حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

لاعبة مثل بابا

حسن البصري

 

كلما سجلت عميدة المنتخب المغربي النسوي لكرة القدم، غزلان شباك، هدفا في مرمى حارسات المنتخبات الإفريقية، تراقصت أمام عينَيَّ صورة والدها اللاعب الدولي الراحل العربي شباك.

كلما سددت غزلان قذيفة صوب مرمى الخصوم، تذكرت تسديدات «با عروب» التي تعانق الشباك، حتى وقد بلغ من الاعتزال عتيا.

كلما ركضت قائدة منتخبنا الوطني صوب الجمهور لتتقاسم معه فرحة الانتصار، تذكرت المرحوم شباك الذي مات قبل أن يتحقق حلم احتراف ابنته.

مات العربي دون أن يرى ابنته تنعم بديباج الاحتراف في الدوري الإسباني وتصنع أفراح «سبليون»، مات وهو ينتظر تأشيرة عبور، قبل أن يصطاده الموت من مقهى غير بعيد عن ملعب تيسيما.

حين مات والدها نالت غزلان جائزة أفضل لاعبة في كأس أمم إفريقيا سنة 2022، وحين شاركت في مونديال أستراليا سنة 2023 كانت أحلام الوالد مدفونة في مقبرة الغفران.

وكلما صافحت غزلان مسؤولا في المنتخب، أو لاعبا سابقا، أثنى على والدها ومهاراته وأمضى لها شهادة اعتراف بسمو أخلاقه.

حتى عندما تلقت التعازي في وفاة والدها، كان أصدقاء الراحل يجمعون أن هذه اللبؤة من ذاك الأسد.

تعذرت على والدها المشاركة في نهائيات كأس أمم إفريقيا بإثيوبيا سنة 1976، منعته الإصابة اللعينة من دخول التاريخ عبر بوابة الحبشة، تبا للأعطاب التي جعلت مفاهيم العربي معكوسة و«في النهار الكبير يكون غايب».

لم يحضر تتويج المنتخب المغربي بكأس أمم إفريقيا لم يحملها إلى بيته، لم يضمها إلى سيرته الكروية، لم يدخل بها بوابة التاريخ.

قيل للعربي اعتزل التدريب وتب عن ممارسة الكرة فهي فحشاء وجرح وممر سالك إلى عيادات الضغط الدموي والسكري وصيدليات الحراسة، لكنه أبى، وأصر على أن يصنع لاعبين من صلبه، جرب المحاولة مع الذكور وانتظر موسم الحصاد، لكن النبتة أثمرت وردة في مزهرية المنتخب المغربي، ضدا على كل التوقعات.

عاشت عميدة المنتخب الوطني في بيت تنشر في حبال شرفته قمصان وجوارب وبذل رياضية، وفي دواليبه المهملة ما تبقى من أحذية رياضية وعتاد مستعمل، يؤرخ لعبور كروي في بيت لا يؤمن بلازمة «كان أبي».

حين انتقل العربي شباك من اتحاد سيدي عثمان إلى اتحاد سيدي قاسم، بقرار من أحمد الدليمي، حجز لنفسه موقع قدم في كتيبة فريق ترعاه سلطة جنرال. وحين طالب بوظيفة تؤمن مستقبله، قيل له: «أنت شرطي برتبة لاعب».

لهذا حرصت «بنت لبوليسي» على ممارسة الكرة وهي طفلة صغيرة في درب البوليس بعين السبع، ولم يجد والدها حرجا في إلحاقها بفريق الفتيان لعين السبع لتلعب مع الذكور، وتفرض ذاتها حتى اعتقد المتفرجون كلما انتزعت تصفيقاتهم، أنهم في حضرة فتى كامل الأوصاف.

الجيران الذين لطالما عاتبوا غزلان واشتكوا لوالدتها بسبب ضرب الكرة واللعب بلا انقطاع، هم الذين يفخرون اليوم بمجاورة نجمة المنتخب الوطني، ويضعون على بيتها أكاليل الورود وينثرون الزعفران.

طافت غزلان الهند وزارت السند وحلقت في كل ملاعب القارات الخمس، دون أن تعثر على نسخة من والدها الذي حمل حقيبتها ولمع حذاءها وأهداها في أعياد ميلادها واقيا للساق بدل العرائس.

ليست غزلان هي الوحيدة التي ورثت عشق الكرة، فقد سارت أديلا تشيكوفا، ابنة أسطورة تشيلسي بيتر تشيك، على خطى والدها بعد أن ظهرت بقميص المنتخب الوطني للتشيك.

مهما كانت حصيلة المنتخب المغربي في “كان” السيدات، فإن غزلان قد حققت الحلم المصادر لوالدها، وتقاسمت معه الشغف الكروي في القيادة وفي العمادة وفي الدعابة أيضا.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى