شوف تشوف

ثقافة وفن

ليلى.. المرأة التي انتزعها بلمحجوب من فريد الأطرش كما ينتزع كرة من خصومه

اسمها الحقيقي فاطمة الزهراء حكيم، لكن اسمها الفني الذي لازمها على امتداد مسارها وما بعد اعتزالها هو «ليلى الجزائرية». ولدت في مدينة الشلف الجزائرية سنة 1930، في وسط ميسور ومحافظ في الوقت نفسه، وأظهرت منذ طفولتها ميولا نحو مشاهدة الأفلام السينمائية لوجود دار للسينما في الحي الذي كانت تقطنه إلى جوار جالية فرنسية كثيرة العدد. كادت، بإيعاز من والدها، أن تتزوج من ابن عمها وهي في الثالثة عشرة من عمرها، لولا توسط أحد أقاربها الذي أقنع أفراد عائلتها بتبني موهبتها الفنية ووعدهم بالمحافظة عليها.
تعلمت «ليلى الجزائرية» الرقص الشرقي في العاصمة الجزائر، وأصرت على أن تخوض غمار التمثيل بعيدا عن الشلف، أسوة بالفنانات المصريات والفرنسيات لنهاية الأربعينات وبداية الخمسينات من القرن الماضي. وهكذا التحقت ليلى بفرقة محيي الدين بشتارزي المسرحية، وشاركت لأول مرة في مسرحية «المجرم» وهي في الخامسة عشرة من عمرها، حيث أشادت الصحافة بأدائها، ما جعلها تستمر كممثلة مسرحية لثلاث سنوات أخرى، حتى انتقلت إلى فرنسا خلال عطلة صيفية، وهناك تعلمت فن الرقص الكلاسيكي على يد إحدى الراقصات «القبايليات» المحترفات تدعى «بديعة»، والتي كانت تشتغل في ملهى «الكتبية» وهو في ملكية شخص يدعى الشرادي وهو مغربي من أصول غرباوية. ودون الحاجة إلى موافقة الوالدين، اشتغلت ليلى راقصة سنة 1950 في «الكتبية» وانتقلت إلى مرقص آخر يسمى «الجزاير»، هناك التقت صدفة بالموسيقار المصري محمد عبد الوهاب وزوجته إقبال نصار، وتلك بداية العلاقة مع نجوم الفن المصريين، إذ توطدت علاقتها بمحمد عبد الوهاب، الذي قضى رفقتها أسبوعا بعد أن دلته على طبيب مغربي هو عبد الكريم الخطيب الذي أشرف على علاجه في باريس.
شرعت في تكوين شبكة علاقات مع المحيط الفني، خاصة أن المرقص كان يضم مجموعة من الفنانين على غرار محمد فويتح وعمر الطنطاوي، وموسيقيين آخرين من الجزائر وتونس.
وجه محمد عبد الوهاب دعوة إلى «ليلى الجزائرية» للحضور إلى القاهرة، لكنها لم توافق في بداية الأمر، قبل أن تدخلها بإلحاح من فريد الأطرش الذي التقت به أيضا في باريس، وأقحمها في فيلمين: «عايزة أتجوز» و«لحن حبي» سنة 1953، حيث عوضت غياب الراقصة سامية جمال، ورغم موهبتها الفنية الكبيرة إلا أنها لم تشترك في العديد من الأفلام السينمائية.
لكن كيف ارتبطت ليلى باللاعب عبد الرحمن بلمحجوب الذي لا تربطه علاقة بالفن؟
حصل تفكك عائلي في أسرة ليلى، حيث انتقلت والدتها إلى المغرب واستقرت في الدار البيضاء، بعد أن تزوجت للمرة الثانية، اضطرت ليلى لزيارة والدتها، وفور وصولها عرض عليها أحد متعهدي الحفلات تقديم فيلم «لحن حبي» بسينما «شهرزاد»، بكراج علال، بحضور الفنان اليهودي سليم هلالي صاحب ملهى «الديك الذهبي».
استغل التلفزيون الفرنسي وجود «ليلى الجزائرية» في الدار البيضاء واستضافها في لقاء حواري بمؤسسة «تيليما» في عين الشق، تقول ليلى في حديث صحفي إنه «من غرائب الصدف أن الضيف الذي كان معي حينها أمام الشاشة لم يكن سوى عبد الرحمن بلمحجوب الذي كان حينها نجما في مجال كرة القدم وتم استدعاؤه على هذا الأساس إذ عاد لتوه من فرنسا، رغم أنني لم أكن أعرفه، لكن ذلك كان هو اللقاء الأول بيننا، فاقترحت عليه بعد نهاية التسجيل حضور عرض فيلمي بسينما «شهرزاد»، فقبل على أساس أن يجلب معه أفراد أسرته، فذهبنا جميعا ومعنا سليم الهلالي إلى المدينة القديمة حيث تقيم عائلة بلمحجوب، ومن هناك توجهنا إلى ملهى «الديك الذهبي» حيث تناولنا وجبة الغداء، وكانت تلك أول مرة أكتشف فيها المدينة القديمة وعبد الرحمن».
بادل عبد الرحمن الدعوة الفنية بدعوة رياضية، وحضرت ليلى مباراة في باريس سنة 1954 جمعت بين منتخب إفريقيا الشمالية والمنتخب الفرنسي، كانت فيها الغلبة للمنتخب الأول بثلاثة أهداف لهدفين، وهي المواجهة التي صفق فيها الجمهور كثيرا لبلمحجوب والعربي بن مبارك، وتلك كانت مقدمة كروية لقصة حب كان عنوانها تعجيل الزواج الذي تم يوم 24 دجنبر 1954.
عاشت ليلى أيام زواجها شبه معتقلة في شقة بباريس، بعد أن أعلنت اعتزالها الرقص، وحين انتقل بلمحجوب إلى نيس رافقته في رحلة خصصتها للمطالعة، ومنها إلى مونبوليي قبل أن يقرر العودة إلى المغرب حيث تم الاستقرار نهائيا في الدار البيضاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى