الرئيسيةسياسية

مستشار بنكيران يورط الحكومة في ملف جديد بعد فشل مشروع تكوين 10 آلاف إطار

مباشرة بعد التوصل لاتفاق بين الحكومة والأساتذة المتدربين الأسبوع الماضي، وهو الاتفاق الذي أنهى أزمة تربوية واجتماعية وسياسية، هي الأبرز في ظل الحكومة الحالية، أسس خريجو برنامج يعرف بـ«10 آلاف إطار»، تخرجوا من المدارس العليا للأساتذة، تنسيقيات محلية للمطالبة بالإدماج في الوظيفة العمومية، في مجموعة من المدن المغربية، وخاصة تطوان، ومكناس، وفاس، والدار البيضاء، والرباط، والمحمدية. هؤلاء يطالبون، على غرار الأساتذة المتدربين، بالإدماج في الوظيفة العمومية عبر اجتياز مباراة للتوظيف، وعدم إعادة التكوين في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وذلك بعد تنصل القطاع الخاص من الالتزام بالاتفاقية عبر إدماج الخريجين في سوق الشغل، حسب قولهم. هذا البرنامج تم الشروع فيه سنة 2013، وامتد لثلاث سنوات، وخصص له غلاف مالي يقدر بـ161 مليون درهم، منها إعانات تحفيزية خاصة بالمتكونين في حدود 1000 درهم شهريا لمدة 10 أشهر، في أفق أن يتم دمجهم في القطاع الخاص.

إرجاع المدارس العليا من النافذة
أكدت مصادر لـ«الأخبار» أن مستشار رئيس الحكومة يقف شخصيا وراء هذا المشروع، وهو الذي أعد أرضيته التربوية والمالية والإدارية، رغبة منه لإرجاع المدارس العليا للأساتذة لساحة التكوين بعد أن فقدت هويتها منذ التحاقها بالجامعة سنة 2009. فالصمدي، الذي يشتغل أستاذا في المدرسة العليا للأساتذة بتطوان، جعل من هذا المشروع مهمة شخصية ذات «أولوية» بالنسبة إليه، إذ حرص من خلال مشروع 10 آلاف إطار بأن يجعل تكفل المدارس العليا للأساتذة بمهمة تكوين أساتذة القطاع الخاص مسألة رسمية، مكرسا ميزانية تقدر بـ161 مليون درهم من المال العام لتنفيذ هذا الطموح الفئوي، وأقنع رئيسه عبد الإله بنكيران بالحضور شخصيا في حفل تخرج الفوج الأول من المدارس العليا، لكن وبعد سنته الأولى تعرض هذا المشروع لفشل ذريع، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي لم يلتزموا باتفاقية تشغيل خريجي الفوج، حيث لم يتعد الذين تم تشغيلهم 70 شخصا في السنوات الثلاث التي استغرقها المشروع، بمعنى أن أكثر من 9900 متخرج وجدوا أنفسهم ضحية لمشروع، يشبهه كثيرون بقضية «النجاة» التي تورط فيها عباس الفاسي قبل عشر سنوات، حيث أوصدت جميع مؤسسات التعليم الخاص أمام وجوههم، سيما في ظل استمرار هذه المؤسسات في الاعتماد على أساتذة التعليم العمومي، مع استمرار المهلة التي أعطتها وزارة التربية الوطنية لأرباب هذه المؤسسات، بالاعتماد الكامل على الأطر التربوية الخاصة بها إلى نهاية السنة الدراسية 2017-2018.
المصادر نفسها أكدت أن فشل هذا المشروع جعل خالد الصمدي يشعر بإحراج كبير أمام زملائه، سميا مديري المدارس العليا للأساتذة، الذين كانوا يعولون عليه كثيرا لإنقاذهم من الأزمة التي تعرفها مؤسساتهم منذ سبع سنوات، لينقل معركته هذه المرة إلى مؤسسة دستورية هي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، حيث بذل مجهودا مضاعفا لإرجاع المدارس العليا للأساتذة من خلال بوابة التقرير الاستراتيجي، وهو الأمر الذي تعذر عليه، لكون الظهير الشريف الذي ألحق هذه المؤسسات بالجامعات كان واضحا في التنصيص في مادته الخامسة، على أن استمرار المدارس العليا للأساتذة في مهمة التكوين الأساس والمستمر للأساتذة مرهون فقط بالتعاقد مع وزارة التربية الوطنية، وليست مهمة رسمية لها، وبما أن وزارة التربية الوطنية تملك مؤسسات ضخمة، مؤهلة بشريا وتربويا وإداريا لتولي مهمة تكوين الأساتذة فإن هذه المادة تصبح لاغية المفعول، لأنها تشرطها بالتعاقد والحاجة. لذلك وبدل أن يسعى الصمدي لإقناع رئيسه بنكيران لتحفيز أرباب المؤسسات الخاصة لتشغيل خريجي هذا المشروع الذي أشرف شخصيا عليه، سيما وأن بنكيران هو أيضا من كبار المستثمرين في القطاع الخاص، فإنه نقل معركته الشخصية هذه المرة إلى مستوى آخر، وهو محاولة إدخال المدارس العليا للأساتذة مرة أخرى من نافذة القانون الإطار الذي سيلزم القطاعات الحكومية بالرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى، مستفيدا من وضعية كونه رئيسا للجنة صياغة القانون الإطار، وهو الأمر الذي أثبتته مصادر من داخل اللجنة التي تعد أرضية القانون الإطار.

التوصية المتكررة بالإعلان عن سنة تكوينية بيضاء
أكدت مصادر الجريدة أن خالد الصمدي كان من أشد معارضي التفاوض مع الأساتذة المتدربين، حيث نصح رئيس الحكومة مرارا بإلغاء مباراة الالتحاق بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين والإعلان الرسمي عن سنة بيضاء، لكون هذا القرار سيمنح لخريجي مشروعه، أي خريجي عشرة آلاف إطار فرصة اجتياز مباراة التوظيف مباشرة دون المرور عبر المراكز الجهوية كما ينص على ذلك المرسوم الذي أثار البلبلة منذ المصادقة عليه في يوليوز الماضي، والذي ينص على أن مباراة التوظيف لا يجتازها إلا خريجو المراكز الجهوية، وهو ما اعتبر صفعة حقيقية لخالد الصمدي واللوبي الذي يمثله. لكن تدخلات نقابية وسياسية لحل ملف الأساتذة المتدربين، فرضت عليه التواري للخلف ممنيا النفس، تفيد نفس المصادر، بأن تفشل المفاوضات التي كان يشرف عليه والي الرباط مع هؤلاء، لأن هذا سيسمح بأن يكون الاستثناء الذي سينجم عن هذا الفشل، قاعدة سيتم توثيقها في القانون الإطار الملزم بمقتضيات الرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى.

مطالب بتغيير اسم المدارس العليا
مصادر متعددة من داخل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أكدت أيضا أن مستشار رئيس الحكومة «خالد الصمدي»، وهو أستاذ في المدرسة العليا للأساتذة بتطوان كما قلنا سابقا، كان هدفه غير المعلن، سواء من مشروع 10 آلاف إطار، أو من خلال «ديناميته» في جلسات المجلس الأعلى هو إرجاع المدارس العليا للأساتذة إلى حقل التكوين بعد سنوات من «أزمة الهوية» التي دخلت فيها منذ التحاقها بالجامعات. ذلك أن وضعها الجديد كمؤسسات جامعية، يفرض عليها أمرين، إما تغيير اسمها لكونها لم تعد تكون أساتذة منذ سبع سنوات، حيث يتم الآن التداول في أسماء كثيرة، من قبيل «المعهد الجامعي للتربية والتكوين» و«المدرسة العليا للتربية»، أو الحرص على العودة من جديد لمجال تكوين أطر التربية. وهو الإمكان الذي يحرص الآن، مستشار رئيس الحكومة على تنفيذه، عبر خطوات تجميع لوبي، يضم من جهة مدراء المدارس العليا السبعة، وهؤلاء يمثلهم في المجلس رسميا مدير المدرسة العليا للأساتذة بالرباط، وكذا بعض النافذين في مكتب المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وعلى رأسهم الأمين العام عبد اللطيف المودني، والذي ينتمي بدوره للمدرسة العليا للأساتذة بمكناس. فضلا عن بعض «الخبراء» المنتمين لنفس المؤسسة، أي المدرسة العليا للأساتذة بمكناس، والذين يشرفون على تحرير مجلتين تابعتين للمجلس. المصادر ذاتها من المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، يرون أن لهذه الخطوات خطورة، ليس فقط على مستوى إدخال حسابات فئوية في السياسة التعليمية والتربوية للدولة، ولكن أساسا لكون هذه الحسابات الشخصية تخلق فوضى حقيقية في منظومة تكوين الأطر والتي تحتاج لاستقرار حقيقي، يضمن التراكم الإيجابي، سيما مع البدء في تنفيذ الرؤية الاستراتيجية للمجلس. خطورة هذه الخطوات أيضا، تتجلى في كون الرؤية الاستراتيجية كانت واضحة في تقسيم الأدوار بين مؤسسات التكوين، والمتمثلة في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين من جهة، وباقي المؤسسات التي يمكن أن تساهم في هذا المجال، ومن بينها كلية علوم التربية والمدارس العليا للأساتذة والجامعات، حيث أكدت الرؤية في الرافعة التاسعة بوضوح على التنسيق في تمكين خريجي هذه المؤسسات الأخيرة من خبرات نظرية في مجال علوم التربية، على أن يتم تأهيلهم مهنيا في المراكز الجهوية. وهي التوصية التي مثلت صفعة لمستشار رئيس الحكومة واللوبي الذي يمثله، ومحاولة معاودة الكرة مرة أخرى على صعيد القانون الإطار، وهي المحاولة الأخرى التي سيتم التصدي لها داخل المجلس الأعلى ذاته.
هكذا ورط مستشار رئيس الحكومة خالد الصمدي، الحكومة في ملف اجتماعي جديد، هو ملف 10 آلاف إطار، تم تكوينهم على أساس أن يشتغلوا في القطاع الخاص، وبسبب عجز الحكومة على إيقاف الريع الذي ينعم به أرباب المؤسسات الخاصة، فإنهم أسسوا تنسيقيات على غرار الأساتذة المتدربين. مهددين بتكرار نفس السيناريو في أفق اجتيازهم للمباراة التوظيف في الوظيفة العمومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى