حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

بالفور أشيفور

 

 

حسن البصري

حين قرر دي سنفاريس، سائق سابق لحافلة نادي باناثينايكوس اليوناني، نشر مذكراته من خلال كتاب يؤرخ لمرحلة هامة في تاريخ الكرة اليونانية، تعرض لكل محاولات الإغراء لمنعه من نشر غسيل النادي.

قال دي سنفاريس إنه عاش محنة حقيقية وهو يحاول إصدار كتاب «سائق المحنة»، وانتقل من الإغراء إلى الترهيب، حتى تبقى أسرار الفريق بين ثنايا مقاعد الحافلة.

لا نهتم بفئة سائقي حافلات الأندية المغربية والمنتخبات الوطنية، لأن الاهتمام يسكن أقدام اللاعبين والمدربين وجيوب المسيرين.

قبل أن يقلع فريق المغرب الفاسي صوب مدينة برشيد، اشتعلت النيران في حافلته فاحترقت بالكامل، بعد أن كانت مركونة في هدوء بعين الشقف. لا أحد يعلم دوافع إضرام النيران في حافلة لا تتحمل مسؤولية النتائج المتواضعة للفريق، رغم أن حافلة هذا الفريق هي الناقلة الوحيدة التي تغنت بها جماهير الرجاء في أنشودة «علاش الكار ما جاش من فاس»، في إشارة لواقعة تعود لبداية السبعينات.

حين يموت سائق الحافلة لا يهتم به رئيس الفريق، ولا يكلف الموقع الرسمي للنادي نفسه عناء كتابة تعزية بلون السواد. طبعا هناك بعض الاستثناءات في وفاة الطيب لكريني سائق «الماص» وبا ميلود سائق حافلة الرجاء، الذي كان يقطن في معقل الوداديين بدرب الإنجليز ويقضي سحابة يومه خلف مقود حافلة الرجاء.

نقدر المخاطر التي تتربص بهذه الفئة، وخطورة مهنة من يسوقون الفرق المغربية إلى المحن، لقد كشف لي سي محمد السائق السابق لحافلة الوداد عن اللحظات الحزينة التي يتقاسمها مع اللاعبين في حالة الهزيمة، حين يخيم الصمت الرهيب داخل الحافلة، أو حين تتعرض للرشق من جهات غالبا ما تعلن مسؤوليتها عن الحادث، أو حين يصر دركي على معاملة حافلة الفريق كما يعامل حافلة نقل عمومي تربط الدار البيضاء بالضواحي.

سي محمد هو السائق الوحيد الذي قاد حافلات ثلاثة فرق مغربية، الرجاء والوداد وشباب المسيرة، وهو العلبة السوداء التي يخشى المسيرون فتحها.

نادرا ما يكرم السائق من طرف الأندية وجمعيات المحبين و«الإلتراس»، مع بعض الاستثناءات القليلة التي تسجل للأسف خارج المغرب، إذ كرم نادي ريال مدريد الإسباني سائق حافلة فريق كرة القدم «فرناندو مانسو» بعد تقاعده عن العمل بعد سنوات من الخدمة في النادي الملكي، وخصص غريمه برشلونة لـ «سالفا بيرتوموه» سائق الحافلة الشهير وداعا تاريخيا بعد تقاعده، ووضعت صورته في متحف الفريق الكتلوني.

وحين توفي عبد الله حسين سائق حافلة فريق نادي العين الإماراتي، خصص لهذا السائق الصومالي الجنسية تأبين كبير ووضع لاعبو النادي صورته على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وحين يموت سائق حافلة نادي مغربي لا ينال من فريقه ولو دقيقة صمت قبل انطلاق المباراة.

في زمن الأبيض والأسود كان بعض اللاعبين يقودون حافلات فرقهم من باب تعدد المهام، على غرار نجم المنتخب المغربي والمولودية الوجدية سابقا محمد الفيلالي، الذي ناب عن السائق وقاد حافلة فريقه من وجدة إلى أكادير وسجل هدفا. وبنفس روح التضحية كان بخاش مدربا لحراس المرمى وسائقا لحافلة الدفاع الجديدي.

لكي تصبح سائقا لحافلة فريق مغربي، عليك أن تبتلع لسانك وأن تحفظ عن ظهر قلب المسالك الآمنة وأن تخفض للمدربين جناح الذل من الرحمة، وتقبل بأن تكون آخر من يلتحق ببيته، وأن تتلقى أضعف أجر من بين جميع ركاب الحافلة، علما أن الفقر سائق نحو الغضب والانفعال الصامت.

كثير من رؤساء فرقنا يحتاجون لسائقين يقودون ضمائرهم في طريق الحكامة والديمقراطية.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى