شوف تشوف

الافتتاحية

التصريحات لا تكفي

بعض التصريحات الأوربية وتواليها مع اختلافها بين الحين والآخر، وتفاوتها بين الوضوح والضبابية في قضيتنا الوطنية، يبدو أنها تعبِّر عن حالة من الارتباك والتشوش وعدم الجدية أيضا. فهي لا تنم عن زلات لسان لمسؤولين يعرفون جيدا قيمة الكلمات التي تخرج من أفواههم، فضلًا عن أنها لا تعكس مستوى الشراكة الاستراتيجية المتقدمة بين المغرب والاتحاد الأوربي. وأخيرا كادت أن تتفجر أزمة ديبلوماسية جديدة بسبب تصريحات الممثل الأعلى للاتحاد الأوربي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، حول الصحراء المغربية، والتي تحدث فيها عن «ضرورة» استشارة ما يسمى «الشعب الصحراوي»، قبل أن يخرج وزير الخارجية، ناصر بوريطة، لانتقاد هفوات المسؤول الأوربي وإعادة الأمور لنصابها.
مثل هاته الخرجات الديبلوماسية المستفزة، سواء كانت بقصد أو عن غير قصد، يمكن أن تتكرر مرارا، لا يمكن قبولها أو التطبيع معها، لأن ذلك سيقود قضيتنا الأولى إلى المتاهات والتطاول. والمطلوب اليوم من المغرب، في إطار شراكاته الاستراتيجية، ألا يكتفي بالأقوال والكلمات والمواقف التي تبقى مطلوبة وضرورية، لكن لا بد أن ترتبط بالأفعال والسياسات وتثبت مصداقيتها. فالأفعال هي التي تعطي للعلاقات الديبلوماسية وضعها الطبيعي وقيمتها الرمزية، فالاعتماد على التصريحات وعدم ترجمتها لأفعال ديبلوماسية هو تهرب من المسؤولية والالتزام.
وإلى اليوم من حقنا أن نتساءل ماذا قدم الاتحاد الأوربي كمؤسسة لقضيتنا الوطنية في مقابل كل الخدمات والمصالح التي يقدمها المغرب للاتحاد؟ حقيقة لا شيء حاسم ومفصلي في دعم سيادتنا الوطنية، اللهم بعض التبريرات الشفوية والتهرب من المسؤولية التي ينهجها ممثلو الاتحاد الأوربي للتهرب من القرارات السياسية للمحكمة الأوربية، حتى أصبحت علاقتنا بالاتحاد الأوربي تعيش على التصريحات وتنفذ بالتصريحات وتعمل بالتصريحات، كل هذا جعل التعامل مع هذه المنظمة الأوربية مريبا بسبب استمرار الشراكة الاستراتيجية على مستوى القول لا الفعل.
إن من يدخل في شراكة استراتيجية متقدمة لا تكفيه عبارة أنت شريك موثوق به، فالتصرفات والسلوكيات والقرارات وردود الأفعال مع الأفعال أكبر مثبت ومبرهن ودليل قاطع لا يحمل الشك والتشكيك فيه على وجود شراكة وهذا ما يقوم به المغرب الذي يحترم التزاماته، أما أن تتخذ مؤسسات أوربية مواقف رسمية داعمة للمواقف المغربية ويخرج علينا مسؤولون، تحت ضغط أضواء الإعلام وأشياء أخرى، بتصريحات تعيدنا لنقطة الصفر هنا ينبغي أن تقف الديبلوماسية المغربية وقفة حازمة لإنهاء هذا الاستهتار.
نحن لا نطلب من الديبلوماسية المغربية أن تدخل في مواجهات مع الجميع، فهذا لن يخدم قضيتنا، لكن لا بد من تثبيت المواقف والشراكات المكتسبة، وذلك لن يكون إلا بالتصرفات والأفعال وكذلك الأقوال التي يربطها خيط منطقي لا تعارض نفسها كل حين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى