
د خالد فتحي
لم تعد علامة صنع بالصين تقتصر على الألبسة والآلات الإلكترونية والكهربائية وغير ذلك من المنتجات المصنعة، فقد تحورت بشكل مثير ومخيف لتشمل تصنيع الموت أيضا.
أخيرا أعلن مختبر صيني عن نتائج أولية تهم تخليق جيل جديد من الفيروسات، بوسعها أن تفتك بالمصابين بنسبة مائة في المائة.
صحيح أنها جربت لحد الساعة على 8 فئران فقط، ولكنها فئران تمت أنسنتها، بأن وضعت على حواف خلاياها مستقبلات شبيهة بالمستقبلات التي توجد على سطح الخلايا البشرية، مما جعل من تلك التجارب بحق محاكاة لوباء يمكنه أن يفتك فعلا بالبشر.
لم تنفق كل هذه الفئران – يقول «العلماء» الصينيون- بسبب تعفن رئوي حاد، بل نتيجة حمولة فيروسية شديدة بالدماغ في اليوم السادس للعدوى. وهذا مؤشر خطورة بالغ يدل على أن الصين توصلت لتصنيع الفيروس «الخارق».
فلقد تمت ترقية هذه الفيروسات التي هي من سلالة كورونا من خلال تقنية شريرة للتطوير تسمى اكتساب الوظائف، تجعلها تتسبب في مراضة فى غاية الشدة.
الغرب، وعلماؤه، ومحللوه، كانوا بالمرصاد للتجربة الصينية، حيث قاموا بتقليبها من كل الأوجه، علمية، صحية، وبائية، عسكرية، وجيواستراتيجية. فخلصوا إلى أن الصين لا تَتَعَالَمُ عليهم، وإنما هي تستعديهم وتتوعدهم بحرب بيولوجية لا تبقي ولا تذر.
فعلا، هذه التجربة تدخل كل العالم في حقبة جديدة يمكن نعتها بالجنون المطبق، فمن يضمن أن التجربة ليس لها علاقة بالأسلحة البيولوجية، ومن يستطيع أن يطمئننا أن الفيروس لن يكون معديا مائة بالمائة، فكما نجحت بكين في جعله أشد فتكا، لن تعدم وسيلة لجعله أكثر قابلية للانتقال بين البشر والانتشار بينهم. وأغلب الظن أنه لن تعوزها أيضا الحيلة لكي تسلطه على البشر من غير الآسيويين فقط.
الصين بالنسبة إلى الغرب قد كشرت عن فيروساتها، وهي بهذا الإعلان لا تطرح تحديا علميا عليه، وإنما تطرح في وجهه تحديا عسكريا. وإني لأظن بل أنا على يقين أننا انتقلنا من السباق النووي الذي ميز الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، إلى السباق الفيروسي الذي سيشكل عنوان الصراع بين الصين وخصومها.
لقد انتهى العهد الذي كنا نحسب فيه القوة العسكرية بعدد الرؤوس النووية التي تملكها الدول التي نصفها بالعظمى، وبدأ العهد الذي سنتحدث فيه عن عدد الفيروسات المصنعة التي تملكها الدولة وقدرات هذه الفيروسات على الفتك.
لن نتحدث بعد الآن عن الردع النووي، بل عن الردع الفيروسي. فمن سيجرؤ من الدول الغربية غدا أن يهاجم الصين، وهي تملك كل هذا الجراد من الفيروسات الخارقة؟ إنها ستترك حتما تايوان تذهب إلى الجحيم، فذاك لا يتطلب من الصين سوى أن تستمر في سياسة الحافة هاته.
في الحقيقة لا نعرف إن كانت الصين هي السباقة فعلا لهذا السلاح، أم أنها تعلم ما يجري بسراديب المختبرات الغربية من تجارب شبيهة، إذ تعودنا أنها هي من يقلد الغرب، وبالتالي قد تكون بكين في موقف دفاعي تريد من خلاله أن تخبر المتربصين بها بأنها تمتلك التقنية إياها، وأنها قادرة على رد الصاع صاعين.. ضمن سياسة توازن الرعب الفيروسي.
الخلاصة أن العالم فقد عقله. هو في حالة سقوط أخلاقي حر اختطفت خلاله «الحداثة» من قبل الأشرار، بحيث انتهت بنا إلى تحييد العقل وقتل الإنسان نفسه.
فلنا إذن أن نسجل بأن كل الفلسفات المادية، شيوعية كانت أو ليبرالية، أو داروينية، قد تحولت إلى أجندات للفناء. إذ لا يعقل أن يصنع الإنسان بعلمه شروط دماره الذاتي.
تتحقق في الصين إذن نبوءة المفكر العربي عبد الوهاب المسيري الذي حذر في كتبه من العلم المنفصل عن القيمة، الذي تجرنا إليه الإيديولوجيات المادية. العلم الذي بلغ أقصى درجات «الكفاءة» من ناحية بحثية بحتة، ولكنه انحدر في الآن نفسه إلى أقصى درجات الانحطاط من ناحية إنسانية وغائية بحتة كذلك، بعد أن أصبح علما براغماتيا دون مضمون أخلاقي، ودونما اهتمام بالهدف الإنساني منه وبموقعه ضمن ثنائية الخير والشر.
فشتان ما بين العلم النافع والعلم غير النافع المنفلت من رقابة الأخلاق، وشتان بين رؤية مادية عمياء ورؤية إنسانية نورانية نقلية تجعل الإنسان مستخلفا بالأرض، مهمته أن يعمرها لا يدمرها أو يعبث بها. فسبحان من قال في محكم كتابه: «وكذلك جعلناكم مستخلفين في الأرض»، وقال أيضا: «إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا».
نافذة:
أنا على يقين أننا انتقلنا من السباق النووي الذي ميز الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي إلى السباق الفيروسي الذي سيشكل عنوان الصراع بين الصين وخصومها





