
حسن البصري
في الدورة السابقة من نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، وجهت خديجة الرميشي، حارسة مرمى المنتخب الوطني، ملتمس سراح يخص شقيقها المعتقل.
وقفت خديجة أمام عدسات المصورين وكشفت عن قميصها الداخلي، الذي طبعت عليه صورة شقيقها، وأرفقتها بعبارة «الله يطلق سراحك أخويا».
لا أعلم مصير هذا الملتمس الذي فاجأ المصورين، ولا أدري ما إذا كان شقيق حارسة المنتخب المغربي قد غادر السجن، أم لا يزال يقضي عقوبته، لكن لا أحد من أبناء حي «لبريك» بمدينة خريبكة ينكر دعم الشقيق المسجون لأخته، حين كانت تتلمس طريقها في دروب النجومية المتربة.
وقفت خديجة أمام الجماهير وهي ترمز لوضعية يدين تحت القيد، فتعاطف معها الجميع ورددوا «الحرية للرميشي»، انهمرت دموعها وكأنها تقول لشقيقها: «اللهم إني بلغت»، ثم هرولت نحو مستودع الملابس.
لكن محمد القدميري، عميد فريق الأولمبيك البيضاوي، كان أكثر جرأة من عميدة الجيش الملكي، فقد استغل فرصة تسلم كأس العرش من يدي الملك الراحل الحسن الثاني في المقصورة الشرفية لملعب الحارثي بمراكش سنة 1992، ليقول له:
«الله يطول عمر سيدي، خويا في الحبس بتهمة ملفقة».
قال الملك للاعب: «إن شاء الله يكون خير، سير فرح بالكأس بعدا».
قبل أن يغادر المنصة، دعا الملك وزيره في العدل مصطفى بلعربي العلوي، وطلب منه تقريرا مفصلا حول قضية اعتقال شقيق القدميري. سيتبين للوزير أن المعني متهم بالقتل غير العمد دون نية إحداثه، ودون مسببات التشديد.
بعد أسبوع، سيحصل القدميري المدان على عفو ملكي استثنائي، وسيكسب عميد الأولمبيك أجر الملتمس، وينهي محنة عائلته.
لكن حين ضاقت الأحوال بمحمد القدميري، لا أحد التمس له الخلاص ولا أحد دعا له بالانفراج، فانتهى أسيرا في جسده، منتصب القامة، مهموم الوجدان.
ليست كل ملتمسات الصفح قابلة للتنفيذ، وإلا ما الجدوى من مسطرة طلب العفو ومن لجانها. لذا كتب على كثير من الملتمسات عبارة «أحيل الملتمس على ديوان المظالم».
عندما وجه لاعبو الجيش الملكي ملتمسا إلى الحسن الثاني، للنظر في اعتقال لاعب المنتخب الوطني عبد القادر الخياطي، بسبب جريمة قتل، ضرب الملتمس في العارضة، وقبل أن يفهم اللاعبون سر الرفض، قرر «مسيويطة» وضع حد لهواجسه، فاستعمل غطاءه الخفيف كوسيلة لإنهاء مقامه في الحياة الدنيا، والابتعاد عن النظرات القاتلة للسجناء، سيما أن الأمر يتعلق بلاعب دولي يحمل صفة عسكرية، وأن القضية أصبحت مادة صحفية دسمة أسالت حبر الإعلام الرياضي وتجاوزته إلى صحافة الجرائم والفضائح.





