
في سياق ارتفاع أسعار السلع الأساسية في العالم، الليثيوم لم يعرف استثناء من هذه القاعدة، حيث تمت مضاعفة سعره بخمسة في عام واحد.
ارتفاع الأسعار من 6000 إلى 45 ألف أورو
الليثيوم، هو مادة ضرورية لصنع بطاريات للسيارات الكهربائية. بعد النقص العالمي في أشباه الموصلات الذي يؤثر على صناعة السيارات، أدرج الاتحاد الأوروبي الليثيوم في قائمته للمعادن المهمة. ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، سيزداد الطلب 40 مرة بحلول عام 2040. ويوجد الليثيوم في الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية، في كل مكان. منذ فترة طويلة تستخدم للزجاج والسيراميك، وتحتوي بعض علاجات اضطراب ثنائي القطب أيضا على هذا المعدن. ولكن، خلال السنوات العشر الماضية، كان معظم الليثيوم موجودا في بطاريات الليثيوم أيون للسيارات الكهربائية. المنتج الرئيسي لهذه المادة هو أستراليا مع 42000 طن في عام 2020، أي أكثر من 50 في المائة من «الذهب الأبيض» في العالم. تليها الشيلي بـ18 ألف طن، والصين بـ14 ألف طن، والأرجنتين بـ6200 طن. وبلغ إنتاج الليثيوم العالمي 475000 طن في عام 2020. ووفقا للمسح الجيولوجي الأمريكي، تشترك هذه البلدان الأربعة في 82 في المائة من الاحتياطيات العالمية المحددة، و95 في المائة من إنتاج التعدين. وعلى الرغم من وجود العديد من مشاريع التعدين بأوروبا، إلا أنه لا يوجد إنتاج لليثيوم تقريبا. «أوروبا ليست على خريطة الليثيوم، لا للتعدين ولا للمعالجة»، كما يصف روبرت كولبورن، المحلل في ««Benchmark Mineral Intelligence بلندن، والمتخصص في معادن انتقال الطاقة. لذلك يجب على الدول الأوروبية استيراد معظم احتياجاتها. ومع ذلك، توجد الرواسب في صربيا والبرتغال وألمانيا وجمهورية التشيك وحتى في فرنسا، في شكل معادن في «ماسيف سنترال» و«Armorica» وفي شكل حراري أرضي في الألزاس، وفقا لمكتب الأبحاث الجيولوجية والتعدين «BRGM». وأطلقت الحكومة الفرنسية دعوة لمشاريع من الصناعيين لاستخراج أو تنقية الليثيوم، أو الكوبالت، أو حتى النيكل. يبلغ سعر طن كربونات الليثيوم حوالي 45000 أورو مقارنة بـ6430 أورو في العام السابق، في يناير 2021. وفي عام واحد، تضاعف سعره بأكثر من خمسة في الصين، المقياس العالمي. منذ 1 يناير 2022، زاد بالفعل بنسبة 13 في المائة. واتخذ الاتحاد الأوروبي تدابير للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من السيارات. وهكذا، تحول المصنعون إلى كهربة المركبات. لهذا يحتاجون إلى بطاريات يعتبر الليثيوم عنصرا أساسيا فيها. وقد أعلنت «رون» عن التحول إلى الكهرباء بنسبة 100 في المائة في أوروبا، في عام 2030. تسببت هذه الحركة الأساسية في انفجار الطلب على الليثيوم. ويوضح روبرت كولبورن: «بحلول عام 2030، ستتجاوز الاحتياجات الأوروبية وحدها 500000 طن سنويا، وهو ما يزيد على الإنتاج العالمي الحالي». والعرض يكافح لتلبية الطلب، حيث من الصعب تحويل المواد الخام إلى ليثيوم قابلة للاستخدام للبطاريات. تقوم الصين بتكرير 60 في المائة من «الذهب الأبيض»، لكن بعض مواقعها تخضع للصيانة. وقررت بكين أيضا تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، وبالتالي سيتباطأ الإنتاج.
أول مصنع لإنتاج الكوبالت المغربي
استطاع المغرب انتزاع موقع على الخريطة المستقبلية لسلاسل توريد السيارات الكهربائية، بعدما حظي الكوبالت المغربي باهتمام كبير على مستوى العالم. وفي أحدث خطوة لدعم القطاع، يستعد المغرب لتطوير أول مصنع لإنتاج الكوبالت الأولي/ المعاد تدويره في مراكش، وبذلك سيؤدي دورا محوريا في إزالة الكربون وإحداث ثورة في عالم المركبات الكهربائية. وتعقيبا على هذا الحدث الكبير، قال المهندس والعالم المغربي، رشيد اليزمي، إن تشييد أول مصنع لتطوير الكوبالت المغربي بمراكش يمثل خطوة مهمة للبلاد، خاصة مع تزايد الطلب العالمي على السيارات الكهربائية. وأشار اليزمي، مخترع «أنود الغرافيت» المستخدم في بطاريات الليثيوم، إلى أنه رغم اكتشاف تقنيات إعادة تدوير الكوبالت قبل 20 عاما، فإنها اكتسبت زخما كبيرا في السنوات الأخيرة، مع تزايد المخاوف المتعلقة بندرة المواد الخام. وأوضح المتحدث ذاته، خلال مقابلة تلفزيونية أجراها الأسبوع المنصرم، أن الأخبار المتداولة حول مصنع إعادة تدوير الكوبالت «جلينكور-مناجم» لا تعد مفاجأة، سيما أن 25 إلى 30 في المائة من البطاريات ستكون مصنوعة من مواد معاد تدويرها. يأتي ذلك بعد إعلان شركة التعدين المغربية «مناجم غروب» إبرام صفقة مع شركة جلينكور الأنجلو- سويسرية الرائدة لافتتاح مصنع للكوبالت في مدينة غيمسا، على بعد 37 كيلومترا من مراكش. وقالت الشركة، في بيان لها، إن إطلاق المشروع مشروط باستكمال دراسة جدوى بنهاية الربع الأول، لتقييم المقومات التجارية للمصنع وبصمته الكربونية. وأضافت أنها ستنتج الكوبالت من مواد البطاريات المعاد تدويرها. وفي الوقت نفسه، سلط اليزمي الضوء على أهمية المشروع في مساعدة شركة «جلينكور» على تحقيق هدف الحياد الكربوني في عام 2050. ستستفيد شركة «جلينكور» من قدراتها في توريد معادن الكوبالت والنيكل، وإعادة تدويرهما في عملياتها بكندا والنرويج، لتزويد مصفاة «سي تي تي» المغربية بالكوبالت، الذي يحتوي على الكتلة السوداء. ستوفر شركة مناجم تقنية إعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون، وستتيح هذه التقنية ارتفاع معدل استرداد الكوبالت والنيكل والليثيوم من الكتلة السوداء. وبعد ذلك، ستسوق شركة «جلينكور» المنتجات المعاد تدويرها لشبكتها العالمية، بوصفه جزءا من التزامها المستمر بدعم التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتحقيق الحياد الكربوني. ونظرا إلى أهميته في بناء بطاريات السيارات الكهربائية، من المتوقع ارتفاع الطلب على الكوبالت في العام المقبل، مدفوعا بانتشار المركبات الكهربائية على مستوى العالم. وتعد كندا والمغرب المنتجين الوحيدين للكوبالت النقي، إذ يحتل المغرب المرتبة الـثانية عشرة في تصدير الكوبالت على مستوى العالم. ولدى الدولة القدرة على تأدية دور رئيس في التحول العالمي، بعيدا عن الوقود الأحفوري، بفضل احتياطياتها الهائلة من الكوبالت.







