الرأي

«خيانة»

هي
دخلت بيتي الذي ورثته عن أبي، وعلى سريري الذي اشتريته من مالي، وجدتك عاريا من ملابسك ومن أخلاقك، وكانت إلى جانبك امرأة عارية بيضاء، جميلة المحيا، صغيرة السن، وقحة الفعل، وصرخت صرخة واحدة وقعت إثرها أرضا، فهربتما ولم تهرب معكما الفضيحة، كنت زوجي ووالد أبنائي، وكانت الدنيا تدور حولي..
لم أبلغ السلطات عنك، لم أكن قادرة على أن ألوث سمعة الأبناء بفعلتك الشنعاء، ولم يكن تمردك إلا لؤما منك وأنا التي أكرمتك ولم أملك منك سوى الذل والهوان، تطلب مسامحتي وتركع على ركبتيك وأنت لطالما فعلتها لأقبل بك زوجا ولأسكنك بيتي ولأطعمك من كدي.. كنت تتعمد البقاء عاطلا لأنك كنت متأكدا أنني أستطيع أن أعيل البيت، ومع الوقت تعودت أن أعطيك المصروف اليومي كأنك أحد أبنائي لكنك لم تكن تشتري أكلا أو كتبا بل كنت تشتري السجائر وترتاد المقاهي وتلعب اليانصيب.. وبلغ بك الحمق إلى الحد الذي تستضيف فيه العاهرات في غيابي وفي بيتي وعلى سريري، ولم تكن أول مرة تفعلها بل هي أول مرة أضبطك فيها متلبسا، حيث لم تجد منها ملاذا عبر الكذب والتحايل، فاللسان والأذن نكذبهما لكن العين لا يمكن تكذيبها. الآن حان لي إغلاق باب بيتي في وجهك فالكلاب الضالة مآلها الشارع.

هو
حين فتحت عيني وجدت نفسي فقيرا، أبي كان بائعا متجولا وأمي كانت تشتغل بالحمام الشعبي، وكان لدي ستة أخوة وستمائة حلم وحلم لم أحقق منها شيئا.. درست إلى أن طردت من المدرسة لأنني ضربت أستاذا اعتقدت أنه أهانني، اشتغلت في أعمال عدة، من بينها ميكانيكي وكانت سيارتك سبب تعارفنا.  لم يكن يعيبني كرجل سوى قلة مالي أما شكلي فكنت وسيما، قويا وأعتني بمظهري، وذات يوم ماطر جلست بجانبي في الورشة وبينما كنت أصلح سيارتك كنت تحكين حياتك التي كانت تعيسة رغم يسر حالك. تزوجنا بسرعة كبيرة، تغيرت حياتي كثيرا وصممتِ أن أغير عملي ولم أجد عملا يرضي وضعك الاجتماعي، فتعليمي كان متوسطا، بقيت هكذا عاطلا حتى لا تحرجك أنواع عملي أمام معارفك، ومن فراغي ارتدت المقاهي، جربت حظي مرارا في اليانصيب، ولم أقرب النساء إلا حين نفرتِ مني، كونت أنت وأبنائي حلفا ضدي وكنت عدوكم والشيء غير المرغوب فيه بينكم. أعترف بأني خنتك لكن رغما عني فأنا خائن بأصلي فحين رضيت بالزواج ممن هي أحسن مني وأكفأ، وتخليت من أجلها عن عملي وتنكرت لمنبتي، خنت رجولتي وكرامتي، ولم أركع لتسامحيني وإنما لأزيد من إذلال نفسي، فقد تستفيق من سباتها بطردك لي وتعود لها الكرامة حين تتنفس هواء الشارع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى