حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتعليمسياسية

إلغاء بحوث الإجازة والماستر أو جدل العلاقة بين الأكاديمي والمهني

جامعيون: ضعف جودة البحوث مرتبط بغياب سياسة واضحة للبحث العلمي

أثار قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، القاضي بإلغاء بحوث الإجازة واعتماد صيغ جديدة لإنجاز بحوث الماستر قائمة أساساً على التدريب الميداني، موجة جدل واسعة داخل الأوساط الجامعية والسياسية على حد سواء. القرار، الذي نُشر في الجريدة الرسمية، يرسم ملامح مرحلة جديدة في التكوين الجامعي، لكنه، في الوقت ذاته، يطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل البحث العلمي في الجامعة المغربية.

المصطفى مورادي :

المقاربة التقنوية للتكوين الجامعي

في التخصصات العلمية التطبيقية، مثل الطب والهندسة وعلوم التكنولوجيا، لا يختلف المراقبون حول الأهمية البالغة للتجربة العملية، إذ يشكل الجانب التطبيقي ركيزة أساسية في صقل مهارات الطالب وتجهيزه للاندماج المهني. ومع ذلك، فإن اعتماد التداريب لا يمكن أن يكون بديلاً عن البحث العلمي بقدر ما هو مكمّل له، لأن التكامل بين التكوين النظري والعملي هو ما يضمن تكويناً جامعياً متوازناً وذا قيمة. لكن الإشكال يتفاقم حين يتعلق الأمر بالتخصصات القانونية والاجتماعية والإنسانية، حيث يُطرح التساؤل حول جدوى إلغاء البحوث الأكاديمية، في حين أنها تشكل أداة مركزية لصناعة المعرفة وإنتاج الأفكار وتطوير ملكات التحليل والنقد.

ويخشى أساتذة وباحثون أن يؤدي تعميم هذا القرار إلى تكوين أجيال تكتفي بإتقان بعض المهارات التقنية دون امتلاك القدرة على تحليل الظواهر المعقدة أو الإسهام في النقاش الفكري والعلمي، ما يفرغ الجامعة من بعدها المعرفي والتأملي.

وحتى من الناحية العملية، تبدو عملية تعويض البحوث بتداريب ميدانية محفوفة بالتحديات، إذ تواجه الإدارة العمومية المغربية صعوبات مرتبطة بذهنية محافظة تميل إلى كتمان المعلومة وتتحفظ في التعاون مع الطلبة، ما قد يحد من القيمة التكوينية لهذه التجربة. فضلا عن أن مسألة التأطير تشكل معضلة أساسية، في ظل محدودية الموارد البشرية وعدم وضوح آليات التوجيه والمواكبة.

ويرى أساتذة جامعيون أن المشكل الحقيقي لا يكمن في البحوث الجامعية في حد ذاتها، بل في البيئة التي تحتضنها. فالضعف المسجل في مردودية البحث العلمي يعود بالأساس إلى نقص التأطير، غياب التحفيزات المادية والمعنوية وضعف ارتباط الجامعة بمحيطها السوسيو-اقتصادي. ناهيك عن غياب رؤية استراتيجية شاملة، تجعل البحث العلمي أولوية وطنية، يساهم في تكريس وضع هش ينعكس على جودة المخرجات.

وبناء على ذلك، فإن أي إصلاح يستهدف الجامعة المغربية لا ينبغي أن يقوم على إلغاء جوهرها البحثي، بل على توفير شروط موضوعية للرفع من جودة البحث العلمي وربطه بحاجيات المجتمع والاقتصاد. فالتحدي ليس في إلغاء بحوث الإجازة والماستر، وإنما في إعادة الاعتبار للجامعة بوصفها حاضنة للعلم والمعرفة والإبداع، وضمان توازن حقيقي بين متطلبات السوق ووظيفة التفكير النقدي التي لا غنى عنها في بناء مجتمع حديث ومتماسك.

 

جامعيون ممتعضون

الرهان الحقيقي لا يكمن في المفاضلة بين البحث الأكاديمي والتدريب الميداني، بل في إيجاد صيغة تكاملية تضمن للطالب اكتساب مهارات التفكير النقدي والتحليل العميق من جهة، والقدرة على الاندماج في سوق العمل من جهة أخرى. فالتدريب الميداني يمكن أن يصبح امتدادًا عمليًا للبحث، الذي يظل أساسًا لتغذية روح الابتكار داخل التداريب. بهذا المنظور، يمكن للجامعة أن تحافظ على هويتها كمؤسسة لإنتاج المعرفة، وفي الآن ذاته تساهم في إعداد موارد بشرية قادرة على الاستجابة للتحديات التنموية.

وشدد أساتذة جامعيون على أن شروط البحث العلمي وشروط الإنجاز في هذا المستوى تقتصر على مجموعة من الأوراق العلمية والتدريبية التي ينجزها الطالب، وهو ما يصعب ضبطه من حيث المحتوى، خاصة في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية والقانون، لذلك تم اعتماد منهجية جديدة تعتمد على الأعمال التدريبية والبحثية التي يمكن للطلبة إنجازها على هذا المستوى.

وبالنسبة لبحوث الماستر أكد الأساتذة الجامعيون أن دفتر الضوابط البيداغوجية الجديد لم يُلغِ بحوث سلك الماستر بأي حال من الأحوال، على عكس ما يروج له في مواقع التواصل الاجتماعي، موضحين أن المشروع النهائي للماستر أصبح يُنفذ إما في شكل تدريب ميداني ينتهي بتقرير يُناقش أمام لجنة، أو في شكل دراسات وأبحاث ضمن فرق بحثية، على أن تحدد اللجنة المشرفة الطرق المناسبة لإنجاز المشروع، وتتم مناقشته كما في السابق.

وأشار جامعيون إلى أن التغيير الأساسي يكمن في تنويع طرق الإنجاز، بما يراعي طبيعة التخصصات الإنسانية والاجتماعية، ويسمح للطلبة باختيار الفرق الميدانية أو البحثية وفق تخصصاتهم، مع شق نظري وشق ميداني خاصة في برامج الماستر المتخصص.

وأضاف الجامعيون أن توفير الظروف الملائمة للتدريب الميداني يتم بالتعاون مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين للجامعة، خصوصاً في التخصصات العلمية، وخلصوا إلى أن الهدف من هذا التغيير توسيع وتنويع طرق إنجاز مشاريع نهاية التكوين وفق دفتر الضوابط، بما يعزز التطبيق العملي ويراعي احتياجات الطلبة والتخصصات المختلفة.

 

أحمد الشهبي
إطار تربوي

يرصد هذا المقال حالة الاستنفار التي ترافق دوما الدخول المدرسي، ليس فقط في المؤسسات التعليمية بل وفي الأسر أيضا. فحسب الأستاذ أحمد الشهبي، فإن الدخول المدرسي يضعنا أمام صورة مصغرة عن البلاد: نظام تعليمي يخلط بين التعليم كتربية وبين التعليم كتجارة، بين المدرسة كفضاء لصناعة الإنسان والمدرسة كسوق لتصريف السلع.

 

أحمد الشهبي إطار تربوي

 

إكراهات تربوية واجتماعية ترافق الدخول الدراسي

 

بلد يعلّق المستقبل في محافظ ثقيلة على أكتاف نحيلة

 

مع بداية الدخول المدرسي، يتحول البلد إلى مسرح عبثي مفتوح على كل الاحتمالات. روائح الكتب والدفاتر تفوح في الأزقة كأنها بخور لطقوس جماعية، والمكتبات الرسمية تضيق عن استيعاب الزبائن، فتتطوع محلات البقالة، التي كانت حتى الأمس القريب تبيع نصف خبزة وعلبة سردين، لتتحول إلى مكتبات طارئة، تعرض دفاتر ملونة وأقلامًا براقة وكراريس مشكوكا في جودتها. مشهد يشبه حالة طوارئ وطنية، لكن دون إعلان رسمي: كل شيء مباح، وكل شيء يباع، والزبون الأول والأخير هو ولي أمر يجر خلفه أبناءه كأنهم في طريقهم إلى معسكر تجنيد لا إلى مؤسسة تعليمية.

الأطفال أنفسهم يدخلون الطقس ببراءة مغشوشة: أجساد نحيلة لا تقوى على حمل محافظ بوزن فيل، وظهور صغيرة تنحني مبكرًا تحت ثقل أوراق لا يقرؤونها. في الشارع يخيل للناظر أن الحقيبة تسير وحدها بينما الطفل مجرد ظل مضاف إليها. مشهد من فرط غرابته يصلح لإعلان تجاري عن قوة المحافظ المغربية، لكنه في الحقيقة شهادة دامغة على هشاشة الجسد الذي يُفترض أن يحمل أحلام المستقبل.

أما النقل المدرسي فذلك فصل آخر من الكوميديا السوداء. حافلات صفراء تتحرك بسرعة غير مبررة وسط الأزقة الضيقة، يقودها سائقون يتقمصون شخصية «خطافة البلايص»، وكأن السباق أهم من الأرواح الصغيرة المحشورة في الداخل. أبواب توشك أن تطير مع أول مطب، وأطفال يتشبثون بالمقاعد كأنهم أبطال في مشهد من فيلم أكشن رديء، بينما الدولة تغض الطرف وكأنها تكتفي بدور المتفرج: المهم أن الضجيج يصل إلى المسامع ليقنعنا بأن «التعليم بخير».

ثم تأتي المدارس الخصوصية لتكمل الحكاية. لوائح مستلزمات أطول من قائمة عرس، ورسوم تسجيل أشبه بمهر غامض لا يعرف أحد على أي عروس يُدفع. أقلام ملونة، أوراق مطلية، دفاتر بأحجام هندسية وطلبات عبثية مثل «ملف أزرق من النوع الممتاز»، كأن مستقبل الطفل يتوقف على نوعية البلاستيك المستعمل في الملف. وفي النهاية، ما يُشترى لا يُستعمل، وما يُستعمل لا يغير شيئًا في مستوى التلميذ الذي سيظل عالقًا بين لغة أجنبية لا يتقنها وأستاذ مثقل بالحصص.

الآباء والأمهات بدورهم يخرجون من هذه التجربة مثقوبي الجيوب، منهكي الأعصاب، مهددين بالسكري والضغط الدموي. الدخول المدرسي عندنا ليس بداية أمل جديد، بل مناسبة رسمية لتجديد عقد الألم مع السوق والدولة في آن واحد. مشهد يضعنا أمام صورة مصغرة عن البلاد: نظام يخلط بين التعليم كتربية وبين التعليم كتجارة، بين المدرسة كفضاء لصناعة الإنسان والمدرسة كسوق لتصريف السلع.

إنه الدخول المدرسي الذي لا يعلّم بقدر ما يفضح: يفضح هشاشة الأسر، جشع المؤسسات، عبثية البنية التحتية ولامبالاة الدولة. موسم أشبه بمرض موسمي يضرب العائلات كل شتنبر، حيث ترتفع نسب الضغط الدموي والسكري والصداع النصفي، وربما البوحمرون أيضًا، قبل أن يتعوّد الناس من جديد على الألم كعادة وطنية لا تحتاج إلى تفسير.

لكن المسرحية لا تقف عند هذا الحد. التلميذ يبدأ العام بحقيبة تساوي نصف وزنه وينهيه بشهادة لا تساوي ثمن الدفاتر التي اشتراها. الأستاذ يدخل القسم وهو يجر خيبته مثلما يجر الطفل محفظته، يكتب على سبورة بيضاء فيما المستقبل يزداد سوادًا. الآباء يتنقلون بين المكتبات والبقالات، بين الحافلة والباب الحديدي للمدرسة، بين القرض والدين، ليكتشفوا أن ما دفعوه لم يكن ثمن تعليم بل تذكرة حضور في مسرحية قديمة. والدولة؟ تكتفي بالتصفيق من بعيد، تنشر بلاغات رسمية تشبه أوراق الدفاتر الرديئة: جميلة من الخارج، فارغة من الداخل.

نحن لا ندخل موسمًا دراسيًا جديدًا، بل غرفة انتظار جماعية حيث يشيخ الأطفال قبل الأوان، ويتحول التعليم إلى سبب إضافي للمرض بدل أن يكون الدواء. بلد يضع كل عام ثقله على أكتاف صغاره، ثم يستغرب لماذا ينحنون مبكرًا، ولماذا يكبرون وهم يجرون وراءهم ظهرًا محنيًا وأحلامًا مكسورة.

وهكذا، بدل أن يرنّ الجرس ليعلن بداية رحلة التعلم، يرنّ في أعماقنا ناقوس آخر: أن المدرسة ليست سوى مرآة تكشف ما لا نحب أن نعترف به. أننا بلد يعلّق المستقبل في محافظ ثقيلة على أكتاف أطفال نحيلة، ثم يتظاهر بأن كل شيء على ما يرام. لذلك، حين نرى التلاميذ بعيون نصف مغلقة وظهور منحنية يحملون محافظهم، ربما أصدق ما نسمعه ليس ضحكاتهم المتعبة، بل السؤال الصامت الذي يوجهونه لنا جميعًا: هل أنتم متأكدون أن هذا ما تسمونه مستقبلًا؟

 

/////////////////////////////////////////////////////////////////

 

متفرقات:

 

برادة ينفي احتكار كتب مدارس الريادة

أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، أن طباعة الكتب المدرسية بالمغرب تخضع لمبدأ طلبات العروض، مشددًا على أن الصفقات تُمنح للشركات التي تستحقها وفقًا للمعايير القانونية، مع الحرص على تفادي الاحتكار. وأوضح برادة، خلال ندوة صحفية عقدها الجمعة الماضية بالرباط، أن كل شركة تتكلف بطباعة ثلاثة كتب فقط، وذلك في إطار استراتيجية الوزارة الرامية إلى توزيع فرص الطباعة على أكثر من فاعل، وقطع الطريق أمام أي محاولة لاحتكار السوق من قبل شركة واحدة. وأضاف الوزير أن العملية تسير بسلاسة وبدون مشاكل إلى حدود الساعة، مشيرًا إلى أن أسعار الكتب المدرسية مناسبة لجميع الفئات، دون المساس بجودة المحتوى أو الطباعة.

وفي سياق متصل، أعلن برادة أن كتب الدعم الموجه تم توزيعها مجانًا على المدارس، وأن كتب التعليم التصريحي، المقررة في البرامج الجديدة، بدأت تطرح في السوق، بأسعار جد مناسبة تتراوح بين 4 و10 دراهم. وأكد الوزير أن الوزارة حريصة على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في الحصول على الكتب، من خلال سياسة دعم فعالة، وتوفير المقررات بجودة محترمة وبأثمنة في المتناول، ما يسهم في إنجاح الدخول المدرسي 2025- 2026.

 

 

التحذير من توظيف توزيع الكتب المدرسية في دعاية انتخابية مبكرة

كشف نشطاء أن بعض رؤساء الجماعات والمقاطعات خصصوا مبالغ مالية مهمة على شكل صفقات لشراء الكتب المدرسية مطلع هذا الموسم الدراسي، بدعوى توزيعها على الأسر المعوزة، رغم وجود برامج دعم حكومية مباشرة لهذا الغرض، والتي تعتمد على قاعدة بيانات موحدة للأسر المعوزة ضمن السجل الاجتماعي الموحد. ويشير هؤلاء إلى أن هذه الصفقات، التي تمول أحيانا من المال العام خارج الإطار الرسمي للبرامج الحكومية، قد تمثل استغلالا للموارد العامة لاستمالة أصوات الأسر المعوزة في الانتخابات المقبلة، وهو ما يثير تساؤلات حول مصداقية وشفافية هذه المبادرات. وأكد بعضهم أن هناك إجراءات رسمية للتوزيع العادل والمراقب للكتب المدرسية، تكفل وصول الدعم إلى المستحقين الحقيقيين، دون أن تكون مرتبطة بأي حسابات انتخابية أو سياسية. ومع ذلك فإن هذه الصفقات تخالف روح هذه البرامج وتثير المخاوف بشأن توظيف المال العام لأهداف انتخابية شخصية. ويطالب المراقبون والفاعلون المدنيون بفتح تحقيق عاجل في هذه الممارسات، ومحاسبة المسؤولين عن أي استغلال للمال العام، بهدف ضمان حماية حقوق الأسر المعوزة والحفاظ على نزاهة العمليات الانتخابية.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى