حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرفسحة الصيف

 ويليس كارير.. جهاز صانع للطقس

 تلك الاختراعات التي نحيا بها (10)

يعتبر الأمريكي ويليس كارير Willis Carrier (1950-1876) ملك أجهزة التكييف والأكثر تطويرا لها. درس الهندسة الميكانيكية وكان شغوفا بها وبالأعمال التجارية، فانخرط منذ شبابه في الأعمال الحرة، قبل أن يؤسس شركته العملاقة المتخصصة في صنع أجهزة تكييف الهواء.

لم تكن طفولته تشي بأي ملامح دالة على العبقرية والنبوغ، بل كان طفلا تستعصي عليه أبسط العمليات الحسابية، عاجزا على سبيل المثال عن استيعاب مفهوم الكسور في مادة الرياضيات. يذكر ويليس كارير في ما بعد أن والدته قد لجأت إلى ما أسماه بـ«درس التفاحة»، حيث عمدت إلى تقطيع تفاحة لشرح المبادئ الأولية للكسور. درس التفاحة هو المبدأ الذي سار عليه، كما قال في اختراعاته، معتبرا أن أعقد المشكلات تتطلب حلولا بسيطة، وفي الوقت نفسه ذكية.

جاءت فكرة اختراع أول جهاز للتبريد وتكييف الهواء بالصدفة، لما كان ويليس كارير مسؤولا عن قسم هندسة الاختبارات في إحدى الشركات الخاصة بالطباعة والنشر في بروكلين، وهو لم يبلغ بعد سن الخامسة والعشرين من عمره. فقد طرحت عليه مشكلة بعيدة عن كل ما يتعلق بأجهزة التبريد والمكيفات، لكن تؤدي بشكل أو آخر إليها، هذه المشكلة تكمن في عدم القدرة على الطباعة بلون محدد بطريقة صحيحة، نظرا إلى ارتفاع نسب الحرارة والرطوبة وتقلباتها وتأثيرها على الحبر والورق، مما يؤدي إلى إفساد الألوان المطبوعة. فكان عليه أن يجد وسيلة ناجعة تساعد على إيجاد بيئة مستقرة من حيث الحرارة والرطوبة، تجعل الألوان الأربعة أثناء الطباعة ثابتة ومضمونة النتيجة. عكف ويليس كارير على حل هذه المشكلة، التي رأى منذ البداية أنها تعود في الأساس إلى كيفية التحكم في عامل الحرارة والرطوبة، للتحكم في الهواء وصنع طقس مناسب.

 

 ليلة ضبابية وفكرة الاختراع

 

 

تقول الروايات الشائعة عن ويليس كاريير وتوصله إلى اختراعه، إنه كان في ليلة ضبابية في إحدى محطات القطار، وقد استغرقه التأمل في الضباب وكثافته. إذا بفكرة لاحت له فجأة أن بالإمكان تجفيف الهواء عن طريق تمريره عبر الماء لخلق الضباب، وأن من شأن ذلك أن يسمح بالتحكم في رطوبة الهواء، وأن بالإمكان صنع الهواء بكميات محددة من الرطوبة فيه.

شكلت هذه الفكرة أساس اختراعه، وبعد العديد من التجارب والاختبارات استطاع في النهاية أن يضع أول تصميم لنظام تكييف للهواء في العالم، يقوم بوظائف أساسية، هي التحكم في درجة الحرارة والرطوبة، وفي الوقت نفسه ضبط حركة دوران الهواء وتطهيره وتنقيته من الغبار والشوائب. هذا التصميم هو بمثابة نظام مبتكر يوفر الهواء البارد، ويتحكم أيضا في الرطوبة في الأماكن الداخلية، ويخلق جوا منعشا ومريحا ويحسن جودة الهواء.

قبل أن يصل ويليس كارير إلى اختراع أول مكيف منزلي، أدرك الجميع، خاصة في أمريكا أهميته القصوى في شتى المجالات، وتم اعتباره عاملا مهما وأساسيا في الإنتاج الصناعي وضرورته الملحة في المختبرات العلمية وفي المخازن الغذائية والأسواق الكبرى، وفي المزارع والمصانع. كما يمكّن الإنسان من مواجهة مواسم الحر الشديد، خاصة في البلدان التي تعرف حرارة مرتفعة، والعمل خلالها والعيش في ظروف مريحة. كما ظهرت أهميته أخيرا مع ارتفاع الحرارة في مناطق كثيرة في العالم، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.

 

مخترع ورجل أعمال ناجح

في سنة 1906، قدّم براءة اختراعه إلى مكتب الاختراعات والعلامات التجارية الأمريكية، التي سيحاول من خلالها بعد مدة رفقة بعض شركائه تأسيس شركة «كارير للهندسة» لصناعة أجهزة التبريد والمكيفات، التي استطاعت تطوير أول مكيف منزلي أطلق عليه اسم «صانع الطقس». لكن كلفة الجهاز المادية جعلته حكرا على الطبقات الغنية والميسورة جدا، إضافة إلى الأزمة المالية التي ضربت اقتصاد أمريكا، وأدت إلى انهيار البورصة العالمية في أسواق وول ستريت، ما أوقف نمو شركة ويليس كارير، وجعلته يواجه العديد من الصعوبات المالية، بسبب الكساد الاقتصادي الذي دفع الكثيرين إلى التقليل من استخدام مكيفات الهواء في المنازل والمحلات التجارية.

رغم ذلك كان ويليس كارير متفائلا بفكرة اختراعه، ومؤمنا بأن مستقبلا زاهرا في انتظار جهازه «صانع الطقس»، لذلك قرر توسيع أعماله باتجاه اليابان وكوريا الجنوبية، مترقبا لحظة تحسن الأوضاع الاقتصادية، وتحين الفرصة المناسبة لاكتساح الأسواق. وهذا ما سيحدث بالفعل، حيث عادت الدورة الاقتصادية من جديد، وشهدت أمريكا إقبالا كبيرا على أجهزة التبريد والمكيفات الهوائية خاصة في المناطق ذات الحرارة المرتفعة، كما أن زيادة نمو الانتاج الصناعي والزراعي في فصل الصيف رفع من نسب الحاجة إليها، وبدت للعيان مدى الأهمية القصوى التي تميز هذه الأجهزة المكيفة في تطور الاقتصاد ونموه، وابتعدت كثيرا على أن تكون فقط أجهزة مكلفة ومخصصة للرفاهية والطبقات المترفة.

عمل بعدها ويليس كارير رفقة مهندسيه على تطوير جهاز خفيف الوزن ومبسط، وقليل التكلفة، وسهل التركيب والاستعمال، قادر على غزو الأسواق والدخول إلى بيوت الناس، وهذا ما سيتحقق بسرعة في المجتمع الأمريكي، والانتقال بعدها إلى السوق العالمية.

هذا الاختراع مكن الكثير من الناس من العيش في المناطق ذات الحرارة المرتفعة بيسر وسهولة، وأسهم في تطوير الإنتاج الصناعي والزراعي، بغض النظر عن الظروف المناخية من ارتفاع درجات الحرارة أو معدلات الرطوبة، بل امتد استخدامه إلى مجالات أخرى مثل مكيفات وسائل النقل الجوية أو البرية من طائرات وسيارات وحافلات… فضلا عن المباني الإدارية والمستشفيات والمدارس وقاعات الحفلات والتجمعات والأماكن العامة.

لذلك، يبدو جهاز المكيف اليوم من الاختراعات الهامة التي شهدها القرن الماضي، وقد ساهمت في تغيير حياة الناس نحو الأفضل، وكانت في الوقت نفسه إحدى الوسائل الأساسية في النمو الاقتصادي العالمي على كافة مستوياته.

نافذة:

تقول الروايات الشائعة عن ويليس كاريير وتوصله إلى اختراعه إنه كان في ليلة ضبابية في إحدى محطات القطار وقد استغرقه التأمل في الضباب وكثافته إذا بفكرة لاحت له فجأة أن بالإمكان تجفيف الهواء عن طريق تمريره عبر الماء لخلق الضباب وأن من شأن ذلك أن يسمح بالتحكم في رطوبة الهواء

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى