شوف تشوف

الرأيالرئيسية

الكرة والإحسان العمومي

حين ضاق الحال بمالية الرجاء ولفت الأزمة عنق الفريق، تخلص عزيز البدراوي، رئيس النادي، من كبريائه وأطلق حملة إحسان عمومي اختار لها اسم «رجا معانا»، وهي الحملة التي تروم جمع التبرعات المالية من جمهور الرجاء لدعم ميزانية النادي الأخضر.

في بلاغ رسمي، رمى الرئيس الكرة في مرمى الرجاويين، وقال إن المبادرة جاءت «نزولا عند رغبة الجماهير الرجاوية»، وأن الغاية منها تدارك تبعات الأزمة.

انخرط الرجاويون في حملة التضامن بعدما استعان الرئيس بأرانب السباق من محيط عائلته وأصدقائه، معلنا عن تدشينه للعملية التكافلية وضخ مليون درهم قبل أن تتبعه ابنته وبعض رفاقه. وبين مرحب بالمبادرة ورافض لصيغتها، تحولت قضية «الصينية» إلى بؤرة توتر بين الرجاويين وخصومهم، الذين تعاملوا مع الموقف الخيري بكثير من السخرية.

أبناء جيلي يذكرون حملة «عاون الفريق»، التي كانت بالنسبة لنا نحن الأطفال «تسولا» مشروعا يحفظ الكرامة، ويسهل جمع التبرعات لاقتناء قميص لفريق الحي. كان أحدنا يتطوع ويأتي لنا من بيته بـ «صينية» نضع فوقها قميصا وننثر فوقه نقودا غير قابلة للاسترجاع. وتبدأ الحملة من الحي وتنتهي فيه، وغالبا ما ينصح بتجنب لونين الأخضر والأحمر حتى لا يجد ودادي أو رجاوي مبررا للامتناع عن المساهمة في حملة «عاون الفريق» التي كانت تشمل دكاكين الزقاق الذي كنا نقطنه وتركز على أهل الجود والسخاء من رجال الحي.

حصل هذا قبل أن يصبح جمع الصدقات يحتاج إلى ترخيص من الدولة أولا، وتقرير من مقدم الحي وكشف عائدات من أصحاب المبادرة. في زمن «عاون الفريق»، كانت مصطلحات الشفافية والحكامة في رحم الدولة وكانت اليد اليسرى لا تعرف ما قدمته اليد اليمنى.

علاقة الرجاء بالصينية ليست وليدة اليوم، ففي الثامن من فبراير 2013، عقد محمد بودريقة، حين كان رئيسا للرجاء الرياضي، اجتماعا بشر فيه الرجاويين بميلاد «الفرقة الاجتماعية»، وتم تكوين لجنة لتتبع هذا الملف، ترأسها عبد الإله العلالي رفقة أمين المال أمير يوسف، والكاتب العام محمد سيبوب، على أن يباشر النادي مسطرة الحصول على حق المنفعة العامة كي يعفى من مجموعة من الرسوم التي تطول العملية.

في هذا الاجتماع قدم الكاتب العام عرضا وضح فيه أهمية التوفر على صفة المنفعة العامة كشرط أساسي لجمع التبرعات، وحذر من التبرعات الفوضوية التي تخدش صورة النادي.

وحده نادي الفتح الرياضي، من بين جميع الأندية المغربية، الذي يتوفر على صفة المنفعة العامة، رغم أنه لا يجمع التبرعات، فيما تدير باقي الجمعيات ظهرها لهذا الامتياز وتعتقد أن حق جمع التبرعات من أنصارها مكفول. لهذا على البدراوي أن يجدد مطلبا ما زال في دواليب الرجاء ويبحث عن صفة المنفعة العامة، وينفض الغبار عن ملف تعلوه طبقات الغبار.

حين ترأس محمد بودريقة الرجاء، وزع أطنانا من الألبسة الرياضية على أطفال في كوناكري، وحين عاد إلى الدار البيضاء أسس منظمة الرجاء الاجتماعية ووزع في درب السلطان عتادا رياضيا على أبناء هذا الحي، في الوقت الذي كانت فيه الفئات الصغرى للرجاء تعاني من نقص حاد في الأمتعة الرياضية. مرت الأيام وأعلن بودريقة نفسه مرشحا في الدائرة الانتخابية لمرس السلطان. وفي حملته، تذكر السكان قفة الرئيس وبذلة الرئيس ووعود الرئيس، وتبين لهم أن الإحسان السياسي لا يفسد للود قضية. ما أقدم عليه بودريقة ليس سوى استنساخ لإحسان سبقه إليه الراسخون في السياسة، وسار على خطاه الرئيس الحالي الذي دخل الفريق محسنا وانتهى به المطاف داعيا إلى الإحسان.

الإحسان العمومي الحقيقي هو أن تتبرع بدمك حتى لا يصاب بنك الدم بالإفلاس، لكن قبل التبرع بالدم يجب أن يكون لديك دم أولا.

حسن البصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى