يطوروا مناعة ضد الفيروس.. ولهذا فإن عدة سيناريوهات يتم اليوم تدارسها في البلدان، حيث يدرس الأوربيون حاليا سيناريو يسمى (stop and go) يقضي برفع الحجر الصحي، والسماح للمواطنين بالخروج من بيوتهم، ثم تتم مراقبة عدد المرضى الذين يدخلون غرف الإنعاش المسجل أسبوعيا، فإذا ما تبين أن عدد هؤلاء ارتفع فوق المائة مثلا، تتم العودة إلى تدابير الحجر الصحي، وعندما ينزل هذا العدد إلى ما دون الخمسين، تلجأ السلطات إلى رفع الحجر الصحي، وهكذا دواليك. والهدف من وراء هذا السيناريو هو إصابة أغلبية المواطنين بالفيروس حتى تتطور لديهم مناعة جماعية، غير أن ما وقع في كوريا الجنوبية يؤكد أن الإصابة بالفيروس لا تعني اكتساب المناعة بالضرورة.
ومن بين السيناريوهات المطروحة دوليا، وفق الشامي، «رفع الحجر الصحي حسب الفئات العمرية؛ فيبقى الأكبر سنا ذوو المناعة الأقل في منازلهم، وهو سيناريو صعب القبول من النواحي الاجتماعية والثقافية والحقوقية»، كما أن هناك سيناريو «يأخذ بعين الاعتبار البعد الجهوي، فتكون الجهات الأقل ضررا هي التي تخرج الأولى من الحجر»، مشددا على ضرورة «احترام الحجر الصحي والبقاء في منازلنا إلى يوم 20 ماي الجاري، علما أن الحجر كانت له نتائج إيجابية للتقليل من انتشار الفيروس، دون أن نصل بعد إلى استقرار عدد المصابين».
واسترسل مفصلا في شروط السيناريو الذي يراه أنسب للمغرب؛ موردا أنه «بعد المكوث في المنازل إلى ما بعد رمضان، يتم رفع الحجر على الجميع، بشروط أولها أن يرتدي الكل كمامات للحفاظ على صحة الآخرين وصحتهم، وإذا كانت هذه الكمامات قابلة للتصبين سيكون الأمر أحسن».
ثاني الإجراءات الضرورية بعد رفع الحجر «احترام الإجراءات والمسافات الوقائية، وغسل اليدين»، وثالثها «تقوية الإجراءات الوقائية في أماكن العمل والفضاءات العمومية، مع العلم أن التجمعات الكبيرة لن تكون مقبولة بعد». كما ركز المتحدث على ضرورة «أن تكون الفحوصات متوفرة بكثرة، لفحص الناس والتتبع الرقمي لحالاتهم، مع حماية المعطيات الشخصية، وعزل الناس الذين لهم اتصال مع المصابين».
وبين رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه «لن يكون ممكنا العودة إلى حياتنا العادية كما كانت من قبل، إلا بعد أن نجد اللقاح، الذي يقول الخبراء إنه سيكون في سنة 2021»، وأضاف أن «هناك تجارب إكلينيكية تطور أدوية ضد الفيروس حتى في الحالات الصعبة»، قبل أن يجمل قائلا: «أنا متفائل، وإذا بقينا صامدين، ونناضل بالبحث العلمي والتعاون الدولي يمكننا الخروج من الأزمة، ونستعيد حياتنا السابقة العادية، وهو ما يتطلب بعض الوقت».
«الباطرونا» تطلق دلائل عملية استعدادا لاستئناف النشاط الاقتصادي
في إطار الاستعداد لمرحلة رفع الحجر الصحي، والعودة إلى استئناف النشاط الاقتصادي المرتبطة بالامتثال الدقيق للتدابير الصحية لمواجهة فيروس كورونا، أطلق الاتحاد العام لمقاولات المغرب ثلاثة دلائل عملية وطقم تكوين لفائدة المقاولات المصرح لها باستئناف أنشطتها.
وأوضح بلاغ للاتحاد أن الأمر يتعلق بدليل عملي حول التدابير الوقائية والصحية ضد «كوفيد 19»، موجه للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، ودليل عملي حول التدابير الوقائية والصحية ضد «كوفيد 19» موجه للمقاولات الكبيرة، ودليل عملي للتدقيق الصحي الداخلي «كوفيد 19»، وطقم التكوين حول التدابير الصحية ضد «كوفيد 19» لفائدة الموظفين. وأضاف المصدر ذاته أن هذه الأدوات التي تم عرضها الأربعاء، خلال اجتماع لجنة اليقظة الاقتصادية (CVE) ، تهدف إلى مواكبة المقاولات من حيث التدابير الوقائية والصحية لضمان سلامة موظفيها وعملائها.
ونقل البلاغ عن محمد بشيري، رئيس لجنة الابتكار والتنمية الصناعية لدى الاتحاد، التي أشرفت على هذه الدلائل، قوله: «نهدف من خلال هذه الأدوات إلى تمكين المقاولات، خصوصا الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، من تطبيق التدابير الوقائية والصحية في أماكن العمل، إذ إن تطبيقها شرط مسبق مهم لضمان الامتثال والحد من انتشار الجائحة بقدر الإمكان».
إضافة إلى ذلك، تضم هذه الوثائق خلاصة الممارسات المثلى التي تم تبنيها على المستويين الوطني والدولي، تشير إلى التدابير التي اتخذتها السلطات الصحية المغربية.