حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

دفاعا عن الصحافة الورقية

خلال لقاء نظمته وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالرباط، حول مكافحة الأخبار الزائفة، قدمت مداخلة للطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، أرقاما يمكن أن تدخل ضمن الأخبار غير الدقيقة والتي تحتمل عدة قراءات، وذلك بزعمها أن 1 في المائة فقط من المغاربة هم من يعتمدون على الصحافة الورقية كمصدر للخبر.

مقالات ذات صلة

وأضافت السيدة أخرباش أن 66.3 في المائة من المواطنين يعتمدون على التلفزيون كمصدر للخبر، سواء القنوات الوطنية أو الأجنبية، فيما واصلت شبكات التواصل الاجتماعي وما يرتبط بها من فوضى في النشر صعودها المتزايد في القائمة. لكن رئيسة «الهاكا» قفزت هنا على معطيات ميدانية عصية على التجاوز، وهي أن الصحافة الورقية تعتبر منجما ومرجعا أساسيا لجل المواقع الإلكترونية الملائمة وغير الملائمة، وصفحات المنصات الاجتماعية، والتي تقتات بشكل يومي على ما تنتجه الصحف من مواد، وذلك دون العودة إلى ذكر المصدر طبعا أو الإشارة إليه.

وعندما أخبرتنا أخرباش بأن الصحافة الورقية لا تمثل سوى واحد بالمائة من مصادر استقاء الخبر لدى المغاربة، فإنها وقفت عند ويل للمصلين، ولم تكشف لنا عن أي صحافة ورقية تتحدث هل الحزبية أم المستقلة، كما لم تكلف نفسها عناء رصد أرقام ملفات الفساد التي فجرتها الصحافة الورقية في عملها الميداني، وكيف يتم اعتماد تقاريرها من قبل مؤسسات الرقابة ولجان التفتيش والنيابة العامة المختصة وقضاة المجلس الأعلى للحسابات، كما تعتبر موادها منطلقا وأرضية ومرجعا لإنجاز محتويات إخبارية تلفزية وإذاعية.

وكما يعلم الجميع، فإن كل الصحف الورقية لديها الآن منصات رقمية، وبالتالي فنحن أمام مؤسسات إعلامية وليس مجرد صحف ورقية. وما تجهله أخرباش هو أن مشكلة تراجع مقروئية الصحف الورقية مرتبطة بموضوع أكبر هو آفة القراءة المجانية وتدني مستواها بشكل عام في المغرب، بحيث يعتبر المغاربة ضمن أقل الشعوب قراءة في العالم، والمؤسسات الرسمية تتحمل المسؤولية في ذلك، لأنها لم تعمل على رفع نسبة القراءة إلى مستوى المشروع الاستراتيجي، الذي يضمن الرفع من الوعي الجماعي ومساهمته في التنمية ومواكبة التحولات الاجتماعية.

وطبعا لا داعي للتذكير بمهام «الهاكا»، التي لا ترتبط بالتنقيط للصحافة الورقية، بقدر ما تتمحور حول تحرير المجال السمعي البصري وفتحه أمام المنافسة والرأسمال الخاص، وحماية القيم المغربية، وضمان المنافسة العادلة بين الفرقاء، وتقنين وضبط قطاع السمعي البصري لضمان حرية التعبير والتعددية اللغوية والثقافية، وحماية الأطفال والجمهور. ولعلنا نحتاج أرقاما في مجال حماية الأطفال والجمهور من فوضى النشر وتمييع العمل الإعلامي ونشر الأخبار الزائفة، وهي معضلتنا التي تحتاج إلى الجدية والإرادة القوية في الإصلاح، ودعم المواد الإعلامية المهنية التي تحترم الحد الأدنى من المعايير المطلوبة في المجال.

والواقع أنه رغم الصعوبات المالية المرتبطة بغياب التنافسية والشفافية في سوق الإعلان، وتراجع المبيعات، لا تزال الصحافة الورقية بالمغرب، وباقي دول العالم أيضا، تحظى بثقة شرائح مهمة من القراء، لمساهمتها في ترسيخ قيم المواطنة والنقاش العمومي الجاد، من خلال صحافة التحقيقات والرأي. كما تلعب دورا مهما في توثيق الأحداث التاريخية، ونقل نبض المجتمع، والدفاع عن قضاياه بمهنية، في انسجام مع تطلعات مؤسسات الدولة نحو ديمقراطية تشاركية قائمة على حرية التعبير والاستقلالية.

وختاما لا يشكك أحد في أن الصحافة الورقية تميزت، على مر عقود من الزمن، بالمهنية والجدية، وأرست قواعد أخلاقية متينة للعمل الصحفي، ما جعلها مرجعا موثوقا للمعلومة، وفي ظل هذا الطوفان من الأخبار الزائفة والسطحية، الذي اجتاح الفضاء الرقمي، تبرز أهمية الصحف الورقية كمصدر رصين يلتزم بقواعد التحقق والتدقيق، ويحتكم إلى ضوابط التحرير الصارمة.. لذلك فإن ما ينفع الناس هو الذي يمكث في الأرض، أما فوضى النشر والأخبار الزائفة فمآلها مزبلة التاريخ.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى