حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرفسحة الصيف

محمد الطريس نجل الزعيم التطواني الذي اختار سكة المجد الاقتصادي

أولاد خدام الدولة.. أبناء لا يعيشون في جلابيب آبائهم

ولد عبد الخالق الطريس في مدينة تطوان، يوم 25 ماي 1910، وسط عائلة لها أصول أندلسية، كما يوحي اسمها العائلي «طوريس». كان والده سياسيا مقربا من مصدر القرار. درس الفتى بالمدرسة الأهلية في طنجة، وحين أصبح شابا يافعا انتقل إلى القرويين بفاس لمتابعة دراسته، قبل أن يرحل ضمن بعثة علمية إلى القاهرة، لاستكمال دراسته العليا في القاهرة، ومنها إلى باريس، حيث شارك في تأسيس جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين في باريس.

عاش الولد في كنف السلطة، فوالده محمد الطريس، كان نائبا للسلطان، بل إنه كان من بين أعضاء الوفد المغربي في مفاوضات اتفاقية الجزيرة الخضراء.

 

عبد الخالق.. زعيم في بيت زعيم

عرف عبد الخالق منذ صغر سنه بميله إلى الزعامة، وكان مشروع شاعر ومشروع صحافي وقيادي، وقيل إنه حفظ عشرة ألف بيت شعري، وكتب مقالات في الصحف والمجلات المغربية والعربية، وحين اشتد عوده أسس صحيفة «الحياة المغربية»، ابتداء من سنة 1934، وبعدها أصدر جريدة «الأمة»، كما ساهم في تأسيس المعهد الحر كأول ثانوية عصرية.

كان لعبد الخالق الطريس دور في تأسيس الكتلة الوطنية بالشمال، حين انتخب رئيسا لها سنة 1936، وأسس حزب الإصلاح الوطني في 18 دجنبر من السنة نفسها، وكان سفيرا للحركة الوطنية بالمشرق العربي، دافع عن فلسطين في وقت مبكر، حضر المؤتمر البرلماني العربي سنة 1938. اعتقل وحوكم في إحدى المحاكم العسكرية الفرنسية بمدينة مكناس، حيث حكمت عليه المحكمة بالإعدام غيابيا سنة 1944. استقبله محمد الخامس سنة 1947 في طنجة باسم حزب الإصلاح ومنعته السلطات الإسبانية من الدخول إلى تطوان. ألقى عبد الخالق في السنة ذاتها خطابا حماسيا أمام الملك محمد الخامس، أثناء زيارته إلى مدينة طنجة. تعرض للنفي من طرف السلطات الإسبانية من تطوان وطنجة سنة 1947 إلى سنة 1952، شارك في تأسيس لجنة تحرير المغربي العربي بالقاهرة، كما شارك في التخطيط لاستقبال محمد بن عبد الكريم الخطابي بمصر، شارك في تنظيم المظاهرات الصاخبة.

في سنة 1953 بعد نفي محمد الخامس والأسرة الملكية، تولى مهام مديرية الأحباس بالشمال سنة 1954 وتكلف من طرف محمد الخامس بتسلم السلط من إدارة الحماية الإسبانية، بعد الاستقلال. عين سفيرا قيما على شؤون المنطقة الشمالية في 31 يوليوز 1956، ثم سفيرا للمغرب بعد الاستقلال بمدريد، ثم سفيرا بالقاهرة مرتين، وعين سنة 1960 وزيرا للعدل، وفي سنة 1963 انتخب عضوا في البرلمان المغربي. دمج عبد الخالق الطريس حزبه الإصلاح في حزب الاستقلال، وأصبح عضوا في اللجنة التنفيذية لحزب علال الفاسي.

في 26 ماي 1970 توفي عبد الخالق الطريس، في مدينة طنجة، إثر سكتة قلبية مفاجئة، ونقل إلى تطوان، حيث دفن بناء على وصيته، كما أوصى أيضا بإهداء مكتبته القيمة التي كانت تضم عشرة آلاف كتاب للمعهد الحر بتطوان.

 

أسرة الطريس.. من محن النفي إلى الهجر

انشغل عبد الخالق طويلا بالعمل السياسي، وكان يرفض الزواج، قبل أن يقتنع بضرورة الاستقرار العائلي، حيث تزوج بخديجة أفيلال، وعمره 28 سنة، ويحكى أن والده أقام له عرسا صاخبا حضره الخليفة السلطاني مولاي الحسن بن المهدي، وشخصيات إسبانية رفيعة المستوى، على رأسها المقيم العام الإسباني بتطوان.

أثمرت هذه العلاقة الزوجية، أسرة منفتحة يسودها الحوار، إذ كان يصطحب معه الزوجة في الكثير من المناسبات الرسمية والعائلية داخل الوطن وخارجه، وتتكون من الزوج عبد الخالق والزوجة خديجة التي كان يدلعها بلقب «خدوجة»، والابن الوحيد محمد والبنتين كنزة وفامة الصغرى. كان يتعامل مع أبنائه بشكل جيد، وكان يحملهم مسؤولية تدبير شؤون حياتهم.

«ما لا يعرفه الكثيرون عن والدي هو أنه كان طباخا ماهرا، ومتذوقا للعديد من الوصفات، وكان يعطي أوامره للطباخين بمنزلنا بطبخ وصفات مغربية وأجنبية، حسب مقاييس كان يحددها لهم مسبقا ويعطيهم المقادير المناسبة لتحضيرها»، يقول ابنه محمد في حوار صحفي مع «المساء».

وعلى الرغم من انشغالاته السياسية والفكرية، فقد كان عبد الخالق يخصص مساحة للفن في قلبه وفي وسط أسرته، حيث كان عاشقا للأغاني الكلاسيكية المصرية، مفتونا بأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، بل كان يحرص على أن تظل الموسيقى الأندلسية حاضرة بقوة في أرجاء البيت.

 

محمد الطريس.. تنفس السياسة واشتغل بالمال والأعمال

ولد محمد الطريس الابن الأكبر لعبد الخالق في 17 فبراير 1942 بتطوان، منذ بلوغه سن السادسة عشرة، اضطر محمد للسفر إلى مدينة طنجة لاستكمال دراسته، وكان والده حينها بعيدا عن البيت يمارس مهامه الدبلوماسية، لكن مع الحرص على متابعة تفاصيل الحياة الدراسية لنجله، إذ لم يكن متسامحا في أي تعثر دراسي، إذ كان مصرا على أن يكون الابن قياديا مثل أبيه.

لكن عبد الخالق سيمنع أبناءه من متابعة دراستهم باللغتين الفرنسية والإسبانية، نكاية في الاستعمار الفرنسي والإسباني، ما جعل الابن محمد مطالبا باستكمال تعليمه في المدارس الأمريكية، قبل أن يتوقف ويلتحق بوالده في مصر.

لكن المعاناة الكبرى لأسرة الطريس، بدأت حين تم تجريدها من ممتلكاتها، ما جعل المتعاطفين مع الزعيم يقبلون على مساعدة أفراد أسرته من العيش، لإيمانهم بأن الأسرة أدت فاتورة مواقف الوالد، قبل أن تعود الأمور إلى نصابها بتدخل شخصي من السلطان محمد الخامس، الذي كان يكن للطريس احتراما خاصا.

«يتميز محمد الطريس بالتواضع الإنساني الجميل ونبل الأخلاق والكرم الحاتمي، الذي ورثه عن والده الزعيم عبد الخالق الطريس، الذي كان يقف ساعات طوال بباب منزله، في زنقة المقدم (بيت الأمة)، لعله يصادف أحدا يقبل أن يدخل معه إلى البيت ليتقاسم وإياه وجبة غداء، أو وجبة عشاء»، حسب ما جاء في كتاب «رجال من تطوان» للمؤلفين: محمد البشير المسري وحسن بيريش.

هاجر محمد الطريس إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تخرج من إحدى جامعاتها سنة 1964، ليلتحق بجامعة السوربون الباريسية، مواصلا دراسته العليا بطموح علمي فريد.

بعد عودته إلى أرض الوطن، عمـل فـي البنك الوطنـي للتنمية الاقتصادية لمدة سنتين في الرباط، لينتقل بعدها إلى الدار البيضـاء، ويتولى مهام الكاتب العام لغرفة التجارة والصناعة الفتية، إلى جانـب رئاسته لتحرير مجلة الغرفة التجارية في العاصمة الاقتصادية للمغرب.

بعد الوفاة المفاجئة لوالده سيقرر محمد رعاية شؤون العائلة، حيث تزوج بعد سنة من نزهة الطريس، ورزق منها بأول أولادهما، حيث اختارا له اسم عبد الخالق تيمنا باسم والده.

وضع نجل الزعيم مسافة مع السياسة، وأسس رفقة بعض الفاعلين الاقتصاديين شركة للقروض المنزلية «إيكدوم»، وتولى محمد الطريس مهمة مدير عام لهذه الشركة، التي تحولت إلى أكبر شركة سلف في المغرب برقم معاملات وصل في تلك الفترة إلى 300 مليار سنتيم.

بعد تقاعده خاض محمد تجربة العمل الجمعوي حين ترأس ابتداء من سنة 1995 جمعية تطاون أسمير، كما عمل قنصلا شرفيا لجمهورية فينزويلا في الدار البيضاء لفترة عشر سنوات. وعلى المنوال نفسه سارت شقيقته كنزة، التي أصبحت رئيسة لمؤسسة عبد الخالق الطريس للتربية والعلوم والثقافة.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى