شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

قرار في محله ولكن…

الافتتاحية

في جوابه عن أسئلة النواب البرلمانيين حول استدامة المالية العمومية، رمى فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، برقم صادم يجسد سياسة إغناء الغني وإفقار الفقير، فالدولة خصصت بين 2015 و2023 ما مجموعه 111 مليار درهم لدعم «البوطة»، لكن لم يستفد 20 بالمائة من الفقراء إلا بـ2.5 مليار سنويا، وهو ما يشكل 14 بالمائة من هذه الحصة، في حين استفاد الـ20 بالمائة من الميسورين بأكثر من 27 بالمائة من هذا الدعم.

وإذا كان بلدنا قد اعتمد منذ الاستقلال سياسة دعم المواد ضمن خيار سياسة التعاضد كخيار اجتماعي واقتصادي، فإن الواقع وكل التقييمات الوطنية الأخيرة اتجهت إلى التأكيد على انتهاء صلاحية سياسة دعم غاز البوتان، لأنها تساوي بين الفقير والغني.

لقد أصبح هناك استخدام عشوائي وغير مناسب لموارد الصندوق لدعم منتجات شديدة الاستغلال مثل غاز البوتان، والذي تحول إلى ما يشبه دجاجة تبيض ذهبا بالنسبة إلى الأغنياء ورجال الأعمال، فيما الفقراء لا يستفيدون من الدعم إلا بنسب ضئيلة. لذلك لا يمكن أن تستمر اللوبيات الفلاحية والفنادق خمس نجوم والمطاعم الفخمة في الاستفادة من ملايير من الدعم، بينما هي تضخم أرباحها على حساب سياسات عمومية اجتماعية.

وما يحسب لهذه الحكومة أن قرار رفع الدعم عن «البوطة»، جاء محميا بإجراءات بديلة تهم الطبقة الفقيرة التي استفادت من الدعم المباشر، على خلاف قرار رفع الدعم عن المحروقات الذي اتخذته حكومة عبد الإله بنكيران، تاركة المواطن رهينة قانون العرض والطلب، ولولا التدخلات العمومية في مجال دعم النقل، لكان المغاربة أمام كارثة اجتماعية.

لكن مع ذلك فقرار رفع الدعم عن قنينة الغاز قد يكون محفوفا بتهديد حقيقي للقدرة الشرائية للمواطن، إذا لم يكن مصحوبا بمواكبة صارمة من لدن السلطات العمومية، حتى يتحول قرار رفع الدعم إلى مبرر لارتفاع الأسعار في عدد من المواد الاستهلاكية. فتداعيات الزيادة في غاز البوتان لا تقتصر فقط في الزيادة الظرفية المتمثلة في 10 دراهم، بل قد تكون لها انعكاسات أخرى مرتبطة بالزيادات التدريجية التي قد يفرضها اللوبيات المستثمرة في المنتوجات التي كانت تعتمد على «البوطة» المدعمة، آنذاك سنكون أمام قرار صادم ولا يخدم أهداف الدولة الاجتماعية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى