
النعمان اليعلاوي
غرقت مجموعة من الشوارع الرئيسية والأزقة الداخلية، بمدينة سلا الجديدة، خلال الساعات الأخيرة من نهار أول أمس الأحد، في مياه الأمطار ومستنقعات الوحل، وذلك بعد فترة وجيزة من تساقطات مطرية لم تتجاوز بضع ساعات. المشاهد التي وثقتها كاميرات المواطنين، وأعيد تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي، أظهرت سيارات عالقة وسط برك مائية كبيرة، ومحلات تجارية غمرتها السيول، إضافة إلى صعوبة تنقل الراجلين داخل الأحياء السكنية.
ما أثار غضب السكان ليس فقط حجم الفيضانات، بل السياق الذي جاءت فيه هذه المشاهد؛ إذ شهدت سلا الجديدة قبل أشهر قليلة أشغال تهيئة واسعة للطرقات والأزقة، كلفت بحسب السكان «مبالغ مالية مهمة» ضمن مشاريع تأهيل حضري أعلنت عنها الجهات المنتخبة والمصالح التقنية. غير أن أول اختبار شتوي كشف، وفق تعليق العديد من المتضررين، عن «اختلالات» في جودة الأشغال وغياب معالجة حقيقية لمشكل صرف المياه.
وأكد عدد من السكان في اتصالاتهم أن البنية التحتية التي تم إنجازها «لم تصمد سوى لساعات قليلة»، مضيفين أن بعض الأزقة التي أعيد تعبيدها مؤخراً تحولت إلى مسابح صغيرة، فيما ظهرت حفر وتشوهات في أجزاء من الطريق بفعل تجمع المياه.
وكشف أصحاب محلات تجارية عن خسائر لحقت سلعهم بعد تسرب مياه الأمطار إلى داخل محلاتهم، مشيرين إلى أن شبكات الصرف «إما غير صالحة أو لم تُنجز بطريقة مهنية».
وفي الوقت الذي تداول فيه نشطاء صوراً لوادٍ من الأوحال يخترق شوارع رئيسية وبعض مقاطع شارع الفتح، طالب مواطنون بفتح تحقيق في ظروف إنجاز مشاريع التهيئة الأخيرة، مؤكدين أن «الأموال العمومية التي رُصدت لهذه الأشغال كان يفترض أن تضمن جودة أعلى وصموداً أمام التساقطات العادية».
مصادر محلية أوضحت أن جماعة سلا والوكالات المكلفة بالتطهير السائل كانت على علم بوجود نقاط سوداء تعرف تجمعات مائية سنوياً، غير أن المعالجة «لم تكن شاملة»، مضيفة أن قوة بعض التساقطات قد تتسبب في ضغط على الشبكات، لكنها في هذه الحالة كانت «عادية ولا تبرر حجم الفيضانات المسجلة».
من جانبهم، عبّر عدد من مستعملي الطريق عن استيائهم من انقطاع حركة مرور في عدة مقاطع، خاصة قرب الأحياء السكنية الجديدة، حيث ظلت سيارات عالقة في الوحل الذي خلّفته الأمطار. كما شهدت بعض المدارس تأخراً في التحاق التلاميذ صباح أمس الاثنين، بسبب صعوبة الولوج إلى الطرقات التي تحولت في بعض المناطق إلى مسارات موحلة.
وتساءل عدد من المتابعين المحليين عن مدى احترام الشركات المنفذة للصفقات لدفاتر التحملات، وعن دور تتبع المصالح التقنية للجماعة لهذه الأوراش. فيما دعا آخرون إلى تقييم شامل للبنية التحتية بالمدينة، خاصة داخل الأحياء الجديدة التي تعرف توسعاً عمرانياً سريعاً، لضمان عدم تكرار هذه المشاهد مع كل موسم مطري.
ورغم أن السلطات المحلية شرعت منذ صباح أمس الاثنين في أشغال شفط المياه وإعادة فتح الطرقات، إلا أن مشاهد الفيضانات الأخيرة أعادت إلى الواجهة النقاش حول نجاعة التدبير المحلي وجودة الأشغال العمومية، كما زادت من مطالب السكان بربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيل مساطر المراقبة الصارمة على المشاريع التي تُنجز بميزانيات ضخمة لكنها لا تصمد أمام أول اختبار طبيعي.





