حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفن

 تلك الاختراعات التي نحيا بها… تيم بيرنرز لي الأب الحقيقي للإنترنت

 

شهد تاريخ الاختراعات والابتكارات العلمية قصصا طريفة ومذهلة. قصص سجلت لنا تاريخ رجال ونساء اقتحموا مجال المجهول مكتشفين ومغامرين أحيانا، سنَدُهم الإيمان الشديد بأفكارهم الجريئة وعزمهم القوي على تحقيقها، مهما كلّفهم الأمر من تضحيات جسام وصراعات قوية في مواجهة ذواتهم وعصرهم. هذه الاختراعات التي نحيا بها اليوم وتكاد أن نألفها وأن نعتبرها أنّها كانت دائما موجودة بيننا، منذ أن كان الإنسان. قد يكون من الوفاء أن نعود إلى أصحابها وإلى هذه الاختراعات التي ما زلنا نحيا بها اليوم.

 

 تيم بيرنرز لي.. الأب الحقيقي للإنترنت

 (4)

 

لم تكن فكرة الإنترنت لتخطر في بال أحد، لا على مستوى الأحلام أو الخيال. لقد كانت في البداية منذ الخمسينيات من القرن الماضي مجرد عملية توصيل بين أجهزة الحاسوب، للقيام ببعض الاستخدامات البسيطة والمحدودة. انطلق بالتحديد من خلال ربط بين حواسيب أربع جامعات أمريكية في شبكة واحدة. هذه العملية لا ترقى إلى ما نعرفه اليوم عن الشبكة العالمية الإنترنت العمومية والمفتوحة لكافة روادها ومتصفحي مواقعها. أول ظهور حقيقي للإنترنت كان في نهاية الثمانينيات فكرة وتصميما وإنجازا على يد المهندس وعالم الحاسوب الإنجليزي، تيم بيرنرز لي Tim Berners Lee، الذي وضع أسس أول برنامج مستقل لتصفح الإنترنت مجانا ومفتوحا للعموم، كان في البداية متاحا من خلال معهد سيرن بسويسرا، ثم أُطلق للعموم في صيف سنة 1991.

ولد «تيم بيرنرز لي» سنة 1955، أكمل دراسته الابتدائية في مدرسة «شين ماونت سكول» بلندن والثانوية في «إيمانويل سكول»، ثم التحق بـ«كوينز سكول» في جامعة أكسفورد، حيث تخرج بشهادة البكالوريوس في تخصص الفيزياء.

اشتغل «بيرنرز لي» في شركة «بليسي Plessey»، التي تعد إحدى كبريات شركات الاتصالات ببريطانيا، ثم انتقل إلى مؤسسة أخرى وضع لها برامج للطابعات الذكية، ونُظم تشغيل متعددة المهام ومعالجا للبيانات.

عمل سنة 1980 مستشارا في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية في سويسرا التي تعتبر أضخم مختبر للفيزياء في العالم. أطلق عام 1989 مشروعه الذي يضم الشبكة العنكبوتية للمعلومات، وأنشأ في 1991 أول موقع على شبكة الإنترنت، ثم اقترح مشروع لغة تعليم «النص المترابط»، أو ما يدعى «النص العالمي المترابط»، الذي عرف لاحقا بالشبكة العالمية (World Wide Web)، ويرمز لها اختصارا بـ(WWW)، ووضع أسس أول برنامج مستقل لتصفح الإنترنت.

أسس بيرنرز لي عام 1994 اتحاد شركات الإنترنت، وانضم في العام نفسه إلى مختبر علوم الحاسوب بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا بأمريكا، وحصل على منصب مدير منظمة رابطة الشبكة العالمية التي تعد أهم منظمة دولية لوضع المعايير لشبكة الإنترنت العالمية. هذا التصميم الذي وضعه أتاح للمستخدمين للحاسوب العمل معا بأدوات معرفية موحدة ومعروفة، إضافة إلى كونها بسيطة وسهلة لتصفح الصفحات والوثائق، فضلا عن الصور وأشرطة الفيديو وغيرها.

كان «تيم بيرنرز لي» قد ورث عن والده الشغف بالحواسيب وفضولا معرفيا قويا، وربما تكون فكرة الإنترنت قد نبتت في ذهنه بشكل جنيني وأولي منذ زمن بعيد، قد تفسره حادثة استخدامه أجهزة حواسيب جامعته أكسفورد، لما كان طالبا، في عملية اختراق واسعة أدت إلى منعه من استخدامها.

لم يكن من السهل أن يتم قبول مقترحه يقول واصفا ذلك: «تقدمت بمقترح لتطوير تدفق المعلومات وتبادلها عبر شبكة من الصفحات والبيانات المرتبطة ببعضها البعض. ولم يحظ المقترح بموافقة المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية التي لم تجد مبررا لمشروع تطوير برمجيات عام كهذا آنذاك. ولكن مديري حينها «مايك سيندل» سمح لي بالاستمرار فيه سرا كمشروع مستقل. وفي عام 1990 كتبت الكود الخاص بأول متصفح ومحرر للويب. وبعدها بثلاث سنوات، بعد شد وجذب مع المنظمة، أعلنت الأخيرة رسميا عن توفير تكنولوجيا  (WWW)للجميع، دون أي رسوم، وللأبد».

 

 

 

كان «بيرنرز لي» فخورا بإنجازه الذي كان يتطلع من خلاله أن يكون وسيلة مثالية للمعرفة المتاحة للجميع، فقد قال حينها: «شعور جيد بشكل لا يصدق، درس لجميع الحالمين، أنه يمكن أن يكون لديك حلم ويمكن أن يتحقق». لذلك اعتبر «بيرنرز لي» دائما أن ابتكاره للإنترنت كان من أجل تقدم الإنسان وتحسين حياته نحو الأفضل، لكنه عبر أيضا عن مخاوفه من احتكار الشركات والدول، والقيام بالتجسس على المستخدمين، بقوله: «إذا تمكنت شركة ما من بسط سيطرتها على إمكانية وصولك إلى الإنترنت، وإذا تمكنت من السيطرة على حريتك في اختيار المواقع التي تزورها، فستكون لهذه الشركة سيطرة كبيرة على حياتك في نهاية المطاف»، وبلغ لديه التشاؤم حد التعبير عن القلق من إمكانية أن يبقى الإنترنت على الشكل المتعارف عليه، من حيث حرية الأفراد في تبادل المعلومات ونشر المعرفة، يقول: «عندما اخترعت الويب، لم يكن عليّ أن أسأل أي شخص، الآن مئات الملايين من الناس يستخدمونه بحرية، أنا قلق من أن ينتهي هذا الأمر في الولايات المتحدة الامريكية»…«لقد صممته من أجل إحداث تأثير اجتماعي، لمساعدة الناس على العمل معا، وليس لعبة فنية». كما أكد أن دور الإنترنت الأساسي يكمن في مساهمته في تنمية دول العالم الثالث في نشر المعرفة والتوعية الصحية، واستخدامه على سبيل المثال في بث إرشادات وتعميم معلومات بشأن معالجة المياه، أو الأطعمة، أو الحد من انتشار وباء معين…

ظل «تيم بيرنرز لي» في حواراته يؤكد على المبادئ الأساسية التي قام عليها مشروع الإنترنت في منطلقه، قائلا: «تمكنا من الوصول إلى فكرة شبكة عنكبوتية تعد منصة حيادية وتتيح لنا نقل المعلومات بأشكال مختلفة دون الحصول على إذن مسبق، وعندما بدأنا بتطبيق الفكرة التي بدأت بـ26 موقعا إلكترونيا، فضلنا عدم الاحتفاظ بقائمة المواقع الإلكترونية على الشبكة، انطلاقا من إدراكنا التام بأن امتلاكها من جهة معينة سيجعلها قادرة على جني أموال طائلة، ومن هنا رأينا أن تبقى الشبكة كما هي عليه، حيث يملك مستخدمها كامل الحرية بما يساهم في تنمية معارفه.

ومع مرور الزمن تطورت الشبكة بشكل كبير، سواء من حيث السرعة أو الخدمات التي تقدمها إلى المستخدمين، حتى باتت تشكل عالما مفتوحا ومصدرا في غاية الأهمية، للحصول على المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات»، كما عبر الأب الحقيقي للإنترنت عن المخاوف التي تعتريه حول مصير الإنترنت وسوء استخدامه.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى