
حسن البصري
في الوقت الذي تنظم فيه وزارة الداخلية المغربية سلسلة من المناظرات حول «التشجيع الرياضي» في المدن المنظمة لكأس أمم إفريقيا، وتفتح نقاشا مباشرا مع مكونات المنظومة الرياضية، سعيا لتخليق الفرجة وجعل المدرجات مزارا للباحثين عن متعة كروية..
في هذه الظرفية، التي سجل فيها مؤشر العنف في ملاعبنا أدنى مستوياته، لا تكتمل مباراة من مباريات البطولة الجزائرية إلا إذا أريق حول جوانبها الدم.
ولأن شغب جيراننا استدعى نشرات إنذارية من مستوى يقظة أحمر، وعشرات البلاغات الصادرة عن الجهات الأمنية وجمعيات المحبين وفصائل الألتراس والأندية، فإن الاتحاد الجزائري دعا إلى اجتماع طارئ مع رؤساء أندية دوري «المحترفين» بعد أن تحولت ملاعب جيراننا إلى بؤر توتر الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود.
دعا وليد صادي، رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، إلى اجتماع طارئ، على خلفية التصاعد المقلق لظاهرة العنف في الملاعب، مع تزايد خطاب التحريض على الكراهية».
وعبر بيان الاتحاد الجزائري عن ضرورة الالتزام بأخلاقيات الرياضة والروح الرياضية، داعيا جميع الأطراف المعنية لـ«ضبط النفس والتحلي بحس عال من المسؤولية».
وليد، الذي يحمل قبعتين فهو وزير للرياضة ورئيس لاتحاد الكرة الجزائري، هو من أسس للتحريض وروج لخطاب الكراهية قبل أسبوع، وهو يستقبل، رفقة كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، بعثة فريق قسنطينة ويشحنهم حد الاختناق قبل التوجه إلى المغرب لمواجهة نهضة بركان.
وليد، الذي يبحث اليوم عن وصفة للحد من وباء الشغب المنتشر في ملاعب الجزائر، هو من قال للاعبي شباب قسنطينة، إن الرئيس تبون يضع رهن إشارتكم طائرة خاصة ويفتح أمامكم مركز التكوين الخاص بالمنتخب ويعدكم بمنح سخية. اهزموا «المروك» لتدخلوا التاريخ.
ارتفع منسوب الشحن وتبين للاعبين أن طارق بن زياد بعث من جديد، وهو يخيرهم بين النصر في بركان أو الموت في قسنطينة. والنتيجة هزيمة القسنطينيين أمام بني ورياغل برباعية مع ظروف التخفيف.
في يوم الثلاثاء الماضي، نشر الاتحاد الجزائري لكرة القدم بيانا أكد فيه أن رئيسه وليد صادي عقد اجتماعا مع رؤساء أندية الرابطة المحترفة، بحضور ممثلين عن السلطات العمومية والمصالح الأمنية، تركز جدول أعماله حول البحث عن طريقة لسل شعرة العنف من عجين الكرة الجزائرية.
حضر الاجتماع رئيس اتحاد الكرة ورئيس رابطة الدوري وممثلين عن أجهزة الجيش والدفاع المدني والشرطة والدرك ومسؤولون بوزارات الرياضة والعدل والداخلية والاتصال والتجهيز..
حمل رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، في خطاب شديد اللهجة، رؤساء الأندية جزءا من المسؤولية، واعترف بخروج الوضع عن السيطرة، ودعاهم للقطع مع البلاغات التي تزيد الوضع احتقانا.
حين انتهى الاجتماع، سيصدر الاتحاد الجزائري بلاغا بلغة الخشب، دعا من خلاله المسيرين إلى «نبذ خطاب الكراهية والتحلي بالروح الرياضية، في إطار يميزه التنافس الشريف والسكينة».
يحتاج وليد لمن يذكره بخطاباته التي تنبعث منها رائحة الكراهية، فحين يقاطع مباريات لكرة القدم من أجل خريطة، ويقاطع اجتماعا فقط لأنه يعقد في المغرب ويشحن كل فريق جزائري رمت به القرعة في مواجهة فريق مغربي، فإنه ينفث دخان الكراهية.
يتفاعل صادي مع الوسم الذي يدعو الرئيس الجزائري تبون لمقاطعة القمة العربية المرتقبة في بغداد، فيروج من حيث لا يدري لخطابات الكراهية، ويشكك في المنظومة الأمنية للعراق وفي وجباته الغذائية.
يساهم وليد، من موقعه كوزير للرياضة، في تآكل قيم الرياضة وانتحار الروح الرياضية، حين ينوه بخرجات منفلتة لفيلق من المحللين الجزائريين الذين تخصصوا في ترويج بضاعة الكراهية بالجملة والتقسيط.
من يزرع الريح يجني العاصفة، ومن يزرع الأشواك يحصد وخزها.