شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسية

 القمة المغربية الإسبانية ترسم مسار شراكات واعدة وتفتح آفاقا جديدة

مدريد جددت دعمها لمقترح الحكم الذاتي والبلدان وقعا اتفاقيات تعاون

اختتمت أمس الخميس، أشغال الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى المغربي-الإسباني، والتي ترأسها كل من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ونظيره الإسباني بيدرو سانشيز، مرفقين بأعضاء الحكومتين المغربية والإسبانية، باعتماد الطرفان إعلانا مشتركا أعربا فيه عن التزامهما باستدامة العلاقات الممتازة التي جمعتهما على الدوام، مؤكدان رغبتهما في إثرائها باستمرار، مشيران إلى أنهما يدرجان تعاونهما في إطار معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون والحوار السياسي المعزز المنبثقة عن البيان المشترك الصادر في 7 أبريل 2022، القائمة على مبادئ الشفافية والحوار الدائم، والاحترام المتبادل، وتنفيذ الالتزامات والاتفاقيات الموقعة من قبل الجانبين، والتي تم التطرق فيها إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك، بروح من الثقة، بعيدا عن الأعمال الأحادية أو الأمر الواقع.

كما أكد الجانبان أن هذا الاجتماع رفيع المستوى شكل فرصة لاستعراض أهداف خارطة الطريق والنتائج المرضية التي تم تحقيقها من جهة، ومن جهة أخرى، لتجديد عزم البلدين على العمل، بشكل مشترك، من أجل مواصلة هذه الدينامية الجديدة، الضرورية لرفاهية البلدين وازدهار المنطقة بأسرها، كما رحب الجانب المغربي والاسباني، بالعمل المنجز من قبل كافة فرق العمل، مجتمعة ووظيفية، ولاسيما الجهود المبذولة والانخراط المعبر عنه من كال الجانبين، بهدف تحقيق الأهداف المحددة في خارطة الطريق المذكورة، الداعية إلى مواصلة المناقشات في إطار هذه الفرق، مجددين التزامهما بحماية وضمان حقوق الإنسان، كقاعدة ال محيد عنها للتعايش الديمقراطي وسيادة القانون والحكامة الجيدة، ويتفقان على تعزيز تعاونهما في هذا المجال خلال المرحلة الجديدة من العالقات الثنائية.

ونوهت إسبانيا بدينامية الانفتاح والتقدم والحداثة التي يشهدها المغرب، في ظل القيادة المستنيرة والفاعلة للملك محمد السادس، التي تتميز، بالخصوص، بالنموذج التنموي الجديد، والجهوية المتقدمة، والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، والورش الجديد للتضامن الاجتماعي، كما تعتبر إسبانيا المغرب، حسب البيان ذاته، فاعلا على المستويين الإقليمي والدولي، يحظى بالمصداقية والصوت المسموع، والذي يضطلع بدور حاسم من أجل الاستقرار والسالم والتنمية في المنطقة المتوسطية، وفي الأطلسي وفي منطقة الساحل والصحراء وفي إفريقيا.

من جهته، نوه المغرب بالإشعاع الدولي متعدد الأبعاد لإسبانيا، وبإسهاماتها المتعددة من أجل الاستقرار والسلام والتنمية المستدامة على الصعيدين الإقليمي والدولي، مؤكدا على الأهمية التي يوليها للرئاسة الإسبانية لمجلس الاتحاد الأوروبي خلال النصف الثاني من السنة الجارية 2023، ولا سيما لتعميق علاقات المغرب المتميزة مع الاتحاد الأوروبي ولتعزيز العلاقات الأورو-متوسطية والأوروبية العربية والأوروبية الإفريقية.

كما أكد الجانبان أهمية قمة حلف شمال الأطلسي في مدريد كلحظة تاريخية في علاقة الحلف مع الضفة الجنوبية، التي يقوم فيها المغرب بدور مهم من خلال مشاركته في الحوار المتوسطي، فيما ثمن المغرب دور إسبانيا في إطار مجموعة العشرين من أجل الانتعاش الاقتصادي العالمي، وكذا علاقاتها المتميزة مع أمريكا اللاتينية، والكاريبي والمجموعة الإيبيرية الأمريكية.

وبخصوص قضية الصحراء، جددت إسبانيا موقفها الذي ورد في الإعلان المشترك بتاريخ 7 أبريل 2022 ،عقب اللقاء بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، مجددة دعمها الكامل ومساندتها الفعالة للبرنامج الوطني للمغرب مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

 

بعد استراتيجي مشترك

أكدت الحكومتان على تمسكهما بالحفاظ على العالقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي وتعزيزها، معربتان عن إرادتهما في زيادة تطوير الوضع المتقدم للمغرب لدى الاتحاد الأوروبي، حيث يعد مجلس الشراكة المقبل مناسبة هامة في هذا الصدد، يضيف البيان، وشارت إسبانيا والمغرب إلى أنهما تتعاونان بشكل نشيط من أجل النهوض بالمبادرات الكبرى للبرنامج الاقتصادي والاستثمارات لفائدة الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي، ولاسيما في مجال التمويل المشترك للاستثمارات المبرمجة من طرف صندوق الاستثمار الاستراتيجي بالمغرب بهدف مواكبة وتسريع الانتقال الأخضر وتطوير أنظمة الحماية الاجتماعية للمجموعات الأكثر هشاشة ومساهمة المغرب في برنامج البحث آفاق أوروبا وتمويل بنياته التحتية الرقمية، وتطوير الطاقات المتجددة، والمبادرة المغربية “الجيل الأخضر” وتنمية المناطق القروية.

كما أكد البلدان على أهمية تعزيز التعاون بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط مجددان التأكيد على التزامهما بمواصلة بناء فضاء مشترك للسالم والازدهار والاندماج، مرحبان بتعاونهما في إطار الحوار في غرب البحر الأبيض المتوسط ” 5 + 5 ، وجددت إسبانيا والمغرب، يضيف البيان المشترك، التزامهما اتجاه أشغال مجموعة التعاون للشركاء المتوسطيين في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تجمع 63 دولة من ثالث قارات حول تصور شامل للأمن، مجددان التعبير عن التزامهما من أجل السلام والاستقرار والتنمية المستدامة، وحقوق الإنسان، ولا سيما في إطار الأمم المتحدة، مشددان على التزامهما الخاص بمحاربة الإرهاب الدولي، وهو الأمر الرئيسي، على حد تعبيرهما، للأمن والاستقرار بالمنطقة الأورو متوسطية وعلى الصعيد العالمي.

وعبر البلدان عن إدانتهما الشديدة للأعمال الإرهابية، سواء كانت داخل أو خارج أراضيهما، وكذا لجميع أشكال العنف التي تهدد حقوق وحريات المواطنين، معربان عن ارتياحهما للنتائج التي تم تحقيقها في مجال محاربة الإرهاب، كما اتفقا على تكثيف تعاونهما في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية، ومراقبة الحدود ومكافحة الشبكات وإعادة قبول الأشخاص في وضع غير قانوني، ومشيران ويشير إلى أن محاربة الشبكات الإجرامية للهجرة غير القانونية يتطلب أيضا التذكير بالمسؤولية المنوطة بدول الجوار وبلدان المنشأ، والاتحاد الأوروبي من أجل التصدي لهذه الظاهرة.

كما عبرا عن ارتياحهما لتعاونهما وتنسيقهما خلال “عملية عبور المضيق/مرحبا”، بعد الجائحة سنة 2022، حيث مكنت هذه العملية المشتركة من تسهيل تنقل نحو ثالثة ملايين مسافر و700 ألف عربة، وهو ما يجعل منه إحدى برامج تدبير تنقل الأشخاص في العالم.

 

التعاون الاقتصادي  

سجل الطرفان بتقدير، التطور الملحوظ للشراكة الاقتصادية بين المغرب وإسبانيا، والتي ضخت دينامية جديدة في المبادلات التجارية بفضل القرب الجغرافي، والمندرجة في إطار إعادة تشكيل السياق الجيوسياسي العالمي، معبرا عن إرادتهما في تعميقها بهدف إدماج أكبر ومربح للطرفين للسلاسل ذات القيمة، وهو ما من شأنه أن ينعش التطور الاقتصادي ورخاء المواطنين، يضيف البيان المشترك.

وذكر البيان بأن لإسبانيا الشريك التجاري الرئيسي للمغرب وذلك منذ سنة 2012، كما أن المغرب يعد الشريك الثالث لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، فيما التزم البلدان بإنعاش التبادلات التجارية والاستثمارات، من أجل تنفيذ مشاريع تنموية مشتركة في إطار شراكة رابح -رابح، مستفيدين في ذلك من الميثاق الجديد للاستثمار الذي اعتمده المغرب حديثا، والذي يتلاءم مع التحولات المؤسساتية، والاقتصادية، والاجتماعية والسياسية، والرامي إلى جعل المملكة وجهة استثمارية دولية، من خلال توفير فرص حقيقية في القطاعات الاستراتيجية.

وأشارت الوثيقة ذاته إلى أنه بهدف الاستفادة من العلاقات الاقتصادية والتجارية المتميزة القائمة بين المغرب واسبانيا، وتنشيط التجارة والاستثمارات الثنائية التي بلغت مستويات غير مسبوقة، فقد تم الاتفاق على تجديد البرتوكول المالي القائم من خلال مضاعفة الموارد المتوفرة لتبلغ ما مجموعه 800 مليون أورو، كما سيتم استخدام الآليات المالية القابلة للاسترداد وغير القابلة للاسترداد من أجل دعم المشاريع ذات الأولوية التي يتعين تطويرها من طرف الحكومة المغربية، ولاسيما في ميادين البنيات التحتية والطاقات المتجددة والماء والتطهير وتجهيزات التعليم والصحة والقطاعات الإنتاجية.

كما أكد الطرفان على أهمية التعاون في المشاريع المنفذة بهدف ضمان اقتصاد خال من الكربون، والذي يوفر إمكانيات كبرى للمستثمرين من خلال مشاريع في الطاقات المتجددة واستراتيجية النجاعة الطاقية، مع الحاجة إلى تطوير الربط بشكل أكبر من بنيات تحتية وغيرها وتسهيل التنقل بين البلدين، مشيدان بالتوقيع على مذكرة تفاهم في مجال البنيات التحتية للنقل تروم تعزيز التعاون القطاعي.

كما رحب الطرفان بتعاونهما الممتاز في مجال الماء، وجددا التأكيد على اهتمامهما بتعزيزه بشكل أفضل، خاصة في مجال تحلية المياه والتدبير المندمج للموارد المائية وإعادة استخدام المياه العادمة، مشيدان بالتوقيع، في أبريل 2019، على مذكرة اتفاق للنهوض بأنشطة التعاون في مجال الأرصاد الجوية وعلم المناخ بين المديرية العامة للأرصاد الجوية والوكالة الوطنية للأرصاد الجوية في المملكة الإسبانية، والذي تمت في إطاره بلورة خطة عمل لتنزيله على أرض الواقع، ستدخل حيز التنفيذ قريبا.

كما اتفق الطرفان على تعميق التعاون في المجال الفلاحي من خلال إضفاء الطابع الرسمي على التعاون التقني الثنائي في مختلف المجالات بما في ذلك التبادل في ميدان التعليم والتكوين المهني والاستشارة الفلاحية والنهوض بالاستثمار الفلاحي وتقاسم التجارب في مجال الأمن الصحي والصحة النباتية، والبحث في مجال الاقتصاد في الماء، وتوسيع التعاون اللامركزي، وتطوير التعاون الثلاثي المغرب – إسبانيا لفائدة البلدان الإفريقية، حيث تم تحيين مذكرة التفاهم القائمة من أجل توسيع مجالها لتشمل الصحة النباتية، بما يضمن توفير التغطية الضرورية لهذا القطاع الهام من العمل.

كما سجل الطرفان بارتياح التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال السياحة، خلال الاجتماع رفيع المستوى الثاني عشر بين المغرب وإسبانيا، والذي سيعطي زخما ودفعة جديدة لعالقات التعاون السياحي بين البلدين، ال سيما فيما يتعلق بالترويج والاستثمار والتنافسية والاستدامة والجودة والتنمية الترابية وكذا في مجال التعاون اللامركزي ورصد وتحليل النشاط السياحي.

 

التقارب والتعاون الثقافي..

أشاد البلدان بتنظيم المملكة المغربية، في نونبر 2022 بفاس، للمنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، الذي شكل لحظة قوية لتسليط الضوء على كونية هذه القيم، كما اتفقا على وضع مبادلاتهما في مجالات التعليم والثقافة والرياضة في صلب عالقات التعاون القائمة بينهما.

وفيما يخص مجال التعليم، التزم الطرفان بالعمل على تشجيع تبادل الوثائق المتعلقة بالبرامج المدرسية الجاري بها العمل، بهدف تسهيل التصديق والاعتراف بالتعليم والشهادات المسلمة للتلاميذ، مع تعزيز تعاونهما من أجل تشجيع تنقل الطلبة، كما التزم الطرف الإسباني بدراسة التدابير الكفيلة بتبسيط المساطر الإدارية للطلبة المغاربة في إسبانيا.

وأوضح البيان أن الطرفان سيتخذان الإجراءات الضرورية لتحفيز الجامعات الإسبانية العمومية والخاصة على فتح فروع لها في المغرب، مشيرا إلى أن هذا الأخير يشهد توجها قويا نحو التعليم الدولي وحيث تستقبل الجامعات المغربية أكثر من 20 ألف طالب إفريقي يستفيد أزيد من 11 ألف منهم من منح للدراسة.

وأشاد الطرفان بالمستوى الممتاز للتعاون القائم بينهما فيما يتعلق بتنفيذ برنامج تدريس اللغة العربية والثقافة المغربية في إسبانيا، ملتزمان بتقويته من خلال تمكينه من الوسائل البشرية والمادية الضرورية، مع ضرورة اعتماد اتفاق يتعلق بشكل حصري بهذا البرنامج، ويشكل أساسا لتطويره وأيضا الحفاظ على استدامته.

كما التزم الطرفان بالنهوض بتعاونهما في المجال الرياضي، وخصوصا في مجال رياضة القرب، والإدماج عن طريق الرياضة، والرياضة من مستوى عال، مع تعزيز تعاونهما فيما يتعلق بالتحول الرقمي، ودعم تحسين جودة الخدمات العمومية للمواطنين، وتقوية قدرات الموظفين في المجال الرقمي وإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في الوظيفة العمومية.

من جهة ثانية، اتفق الطرفان على البدء في تحديث اتفاقية الإنتاج السينمائي المشترك الموقعة في عام 1998 ، وصياغة اتفاقية للإنتاج المشترك السمعي البصري، مع تعاونهما من أجل ضمان احترام حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في جميع المجالات من خلال فتح قنوات التواصل بين الهيئات المختصة بهما وتبادل الخبرات والمعلومات ولاسيما تلك المتعلقة بتأثير التكنولوجيات الجديدة.

كما أكد الطرفان على تقاسمهما نفس الأهداف والاهتمامات في مجال الحماية الاجتماعية، والتي يمكن ترجمتها من خلال إرساء أسس عالقات تعاون تقنية واسعة تساهم في تعزيز نظامهما للضمان الاجتماعي، معتبران أنه بإمكان هذا التعاون أن يساهم في تسهيل تبادل المعارف والممارسات الحميدة والبحث التقني، معربان عن ارتياحهما للتعاون المثمر والمتنوع في مجال الصحة والذي تجسد بمرور الوقت ، على المستوى الثنائي والإقليمي ومتعدد الأطراف، واتفقا على إضفاء دينامية جديدة وتحيين المشاريع التي تم الشروع فيها سابقا.

النعمان اليعلاوي 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى