شوف تشوف

الرئيسية

ورزازات.. خارج السينما

أول أمس، نشرت واحدة من أكبر منصات الاستشارة السياحية في العالم، مقالا يتحدث عن أمثل طريقة لزيارة استوديوهات الأطلس في ورزازات.

هناك ملايين المواطنين عبر العالم يرغبون في زيارة مواقع تصوير أشهر الأفلام العالمية. وطبعا، ليسوا جميعا على دراية بأن أفلام «المسيح» ومعارك أوروبا خلال القرون الوسطى، والفراعنة والرومان، قد صُورت في مدينة ورزازات.

هذه المدينة التي تعيش هذه الأيام على وقع الانخفاض الشديد لدرجات الحرارة والجفاف، يجلس شبابها وشيوخها يوميا في انتظار فرص التمثيل في أدوار «كومبارس» في مشاريع الأفلام التي تستقبلها استوديوهات ورزازات. وعندما لا تكون هناك فرص للعمل، يجلس الجميع للاستفادة من حمام أشعة شمس مجانية علها تُنسيهم مرارة وقساوة برد الشتاء، وبرد الجيب أيضا.

ربما لا يوجد ثري أمريكي أو أحد نجوم السينما لا يتوفر في إقامته على زربية من ورزازات و«تازناخت». لكن الترويج السياحي للمدينتين يبقى متواضعا جدا، رغم أن أغلب مشاهير العالم مروا منهما.

تازناخت مدينة الزرابي التي تصنع نساؤها أجود أنواع المنسوجات، ما زالت تعيش تحت واقع أزمة التسويق، رغم أننا في عصر «الإنستغرام».

وبالعودة إلى المقال الذي نشرته منصة «تايم ترافل تورتل» الشهيرة، فإن ورزازات بالنسبة إلى هؤلاء الناس ليست سوى استوديوهات السينما والديكورات، والشمس المناسبة للتصوير. ولا توجد إشارة إلى أي أنشطة موازية يمكن للمستكشفين ممارستها، باستثناء ركوب الجمال واستكشاف الصحاري المجاورة، وهي أنشطة سياحية توجد خارج ورزازات.

وهذا يعني أن أبناء المنطقة لا يستفيدون في العادة من الأنشطة السياحية التي يتم الترويج لها لاستقطاب السياح القادمين أساسا للتجول بين مواقع تصوير الأفلام العالمية. ما دامت الأنشطة الأخرى التي تُبرمج لهؤلاء السياح توجد بعيدا عن ورزازات، بقرابة المائة كيلومتر.

تعيش المنطقة كلها هذه الأيام على وقع الانخفاض الشديد لدرجة الحرارة. علما أن المنازل هناك غير مجهزة لا بعوازل الحرارة، مثل المنازل التقليدية التي انقرضت وعوضها الإسمنت، ولا بتجهيزات كهربائية كافية لمواجهة البرد. إذ إن أغلب العائلات لا تتوفر على الإمكانيات المادية لتوفير التدفئة الضرورية. بل إن السفر في سيارات النقل العمومي والحافلات يبقى قطعة من العذاب، ما دامت المركبات لا تتوفر على أجهزة تدفئة، وتقطع أراض قاحلة في رحلات تتجاوز مدتها أربع ساعات للوصول إلى مدينتي مراكش وأكادير. ولكم أن تتصوروا البرد القارس الذي يعاني منه الركاب يوميا أثناء قطع هذه المسافات، خصوصا خلال الرحلات الليلية.

أما حطب التدفئة في المنازل، فيبقى من ذكريات الماضي. إذ بسبب انتشار الجفاف خلال السنوات الأخيرة، اختفت مساحات الأشجار وأصبح جمع الحطب غير ممكن، ما دامت الأشجار المتبقية قد اقتُلعت إما خلال فيضان الوديان، أو بسبب الاستغلال العشوائي.

لا توجد غابات كافية، مثل ما هو حال الأطلس المتوسط، لتوفير حطب التدفئة لقرى إقليم ورزازات، ويبقى الشاي والمنسوجات المحلية، السلاح الوحيد الذي يواجه به سكانها موجات البرد القارس.

وصفت المجلة ورزازات بأنها «هوليوود صغيرة»، والحال أن هذه المدينة المغربية لا يمكن أن توصف بأنها نسخة مصغرة فقط من أشهر مدينة لتصوير أفلام السينما في العالم، بل إنها قصة نجاح وسط الجبال. الأمر يشبه انفجار نبع عذب وسط مساحات شاسعة لا يحدها البصر من الخلاء والقفار. إذ إن اختيار أشهر المخرجين العالميين للمنطقة، على اعتبار أنها أنسب موقع للتصوير، يبقى في حد ذاته أمرا يشبه «المعجزة». إذ توجد مواقع تصوير مشابهة جدا لورززات، سيما في الجنوب الأمريكي، لكنهم يتركون كل شيء خلفهم، ويأتون إلى ورزازات، حيث الصخر يتحدث لغة السينما، وقسمات وجوه سكان المدينة المحليين تؤثث مشاهد أشهر الأفلام العالمية.

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى