
هل صحيح أن الفوز على السينغال في دكار لم يسعد بعض المتربصين؟
هم قلة مدعومة بصحافيين وبعض المسؤولين الجامعيين، لقد طلبت من أحد المسؤولين الجامعيين الكبار مغادرة مستودع الملابس لأن الوقت وقت التركيز والاستعداد لشوط حاسم، وليس وقتا لتبادل الابتسامة والمجاملات، لكنه أرغد وأزبد، ناهيك عن صراعات صغيرة مع لاعبين كانوا يعتقدون أن المنتخب تحت السيطرة. ولأن الفوز بثلاثية في قلب دكار جعلنا نضع القدم الأولى في مونديال أمريكا، فإن بعض اللاعبين روجوا خبرا زائفا يقول إن التشكيلة التي واجهت السينغال هم صناعها وليس المدرب.
هل وقعت أعمال عنف في أعقاب مباراة دكار؟
ما كنا سنبحث عن التأهل من قلب دكار لولا هزيمتنا أمام زامبيا في لوساكا بهدفين لواحد. كانت مباراة غريبة الأطوار ساند فيها الحكم لاعبي زامبيا إلى حد الاعتقاد بأنه عنصر منهم. قدم لاعبونا أداء جيدا فيه قتالية لكن تقدمهم تحول إلى هزيمة بهدفين لواحد. وقبل انتهاء المواجهة التي خيم عليها مناخ التعاطف مع الزامبيين أعلن الحكم عن نهاية المباراة في الدقيقة 83، ثم هرب إلى مستودع الملابس أمام استغراب الجميع.
أعود بك لأجواء مباراة السينغال، لعبناها في شهر يوليوز وفي درجة حرارة قياسية ورطوبة عالية جدا. الحمد لله فزنا بثلاثية أمام جمهور قياسي جاء لمؤازرة منتخب بلاده في مباراة مصيرية إذا خسرها أقصي وإذا فاز بها كبرت أحلام التأهل للمونديال. لقد قضينا ثلاث ساعات ونحن في الملعب بعد نهاية المباراة بقرار من رجال الأمن، لأن أعمال عنف رهيبة حصلت في محيط الملعب وفي الطرق المؤدية إلى وسط دكار بسبب الهزيمة. اتصل بي وزير الرياضة السينغالي شخصيا حيث اطمأن على وضع الوفد المغربي وقال لي إن حافلة ستقلنا إلى الفندق بعد تهدئة الأوضاع. كانت مظاهرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
بعد الفوز على السينغال هل تلقيت مكالمة من الوزير بلقزيز؟
اتصل بي وزير الرياضة السينغالي للاطمئنان علينا باعتبارنا بعثة رياضية مغربية، ولم يتصل بي وزير الرياضة المغربي. لا أعلم لماذا؟ هذا رغم أن التأهل إلى مونديال أمريكا كان يتطلب إجراء عشر مباريات، عكس ما نراه اليوم إذ يكفي الفوز في أربع أو خمس مباريات لتتأهل إلى كأس العالم.
ورئيس الجامعة؟
بعد انتهاء المباراة اتصل بنا في الفندق وهنأنا على الفوز، لكني شعرت من نبرات صوته بأنها تفتقد للحرارة، خاصة وأن الفوز على قوة كروية مثل السينغال ليس بالأمر الهين. لم أهتم بالأمر كثيرا لكني علمت أن رئيس الجامعة الزموري سيلتقي بالملك الحسن الثاني لغرض له علاقة بالجانب العسكري، وسيسأله الملك عن أحوال المنتخب بعد الفوز على السينغال، فطمأنه الرئيس لكنه أضاف قائلا: «كلشي مزيان غير عبد الخالق راسو قاسح».
ماذا حصل بعد العودة إلى المغرب؟
عدنا إلى المغرب ووضعت اللاعبين أمام ما ينتظرهم لأن المباراة الحاسمة كانت ستجمعنا بعد شهرين ونصف مع منتخب زامبيا في الدار البيضاء. وبمجرد وصولي إلى الصويرة، شرعت في وضع الخطوط العريضة للمعسكر الموالي. كنت في فترة راحة أستمتع بشيء من العطلة الصيفية وبالي مسافر إلى ما ينتظرنا في مباراة الحسم بمركب محمد الخامس. فجأة سأعلم، من خلال نشرة الأخبار، بنبأ إقالتي من تدريب الفريق الوطني وتعويضي بالمدرب عبد الله بليندة.
كيف تم ذلك؟
سأعلم، في ما بعد، وأنا دائما آخر من يعلم، أن الوزير عبد الواحد بلقزيز قدم تقريرا حول المباراة وحظوظ المنتخب للذهاب إلى مونديال أمريكا، ودائما أوصف بـ«قسوحية» الرأس، حينها قرر الملك تعيين مدرب آخر شرطه أن يكون مدربا مغربيا، فتم اختيار بليندة وقيل إن بلقزيز اقترح ثنائية اللوزاني/ بليندة، للجمع بين شخص صارم وآخر لين، إلا أن الحسن الثاني رفض هذه الثنائية وهو من عين بليندة.
هل أشعرت كتابيا بفسخ العقد؟
وهل كان لي أصلا عقد مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم؟ هناك علاقة أخلاقية بيني وبين المنتخب، لهذا علمت أن بعض اللاعبين الدوليين القدامي الذين عمروا طويلا في الفريق الوطني فرحوا بل واحتفلوا بإقالتي، وهناك من تلقى الخبر بأسى وحزن شديدين. الحمد لله لم تتم إقالتي بسبب تردي النتائج أو تراجع الفريق الوطني، لم يكن أي تبرير سوى أن رأسي «قاسح»، كما سمعت من أحد المسؤولين آنذاك، وأنني لا أستمع لتعليمات الجامعة والوزارة. اليوم الكل يجمع على أن القرار لم يكن صائبا بالتأكيد، لأنه كان قرارا لتصفية الحسابات ليس إلا.
مددت إجازتك في الصويرة بعد الإقالة..
فعلا لم يكن لي حل كانت استراحة محارب رغم أنني داخليا كنت أشعر بالغبن. كنت أود دخول التاريخ والتأهل للمونديال، للأسف لم أتلق دعوة لحضور هذه التظاهرة العالمية رغم أنني ساهمت فيها، وحين جاء بليندة تم إقصاء لاعبين كان لهم نصيب من تأهل المغرب للمونديال وهما فرتوت وأبرامي حيث أبعدا أمام استغراب الجميع. أعترف بأنني مررت من مراحل صعبة، ولكن بفضل شخصيتي القوية وإيماني الحديدي في التعامل مع مثل هذه اللحظات الحارقة، تجاوزتها دون أن أتأثر بها.
هل ساندك الإعلام؟
أغلب المنابر الإعلامية كانت ضدي، لأنها لم تتعود على مدرب يمنع الفوضى. في علاقتي بها كنت واضحا مع نفسي ومع قناعاتي، بالرغم من الضغط الإعلامي الذي كان يراهن عليه بعض المتحكمين في المنتخب لحرق أوراقي.