الرئيسية

الأخبار في بيت الشاب عبد الرحمان بطل فيديو «الزفت المغشوش» بآسفي

حاوره: المَهْـدِي الكَرَّاوِي
في بيت متواضع جدا في حي شعبي ببلدة جمعة سحيم التي تبعد عن آسفي بـ 40 كيلومترا على الطريق الوطنية نحو الدار البيضاء، استقبلنا الشاب عبد الرحمان المكراوي، بطل فيديو «الزفت المغشوش» بطريق زمران، الذي جاب في أيام قليلة فقط كل بقاع العالم، ونقل إلى الملايين «شوهة» وفضيحة صفقة إنجاز طريق عمومية تفتقر إلى أبسط مقومات ومعايير الجودة، قبل أن يتقرر اعتقاله بشكاية من جماعة سحيم التي يسيرها حزبا الاستقلال والعدالة والتنمية، ويقضي أسبوعا في السجن المدني لآسفي. في هذا الحوار الذي خص به يومية «الأخبار»، يقص علينا الشاب عبد الرحمان تفاصيل مثيرة من محنته التي أدخلته وراء القضبان وأوصلته مع بلدته الصغيرة إلى العالمية.

  • لنرجع قليلا إلى بداية هذه القصة المثيرة، ولتحك لنا كيف جاءت فكرة إنجاز فيديو ساخر من دقيقتين حول طريق زمران التي شاهد العالم بأسره الغش الذي طالها؟

أولا أتقدم عبر جريدتكم بالشكر إلى كل المغاربة داخل وخارج أرض الوطن، وكل الأجانب ووسائل التواصل الاجتماعي الذين تضامنوا معي في هذه المحنة، وكانوا وراء إطلاق سراحي. ثانيا لم تكن هناك فكرة محددة أو قصد معين، أنا أقطن في بيت متواضع في جمعة سحيم، وبجانب منزل العائلة أنجزت الجماعة طريقا عمومية، وخلال تفقدي لهذه الطريق أثار انتباهي أن الزفت مغشوش ويقتلع بسهولة باليد بدون حاجة إلى آلات حادة. وبطريقة عفوية وبدون أدنى خلفية قمت مع بعض الأصدقاء بتصوير مشاهد ساخرة عبر هاتف نقال، وكان الغرض من ذلك هو أن نسخر بطريقتنا مما اكتشفناه.

  • هل كنت تعتقد أن الفيديو الذي صورته بعفوية بجانب بيتكم في جمعة سحيم سيصل إلى العالمية وسيشاهده الملايين من الناس على الإنترنيت؟

لا لا.. مطلقا لم يكن ذلك في الحسبان ولا توقعته أصلا، وحين قمت مع أصدقائي بتصوير الفيديو بالهاتف النقال، كان غرضي أن أشاركه مع حلقة ضيقة من أصدقائي على موقع «فايسبوك» من أجل الضحك فقط، ولم أكن أتصور أنه سيصل إلى مدينة آسفي المجاورة، فبالأحرى أن يشاهده الناس في روسيا وأوربا وأمريكا، وحقيقة لم أصدق الأمر، وأجد صعوبة كبيرة في تصديقه حتى اليوم.

  • كيف تم اعتقالك؟

قبل الاعتقال، ومباشرة بعد بداية تداول الشريط على نطاق جد ضيق، تعرضت مع عائلتي لضغوط كبرى من قبل المسؤولين في جماعة سحيم، وأساسا رئيس الجماعة ونوابه. وتلت هذه الضغوط تهديدات وزيارات متتالية لبيتي، وتم الضغط على والدي وإخوتي. وفي هذه اللحظة بدأت أشعر بأن هناك شيئا ما يحاك ضدي، وبعدها تأكدت أن رئيس الجماعة وضع شكاية ضدي، وأن رجال الدرك الملكي يطلبونني، وقبل ذلك فكرت «نخوي البلاد»، وفعلا سافرت لكن تحت إلحاح العائلة واستدعاءات الدرك عدت وأدليت بأقوالي وعاملني رجال الدرك معاملة جيدة، وبعدها مباشرة جرى اعتقالي وإيداعي السجن المدني.

  • ما الذي فكرت فيه بمجرد أن وضعت الخطوة الأولى داخل السجن وكيف قضيت ليلتك الأولى وراء القضبان؟

لم أكن وصلت بعد إلى الشهرة عن طريق «فايسبوك» وجريدة «الأخبار» التي وضعت صورتي وهي كبيرة الحجم في الصفحة الأولى، كنت أقول مع نفسي «البلاد ما فيها قانون»، وأشعر بمرارة في صدري، وكنت أردد مع نفسي «أنا اللي درتها لراسي»، وأفكر في المتاعب التي سأتسبب فيها لعائلتي الصغيرة، ومنذ الليلة الأولى وراء القضبان كنت متأكدا من أنني لن أغادر السجن قبل سنة على الأقل.

  • كيف توصلت بخبر تحول قضيتك إلى قضية رأي عام وأنك أصبحت شخصية مشهورة داخل وخارج المغرب؟

وأنا في السجن أخبرني الحراس أنني أصبحت مشهورا، واستقبلني مدير السجن، وشعرت بأن موجة التضامن الكبيرة معي أصبحت تحملني، وبقيت طيلة أسبوع تصلني أخبار عن تطورات قضيتي، عبر موظفي السجن، الذين كانوا يقولون لي «راه تصاورك والفيديو ديالك دايرين حالة في البلاد».

  • هل صحيح أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران اتصل بوالدك وأعلن تضامنه معك؟

من هنا أريد أن أضع حدا لمثل هذا «التخربيق»، وأقول لكم ولكل من تضامن معي إنه لم يسبق لعبد الإله بنكيران أن اتصل بعائلتي خلال اعتقالي أو حتى بعدما تم الإفراج عني، وأرفض استغلال قضيتي لأهداف سياسية. وأقول للمغاربة إن عبد الرحمان المكراوي لا ينتمي لأي حزب سياسي.

  • بعد بنكيران قيل إن وزير العدل مصطفى الرميد هو الذي كان وراء إطلاق سراحك، ما تعليقك على الأمر؟

سأكون واضحا معكم، حزب العدالة والتنمية لا فضل له في إطلاق سراحي، والفضل في ذلك يعود بشكل حصري لكل من تضامن معي عبر الإنترنيت وعرف بقضيتي، وبراءتي هي التي أوصلتني إلى العالمية، زيادة على أن «الشوهة» التي نقلت بالفيديو هي لطريق أنجزتها جماعة جمعة سحيم، وهم من قدموا شكاية ضدي وهددوا عائلتي، والفضل في إطلاق سراحي يعود إلى «دعاوي الوالدين»، وإلى كل المغاربة الشرفاء الذين تضامنوا معي في كل بقاع العالم ورفضوا أن يزج بشاب بريء في السجن وأن يبقى الفساد حرا طليقا بدون متابعة.

  • كيف ترى نفسك اليوم بعد إطلاق سراحك وكيف تنظر إلى المستقبل؟

حقيقة عبد الرحمان «باقي هو هو»، وأجد صعوبة في التأقلم مع الوضع الجديد، الناس يريدون رؤيتي ومصافحتي وتهنئتي، والصحافة تريد مقابلات وحوارات، والهاتف لا يتوقف عن الرنين. وأريد أن أقول لكل الناس إنني لو وجدت غشا أو فسادا فلن أتردد في تصويره، ولست نادما على ما فعلت، والحمد لله المغاربة عندهم قلب كبير ولا يقبلون بـ«الحكَرة» والظلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى