حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفنفسحة الصيف

ألكسندر فليمنغ.. طبيب أنقذ البشرية

   تلك الاختراعات التي نحيا بها   (6)

ألكسندر فليمنغ Fleming Alexander (1955-1881)، طبيب أسكتلندي وعالم في علم الجراثيم، وهو ابن مزارع بسيط. بعد ممارسة قليلة للطب بدأ اهتمامه بالبحث العلمي، خاصة مجال البكتيريا والجراثيم، وفي الحرب العالمية الأولى خدم فليمنغ في الفيلق الطبي للجيش، فلاحظ أن الكثير من المطهرات المستخدمة في الجروح تؤذي خلايا الجسم أكثر من الميكروبات نفسها، وتأثر أكثر بالخسائر الهائلة في الأرواح البشرية ومعاناة الجنود من الإصابات الخطيرة التي تؤدي إلى الوفاة، أو فقدان الأعضاء البشرية. لذلك اشتد عزمه على البحث عن كيفية القضاء على البكتيريا على الخصوص، التي تفضي في غالب الأحيان إلى تعفن الجروح والموت الحتمي.

كان ألكسندر فليمنغ متفانيا في البحث، يعيش حياة بسيطة ينعم فيها بالهدوء والسكينة، لكنه كان معروفا أيضا باستغراقه في التفكير إلى حد الشرود، وعدم الاكتراث، وبعض الفوضى في عمله المخبري، فقد كان ينسى أحيانا أطباق الاختبار دون إحكام أغطيتها، أو أن يترك نوافذ المختبر مفتوحة.

وفى إحدى الإجازات المعتادة ترك فليمنغ كعادته النوافذ مفتوحة والأطباق دون غطاء، وعند عودته، وجد أن أحد الأطباق التى تحتوي على البكتيريا قد نما عليها العفن، وأن الأماكن التي يوجد بها العفن لا توجد بها البكتيريا، وكان استنتاجه أن هذا العفن  الذي أطلق عليه اسم البنسلين قادر على قتل البكتيريا.

استغرق فليمنغ بضعة أسابيع أخرى لينمو العفن بما فيه الكفاية، حتى يكون قادرا على تأكيد النتائج التي توصل إليها، من خلال استنتاجاته تبين أنه سيكون اكتشافا هائلا. فهذا البنسلين لا يمنع فقط نمو البكتيريا، ولكن الأهم من ذلك أن بالإمكان استخدامه في مكافحة الأمراض المعدية.

 

لم أخطط لإحداث ثورة في الطب

كتب فليمنغ في مذكراته عن تاريخ هذه الواقعة الفريدة من نوعها، في تاريخ الاكتشافات الطبية والعلاجية: «عندما استيقظت بعد الفجر يوم 28 شتنبر 1928م، بالتأكيد لم أكن أخطط لإحداث ثورة في الطب من خلال اكتشاف أول مضاد حيوي في العالم، أو البكتيريا القاتلة، لكني أعتقد أن هذا هو بالضبط ما فعلته».

هذا الموقف الذي تعرض له ألكسندر فليمنغ بالصدفة تكرر في العديد من المرات لعلماء سابقين، وكان رد فعلهم هو إلقاء هذه المجموعة من البكتيريا، خوفا من أن يؤثر هذا العفن على نقاء التجربة.

لكن ما ميز ألكسندر فليمنغ عن غيره أنه احتفظ بالبكتيريا الفاسدة. كما أقدم على طرح السؤال على نفسه، لماذا هاجم العفن هذه البكتيريا؟ عن هذه الواقعة كتب فليمنغ بتواضع العلماء نافيا عن نفسه صفة المخترع: «يُنسب اختراع البنسلين إليّ، لكن لم يكن أحد ليخترعه، لأن الطبيعة كانت قد اخترعته بالفعل في أحد الأزمنة السحيقة. كلا، لم أخترع أنا تلك المادة، لكني فقط كشفت وجودها للناس وأعطيتها اسما». الحقيقة، أن ما قام به ألكسندر فليمنغ كان عملا جبارا، ولم تبق سوى خطوة قصيرة للوصول إلى أحد المضادات الحيوية الأكثر أهمية في التاريخ البشري.

 

 

  البنسلين في طريقه إلى الانتصار العلمي

 

نشرت نتائج أبحاث فليمنغ عام 1929 ولم تلفت النظر أول الأمر، لأنه لم يستطع ابتكار طريقة لاستخلاص هذه المادة، أو تنقيتها، فقد كانت تعوزه الخلفية الكيميائية اللازمة، كما أن معدات مختبره غير المتقدمة لا تسمح له بالقيام باستخلاص أول مضاد حيوي في تاريخ البشرية.

في 1930 قرأ الباحثان البريطانيان هاوارد فلوري وإرنست تشاين ما كتبه فليمنغ عن اكتشافه الخطير، وأعاد الاثنان التجارب نفسها وجربا هذه المادة على حيوانات المعمل. وفي 1941 توصلا بعد بحث مضن إلى إجراء أول تجربة على الإنسان، ففي شتنبر 1940م، كان ألبرت ألكسندر (48 عاما) يعمل شرطيا، قدم نفسه كأول اختبار بشري، حيث  أصيب بالبكتيريا، حتى أنها انتشرت من عينيه إلى فروة الرأس، وعلى الرغم من أن ألكسندر قد دخل إلى مستشفى، وتم علاجه بجرعات من أدوية السلفا، إلا أن العدوى ساءت وأدت إلى خراجات في العين والرئتين والكتف، وسمع هاوارد فلوري عن حالته الرهيبة، وسأل فورا الأطباء إذا كان يمكن أن يقوموا بتجربة البنسلين المنقى.

بعد خمسة أيام من الحقن، بدأ ألكسندر يتعافى فعلا، ولكن فلوري لم يكن لديه ما يكفي من البنسلين النقي للقضاء على العدوى، ومات الشرطي ألكسندر في نهاية المطاف.

عقب ذلك، أصدر الباحثان فلوري وتشاين مقالا علميا حاسما، تصدر المجلات العلمية المتخصصة وكان الدافع الرئيسي لألكسندر فليمنغ إلى معاودة أبحاثه، وإجراء المزيد من التعديلات على البروتوكول العلاجي للتحقق من قوة المضاد الحيوي ونشاطه، بعزيمة أكبر مكنت في سنة 1943، من الوصول إلى نتيجة إيجابية وحاسمة بالاعتماد على هذا المضاد الحيوي المسمى بالبنسلين، حيث تم علاج مراهق يعاني من تسمم الدم بحقنه بالبنسلين. وبعد ثلاثة أيام من حقنه به، انخفضت الحمى بصورة مذهلة، وأُنقذت حياته، فكان بذلك انتصارا علميا هائلا.

هذا الاختراع الجديد دفع الدوائر العليا في بريطانيا إلى اعتباره سلاحا حربيا لها في الحرب العالمية الثانية، وسرا من أسرار الدولة يقوي جانبها في الحرب جنبا إلى جنب مع حلفائها.

في صيف عام 1941م، قبل فترة وجيزة من دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية، حاول العلماء تطويره، ومحاولة إنتاجه بكميات كبيرة، وفي الحرب، أثبت البنسلين نجاعته، فعلى مر التاريخ، كان القاتل الرئيسي في الحروب العدوى وليس إصابات المعركة.

في 1945 تم تكريم ألكسندر فليمنغ بمنحه جائزة نوبل للطب، مناصفة مع الباحثين هاوارد فلوري وإرنست تشاين، وأنعم عليه بلقب «السير»، ومنذ ذلك التاريخ تم اعتبار اكتشاف واختراع المضاد الحيوي البنسلين، أعظم الاكتشافات والاختراعات الطبية والعلاجية، التي أنقذت أرواح ملايين البشر عبر العالم.

نافذة:

استغرق فليمنغ بضعة أسابيع أخرى لينمو العفن بما فيه الكفاية حتى يكون قادرا على تأكيد النتائج التي توصل إليها من خلال استنتاجاته تبين أنه سيكون اكتشافا هائلا

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى