حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

انزلاقات

شهدت احتجاجات «جيل Z» كما تابع الجميع، أول أمس الثلاثاء، انزلاقات خطيرة، حيث تحولت بعض التعبيرات المشروعة إلى أحداث شغب بالغة الخطورة، وتخريب الممتلكات العمومية وإضرام النار في السيارات والمحلات التجارية، ورشق القوات العمومية بالحجارة والعنف، وهو الشيء الذي يعتبر جريمة مكتملة الأركان ولا علاقة له بالتظاهر السلمي، أو التعبير عن المطالب المشروعة التي تتطلب لا شك التفاعل معها من قبل السياسي بالتقدير الجيد للمرحلة والإجراءات والقرارات الناجعة، التي يمكن اتخاذها بعيدا عن المؤسسات الأمنية التي يبقى دورها تقنيا.

وإذا كانت الحكومة قد عقدت اجتماعا للأغلبية وتطرقت من خلاله إلى مطالب المحتجين وبحث تلبيتها وتفهمها للمشاكل، والاعتراف باختلالات الصحة والخدمات العمومية، فإن الانزلاق إلى العنف يهدد سلمية الاحتجاجات بشكل عام، ويضع الكل أمام مسؤولية جماعية في تدبير اللحظة بأقصى درجات الحكمة والحزم.

ويعتبر الشغب خطا أحمر يُفقد الاحتجاج شرعيته، ولا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، وهو مُجَرَّم بواسطة القانون، على عكس التعبير السلمي المكفول قانونا ودستوريا، خاصة وأن اللجوء إلى استعمال العنف والاصطدام مع القوات العمومية، وتخريب الممتلكات العامة، يخلق مناخا محتقنا لا مكان فيه للحوار ولا الهدوء المطلوب، قصد الاستماع إلى المطالب ومناقشتها، ولا مصلحة ترجى من خلفه، إلا الخراب الذي لا يريده أحد للوطن ومصالحه العليا.

لقد حذرت العديد من الأصوات الإعلامية والحقوقية استباقيا من خطورة الانزلاق في احتجاجات «جيلZ »، معتبرة أن الأمر يتعلق باللعب بالنار من خلال دفع المؤسسات الأمنية إلى الاحتكاك المباشر بالمتظاهرين الشباب، الذين يغيب عنهم التأطير السياسي وليست لهم القدرة على تحليل الوضع الإقليمي والعالمي المعقد والتطورات المتسارعة، ما يمكن أن يجر البلاد إلى مسارات غير محسوبة العواقب.

إن المرحلة الحالية تحتاج إلى الفاعل السياسي الذي تسبب غيابه عن الواجهة وعدم تحمله المسؤولية بشكل مباشر، في المزيد من التوتر والاحتقان، بحيث يفترض أن تكون القوى السياسية في الواجهة الأولى للحوار، والوسيط بين الشارع والدولة.

ونعود لنكرر أن ضعف المبادرات الحزبية، جعل الأخيرة جزءا من المشكل وليس الحل، حيث غياب مخاطبة الشباب المحتج بلغة واضحة، والاعتماد على طرق تقليدية في التدبير الحزبي، ناهيك عن شلل الاستقطاب والتأطير، ما فسح المجال أمام الفوضى الرقمية التي تكون في غالب الأحيان مصطنعة ومسيرة عن بُعد، أو توفر أجواء مناسبة للركوب على الأحداث وقيادة الانفلات الميداني.

نحن لا نريد أحزابا تكتفي بالمراقبة، والبحث عن الاستفادة من الأزمة انتخابويا، عوض النزول إلى الميدان بخطاب صادق وقرارات جريئة، بحيث يجب أن تكون الحلول المطروحة بحجم اللحظة وتتحدث لغة الشباب، الذي يرفع شعارات المطالبة بالتشغيل، والتعليم، وجودة الصحة، والكرامة الاجتماعية، وهي شعارات لا خلاف حولها، شرط السلمية والحوار، لأن الاحتجاج في حد ذاته وسيلة وليس غاية، والشغب والتخريب جريمة في حق الوطن.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى