
علمت «الأخبار» أن امتعاضا كبيرا يسود صفوف هيئة التدريس بعموم المؤسسات التعليمية، على مستوى كافة الأكاديميات الجهوية بالمملكة، بخصوص غياب اللوجيستيك المطلوب لإجراء فروض المرحلة الأولى من المراقبة المستمرة بمؤسسات الريادة، والتي تمت برمجتها بعد كل خمسة أسابيع من إرساء التعلمات الجديدة لتتبع مدى تحكم التلميذات والتلاميذ في التعلمات، وفق نظام التقييم الذي جاءت به خارطة إصلاح منظومة التربية والتكوين 2022-2026، من أجل مدرسة عمومية ذات جودة.
غير أن «الجودة»، التي يتم الحديث عنها بين المسؤولين التربويين، ما تزال في حاجة للمزيد من الدعم، إذ ظهر ذلك جليا عند محاولة تنزيل المديرات والمديرين الإقليميين بعموم الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لمراسلات مديري الأكاديميات بشأن إجراء المحطة الأولى من فروض المراقبة المستمرة، بموجب مراسلة وزارية في الموضوع، تلزم مديري المؤسسات التعليمية بمواكبة عملية «نسخ» نماذج الامتحانات لفائدة كافة المتمدرسين بالمؤسسات، في غياب أي دعم «لوجيستيكي» من طرف الأكاديميات لفائدة المديريات الإقليمية، خاصة في الشق المتعلق بتوفير العتاد المكتبي (الأوراق، المداد، الطابعات) فضلا عن الخصاص المسجل على مستوى الموارد البشرية.
وأوضحت المصادر أن مؤسسات تعليمية، تندرج ضمن مؤسسات الريادة، ظل المسؤولون بها يطالبون، طيلة سنوات، بتزويدهم بطابعات وأوراق وغيرها من المعدات المكتبية، في غياب أي تفاعل إيجابي من طرف المصالح المعنية، وهو الأمر الذي تم تجاوزه، في سنوات مضت، من خلال إلزام المتمدرسين والمتمدرسات، داخل بعض المؤسسات التعليمية، بأداء نفقات «نسخ» نماذج اختبارات المراقبة المستمرة، بينما يتم اللجوء، في كثير من المناسبات، إلى ما يسمى جمعية دعم مدرسة النجاح، التي يرأسها مدير المؤسسة التعليمية، والتي بدورها أضحت محط خلاف بين الأطر الإدارية والمسؤولين بالمديريات الإقليمية، بحكم أنها أضافت مهاما جديدة للإدارة التربوية ولأطر هيئة التدريس.
هذا وتسبب معطى «الخصاص» المسجل في المعدات المكتبية، على صعيد المؤسسات التعليمية بالمملكة، في تعالي أصوات تطالب بضرورة الكشف عن مصير الاعتمادات المالية «الضخمة» التي ترصدها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، كل سنة مالية، لفائدة إقتناء المعدات المكتبية، وهو ملف بات يستدعي من المفتشية العامة لوزارة التربية الوطنية التحرك من أجل التدقيق فيه، حتى لا تتكرر، مجددا، واقعة اكاديمية مراكش- آسفي بخصوص تلاعبات شابت الميزانية المرصودة لاقتناء مواد التنظيف.
وكشفت المصادر أنه، على صعيد المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمحمدية، على سبيل المثال لا الحصر، توصلت إحدى المؤسسات التعليمية بها بخمس علب للأوراق، وخرطوشة حبر واحدة، حيث طرح التساؤل حول الطريقة التي ستمكن مدير المؤسسة من طباعة 10000 ورقة، لفائدة 1000 تلميذ خلال كل مرحلة من المراحل الأربع، ما يتطلب عمليا توفير أزيد من 80 علبة للأوراق، مع توفير كميات كافية من المداد، والتنسيق مع أطر هيئة التدريس من أجل القيام بالعملية.
في السياق ذاته، تقدم حسن أومريبط، البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية، بسؤال كتابي إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أشار من خلاله إلى الصعوبات التي تعيق إنجاز فروض المرحلة الأولى من المراقبة المستمرة، بعدما فرض على مديري المؤسسات التعليمية طباعة عدد كبير من المواضيع والوثائق، والتي بلغ عددها، بالنسبة لبعض المؤسسات الكبرى، أزيد من 30 ألف ورقة، حيث اعتبرت مثل هاته القرارات متسرعة، وأنه تم إغفال القيام بتشخيص ميداني لوضعية المؤسسات، ودون تقدير حجم الموارد البشرية المطلوبة لتنزيلها، على الرغم من علم الجهات المعنية بكون معظم المؤسسات التعليمية تتوفر على آلات نسخ متهالكة أو محدودة القدرة، في ظل غياب المخزون الكافي من الأوراق والمداد، وعدم توفر المديريات على موظفين تقنيين مختصين بالطباعة.
وسارعت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، نهاية الأسبوع الماضي، إلى تدارك المشكل، من خلال مراسلة مديرتي ومديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وتكليفهم بالإشراف على عملية نسخ مواضيع المراقبة المستمرة، واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية الكفيلة بضمان جودة النسخ والحفاظ على سرية المواضيع، ضمانا لتيسير ظروف تنظيم «الاستحقاق التربوي» المذكور.





