شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

مجلس شاهد ما شافش حاجة

كدنا ننسى أن لدينا هيئة دستورية تسمى مجلس المنافسة، حتى أصدر، بشكل مفاجئ، قرار رفضه لممارسات بعض الشركات التي تنشط في قطاعات اقتصادية مختلفة، أثناء تأدية فواتيرها عبر خدمة الإنترنت من طرف زبنائها، وبلا شك أن إصدار الحكومة المراسيم التطبيقية الخاصة بتنظيم أشغال المجلس كان ضروريا، حتى لا يتحول الفراغ القانوني إلى مشجب يعلق عليه القائمون على المؤسسة الدستورية عدم خوضهم في عدد من القضايا والملفات التي تدخل في اختصاصها، وتهم المعيش اليومي للمواطن المغربي.
لذلك لم يعد أمام دركي المنافسة أي مبرر ليبقى مؤسسة صامتة، فالفراغ الذي عاشته هذه المؤسسة الدستورية لسنوات لا يقل عن الفراغ الذي من الممكن أن يحصل بغياب الحكومة أو البرلمان أو أي مؤسسة دستورية أخرى، سيما أننا في سياق اجتماعي واقتصادي طارئ لا يمكن لنا أن نتجاوزه، في غياب عمل مجلس المنافسة، لأي سبب من الأسباب. فالمفروض أن يشكل مجلس المنافسة الملجأ الآمن للمواطن، بأن أحكام الدستور في مجال المنافسة التي جرى التوافق عليها مصونة ومضمونة من أي ممارسة غير شرعية تهدد كيان الدولة.
والحقيقة التي لا يمكن أن ينكرها أحد أن غياب المجلس واقع منذ 2013، وهو إلى اليوم لا يؤدي وظائفه كاملة في حماية المواطنين من جشع الشركات والتجار، ولا يساهم في الحد من ارتفاع الأسعار، ولا يحمي السوق الوطنية في ملفات حساسة وفي مقدمتها المحروقات، بالرغم من وضع قوانين جديدة في 2015، لتمكينه من آليات تدبير المنافسة على قاعدة الإنصاف وتكافؤ الفرص بين المقاولات الصغرى والمتوسطة والكبرى.
واليوم نحن أمام استكمال المجلس لمنظومته القانونية والمؤسساتية، إذ لم يعد له أي مبرر لممارسة سياسة النعامة والاختفاء عن المشهد الاقتصادي والاجتماعي، لقد جاء الدور لكي يساهم في حدود اختصاصاته الدستورية في محاربة الاحتكار، والتدخل في أي تواطؤ على رفع الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، ومراقبة تطبيق قانون المنافسة في كل المجالات، وتطبيق القواعد السليمة في المنافسة الاقتصادية الشريفة.
إن ما ينقص مجلس المنافسة في هذا السياق بالضبط، هو أن يشتغل ويمارس اختصاصاته دون مواربة وبالجرأة الكافية، وبعيدا عن الرقابة الذاتية التي جعلته في ملفات كثيرة هزت الرأي العام “شاهد ما شافش حاجة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى